التروتسكية والستالينية داخل سوريا في خندق واحد ضد الامبريالية

كامل عباس

الحوار المتمدن-العدد: 810 - 2004 / 4 / 20 - 07:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

اختلف تروتسكي مع لينين أوائل القرن المنصرم حول طبعة الثورة القادمة في روسيا و أصر تروتسكي على أن طبيعة الثورة القادمة اشتراكية , أداتها ديكتاتورية البروليتاريا المستندة الى الفلاحين في حين اعتبر لينين أن طبيعة الثورة القادمة ديمقراطية حاملها ديكتاتورية البروليتاريا والفلاحين الديمقراطية الثورية .

وفي عام 1917 رأىتروتسكي بموضوعات نيسان الشهيرة ( والتي قال فيها لينين أن روسيا أصبحت بحاجة الى ثورة اشتركية وخالف المناشفة ورفاقه أيضا ) انتقالا الى موقعه الفكري , ومن ثم عمل مع لينين من نفس الموقع التنظيمي الى أخرحياته.

انفجر الصراع داخل الحزب البلشفي حول الديمقراطية الثورية من جديد وامتد ليشمل فيما بعد كل التنظيمات الستالينية والتروتسكية . التروتسكيون ينكرون أي دور فاعل أو قيادي للديمقراطيين الثوريين والستالينيون يرون بأن الديمقراطيين الثوريين يمكن أن يقودوا في بلدان عديدة التحالف الىالاشتراكية عبر تطور لا رأسمالي مدعوم من المعسكر الاشتراكي

تنهل التروتسكية والستالينية من منهل واحد هو البلشفية وكل منهما يدعي أنه الامتداد البلشفي الصحيح , تماما مثل الشيعة والسنة في الاسلام حيث يدعي كل منهما أنه الدين الحنيف .

مايهمنا هنا تلك الأصولية الاسلامية الحديثة وتواجد المسلمين السنة والشيعة أحيانا في تنظيم أصولي واحد يطالب بالعودة الى الاسلام الأول, الى النبع الصافي .

أما بالنسبة للبلشفية فقد قالت الحياة كلمتها فيها . – حرق المراحل – سوق الجماهير الى الجنة بالعصا - تحويل المجتمع من أعلى الى أسفل ... الخ , ولكن يهمنا هنا أيضا احتمال انبعاث أصولية بلشفية جديدة تطالب بالعودة الى الأصل, ألى أيام الخلافة الأولى, الى التطبيق الاشتراكي في أيام لينين, الى ضرب الامبريالية في الحلقة الأضعف... الخ

أحاول رصد الظاهرة في بلادنا سوريا .

فعندنا مثلا ظهر على الساحة مؤخرا ما يعرف بفصيل ناشطوا منا هضة العولمة بقيادة المناضل منيف ملحم . ومنيف ملحم لمن لا يعرفه قضى في السجن ستة عشر عاما بتهمة الانتماء الى حزب العمل الشيوعي وقد عمل من داخله بالتنسيق مع الأممية الرابعة لتحويل تلك الظاهرة الى فرع للأممية المذكورة ولم يحالفه الحظ في ذلك

الخطوط العريضة لانطلاقة منيف الجديدة يمكن استنباطها من مقالته المنشورة في نشرة الحوار المتمدن الالكترونية عدد ( 804 ) بعنوان – من سياتل الى مومبي , الحركة المناهضة للعولمة , النشأة , التطور, التحديات, - وفيها يسخر من الاشتراكيين الديمقراطيين الجدد ويرى في انتهازيتهم استمرارا للاشتراكيين الديمقراطيين القدامى الذين قالوا بأن االأمبريالية هي الرأسمالية المتطورة وقد جاء في المقالة حرفيا (( إن الحديث عن أن هناك في العولمة جوانب ايجابية , لذلك من الخطأ الوقوف ضدها بالمطلق ، ما هو الا تضليل وذر الرماد في العيون )) .

أنا أسأل الأستاذ منيف هنا , ماذا يسمي التعريف بقضية مجموعة معتصمين أمام مجلس الشب لدى اعتقالهم خمسة ساعات في وسائل الاتصال الحديثة ما يوازي التعريف بقضية منيف وباقي رفاق الحركة الوطنية السورية على مدى خمسة عشر عاما. ( والفكرة والحق يقال ليست لي, بل اقتبستها من إحدى مقالات الكاتب ياسين الحاج صالح )

لنترك الأستاذ منيف يحشد أوسع تحالف من سياتل الى مومبي ضد العولمة ولكن ماذا عن مشاكل وهموم ومعاناة المواطنين السوريين على سبيل المثال لا الحصر , مجموعة المجردين مدنيا في سوريا ومعاناتهم مع رغيف الخبز والاستاذ منيف واحد من هؤلاء هو وثلاثة اخوة له, جميعهم كانوا موظفين حرمهم الحكم من العودة الى وظائفهم , لماذا لم يبذل أي جهد مع غيره من المهتمين بالموضوع للتعريف بقضيتهم على الأقل . ربما لأنه لا يريد أن يهدر من وقته الثمين دقيقة واحدة لغير القضية المركزية , النضال ضد العولمة .

الفصيل الثاني الجديد في سوريا والناشط جدا في النضال ضد الامبريالية وتحديدا الأمريكية والتي يرى أنها على بعد أمتار من الهاوية وتكفيها دفشة قوية حتى تسقط فيها. في مقدمة هذا الفصيل منظرهم الدكتور قدري جميل والذي يحاول أعدة انتاج خط نظري ستاليني يقوم على أن الانحراف عن السكة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي بدأ بعد وفاة ستالين, وتحديدا في عهد بريجنيف وقد جاء في مقالة منشورة له في نشرة الحوار المتمدن بعد يوم واحد من مقالة الستاذ منيف والمعنونة هكذا –إن لم يتحقق مبرر وجود حزب فمن الطبيعي وجود أزمة _ جاء فيها حرفيا ((نريد حزبا قويا يعمل باتجاه النضال ضد الامبريالية الأمريكية واسرائيل والصهيونية , نحو الاشتراكية و يجب أن يبنى حزبا ذا تنظيم لينيني لا ما رتوفي )) .

قوة الحزب تستمد من نضاله الخارجي ضد الأمبريالية وليس من متابعة مشاكل وهموم المواطن السوري , والدكتور منسجم مع نفسه عندما يرفض نشر مقال متواضع يعرف بقضية المجردين مدنيا فهو لايريد أن يحرق اللحاف ليقتل برغوث كما يقول المثل الشعبي, أي لا يريد أن يعكر صفو تحالفه مع السلطة البعثية, وبالتالي يضعف القضية المركزية , قضية نضالهم المشترك ضد الامبريالية .

السؤال الذي يطرح نفسه . ما الذي يمنع من ترجمة ذلك التحالف الموضوعي بين الفصيلين على أرض الواقع السوري ؟

كامل عباس

اللاذقية / 20/ 4/2004

#كامل_عباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات