|
هل كنا معا
سميرة الوردي
الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 21:00
المحور:
الادب والفن
هل حقا كنا نلتقي في تلك الأماسي لنستعد للوقوف على خشبة المسرح ! وهل دوامة العمر ومصائبه أقوى من شرايين الحياة ونسجها ! أتصفح هذا الاختراع العجيب الأنترنيت الذي يصلنا جاهزا ونحن في عزلتنا التي فرضتها ظروف الحياة ، نبحث عن مبرر لوجودنا ، نغذي به الروح ، فربما خبر هنا وآخر هناك يشفي سقم الحياة التي نحياها ، أو يمنح بعض الطيب لفم تملؤه المرارة والحزن كل يوم وأنى تلفت ، ولكن ويا للأسف فحلاوته معجونة بسم زعاف ، علينا تحملها ، لأن هذا قدرنا . من منا لم يأنس لصوت زكية خليفة ! ذي النبرة الريفية الوادعة ، عرفتها وأنا أتلفت مترددة من قبولي لدور بسيط في مسرحية النخلة والجيران فالأهل والأحبة لايرتضون بصعود ابنتهم على خشبة المسرح أو بالظهور على الشاشة الصغيرة ، التقيتها في تلك الأماسي التي قضيناها خلف الكواليس في انتظار خروجنا على خشبة المسرح ، من منا لم يسمع نبرتها الأليفة الممتلئة أُمومة وحناناً وهي تسرد لنا حكاياتها وأحلامها وتبث فينا نحن الجيل الجديد الأمل ، أي أمل بقي لنا ونحن نودع أحبتنا واحدا تلو الآخر ! . كنا في قمة النشاط والشباب والمرح ، نتوافد على قاعة المسرح ، متأملين عرضا متجددا لمسرحية النخلة والجيران ، إنها المسرحية التي لابد أن يتوقف عندها دارسوا المسرح العراقي طويلا ، لما حملته في ثناياها من أعمال مسرحية واعدة ، تمثيلا وإخراجا ونصا ، وحتى ممثلين تلك المسرحية التي جمعت معظم أعضاء فرقة المسرح الفني الحديث ، وآخرين من خارج الفرقة . كنت حديثة الانتماء ولم ترتض عائلتي أن أسلك هذا الطريق ولكني سلكته ، ولم يكن لي دور فعلي بالمسرحية لأن حضوري كان ما قبل اليوم الأخير للعرض ، الا أني شاركت برغم شعوري بما سأجنيه من لوم وتأنيب ، كانت الفنانة زكية تدرك بإحساسها الإجتماعي والثقافي والسياسي الواعي ما أنا فيه من حرج فتخفف عني بابتسامتها الدائمة مشجعة ومتوقعة لي النجاح ، وبأني سأحقق ما أطمح اليه من وقوفي على خشبة المسرح ، عابرة كل مايعترضني من عقبات . كانت لقاءاتنا تلك اجتماعات عفوية ، نُنضح فيها أحلامنا وأمالنا لتنصب في نهاية المطاف لفائدة ما نقدمه من عمل فني نرتقي به ويرتقي بنا ، تعاملنا كأولاد لها ، تخاف علينا من أي عثرة قد تودي بنا ، ولكن ويا للأسف لم يستقم الأمر كما كنا نحلم بمسرح حر يستعصي على الطغاة إذ سرعان ما فرقنا الإستبداد . كنت أقرأ في ديوان الشاعر ناظم حكمت وأكتب على دفتر معي ، عندما دخلت قاعة مسرح بغداد وجلست الى جنبي متسائلة : ماذا تفعلين سميرة؟ جاءت زيارتها للمسرح بعد مدة طويلة لانشغالها بالعمل في المسرح الفلاحي ولانشغالنا ببروفات مسرحية نفوس ، كان ما يربطنا ببعضنا أكثر من مجرد عمل مسرحي أو فني فالعلاقة الفكرية والروحية كانت هي الطابع الذي ميز فنانات المسرح الفني الحديث عن سواهن ، تلك المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن والفن . أجبتها ضاحكة : أقرأ ديوان ناظم حكمت ( الى ولدي محمد ) وأكتب مسرحية تكون افتتاحية فصولها أبيات شعرية من الديوان . ابتسمت شادةً على يدي وهل ستستطيعين إنجازها ؟ أجبتها : لا أدري فمطاردات الأمن بدأت ، ومازلت اسير خفية الى بيتنا فهل سأنجزها ؟ ! هذا ما سيُخبرك به الغد . وهكذا أصبح الغد سنوات مكتظة بالحزن والموت . هناك على أطراف العالم ودعت العمة زكية حياتها ، بعيدة عن أحب ماربطها بالحياه الوطن والمسرح حيث سبقتها الى نفس النهاية زميلة رائعة لنا الفنانة زينب ، فهل ياترى سيضيق الوطن بأبنائه ! وهل ستكون مصائرنا متشابهة ؟!
#سميرة_الوردي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا نادمة ! فدم الضحايا يستنزف أعمارنا
-
سأنتخب اتحاد الشعب 363
-
من سينهي الخراب له صوتي
-
عام جديد
-
كل عام وبغدادنا بألف خير
-
بين الحرية ومدارج كرة القدم يكمن الوعي
-
الإنتخابات و أيام الإسبوع السوداء ! ! !
-
إنه أبي
-
هموم بيئية
-
هموم لا تغسلها برامج ال MBC
-
العراق والكويت وطحن العراقيين
-
الى ناصر العتيبي وكل من لايتقي الله ويتخذ طريق العقل والحكمة
...
-
من أين أبدأ بعد صمت طويل
-
رسالة مفتوحة الى السيد نوري المالكي
-
هذه بغدادنا تنهض من جديد
-
لآذار طعم السنابل
-
قاسم محمد مدرسة الأجيال
-
لماذا لم نبتهج والإنتخابات تطرق الأبواب
-
لو نتعظ ونتعلم من أوباما
-
هل من محتفل ؟ ! وناخب ؟! ومنتخب؟ !
المزيد.....
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|