القيادة الفلسطينية لا ترقى الى مستوى نضالات شعبها

كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 842 - 2004 / 5 / 23 - 06:41
المحور: القضية الفلسطينية
    

أشعر وأنا أكتب هذه السطورأني عاجز عن وصف ما يجري للشعب الفلسطيني هذه الأيام , قصف أجساد طرية بصواريخ الأباتشي , هدم بيوت على رؤوس ساكنيها ودفن بعضهم أحياء فيها وتشربد البعض الأخر في العراء , تجويع , حصار , ترويع يشاهده العالم على الشاشات الفضائية من دون أن يحرك فيه ساكنا, لا بل يخرج علينا زعيم" العالم الحر" الى جوار شارون وهو يشد على يديه كونه يدافع عن أبناء وطنه ضد الارهاب الفلسطيني الذي يستهدفهم !!!
محنة الشعب الفلسطيني مضاعفة, فلم تغتصب أرضه أمام عينيه ويِِدفع الى مخيمات من تنك في الداخل والخارج فقط . بل ابتلي بأنظمة عربية فاسدة تاجرت وما تزال تتاجر بقضيته وسنت قوانين طوارئ بحجة خطر العدو الخارجي وجهزت جيوش عرمرمية من أجل ذلك .وهاهي الآن لا تفعل شيئا من أجل التخفيف من آلام هذا الشعب, إن لم نقل إن العديد منها متواطئ مع شارون ومساند له في تنكيله بالفلسطينيين , وليت الأمر وقف عند هذا الحد .
لاأظن أن شعبا في التاريخ كان أكثر صمودا وتضحية وتشبثا بقضيته من الشعب الفلسطيني , يصح القول هنا, العين تقاوم المخرز , العيون تتناوب على المخرز , والمخرز يصدأ بالنهاية ولا تنتهي العيون المقاومة ’ شعب يواجه آلة حربية مجهزة بكل الأسلحة التكنولوجية المتطورة بالمقلاع والحجر . ولكن ومع كل أسف لم تكن قيادته السياسية على هذا المستوى, وبدلا من أن تقوم تلك القيادة بدورالقيادة الصينية أيام احتلال اليابان لها أو القيادة الفيتنامية ضد الاحتلال الأمريكي , وتوجه وتؤطر وتقود نضالات ذلك الشعب, ضاعفت من محنته وها نحن نقدم مثالين على ذلك .
الأول أيام الانتفاضة الأولى . انتفاضة الحجارة والتي عجز قادة العدوعن إخمادها رغم كل مافرقعوا من عظام للفلسطينيين فاستنجدوا بقيادة مننظمة التحرير الموجودة في الخارج . وبينما كان الوفد الفلسطيني المنبثق من قلب الانتفاضة يعرض قضية شعبه أمام العالم في مؤتمر مدريد, كانت قيادة عرفات تفاوض بالسر على طريقة السادات كون أمريكا بيدها 99 % من أوراق الحل وبالتالي المفاوضات تحت أشرافها, ولو أن تلك القيادة فاوضت بالعلن وبمعرفة شعبها كما فعل السادات لهان الأمر , لكنه لم يسمع بها الا بعد ثمانية أشهر كانت كافية لأبرام اتفاقية أوسلو المعروفة .
الثاني : في انتفاضة الأقصى المباركة : وهذه المرة النقد موجه للأسلاميين الذي اصبح نفوذهم فيها أقوى من نفوذ منظمة التحرير بعد تراجع دورها لأسباب عديدة لسنا بصددها, يقف في مقدمتها سلوكها السلبق في الانتفاضة الأولى , ومنذ البداية أقول أن القيادة الاسلامية كانت أكثر التصاقا بشعبها وأقل فسادا من قيادة عرفات, ولكنها لم تفهم المعادلة كما فهمها حزب اللله في لبنان بأبعادها الداخلية والخارجية . ظلت متمسكة بتحرير كامل التراب الفلسطيني, وبالتالي العمليات الفدائية مشروعة في كل المدن الاسرائيلية وخاصة العمليات الانتحارية التي استفاد منها شارون بعد أحاث أيلول المعروفة وكانت زريعة له للتنكيل بالشعب الفلسطيني أكثر من السابق .
.............................................

أسئلة عديدة يطرحها المتعاطفون مع نضالات هذا الشعب - عربا كانوا أم غير عرب - على الفصائل الفلسطينية الموجودة في الداخل , ترى ألم يحن الوقت لتفهم تلك الفصائل أن النضال في الظروف الحالية مختلف عن النضال أيام الحرب الباردة بين معسكرين؟ والذي كان يقرر فيه توازن القوى العسكرية على الأرض مسار المستقبل بالدرجة الأولى, وبالتالي كان الكفاح المسلح هو المطلوب من تلك الحركات التي تقود نضالات شعبها, أما الآن وفي ظل النظام العالمي الجديد فقد أصبح التوجه الى الرأي العام العالمي وتحديدا الامريكي والغربي أكثر جدوى من النضال العسكري .
لماذا تتبارى الفصائل الفلسطينية كي تنسب كل منها العمليات الفدائية لنفسها ؟
لماذا هذا التنافس على النفوذ داخل المخيمات وخارجها ؟
لماذا تصر الفصائل جميعها على ذكر اسم من قام بالعملية الفدائية واستشهد ؟ ألا يشكل هذا زريعة للجيش الاسرائيلي كي ينسف بيته ويشرد أطفاله ويلاحق إخوته ؟
لماذا يتمسك عرفات بالمنصب حتى الوفاة مثله مثل كل الزعماء العرب ؟
لماذا يراهن على الأجهزة الأمنية ولم يقدم تنازلا يذكر لبقية الفصائل ؟ لماذا يصر نايف حواتمة على أن يبقى الأمين العام للجبهة الديمقراطية بعد مدة قضاها في ذلك المنصب أكثر من ثلاثين عاما .
حان الوقت لكي تدخل الفصائل الفلسطسنية فيما بينها بحوار جدي تأخذ به المتغيرات الدولية نصيب كبير وخاصة مسألة الديمقراطية وحقوق الانسان , وتضع نصب أعينها الوصول الى قيادة موحدة للانتفاضة تتفق فيما بينها على الحد الأدني الذي يؤطر ويوجه نضال هذا الشعب العظيم ويخفف من آلمه ومعاناته أيضا بدلا من أن يزيدها .

كامل عباس
اللاذقية – 21/ 5/ 2004

#كامل_عباس (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل