أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - عام رحل!














المزيد.....

عام رحل!


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


في تأبين الشاعر علي جليل الوردي
سميرة الوردي
عام انقضى منذ رحيلك يا أبتي ، وأنا أتلظى شوقا لأحاديثك وذكرياتك الثرة ، يشدني الحنين والأسى ، فالغربة أبعدتني عنك وعن أمسياتك الرائعة ، رحلتَ وما زال في النفس أمل بالعودة كي نراك ، ونستظلُ بفيئك كما كنا صغارا ، فالأمومةُ والأبوةُ لا تشيخان أبدا .
كنتَ خيرَ أبٍ لنا جميعا نحن الثمانية ، ولم ينغصْ سعادتَنا شيء ، كنتَ جدارا متينا ، أسندْتَنا كل العمر حتى هبت سموم الفاشية فدمرت كل شيء وأول ما دُمر ، تلك الكينونة التي لاتُحس إلا بوجود الجميع متعافين سالمين .
انتهينا وتَدمرَ شملُنا منذ اختالت الأيدي المجرمة أصغر أولادِك من دون ذنبٍ أو جريرةٍ سوى انه ينتمي لك . امتصوا نَسغ حياة أسرتِنا ، من دون أن يرفَ لهم جفن أو يخالجهم أيَ تأنيب ضمير ، فقد كنتَ شوكةًً في عيون الطغاة وبَقيْتَ شوكةًًً حتى بعد رحيل أزهى سنواتِ عمرك وأبهاها .
أبي عشرُ سنواتٍ وأنا بعيدةٌ عنك ، تأكل وحشة الغربة والترحال حدقاتِ عيوننا ، خِفْتَ علينا من البقاء في الوطن ومن الغربة .
أبي ويا من سكنَ الوطنُ فيك ، كلماتي عاجزةٌ على أن تلحق بنبل مبادئك وصمودك ووقوفك مرفوع القامة أمام أعتى المصائب والملمات وأمام أعتى الطغاة الذين حولوا جنتك الوارفة الظلال إلى يباب .
رحلتَ تاركا سِفرا من الذكريات تُدين به كل من آلم وجرحَ الوطن ألسْتَ أنت الذي قلت :
ضمِّدْ جراحَكَ لايقعدْ بكَ الحزَنُ واستلهم الصبرفي بلواك ياوطنُ
هي الكوارثُ كم حطَّتْ على بلدٍ وكم تكفَّل في تخفيفها الزمنُ
والقارعاتُ امتحانٌ للشعوب وكم بالحزم والجهد نال النُّجح ممتحَنُ
وللجراح اندمالٌ بعد نكأتها لكّنه بجميل الصبر مرتهَنُ
وليصبح الأمر شورى إنها غرضٌ أوصَت بتطبيقها الأحكام والسُّننُ
ضمِّد جراحكَ لايقعد بك الحزنُ ضمِّدْ جراحك واسلمْ أيها الوطنُ*

من سيضمد جراح الوطن يا أبتي !!!
ومن سيضمد جراحنا ونحن نحيا غربتين داخل الوطن وخارجه ،
رحلت ولم تُكلفْ وسائل الإعلام نفسها بذكر رحيلك وهي التي وسع صدرها للكثير من المغمورين أن يحتلوا عناوينها .
رحلتَ أبيا عفيفَ النفس زاهدا، وأنتَ الذي خلدت بشعرك الكثير من الأحداث التي عِشتَها ،
ألست أنت من قلت عند استشهاد جعفر الجواهري
أجعفر ياقدوة الطيبين وصنو الإباء ، وترب الندى
أ أبيكيك ؟ لا ، لست ترضى البكاء ويأبى الدموع من استشهدا
ولكن سنمضي ، كما قد مضيت أبيا ، حميد الثنا ، سيدا
سنمضي فأما حياة الرفاه لهذي البلاد وإما الردى
فما بالنحيب تنال الحقوق ولا بالمدامع دحر العدا
ولكنما عن طريق النضال تداس القيود ومن قيدا
فنم هادئا ياشهيد الإباء وعش في ضمير العلى سرمدا
فهيهات هيهات أن ننثني عن الحق مهما ترامى المدا
وهذي دماك ، وقد أهدرت فشقت لشعبك نهج الهدى
رفعنا بها هيكلا للكفاح وبرج فخار به يُهتدى **
.......
آمنت بالنضال السلمي طريقا لتحقيق أحلام الشعوب فلم تبخل بمناصرتك لكل شعوب الأرض من خلال ايمانك بحق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة بأمان وسلام ، مناهضا الحروب وسفك الدماء ، فكان انتماؤك لأنصار السلام العالمي ، ولم تبخل بحياتك من أجل تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع بين ناسه رجالا ونساءً ، فكنت في طليعة المناضلين من أجل الديمقراطية وسيادة القانون في كل مفاصل الحياة فناضلت مع مناضلي الحزب الوطني الديمقراطي طوال مدة حياتك من أجل ارساء أُسس ديمقراطية حقيقية لا تفرق بين الناس وأديانهم وطوائفهم وانتماءاتهم العرقية والأيدلوجية ، لذا دفعت الثمن غاليا .
.........
فرضَ عليك غيابُ الحرية والأمان أن تحيا غريبا في وطنك
فقلت (أنا في موطني غريبٌ ) لقد أجبرتك ظروف الحياة المجحفة على الاعتزال في بيتك بعد أن كنت تحضر مجالس الأدب والشعر في بعض بيوتات نخبة من الأدباء المعروفين ، ولتغلغل بعض الوشاة إلى هذه المجالس انسحبت منها حفاظا على من تبقى من أبنائك ، وقد تسللت هذه المشاعر إلى أبيات من شعرك غير المنشور :
أنا الغريب وإن أصفى مودته لي الصديق وساقاني الهوى جاري
في غربة الروح أطوي العمر مكتئبا هيمان سأمان من نفسي وأفكاري
دنيا الأماني أترجوها مسالمة إن سالمت فهي انذار بإخطار
.....
( البيت الفارغ من الأهل موحش ولو كان في صميم الجنة )*
( ها أنت ترى ياولدي أن قلب أبيك قد تشطر إلى أفلاذ مشتته !!! فلذة تشكو عطش الغربة في صقيع روسيا وفلذة في ألمانية يؤزرها الحنين إلى أهلها ، وفلذة ضاربة في هجير صحراء الجنوب ،) ***
لم يكن في حياته مهادنا ولا مستسلما ولكن الرزايا أوجعتة ولم تُركِعْه وقد قال في أحد قصائده
أأبكي ولايشفي البكاءُ وجعا في القلب لم يرحمْ ولم يلنْ ****
الرحمة لأبٍ كان قدوة لأولاده ولكلِ من عرفه .
................
*من قصيدة لم تنشر
**ديوان ( طلائع الفجر ) من قصيدة إلى الموت ألقيت في الفاتحة التي أُقيمت تأبينا للشهيد جعفر الجواهري شهيد وثبة 1948 التي أحبطت معاهدة بورت سموث .
*** من رسائل الشاعر إلى ولده في المهجر
****من قصيدة بعد عام لم تنشر



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت المساء
- لماذا الديمقراطية والعلمانية
- الملف تالف..والحكومة تالفة..والعمر تالف!!
- !!! أسنبقى نرى جدرا كونكريتية ونحمل توابيتنا أم سيزهر الوطن ...
- هل كنا معا
- أنا نادمة ! فدم الضحايا يستنزف أعمارنا
- سأنتخب اتحاد الشعب 363
- من سينهي الخراب له صوتي
- عام جديد
- كل عام وبغدادنا بألف خير
- بين الحرية ومدارج كرة القدم يكمن الوعي
- الإنتخابات و أيام الإسبوع السوداء ! ! !
- إنه أبي
- هموم بيئية
- هموم لا تغسلها برامج ال MBC
- العراق والكويت وطحن العراقيين
- الى ناصر العتيبي وكل من لايتقي الله ويتخذ طريق العقل والحكمة ...
- من أين أبدأ بعد صمت طويل
- رسالة مفتوحة الى السيد نوري المالكي
- هذه بغدادنا تنهض من جديد


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة الوردي - عام رحل!