أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كامل عباس - القرن العشرون وظاهرة الزعيم الخالد















المزيد.....



القرن العشرون وظاهرة الزعيم الخالد


كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 952 - 2004 / 9 / 10 - 10:59
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يعد القرن المنصرم بحق قرن الزعماء الخالدين , الذين حكموا عن طريق الأجهزة , ولم يزح أحد منهم إلا بالموت أو الحديد والنار , ستالين – ماوتسي تونغ – تيتو – هونيكر – شاوشسكو – كاسترو – هتلر – موسليني – فرانكو – سالازار – عبد الناصر – هواري بو مدين – صدام حسين – حافظ الأسد - القذافي ... الخ
هذه الظاهرة التي حولت الجماهير الى قطيع تسير خلف القائد واختزلت الأمة الى رجل وألغت أي دور للمجتمع المدني ومؤسساته المستقلة عن الدولة , تحتاج الى سجال نظري حولها كي نجعل القرن الواحد والعشرين قرن الانسان العادي وحقوقه الفردية المصانة ضمن دولة القانون والمؤسسات ومن أهم الأسباب الموجبة لذلك ما تركت لنا تلك المرحلة من مخلفات في مقدمتها الارهاب الذي يضرب العالم ويذكرنا بطفولة الجنس البشري وما ساد فيها من وحشية وبربر ية
( قطع الرؤوس بالبلطات على الشاشات كمثال )
يشار هنا الى ان دراسة دور الفرد في التاريخ على أسس علمية بدأ مع ماركس وأنخلز وكان همهما الرد على الفكر المثالي الذي يعتبر التاريخ من صنع الأفراد المميزين – أنبياء أو رسل أو مصلحين _ ومن سخرية القدر أن يحكم أولئك الزعماء باسم ماركس وأنخلز والفكر المادي والعلماني !!!
إنها محاولة لوضع أسس عامة لظاهرة الفرد في التاريخ تنسجم مع ماقدم العلم والتطور وتضع الأساس لدراسة كل من اولئك القادة كل في ساحته وتلك مهمة المعنيين بالتقدم الاجتماعي في كل ساحة على حدة . وهي محاولة متواضعة من أربع حلقات أقدمها هدية لهيئة تحرير الحوار المتمدن كي تدعم جهودهم في نشر العلمانية داخل عالمنا العربي وأرجو أن تنشر على أربع حلقات إن أمكن أو كما يرون نشرها مناسبا
ملاحظات عامة حول دور الفرد في التاريخ :

الحلقة الأولى
المميزون من أبناء الجنس البشري :


(مافي حدا يساوي من جنسه ألف سوى بني آدم)
يؤكد هذا المثل الشعبي حقيقة تكاد تكون بديهية .وهي : إن ما يقرر أهمية الإنسان هو إمكاناته العقلية وليس الجسدية .كما أنه يؤكد حقيقة أخرى ليست بديهية ولها علاقة بالعلوم الطبيعية وهي التفاوت الهائل في نلك الإمكانات العقلية بين الناس .لدرجة تجعل قلة قليلة منهم تترك بصمات كبيرة على التاريخ يصعب إن لم نقل يستحيل محوها ,في حين تمضي الغالبية العظمى منهم إلى الدار الآخرة دون أن تترك أي أثر يدل عليها .
ما من شك في أن السبب الرئيسي لهذا التفاوت هو البنية الفيزيولوجية والتشريحية لمخ كل فرد على حدة, والتي تنتج عنها تلك الخصائص .
وقد شغل هذا الموضوع عامة الناس قبل أن يشغل العلماء ,واحتاروا في تفسيره ووصفوا العبقرية بأنها أكثر الأمور غموضا وتعقيدا في الكون وربطوا بينها وبين الجنون أحيانا :
أما العلماء فقد بنيت نظرياتهم السابقة حول آلية عمل المخ على فرضية وجود مركز فيه أطلق عليه اسم مركز الذكاء والذاكرة والتفكير ,عزيت اليه خصائص وميزات مقدرة الفرد العقلية التي تختلف اختلا فا كبيرا بين الناس وتتدرج مثل قوس قزح من البلهاء حتى العباقرة ,وصممت روائز متعددة لقياس نسبة الذكاء عند كل فرد وتم التمييز عند الأفراد بين ذكاء شفهي وذكاء عددي وذكاء فراغي , ولقد نجحت تلك النظريات الى حد ما في تفسير ظاهرة المميزين في حقل مهم تعارفنا على تسميته (حقل المواهب ) مثل موهبة الموسيقى أو الشعر أو الفن أو سرعة البديهة أو الحفظ أو التعلم أما العبقرية فليست سوى اجتماع مواهب متعددة في مخ فرد واحد بعرف تلك النظريات .
لكن كيف نصف حالة شخصين ونحن نقارن بين نشاط مخيهما ؟.
الأول: يتمكن من حفظ مقطوعة شعرية طويلة لدى تلاوتها أمامه من المرة الأولى. ولكنه يحتاج في نفس الوقت الى محاولات عدة حتى يتمكن من إتقان دق مسمار في حائط .
الثاني : يحتاج إلى تلاوة تلك المقطوعة أمامه مرات عديدة حتى يتمكن من حفظها .ولكنه ينجح في تعلم وإتقان دق المسمار في الحائط من المرة الأولى .
فاذا كان الأول زكيأ في حفظ ا لمقطوعة فهو غبي في دق المسار والثاني على العكس منه تماما.
لقد افتتح في أمريكا عام (1945) ناد سمي نادي منسا .شروط عضويته والانتساب إليه الايقل معدل الذكاء عند طالب الانتساب إليه عن (149) %حسب تصنيف تلك الروائز . وفي نفس الفترة قامت العالمة الأمريكية – كاتين مورس كوكس - بدراسة عن ثلاثمائة عبقري في التاريخ وجمعت معلومات كافية عن سيرهم الذاتية سمح لها بتقييم معادلهم الذكائي حسب رائز ترومان المأخوذ به في النادي ولكنها فوجئت بأن غالبيتهم لايحق لهم الإنضمام إلى النادي .
الظاهر أن الدراسات القديمة لاتفسر سوى جانب واحد من نشاط المخ ,وحتىهذا الجانب يحيرنا فالعبقري فيه بمنتهى الذكاء ولكن العبقرية بينها وبين الجنون خيط رفيع ينقلب فيها ذلك الشخص الى الحالة المعاكسة ,حالة الغباء المطلق .
لم يعد مقبولا في النظريات الحديثة تقسيم الناس بين أغبياء وأذكياء الأمر أعقد من ذلك بكثير .
يبدو أن لكل مخ طاقة محددة ,وهذه الطاقة رغم تقدم العلم لم يكت شف منها سوى (20) % , وما زلنا في أول الطريق بالنسبة للتعرف على آلية عمل المخ ولقد ألقى علم ألإلكترونيات الحديث والإنسان الآلي –Report - الضوء على آلية عمل المخ ,وتلك الطاقة مع أنه أحد نتائجها ز بحيث يمكننا أن نتخيل أن تلك الآلية تجري على النحو التالي . إنها نوع معين من الإرتباط بين تجمعات خلوية عصبية داخل المخ تنفتح وتنغلق على بعضها وتجيب على طرق الإثارة والتحريض الآتية الى المخ من المستقبلات العصبية حسب نوع الإثارة ومستوى ذلك التحريض بالتناسب مع طاقتها وطرق ارتباطها .ربما قد يسمح تطور العلم مستقبلا بتفسير آخر لآلية عمل المخ .ولكن هذا التفسير له تطبيقاته الناجحة وأهمها العقول الالكترونية التي تعمل استنادا إلى جمل الكترونية تنفتح وتنغلق على بعضها حسب البرنامج الذي يغذيها .وتعطي إجابتها استنادا إلى المعلومات التي في تلك الدارات التي تثير الواحدة منها عمل الاخرى المجاورة .
مع ذلك علينا أن نعلم بأن المخ يحوي على عدة مليارات من الخلايا العصبية في حين لاتستطيع أكثر الحواسيب تطورا أن تعطي أكثر من {500}ألف وضعية للذاكرة في الثانية الواحدة .علينا أن نعلم أيضا أنه إذا أمكننا تفسير موهبة حفظ المقطوعة الشعرية بفعل تلك الدارات وسرعة انفتاحها وانغلاقها داخل الخلايا العصبية للمخ . وإذا فسرت لنا تلك النظريات البرنامج الذي يغذي تلك الدارات الارتجاعية ,المستند الى منعكسات الجملة العصبية وارتباطها في المخ وطريقة تأثير الوراثة والبيئة في الوصول إلى البرنامج النهائي لكل فرد .فإنها لا تفسر لنا دور الجملة العصبية شبه الودية "Para Timbitik" "" في ذلك البرنامج والتي ليس لها ارتباط مباشر في المخ .... أي أن العلم في هذا المضمار مازال ينتظر جهود العلماء والاختصاصين لكشف أسرار وطاقات المخ البشري .لكن تلك النظريات الحديثة تعيننا على فهم موضوعنا في هذا الكتاب أكثر من النظريات القديمة بكثير. مجال القدرة على الاستيعاب والصبر والتحمل ,مجال الأشخاص الذين يعملون في حقل الشأن العام والتي تختلف مقدرتهم على العمل فيه باختلاف طاقة مخ كل منهم .

* * * * * *

بالطبع إن سعة طاقة مخ كل فرد على حدة وداراته الارتجاعية العصبية يحددها عامل الصدفة البحت ,صدفة التقاء نطفة ما من ملايين النطاف ببويضه ما داخل الرحم .وكل من النطفة والبويضة تحمل صفات وراثية معينة محمولة على صبغياتها ,إلا أن تلك الصدفة تندرج ضمن قانون ,عندما ننتقل من الدراسة على مستوى الفرد إلى الدراسة على مستوى النوع البشري ككل . وإذا كانت دراسة الخصائص العقلية لكل فرد على حدة هي من اختصاص علم النفس ,فإن دراستها على مستوى النوع هي من اختصاص علم الاجتماع .
من المعروف أن النوع البشري جاء إلى هذا الكوكب كثمرة ونتاج لتطور الأنواع ,وهو نوع فتي لا يتجاوز عمره مليوني سنة , في حين يتجاوز عمر الحياة ملايين السنين .والخطوة الحاسمة باتجاه ظهور النوع كانت تحرر اليدين في الغابة وانتصاب العمود الفقري ,وما رافق ذلك من تغييرفي بنية المخ التشريحية والفزيولوجية مهد لظهور الخصائص العقلية عند النوع الجديد ومع الممارسة والتجربة تطورت لغة الانسان وتفكيره وعملياته العقلية وانتقلت تلك الخبرة الى الأجيال اللاحقة وساعد على ذلك نوعية البروتين وتجليها الأكثر تعقيدا في الخلايا العصبية داخل المخ .مما نتج عنه ذلك التنوع الهائل في الامكانات العقلية بين الأفراد . لكنها كانت تستعمل جميعها بادئ الأمر من أجل التكيف أكثر مع الطبيعة. وظل الأمر كذلك حتى عرف الانسان ظاهرة زيادة إنتاج بعض المواد عن حاجته . منذ ذلك التاريخ بدأت حضارته المشوبة بالقلق والتي انتقل فيها الصراع بين الانسان والطبيعة الى المرتبة الثانية واحتل الصراع بين الانسان وأخيه الانسان االمرتبة الأولى حتى وصلنا الى العصر الحالي والذي بدا فيه العقل وكأنه نقمة على النوع وليس نعمة له. على سبيل المثال لا الحصر أخل الانسان الحالي بالتوازن البيئي بسبب اختراعاته العلمية وتجبيرها لمصلحة حفنة منه حتى وصل الأمر لدرجة خطيرة جدا تلوث بها الماء والهواء وهما عصبا الحياة الحساس .
الأهم من ذلك بالنسبة لموضوعنا هو وجهة تطور الحضارة بين أجناس النوع البشري , واثر امتلاك قلة قليلة من أفراده للثروة . إن فعل الوراثة والبيئة من جراء تلك الوجهة ,وفر الإمكانية لأن يكون المميزون داخل تلك الفئة أكثر بكثير جدا منها داخل الكتلة الكبرى من أفراد النوع البشري التي تشكل مايعرف باسم الكتلة الشعبية وهذا يعني ببساطة أن المميزين لاينحدرون من بين الطبقات الشعبية الفقيرة كما يتوهم البعض . بالطبع يبقى ظهور ذلك العبقري أو ذاك صدفة قد تتوفر لها الامكانية لتظهر في بيئة فقيرة ولكن إذا أجرينا إحصاءا دقيقا سنجد أن تلك الصدفة تتكرر بين أبناء الطبقات الغنية أكثر بمئات المرات منها بين الطبقات الفقيرة . وهذا ما يفسر لنا أيضا الاختلاف بين سوية الشعوب ووجود أماكن حضارية أكثر غنى في الحياة العقلية ,تقابلها أماكن لم تقطع سرتها بحبلها الحيواني بعد .وهو الذي يفسر لنا أيضا لماذا تكون نسبة المميزين داخل الذكور أضعاف أضعاف نسبتها داخل الإناث مع أن النوع البشري يقسم الى قسمين بالتساوي . لقد سارت حضارتنا باتجاه حضارة ذكورية منذ أن عرف التطور سيادة الرجل داخل الأسرة وتشكل العائلة البطريركية المتمحورة حول الأب ,وعانت بعدها المرأة من اضطهاد مركب داخل الأسرة والمجتمع .مما جعل المميزات أقل عددا بكثير من المميزين مع أن الدراسات الفزيولوجية تثبت أن مخ المرأة يملك نفس المواصفات التشريحية والفزيولوجية للرجل .
ذلك هو تاريخنا كنوع بشري مهما كان في ذلك من مرارة ,تاريخ تحكم رجال فينا ليسوا مميزين في شيء ,في حين يجبر المميزون على أفعال لايرتضونها ,تماما كما أجبر ليو ناردو دافنشي ,الرسام , الفنان , المهندس , الميكانيكي, العسكري الطبيب الملم بكل علوم عصره على تبديد جزء كبير من وقته كي يصنع الجزمات الأنيقة لأمير مملكته .
مع ذلك يقع على عاتق المميزين العمل باتجاه دفع تلك الفئة التي تملك الثروة والجاه والنفوذ كي تعي انتماءها الإنساني , تذكير اولئك بأنهم سيموتون وسيأكل الدود عيونهم , وستتعفن جثثهم , وسيتحولون الى تراب ولن يأخذوا معهم من ممتلكاتهم شيئا . تحضرني حكاية أحد الأثرياء الأمريكيين والذي كان يملك من المال والثروة ما لا تملكه دول عديدة مجتمعة .لم يتزوج في حياته , وعندما شعر بدنو أجله أوصى بأن تدفن ثروته وحليه وجواهره معه وأصر على وصيته ولكنها لم تنفذ بالتأكيد .
ربما تكون تلك الدعوة أخلاقية بحته ولكنها تراكم باتجاه وعي يدفع نحو عالم جديد مختلف يحتل فيه الصراع بين الانسان والطبيعة المرتبة الأولى من جديد . عندها يبدأ تاريخ الجنس البشري الحق , تاريخ انتمائنا جميعا الى عائلة واحدة ,نحن فيها إخوة مهما اختلفت إمكانياتنا العقلية . تاريخ تكامل الامكانات والمواهب وعملها من أجل حياة أكثر سعادة لكل أبناء الجنس البشري.
















الحلقة الثانية

حول دور الفرد في التاريخ بشكل عام



شغل دور الفرد في التاريخ, الحركات الاجتماعية والسياسية والعلماء والمؤرخين منذ أقدم العصور, وقد جاء أقدم تفسير لدورهم فيه من قبل اللاهوتيين اللذين نسبوا التطور الاجتماعي لإرادة ذات إلهية تتجسد على الأرض عبر رجال عظام مثل الأنبياء والرسل وأولياء الله الصالحين ...الخ . أما المثاليون فقد فسروا تطور التاريخ بأنه في البداية . الفكرة تتطور في ذهن الرجال العظام أولا ومن ثم يتطور الواقع على أساسها , ولقد بلغ هذا المذهب كماله على يد الفيلسوف الألماني (هيغل) حيث رأى أن التاريخ ليس سوى تطور الفكرة المطلقة او الروح العمومية حسب الزمان .
أما تفسير دور الفرد في التاريخ على أسس علمية صرفة فلم يظهر إلا بعد تبلور الفلسفة الماركسية في القرن التاسع عشر والتي مهد لظهورها اكتشاف الخلية من قبل العالم تيودر شوان ,وتحول الطاقة من قبل العالم لافواذيه وأصل الأنواع (دارون ) إلى جانب الفلسفة الألمانية والاقتصاد البريطاني والإشتراكية الفرنسية, والهيكل العظمي لتلك الفلسفة صاغه ماركس على النحو التالي ((إن الناس أثناء الإنتاج الاجتماعي لحياتهم يقيمون فيما بينهم علاقات معينه ضرورية ,مستقلة عن إرادتهم وتطابق علاقات الإنتاج هذه درجة من تطور قواهم المنتجة المادية ,ومجموع علاقات الإنتاج هذه يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع ,أي الأساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي , وتطابقه أشكال معينة من الوعي الاجتماعي والسياسي والفكري بصورة عامة ,فليس إدراك الناس هو الذي يحدد معيشتهم ,بل على العكس من ذلك معيشتهم الاجتماعية هي التي تحدد إدراكهم .)) (3) .
وعلى هذه الأرضية عالجت تلك الفلسفة دور الفرد في التاريخ .
((الناس يصنعون تاريخهم بأنفسهم ولكن ليس بإرادة جماعية ,وطبقا لخطة أو حتى في مجتمع محدد سابقا ومطامحهم تتصارع .ولهذا السبب فإن كل هذه المجتمعات وأمثالها تحكمها الضرورة التي تعتبر الصدفة تكملة وشكلا ً لمظهر هذه الضرورة .إن الضرورة التي تؤكد نفسها ومعها كل الصدف هي ضرورة اقتصادية بشكل نهائي ,وهنا لابد أن نعالج مشكلة من يسمونهم بالرجال العظام . إن ظهور هذا الرجل العظيم ,وهذا الرجل العظيم بالذات لاغيره في زمن معين هو بالطبع مجرد صدفة , ولكن نحّه يظهر حاجة الى بديل سيئاً كان أم جيدا , ولكنهم سيعثرون عليه في نهاية الأمر . (4) .
أكمل بليخانوف ما بدأه ماركس وأنجلز في هذا المضمار .
((وينتج أن الأفراد يستطيعون بفضل خصائص معينة لطباعهم أن يؤثروا على مصير المجتمع ,وأحيانا يكون تأثيرهم كبيرا جدا .إلا أن نفس إمكانية مثل هذا التأثير ومقاييسه على السواء تتحدد بتنظيم المجتمع , بتناسب قواه , فطبع الفرد هو عامل التطور الاجتماعي , حيث فقط ,وحتى فقط , وطالما فقط . تسمح تلك العلاقات الاجتماعية .
يمكن أن يلاحظوا لنا أن مقاييس التأثير الفردي تتوقف كذلك على مواهب الفرد أيضا . نحن نوافق على ذلك ,إلا أن باستطاعة الفرد أن يظهر مواهبه فقط في تلك الحالة التي يتشكل فيها الوضع الضروري لأجل ذلك في المجتمع .فلماذا قدر لمصير فرنسا أن يقع بين يدي شخص يفتقر الى أي مقدرة ورغبة في خدمة المجتمع , لأنه هكذا كلن تنظيمها الاجتماعي ,وبهذا التنظيم بالذات تتحدد في كل ظرف تلك الأدوار وبالتالي تلك الأهمية الاجتماعية التي يمكن أن تكون من نصيب أفراد موهوبين أوغير موهوبين .........
ولقد كان الشعب يكف عن التعاطف مع ميرابو ,حالما يتحقق من عدم تعاطفه مع طموحاته الجمهورية . وعندئذ كان الخطيب الكبير يفقد كل نفوذ له على وجه التقريب . ويمكن أن يقال الشيء نفسه تقريبا عن روبسبير لنفترض أنه كان قوة لاغنى عنها في فريقه ,لكنه لم يكن على أي حال القوة الوحيدة فيه ولو أن السقوط المفاجئ لقرميدة على رأسه والذي يسبب مقتله _ ولنقل في كانون الثاني عام 1793أي شهر إرسال الملك لويس السلدس عشر الى المقصلة _ . من المؤكد أن شخصا ً آخر كان سيتخذ مكانه . وبالرغم من أن هذا الشخص يمكن أن يكون دونه من مختلف وجهات النظر .فقد كانت الأحداث تتخذ مع ذلك نفس المجرى الذي اتخذته حين كان روبسبيير حياً)) (5).
باختصار .رأت الفلسفة الماركسية . أن سبب دور الأفراد المميزين في التاريخ يعود الى انعكاس خصائص تلك المرحلة التي عاشوها في أذهانهم أكثر من غيرهم ,تماما كما تنعكس خصائص التربة في ثمار أشجارها المميزة .وهكذا عبر بطرس الأكبر بجبروته وطغيانه وقوة شخصيته عن روح روسيا الجاف وتطلعات بورجوازيتها نحو الحضارة الغربية ومحاولة استيعابها .(6). أيضا عبّر المهاتما غاندي بقلبه الطيب وتواضعه وبساطته عن روح الهند الشرقية وتطلعات بورجوازيتها نحو الاستقلال.
الثغرة الكبيرة في تفسير الماركسية لدور الفرد في التاريخ تكمن في مبالغتها بدور الاقتصاد في تطور المجتمعات قياسا بالدور السياسي لدوافع أيديولوجية . لقد كان هم ماركس وأنخلز وهما في خضّم المعركة مع الطرف الآخر ,تثبيت وجهة نظر مخالفة لوجهة نظر المثاليين التي تعزو الدور الأول للتطور إلى الرجال العظام في التاريخ . ولقد اعترف أنجلز أواخر حياته تصريحاً أوتلميحا بذلك (( إن ماركس وأنا ملومان جزئيا عن واقع أن الشباب في بعض الأحيان يعلقون على الجانب الاقتصادي أهمية أكبر مما تعزى إليه .ولقد اضطررنا إلى التأكيد على هذا المبدأ الرئيسي لمواجهة خصومنا الذين رفضوه , ولم يكن لدينا الوقت دائما ولا المناسبة لتقديم تقدير للعناصر المشتركة في التفاعل , ولكن عندما نأتي إلى عرض مرحلة من التاريخ , أي القيام القيام بتطبيق عملي فإن الأمر يكون مختلفا ....)) (7) .

**************

يصح تفسير الماركسية لدور الفرد في التاريخ إلى حد ما على التاريخ الأوروبي , ولكنه لا يفسر لنا دورهم المتعاظم في الشرق , وبشكل عام من جمع منهم بين مرحلة النهوض والهبوط إبان فترة حكمه ,لاتفسر لنا الماركسية دور الأفراد المعبرين عن تطلعات فئات اجتماعية مصلحتها عكس التطور الاجتماعي ,لاتفسر لنا دور العباقرة والمميزين في عصر الظلمات , مثلا ابن خلدون وابن رشد ظهرا في عصر ملوك الطوائف , في المغرب العربي . أكثر عصور الإنحطاط في التاريخ الإسلامي .
كان من المفروض ردم تلك الثغرة بعد رحيل الروّاد الأوائل, ودفع النظرية لتتخلص من وهمها الأيديولوجي ولتلتصق بالعلم والمعرفة أكثر . ولكن مع الأسف الشديد فإن المحصلة حتى هذه اللحظة التاريخية تبدو وكأننا سرنا خطوتين إلى الوراء بدلا من أن نتقدم خطوة إلى الأمام .
أخيرا لابد من كلمة حول مصطلح الرجال العظام وما يثيره من لغط .
إننا نستطيع أن نقول بكل ثقة أن صفة الرجل العظيم تنطبق على كل فرد في كل مرحلة تاريخية , وهب فيها ذلك الفرد إمكانيات عقلية خاصة عملت في مصلحة التطور الاجتماعي ككل , سواء جاء هؤلاء من الطبقات الشعبية أم من الطبقات الغنية أو الحاكمة أو المتنفذة , سواء كانوا كانوا على تماس مباشر مع الجمهور أو منعزلين في صوامعهم عنه . المهم أن يكون ما يشغلهم هو مقاربة الحقيقة الموضوعية في مجال عملهم مثل العالم (غاليلو) الذي أصر على أن الأرض تدور في حينه مع معرفته بأن ذلك يمكن أن يكلفه حياته وغيره من العلماء كثيرون أفنوا عمرهم حتى أنتجوا اختراعات علمية في حقل الفيزياء والرياضيات والكيمياء والذرة والطب والوراثة ...الخ. أو رجال فن وأدب وموسيقى وفلسفة لم يكن نتاجهم متأثرا بالسياسة ولا يخدم فئة بعينها .
وإذا انتقلنا إلى الرجال المميزين في الحقل السياسي فاللغط يكمن هنا لأن العظمة تختلف باختلاف الزاوية التي ننظر منها إلى ذلك الرجل , فإذا نظرنا إليه من زاوية قوة نفوذه وسطوته في زمانه ومكانه , وما تركه من أثر على التاريخ , لقلنا أن هتلر وهولاكو وجنكيز خان وأمثالهم في مقدمة عظماء التاريخ . وإذا نظرنا اليهم من منظور إنساني بحت, حيث العظيم عظيم بمقدار ما يهب من حياته في سبيل إخوته حسب تعبير العهد القديم, فإننا سنخرج من خانة الرجال العظام ليس هتلر وأمثاله فقط بل وحتى رجال عمالقة فكرياً مثل عالم الاجتماع ابن خلدون والذي سبق ماركس بقرون في هذا المجال , الفارق بين الرجلين أن ماركس عمل يكل ما أوتي من قوة منسجما مع قناعاته وأفكاره وتحمل العذاب والآلام والفقر من أجل إخوته في الإنسانية , في حين لم يكن ابن خلدون أمينا لمنهجه الموضوعي في المقدمة عندما كتب لنا مجلداته في التاريخ العربي الإسلامي لغاية في نفس يعقوب , والمعروف عنه أنه تعاون مع تيمور لنك لكي ينجو بجلده ويحافظ على امتيازاته . وقد شغل هذا الموضوع الأديب الراحل سعد الله ونوس , فقدّم لنا تلك المفارقة في عمل مسحي جميل سماه –منمنمات تاريخية- في حين كان ابن رشد أقرب الى ماركس فقد تحمّل تبعات فلسفته وأصّر عليها ولم يقدّم أي تنازلات لحكام زمانه , وعندما واتته المنيه كان منفيا ومعزولا في قرية نائية , وقد وضعت جثته في كفة خرج على ظهر دابة , ووضع مقابلها في الكفة الأخرى حجارة حتى تتوازن الكفتان , وسار الحمار بالجثة والحجارة إلى القبر ولم يكن خلفه الآعدد محدود من الناس .
من جهة أخرى لقد انشغل ماركس وأنجلز وكل الشيوعيين من بعدهم أفرادا وقوى وحركات وأحزابا في الرد على الفكر المثالي من موقع نضالي , ولكنهم وفقوا في جانب وأخفقوا في جانب آخر . لقد وفقوا في جانب إبراز دور العقل واستعماله من أجل قضية الإنسان . جانب استنباط قوانين اجتماعية قد تعمل بهمجية أشد من همجية القوانين الطبيعية إن لم نعرف كيف نتقي شرّها . ولكنهم أخطأوا في فهم دور الفكر المثالي ككل في خدمة قضية الإنسان . فإذا كان الفكر الشيوعي يعتمد العقل , فإن الفكر الديني يعتمد القلب إذا صّح التعبير لخدمة قضيته والشيوعيون الحقيقيون مثلهم مثل الدينين الحقيقيين ينظرون الى الإنسان بوصفه غاية ويجب العمل من أجل قضيته في كل زمان ومكان ولكن كًَلً بأسلوب .
وإذا كان الفكر الديني تحديدا قد عرف ظاهرة المنافقين فيه , ظاهرة رجال ركبوا موجته واستغلوا شعور الدينين الحقيقي, ووجهوه جهة أخرى باتجاه السماء بدلا من العمل لتحقيق العدل على الأرض خدمة لمآربهم ومآرب أسيادهم . فإن الفكر الشيوعي عرف ظاهرة موازية أيضا . ظاهرة فئة من المثقفين الذين جيروا ذلك الفكر من أجل خدمة مصالحهم الخاصة وعلى حساب المصلحة العامة (الإنتهازيين),


**************


وبناء على نتائج تلك المعركة التي انتهت الجولة الأولى منها بسقوط النظام العالمي القديم فإننا نستطيع أن نقول:
إن قضية الإنسان تحتاح الى المخلصين من الجانبين , تحتاج الى العقل والقلب كما يحتاج الطائر الى الجناحين ليحلق في الجو.






الحلقة الثالثة

دور الفرد في التاريخ بشكل عام


أعتقد جازما ً أن أفراد النوع البشري الذين عملوا في الحقل السياسي منذ أقدم العصور وحتى الآن هم ضحايا التطور الاجتماعي مع إنهم الأكثر تأثيرا فيه , وهنا تكمن المفارقة , جّل هؤلاء تحرمهم السياسة من حياة عائلية طبيعية , فهم غالبا ما يتناولون وجبات طعامهم مع العمل , وبالتالي لاوقت لديهم للإهتمام بأطفالهم أو شؤونهم الخاصة , والسياسة تفعل فيهم فعل الأفيون بمن يتعاطاه , ومع ذلك يشعرون لدى ممارستها بخدر لذيذ لا يستطيعون الاستغناء عنه .
لكن ليس هذا هو المهم بالنسبة لموضوعنا , بل الأهم منه هو محاولة الإجابة على السؤال التالي . هل تحتاج الرموز السياسية المعبرة عن مصالح فئات اجتماعية متضاربة , إلى مهارات عقلية خاصة تحمل عبر صفات وراثية وتتجلى صدفة في هذا الفرد أو ذاك , ويقوم التطور عند حاجته إليها استدعاءها في زمان ومكان محددين ؟. أم أن أي إنسان عادي يستطيع أن يقوم بهذا الدور إذا زج في المعمعان ؟ ... هل يحتاج هؤلاء الى ذكاء من نوع خاص ؟ لكي تظهر موهبتهم في هذا المجال . الموسيقى مثلا تحتاج الى ارتباطات حسية عصبية وراثية لدى الموهوبين فيها . وكذلك الأمر بالنسبة للفن والأدب تحتاج الى شيء مماثل , وأما النوابغ في الرياضيات والفيزياء فإن مخهم يكون مزودا بدارات ارتجاعية عصبية تنفتح وتنغلق بطريقة خاصة ماذا بالنسبة للسياسيين ؟ . وخاصة الدكتاتوريين منهم والذين يستطيعون ربط المجتمع بكافة فئاته وطوائفه بشخصهم ويستطيعون متابعة كل ما يجري في بلدانهم .
للإجابة على السؤال نحتاج الى دراسات إحصائية عديدة شبيهة بدراسة العالمة الأمريكية المذكورة سابقا (كوكس) ولكن بدلا من دراسة سيرة (300) عبقري في التاريخ تجب دراسة سيرة (300) سياسي كان لهم حضور كبير في زمانهم ومكانهم . ويجب استعمال طرق حديثة غير الطرق القديمة, أي بصريح العبارة الموضوع يحتاج الى جهود علمية كبيرة مشتركة بين علماء النفس وعلماء الوراثة حتى تتم الإجابة عليه .
إذا انتقلنا الى دور الفرد السياسي في زمانه ومكانه , فإن بإمكاننا القول أن الماركسيين الأوائل لم يوفقوا في معالجته من كل جوانبه , ولنبدأ برائدهم ماركس ومعالجته لدور لويس بونابرت في فرنسا . فبالرغم من أن تلك المعالجة كانت نقلة نوعية قياسا بمعالجة علماء اجتماع آخرين عاصروا تلك الفترة إلا أن كلام ماركس ((أما أنا فإني أثبت على النقيض كيف أن الصراع الطبقي قد أوجد الظروف والعلاقات التي مكنت شخصا عاديا ومضحكا من أن يؤدي دور بطل )) (8) . يحتاج الى بعض المراجعة والتدقيق . ربما كان لويس بونابرت شخصا مضحكا ولكنه لم يكن عاديا ((إن جمعية العاشر من كانون الأول كانت تخصه , كانت فكرته الخاصة بالذات أما كل ما يحوزه فيما عدا ذلك فقد وضع بيديه في حكم الظروف , وكل ما يفعله فيما عدا ذلك تفعله الظروف أو يكتفي بالنسخ من أعمال الآخرين ...))(9). ولكن الا تكفي جمعيةالعاشر من كانون الأول ؟ . التي ألفها وجمع فيها (( مشردون وجنود مسرحون ومجرمون جنائيون مطلقوا السراح وهاربون من الأشغال الشاقة ونصّابون وقوادون وأصحاب مواخير وحمالون ونساخون وضاربو أرغن متجولون وجماعو أسمال وسنانو سكاكين ولحامو معادن ومتسولون , وباختصار جميع هذا الجمهور السائب , المتنوع غير المحدد الذي تدفعه الظروف هنا وهناك والذي يسميه الفرنسيون بوهيميا )) (10).
إن من يستطيع أن يقود هؤلاء ويوحد بينهم تحت اسم جمعية خيرية , ويصل الى أهدافه السياسية ليس رجلا عاديا , إنه رجل بمنتهى الذكاء والمهارة , وقيادة حثالة البروليتاريا أصعب وبحاجة الى فن أكبر من قيادة البروليتاريا على ما أعتقد .
أما الماركسيون فقد استنبطوا من االكتاب ما سموه ملامح البونابرتية والتي عالجوا بوحيها انظمة خاصة أطلقوا عليها اسم أنظمة الإستثناء حسب القاعدة الفقهية التالية – إن الصراع الطبقي ذلك المحرك الجبار للتاريخ يدفع الى السطح شخصا عديم المواهب وربما أبلها , في لحظات التوازن بين جهتين متصارعتين يصعب على إحداها حسم المعركة لصالحها , ذلك الشخص ينشئ فيما بعد أجهزته ومؤسساته وتقع بالنهاية العباءة الأمبراطورية على كتفيه –
إن رؤية ماركس وأنجلز وبليخانوف حول دور الفرد في التاريخ على قاعدة نحّه يظهر غيره عاجلا أم آجلا , سيئا كان أم جيدا لحاجة التطور الى ذلك , وما أسفرت عنه الثورة البلشفية ودور الفرد فيها دور مهندسها لينين دحضتها التجربة , تجربة الشيوعيين بالذات وها هي الوقائع العنيدة تفقأ العين .
كانت روسيا أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين , بلد نصف متخلف نصف إقطاعي , نصف رأسمالي , تتداخل فيها التشكيلات الاجتماعية من المشاع الى الرأسمالية لابل إن قوة مشاعاتها كانت كبيرة جدا ولها ممثلوها السياسيون –الشعبيون – ودعوتهم لإنتقال روسيا من المشاع الى الرأسمالية لم تأت من فراغ ومع أن انجلز قد عاصر وراسل بعض شيوعيي روسيا , الا أنه لم يتكهن يوما لاهو ولا سلفه ماركس ببداية انطلاق الاشتراكية على هذا الكوكب من روسيا وتفسير ذلك ببساطة لأن الاشتراكية وفقا لمنهجهم يجب أن تنبثق من دولة رأسمالية متقدمة , استنفدت فيها الرأسمالية كل مهامها التاريخية ونضجت في داخلها المقدمات المادية للاشتراكية . لكن التفاوت الهائل في روسيا بين الغنى والفقر وسلطة القيصر الدموية دفعت البلاد الى الانفجار الاجتماعي مرتين , الأولى عام – 1905 – والثانية عام – 1917 – وفي المرة الثانية جرى على الأرض ازدواجية سلطة , سلطة البورجوازية ممثلة بالحكومة المؤقته وعلى رأسها كيرنسكي وسلطة السوفييتات , سوفييتات العمال والجنود والفلاحين . كان الحزب البلشفي ومعه كل القوى اليسارية مع دعم حكومة كيرنسكي . ولكن لينين وحده عارض تلك القوى وطالب بإسقاط الحكومة المؤقته والاستيلاء على السلطة , وكان يرى أن دعم سلطة كيرنسكي معناه تسهيل المهمة على تلك السلطة في القضاء مستقبلا على دور الطبقة العاملة وحلفاؤها من الطبقات الأخرى , ولن تتورع عن ذلك حتى بالتعامل مع العدو الخارجي من أجل إضعاف الطبقة العاملة , والسيطرة عليها كليا .لذلك يجب تحويل الحرب الدائرة الى حرب أهلية وطرح شعار الحرب الإنهزامية , من أجل الاستيلاء على السلطة قبل التصدي للدفاع عن الوطن .
اتهم لينين آنذاك بأن غيابه عن روسيا جعله لايفهم واقعها , وان الجماهير مع شعار الدفاع عن الوطن , وأجاب لينين يجب السباحة ضد التيار وإقناع العمال والفلاحين والجنود بتحويل الحرب الى حرب أهلية , والانتقال بالسلطة كليا الى السوفييتات .
استقال لينين من اللجنة المركزية للحزب البلشفي , وعمل في صفوف الحزب لتغيير قراره ونجح في ذلك , ثم عمل مع الحزب ضمن السوفييتات لإقناعهم باستلام السلطة ككل وخطط للانتفاضة كما هو معروف . وقال إن تقديم ليلة أوتأ خير ليلة في الهجوم على قصر الشتاء قد يضييع الفرصة كليا .
المعروف أن لينين صاغ موضوعات نيسان الشهيرة وهو في طريقه الى روسيا داخل عربة قطار ألماني وبجواز سفر أصم أبكم , وفي تلك الموضوعات طالب بتحويل مسار الثورة من ثورة بورجوازية الى ثورة اشتراكية وراى أن الرأسمالية بعد ثورة (1905) قد تطورت بما فيه الكفاية لتجعل الطبقة العاملة ناضجة لإقامة ديكتاتوريتها بالتحالف مع الفلاحين , مع أنه هو القائل في التسعينات من القرن التاسع عشر ((إن فكرة السعي وراء خلاص الطبقة العاملة عن طريق غير طريق تطور الرأسمالية المضطرد فكرة رجعية , ففي بلدان كروسيا لاتعاني الطبقه العاملة من الرأسمالية بقدر ماتعاني من النقص في تطور الرأسمالية , ولذا فإن مصلحة الطبقة العاملة إطلاقا أن تتطور الرأسمالية فيها بمنتهى الاتساع والحرية والسرعة , من المفيد للطبقة العاملة إطلاقا القضاء على جميع بقايا الماضي التي تعيق تطور الرأسمالية تطورا واسعا وسريعا , والثورة البورجوازية هي على وجه الدقة انقلاب يكنس بأشد الحزم بقايا الماضي , بقايا القنانة التي لاتشمل الأوتوقراطية وحسب, بل الملكية أيضا , ويؤمن على أكمل وجه تطور الرأسمالية بمنتهى الاتساع والحرية والجرأة. ))(11) .
لقد كان لينين براغماتيا ثوريا من طراز رفيع وكان همه الأساسي الوصول الى السلطة بأي ثمن , حيث الفعل الجوهري يبدأ منها من أجل تحويل المجتمع لمصلحة المنتجين الحقيقيين فيه . من أجل ذلك لوى عنق النظرية بما يخدم هدفه السياسي, لا يعقل أن تصبح روسيا بأقل من ثلاثين عاما تعاني من آلام زيادة الرأسمالية فيها بعدما كانت تعاني من نقصها . الأرجح أن شعار رفع الثورة الاشتراكية كان يساهم في حسم اذدواجية السلطة لمصلحة السوفييتات ومن ثم ديكتاتورية البروليتاريا بقيادة البلاشفة . ولقد نجح لينين في ذلك . وبنجاح ثورة البلاشفة في روسيا قدّم لنا التاريخ برهانا آخر على دور السياسة الموازي للاقتصاد , دور البنيان الفوقي , دور الوعي . دور التراث والتاريخ المتجسد في قرار ذلك الفرد . لايصح هنا كلام أنجلز –نحه يظهر غيره – لايصح هنا قوله أن الاقتصاد هو المقرر في نهاية المطاف . (( وهكذا هو الأمر مع الصدف الأخرى وكل الصدف الواضحة في التاريخ , وبقدر المجال الخاص الذي ندرسه عن المجال الاقتصادي , وبقدر مايقترب من المجال الأيديولوجي الصرف فإننا نجد الكثير من الصدف في تطوره ويزداد خطه المنحني تعرجا , ولكن إذا رسمت المحور الأوسط للمنحني فسوف تجد أن هذا المحور يقترب أكثر فأكثر بشكل متواز لمحور التطور الاقتصادي كلما طالت المرحلة التي ندرسها وكلما اتسع الميدان الذي نعالجه.)) (12) .
السياسة فعلها في التاريخ يوازي فعل الاقتصاد في حالات كثيرة , تجب دراستها في أوانها وما هو العامل المحدد عندما نكون على مفترق طرق كما كنا في روسيا و وأثر ذلك على التطور اللاحق . دعونا نتخيل نجاح الطريق الآخر في روسيا ونكتشف من خلاله دور السياسة التي تكثّفت في قرار فرد .
ترى لو أن عربة لينين قد تحطمت من جراء اصطدام القطار بقطار آخر ؟ ولم يصل الى روسيا أبدا . الأرجح أن الطريق كان باتجاه استقرار السلطة للبورجوازية ممثلة بشخص كيرنسكي , بعد دعمها من البلاشفة والمناشفة والضغط عليها من أسفل كي تنفذ المهام الديمقراطية بمنتهى الاتساع والجرأة والقوة . والنتيجة أن روسيا كانت قد سلكت طريقا رأسماليا آخر ربما كان شبيها بطريق الدول الأوروبية أو على الأقل مثل دولة الهند الشرقية.
صحيح أن كلا الطريقين أدى الى تعميق الرأسمالية في روسيا ولكن الفارق بين الطريقين ليس أمرا قليلا أبدا وهي على كل حال مهمة الشيوعيين وغيرهم من القوى التقدمية والديمقراطية لاستخلاص العبر والدروس منها أكثر منا . لكن تأثيرها علينا نحن الشيوعيين لم يكن قليلا . لقد بدأ الفكر الشيوعي طريقه بإعلاء شأن العقل وربط أي تقدم به . ولكن مع الأسف الشديد بدا وكأن اكبر محنة في العصر الحديث للعقل تمت على يد الفكر الشيوعي ذاته . لقدتم تحطيمه تماما في روسيا تحت يافطة شيوعية عريضة , مارسوا الكذب والرياء والنفاق بشكل رخيص جدا لدرجة وصلت حد القول أنهم ألغوا الطبقات في بلادهم وبدأوا بالطور الأدنى من الشيوعية ولما رفع الغطاء عن المجتمع الروسي تبين حجم الهوة الفاصلة بين الادعاء والواقع وكان وقع ذلك مذهلا على السواد الأعظم من الناس العاديين خارج روسيا . أما على الصعيد العالمي فقد مهّد نجاح الثورة في روسيا ليأخذ شكل الصراع بين الرأسماليات المتنافسة على السوق العالمية شكل عسكري - معسكرين – كل منهما وجد مبررا للتنكر للإنسان وحقوقه بحجة خطر ومقاومة الطرف الآخر .
إن أول من عالج دور الفرد في التاريخ بطريقة مختلقة عن الطريقة الكلاسيكية مشخصا بدور لينين هو تروتسكي . وقد كتب عنه بالحرف الواحد (( ويبقى سؤال هام , ولكن طرحه أسهل من الإجابة عليه , ترى كيف سيجري تطور الثورة لولم يستطع لينين الوصول الى روسيا في نيسان عام -1917- . وإذا كان حديثنا السابق كله يؤكد ويكشف شيئا , فإننا نأمل أن يكون هذا الشيء هو و أن لينين لم يكن خالق التطور الثوري , ولكنه انتظم في سلسلة القوى الايجابية فكان حلقة كبيرة في هذه السلسلة , وجاءت ديكتاتورية البروليتاريا من الوضع كله , ولم يكن لينين عنصرا صدفيا في التطور التاريخي ولكنه نتاج مجمل التاريخ الروسي السابق , وكان يمد جذوره الى أعماق هذا التاريخ ولا يمكننا أن نستنتج من الأهمية الخارقة التي أخذها مقدم لينين. سوى أن الزعماء لايأتون صدفة . وأن اختيارهم وإعدادهم يتطلب عشرات السنين وأن من المتعذر استبدالهم بشكل اعتباطي , وأن إبعادهم الآلي عن الصراع يصيب الحزب بجرح دام وقد يصيب الحزب في بعض الحالات بشلل طويل الأمد. )) (13).
لقد استنكر مؤرخ ماركسي معجب بتروتسكي وكاتب سيرته الذاتية ذلك التحليل ورأى فيه وهو محق خروجا عن الماركسية إذ لايعقل من وجهة نظره أن تكون سقوط قرميدة واحدة من فوق أحد سطوح المنازل في زيوريخ كافية لتبديل مصائر الإنسانية وعزا ذلك الى خصائص نفسية في شخصية تروتسكي ((إن تروتسكي اعتبر نفسه عند فجر خلق الأممية الرابعة وكأنه لينين عام – 1917 – الذي لايمكن الاستغناء عنه في الثلاثينات والأربعينات , واستمد من هذا الإيمان القوة اللازمة لجهوده البطولية التي بذلها في وحدته . )) (14). في هذا الكلام ظلم كبير لتروتسكي , ومع إقراري بأن اسحق دويتشر كان يفهم تلك الشخصية ودوافعها على المستوى الذاتي والسياسي فهما كبيرا , إلا أنه لم يوفق هنا بسبب قناعته العميقة بصحة تحليل ماركس وأنجلز حول دور الفرد في التاريخ , لكن الموضوع هنا أبعد من أن يكون مسأله لها علاقة بالصفات الشخصية لتروتسكي . إنه جزء من الحقيقة الموضوعية والمعرفية انعكست في ذهن تروتسكي . وهو المشهود له بعبقريته في مجال النظرية . إدراكه لدور مجمل التاريخ الروسي . لدور الوعي المستقل نسبيا عن الواقع وانعكاسه في ذهن أفراد لهم تاريخهم الخاص مثل لينين , وهذا التنظير يكاد يكون منسجما مع ما بينه التطور الروسي لاحقا مع تعديل بسيط وهو أن دور لينين لم يكن داخل السلسلة الايجابية بل داخل السلسلة السلبية . (15) ربما لو أن الله أمد بعمره ثلاثين سنة اخرى لكان قد لعب دورا إيجابيا ما, يستحيل على المرء أن يتخيل بأن لينين يمكن أن يقدم على إعدام رفاقه من أجل أن يصبح مركز القرار موحدا . لقد أفشى زينوفيف وكامنييف سر الانتفاضة , ولم يطالب حتى بفصلهما من اللجنة المركزية ناهيك عن إعدامهما في حين أعدمهما ستالين مع أنهما أبديا الندم والتوبة أمامه ولم يرف له جفن !!! . لم يكن لينين مستعدا للعب هذا الدور ونتائجه لوكان مكان ستالين آنذاك, على تطور روسيا والعالم والحركة الشيوعية بعده لم يكن قليلا . وفي كلتا الحالتين : حالة وصوله الى روسيا عام – 1917 – وحالة غيابه عنها عام -1924 – يقدم لنا درسا بخصوص أهمية السياسة بموازاة الاقتصاد في التطور وأن الغلبة لأي منهما يجب أن تدرس في كل حالة على حدة ويستخلص منها توازن القوى في تلك اللحظة التاريخية والعوامل التي حسمت التطور باتجاه هذا الطرف أو ذاك .









الحلقة الرابعة


القادة السياسيون والقرن العشرين


بدأ القرن العشرون ب (بروفا) للثورة الروسية الكبرى عام – 1905 - كان للجماهير من عمال وفلاحين وجنود وعامة الناس . دور أساسي فيها وقد تعاظم هذا الدور وسقط القيصر , رمز الظلم والوحشية والفظاعات الانسانية . ونجاح الثورة مّد المقهورين بالأمل في كل مكان بإمكانية صنع جنتهم على الأرض . وتوقع المؤرخون بداية جديدة لكتابة التاريخ يظهر فيها دور الجماهير على حقيقته ويتراجع دور الأبطال في المسرحيات التاريخية والآن وبعد رحيل القرن يتبين للقاصي والداني , أن ثورة اوكتوبر كانت سحابة صيف عابرة في سماء ذلك القرن . لابل إن ماجرى من تضخيم لدور الفرد فيه ذكّرنا بالقرون الخوالي, قرون عبادة الأفراد وتقديسهم , قرون الرجال العظام صانعي التاريخ, كل منهم رجل في أمة وأمة في رجل وعظيم قرنه مع فارق أن أولئك الحكام ادّعوا أن حقهم في الحكم إلهي , وهم يحكمون بتفويض من السماء , في حين ادّعى جميع قادة القرن العشرين أنهم ممثلو الجماهير ويعملون من أجل قضيتها , وبالتالي عليهم طاعتها أكثر , وكانوا أسوأ من أسلافهم في التشبث بالحكم لدرجة أن لاأحد منهم ترك منصبه الا بالموت أو بالحديد والنار . ستالين في روسيا , ماو تسي تونغ في الصبن , كيم إينغ إيلسون في كوريا الشمالية , شاوشسكوا في رومانيا , هونيكر في ألمانيا , جيفكوف في بلغاريا , تيتو في يوغسلافيا , كاسترو في كوبا , هوشي منه في فيتنام , منكستو هيلا مريام في أثيوبيا , زياد بري في الصومال , جمال عبد الناصر في مصر , النميري في السودان , صدام حسين في العراق , معمر القذافي في ليبيا , هواري بو مدين في الجزائر , هتلر في ألمانيا , موسليني في إيطاليا , فرانكو في أسبانيا , سالازار في البرتغال .
وإذا دققنا في أسماء الأفراد السابقين ودورهم في مجتمعاتهم , لوجدنا أن ظهورهم في الشرق هو القاعدة في هذا القرن , في حين يمثل الاستثناء في الغرب , وعندي أن لذلك تفسير يكمن في تاريخ تطور الشرق والغرب , وحضارة الشرق والغرب , وكيف تمت إشادة كل منهما , ففي الغرب مع أن تاريخ حضارته هو الأحدث , لكن تحلل مشاعاته الأولى الجرمانية والسلافية واعتمادها في التحلل على الظروف الطبيعية فقط -ماء المطر تحديدا – وانتقالها إلى نمط كلاسيكي للرق ومن ثم الإقطاع , وتوحيد السوق القومية لكل من تلك الاقطاعات على يد البورجوازية في سوق واحدة عبر ثورات تميزت بمشاركة شعبية كبيرة وبدفع التطور في تلك المجتمعات من أسفل إلى أعلى, وبزمن كبير نسبيا ترافق مع صراع طبقي عنيف أحيانا بين الجهتين , كل تلك الظروف قادت الى الحكم النيابي البرلماني الديمقراطي ووجود مؤسسات مدنية قوية إلى جانب الدولة تسندها وتسانده, وبالتالي أخذ دور الفرد السياسي حجمه الطبيعي تقريبا, واعتمد على قوة نفوذه بين شعبه بسبب عدم السماح بالتجديد له في ا لحكم لأكثر من مرتين متتاليتين قانونيا , ساعد على ذلك الاستقرار والاستمرار فيما بعد, تحول التناقض في تلك البلدان الى تناقض خارجي بينها وبين المستعمرات التي غزتها فنهبت شعوب تلك المستعمرات وطّورت اقتصادها على حساب تلك البلدان . أما النازية في ألمانيا . والفاشية في إيطاليا والديكتاتورية في أسبانيا فقد كانت الاستثناء عن القاعدة ولدتها ظروف خاصة في كل دولة على حدة استدعت دور الفرد السياسي المميز في تلك الفترة.
أما الشرق, ومع أن حضارته هي الأقدم بكثير إلا أن تطورها كان له مسار مختلف عن الغرب , والسبب أن تلك الحضارات بدأت مسيرتها حول الأنهار , النيل في مصر , الرافدين في العراق , وأنهار مماثلة في فارس والصين والهند وغيرها من تلك البلدان , واعتماد تلك الحضارة على مياه الأنهار مما استدعى ظهور مركز ينظم ويشرف على توزيع المياه تطورت مهامه مع الزمن لتشمل شق الترع والقنوات والمصارف وبناء القناطر والسدود والجسور , وضبط مياه النهر على مدار العام والإحتياط لسني الجفاف والفيضان . هذا المركز تطور الى حكومة مركزية قوية تشرف على نظام الري في طول البلاد وعرضها وتجمع بيدها كل السلطات وتقوم بتنظيم أعمال الصيانة والسخرة وبث الرعب والذعر في نفوس الناس لإرغامهم على الطاعة . يقف على رأس هذه الدولة المركزية فرد قوي يصبح مهيمنا ,جبارا , مقتدرا ,قاهرا , واهبا , مانعا , جليلا , مهيبا, ..الخ.
لقد كان ماركس أول من بدأ هذه الدراسات عن تاريخ الشرق الخاص أواخر حياته ولم يمهله الموت حتى يكملها ولكنه وضع ما سماه –نظام إنتاج آسيوي – على قدم المساواة مع الأنظمة الأخرى مثل نظام الرق والاقطاع والنظام الراسمالي حتى جاءت الستالينيه وضربت التاريخ على أنفه لترغمه على الدخول في ترسيمتها المعروفة –مشاع –رق – إقطاع –رأسمالية – وحذفت نمط الإنتاج الآسيوي من بينها لأسباب سياسية .
ولكن دراسات عالمية وعربية عديدة حملت من العمق في هذا الموضوع ما يؤهلها لأن تعد استمرارا لمنهج ماركس تقف في مقدمتها دراسات الماركسيين المصريين مثل دراسة ابراهيم عامر عن الأرض والفلاح في مصر , ودراسة أحمد صادق سعد عن نمط الانتاج الآسيوي في مصر ودراسة سمير أمين عما اقترح تسميته بنمط جديد ساد الشرق –نمط الانتاج الخراجي – الصفة المشتركة لذلك النمط سواء كان آسيويا أم خراجيا أم إقٌطاعا شرقيا هو وقدرته على تجديد نفسه وبالتالي عدم الخروج من ذلك الركود . ولذلك سبقتنا بلدان أخرى أقل حضارة منا بكثير وعادت فاستعبدتنا لتضيف إلى تخلفنا وعدم القدرة على الخروج من ذلك النفق سببا جديدا .
أما في العصر الحديث عصر القرن العشين وما رافقه في تلك البلدان. من تصدي الطبقات الوسطى للحكم فقد تجلى تاريخ الفرد القابع على رأس الهرم بنفس الطريقة السابقة إن لم نقل وبشكل أبشع . كثيرون منهم مثلوا دور الصعود والهبوط في بلدانهم دون أن يرف لهم جفن . تبادلوا الدور مع الكرسي , فبدت الكرسي هي الشخص والشخص هو الكرسي . في حين فعل ماضي بعضهم فعله في داخله فنخره وقصر في عمره .
إن تاريخ كل شخص من القائمة السابقة وتاريخ بلده وفعل الصفات الشخصية في ذ لك التاريخ يجب أن تدرس كل حالة فيها على حدة اما التعميم فلا يقرر سوى منحى عريض لاأكثر .
الجدير ذكره هنا أن البلدان التي نجت من هيمنة الطبقات الوسطى على مسيرتها السياسية عرفت الى حد ما تراجع ظاهرة الفرد ليكون دوره مشابها لدور الأفراد في البلدان ذات الحكم النيابي البرلماني, وأسطع مثال على ذلك كوريا الشمالية والجنوبية , فلقد جسد كيم إينغ إيلسون في كوريا الشمالية دور القائد الملهم لدرجة اسطورية وصلت حد عدم قبول السفارات الأجنبية لبلاده أي مذكرة رسمية لاتعظم الرئيس الكوري ثلاث مرات .في حين لم يعرف قي كوريا الجنوبية رئيس تمتع بجزء بسيط من تقديس ونفوذ ايلسون وابنه من بعده .



#كامل_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطلاقة حزب العمل الجديدة في سوريا والموقف الصحيح حيالها
- بحث في إشكالية العلاقة بين الحركة السياسية والحركة العفوية
- حياة الدكتور عارف دليلة تواجه خطرا حقيقيا
- ليس من اختصاص الرئيس البشار العفو عن جرائم واقعة على امن الد ...
- الاسلام والبلشفية مصدران للاصولية في العراق الجريح
- ترخيص بحمل السلاح مرتين
- سأضرب في هذا المقال عصفورين بحجر واحد
- هل هذا المال حلال أم حرام ؟
- مهيار وحيدا على قارعة الطريق - قصة قصيرة مهداة الى الصديق أك ...
- متى نتحول نحن السوريين من رعايا إلى مواطنين ؟
- من الذي أتى بالدب الأمريكي إلى كرم العراق ؟؟ ومن الذي يقوده ...
- الهم بارك وزد في شهادات البعثيين السوريين القدامى
- دفاعا عن المعارضة السورية
- لمن يجب أن يوجه الاتهام ؟!م
- السياسة والأفيون
- تعميق المدرسة البكداشية في سوريا على طريقة تعميق مارتوف ل بل ...
- مدرسة الواقعية الاشتراكية وتجليها في - داغستان بلدي -
- القيادة الفلسطينية لا ترقى الى مستوى نضالات شعبها
- عن أي تحديث وتطوير يتكلمون ؟؟!!
- لماذا تحول العقل البشري من نعمة للإنسان الى نقمة عليه ؟؟!!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - كامل عباس - القرن العشرون وظاهرة الزعيم الخالد