أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد تركي - تراجيديا بلا ذنوب!














المزيد.....

تراجيديا بلا ذنوب!


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 3143 - 2010 / 10 / 3 - 13:36
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


التطهير ـ بحسب أرسطو ـ هدف المسرح التراجيدي، حيث تُعرض على جمهور مأساةٌ بطل فاضل نبيل كريم، بطل لا يستحق أن يشقى.. فتثير مأساته العظيمة في نفوسهم الإشفاق على ما آلت إليه حال البطل النبيل، كما تثير فيه خوفاً ورعباً من ملاقاة المصير نفسه. وحين يُسدل الستار يتحرّر الجمهور من ذنوبه وآثامه ويتطهّر منهما.. بطل المسرح التراجيدي يتردّى في الشقاء والتعاسة، ليس بسبب ارتكابه لرذيلة أو شرّ، ولكن بسبب خطأ غير مقصود، أو سوء تقدير وحكم، في حين يتطهّر جمهور غارق في شروره وآثامه بعد رؤيته سقوط البطل الفاضل النبيل!.
يتفرّج العالم، يوماً اثر يوم وساعة اثر ساعة على فواجعنا ودمائنا ودموعنا، وحيثما أدرتَ زر فضائية أو تصفحتَ مجلة أو صحيفة، تصفع وجهك مشاهدُ موتنا اليومي ودمائنا المراقة وصراخ أطفالنا وعويل نسائنا.. ينسى العالم بسهولة ويسر أي مشهد للموت والدمار والخراب لا يخصّنا.. الدم الفلسطيني تراجع خطوات إلى الوراء، ومحنة الفيضانات الباكستانية غابت عن الاهتمام، والمعارك الدموية في الشيشان ودارفور والصومال نسيتها النشرات الخبرية. كل المحن والكوارث لا تمتلك زخماً وديمومة كما تمتلكها أخبار موتنا الطازجة الطريّة أبداً كقهوة الصباح أو شاي المساء.. كوارث العالم بأجمعها ليس لها صفات البطل التراجيدي، كما توفّرت ـ لحسن حظنا ـ في وطن اسمه العراق، وشعب عُرف منذ بدء الخليقة، وكان علماً حين كان الآخرون محض نكرات.
العالم يتفرّج بلذّة واستمتاع وفخر، كما يرنو غني إلى ثري افتقر فيحمد الله على دوام غناه، أو كما يسمع شَبِعٌ أنين جائع فيربّت على بطنه مزهواً بكرشه الممتلئ.. تنظر نساؤهم إلى أطفالنا وهم يسبحون في دمائهم فتفيض دموعهن ـ شكراً وعرفاناً ـ لأن أطفالهن يلهون ويمرحون.. العالم يتفرّج ويتعظ ويأخذ العبر والدروس، السياسي المنتخب يُري ناخبيه ما كان يمكن أن يكون لو أنهم أساؤوا الاختيار كما أسأنا، والملتصق بعرشه أو كرسيه يعظهم بحالنا إن تجرؤوا يوماً عليه.. العالم كله يتفرّج، ويمدّنا بما يديم علينا نعمة دوام الحال إلى أبد الآبدين، فكلما ازدادتْ مأساتنا عمقاً وغوراً ازدادوا طهراً ونقاءً وسعادة وصحة!!
العالم كله يتفرّج، وحين يحوّل ناظريه عن شاشة التلفاز، يضم الزوجُ زوجه وأطفاله، ينام قرير العين، فقد اغتسل من ذنوبه بدموعنا، وعمرت مدنه وقراه بخرابنا، وأزهرتْ حقوله بحرائقنا، وتفجرّتْ أرضه عيوناً بجدبنا وعقمنا.. العالم يصحو على شمس مشرقة دافئة، ونسير إلى ظلام معتم كجنح غراب لا يضيئه إلا بياض شعورنا وأعيننا.



#سعد_تركي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خراب
- تمهلوا، فإني مستعجل!
- دورة الفساد.. في الطليعة!!
- نأمل، نحلم دوماً
- صحف ومجلات وزارية
- مترفون بلا حدود
- ثلاثة كراسي!!
- فصل عشائري!!
- سلاحنا المشلول!!
- صير سبع!!
- وإذا مرضت.. فمن يشفيني؟
- وإذا أوتيتم المنكرات..
- مسؤولونا لا يقرأون!!
- علّمتنا تجارب سابقة
- نعم، نحن متجاوزون!!
- في البدء كان الكلمة
- ما جينة يا ما جينة!!
- حرائق السراق
- وضرب لنا مثلاً..
- لا وطن لمن لا بيت له


المزيد.....




- مبعوث ترامب سيلتقي مسؤولين كبارا من مصر وقطر وتركيا بشأن الم ...
- -ثورة- المغرب الكروية أمام عقدة قارية عمرها 50 عاماً
- بوتين مستعد لوقف الهجمات في عمق أوكرانيا إذا أجرت انتخابات ر ...
- قتلى ومصابون في هجوم على محطتي مترو في تايوان
- مشروع قانون جزائري لتجريم الاستعمار.. ما أهمية الخطوة؟
- ترحيب عربي برفع -قانون قيصر- وسوريا تدعو إلى المشاركة بإعمار ...
- -شاهد- تطلق أول باقة بث موحدة بالشرق الأوسط تجمع -أو إس إن- ...
- تبرعات تتجاوز 1.65 مليون دولار أميركي لـ-بطل هجوم بوندي- في ...
- عون يرحب باعتزام فرنسا تنظيم مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني ...
- سلطات أفريقيا الوسطى تتهم رسميا أحد معارضيها بـ-التآمر-


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد تركي - تراجيديا بلا ذنوب!