أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - ذكَّرتنِي بي فانتبَهْت














المزيد.....

ذكَّرتنِي بي فانتبَهْت


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 3129 - 2010 / 9 / 19 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


*ذكَّرْتنِي بِي! عَرَضَاً نظرتُ في المرآة الكبيرة المُعَلقة على حائط الردهة فرَأيتكَ.
"هُوَ" "أنا" قلت لنفسي بطريقة آلية. لكنها بدت لي غير حاسمة. ولأول مرة أنتبهُ لما غفلت عنه بِحُكم الاُلفة:
ــ ما الذي حدث لهذا الذي أراه في المرآة؟ وما الذي تغيَّر فيه وفِي؟
أعرف أننا نقيم في جَسَدٍ واحدٍ: ننام معاً, ونستحم معاً, ونشرب القهوة المُرَّة معاً كذلك.
لكن هذا ليس كافياً للقول أننا الشخص نفسه! الشخص الذي كُنَّاه قبل سنوات مثلاً!؟
كلانا تغيَّرَ, هذا مؤكدٌ. لا أقصد في الملامح المظهرية فقط ــ فهذا متوقع ــ بل فيما هو أعمق:
هو مبتسمٌ وأنا حزين. هو واثق ٌهادىءٌ, وأنا متشكِّكٌ قلِق. هو إجتماعيٌ وعَمَلِيٌ, وأنا متوحِّد متأمِل. هو واقعيٌ متمَرِّس ٌ وأنا مثاليٌّ حالم.
لكن أكثر ما رأيته, هو التعبُ والعزوفُ البادي عليه, بينما ما زِلتُ فتِيَّاً مُولعاً بالبحث والإشتباك.
* * *
- ما الذي فرَّقنا بعد إذ كنَّا واحداً؟
* * *
ذكَّرتنِي بي فانتبهتُ, وعاينتُ ما بيننا من تجاذب ومساجلات, ومن تفاهم وتسويات..
ففيما عدا حالات الإنسجام القليلة التي نتوافق فيها, فالمعتادُ أن يحفز ويقود أحدنا الآخرَ تارة, ويثبطه ويكبحه تارة اُخرى. أما أسوأ الحالات, فهي تلك التي يخذله فيها فلا يستطيع التصرف منفرداً إلا في شؤون محدودة. وكم هو مُرَوِّعٌ أن يخذلك جسدك فلا يستجيب لما تدعوه له, ولا تستجيب لما يدعوك اليه.
ــ أتستطيع إزاء هذا شيئا؟
لا أدري! ربما تحاول الإقتناع بتقبل الوضع كما هو, وربما تتحايل على نفسك بطريقة ما. لكنك في الحالين لن تكون راضياً على الأرجح. فجسدك ليس شخصاً أو شيئاً خارجاً عنك يمكنك الإبتعاد عنه وتركه لشأنه. فعندما يقرِرُ عليك أن تصغي, وإلا أجْبَرك ــ حيثما استطاع ــ شِيْمَة المُستبدِّين!
* * *
وإذا كان الناس ــ من حيث هم أفراد ــ معنيين بالإستبداد, فربما ينبغي لهم مساءلة أجسادهم عنه! فقد تطلِعهم مراياهم الداخلية على بعض جوانبه المَنْسِيَّة, أو التي لا يعيرونها إلتفاتاً. وعندها سينتبهون الى المستبد المقيم الذي لا يجدي تجاهله ولا التمرد عليه, ألا وهو الزمن, الذي أوْهَمَ البشرُ أنفسَهم بأنهم أحْكموا السيطرة عليه أو قيَّدوا سلطاته المطلقة, باختراع الساعة!
وهو وَهمٌ أغراهم به التقدمُ التقني الذي حققته الثورات العلميةــ الصناعية, وبخاصة في قطاعات الإتصال والمواصلات والصحة, فدفع فئة منهم للإعلان بزهوٍ عن موت الزمان ونَعْيِه! ــ اُسْوَة بالمكان ــ الذي تم فعلا تحقيق انتصارات مهمة في مجالات معرفته وتغييره وتطويعه وإنهاء حدود العُزلة القسرية التي فرضها على البشر.
* * *
لم يَمُتْ الزمان بالطبع, ولم يَهْرَمْ أيضاً, فيما ظل البشر يهرمون ويموتون وتموت معهم أوهامهم وتصوراتهم الخَلاصِية الموروثة من عهود أسلافهم الغابرين الذين خسروا في معاركهم العديدة في مواجهة الزمان بحثاً عن إكسير الحياة وسِرِّ الخلود.
ورغم أن ذكريات مصير جدهم آدم وجدتهم حواء, وأصداء حكمة جلجامش, ما زالت حاضرة تتردد, إلا أن البشر لم يرتدعوا عن خوض الصراع, ولم يكفوا عن التوق المُعَذِّب للبقاء. وكلما شعروا بالإخفاق في المواجهة, كلما طوَّروا وسيلة تحفظ توازنهم وتعَزِّي رغباتهم. وإذا ما عجزت الوسائل, لجأوا الى الاسلوب المعروف: التحايل على الذات, بتجاهل الموضوع المُؤرِق وتغييبه من وعيِهم!
وربما هُم, لهذا السبب, يتحاشون النظر في مراياهم الجُوَّانِيَّة مُكتفِين بالنظر في المرايا المعلقة على الحوائط.
* * *
ــ الزمانُ؟
ذكَّرْتنِي فانتبهتُ..
ــ عَرَضَاً نظرتُ ــ
وكنتُ ساهياً عني وعنه
* * *
كم كنتُ ساهياً!
كم كنت ساهياً حتى انتبهت:
هو مُقِيمٌ
وأنا..
عَ ا بِ رٌ..
----------------------------



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمَّة ما لا يُقال
- عَصِيُ الدمع
- في الصمتِ مَسَّرةٌ...والقليلُ من الكلام يَفِي بحاجتك !
- تعرف الآن ما تريده
- كل شيء على ما يرام
- كل ما في الامر..
- صيف لاهب
- ماكريستال..افتضاح الاخفاق
- حق الاختلاف...البشر ليسوا اشياء !
- خبرٌ عابر..أسوأ من الخيانة !
- تشومسكي ..اضافة جديدة ؟
- سردشت عثمان..الجرأة على الاسياد
- مئة واربعون عاما على مولده.. لينين: التقديس, الانكار, وشجرة ...
- القمة والقاعدة..وجهة النداء
- سبب آخر للاعتذار
- خزانة الألم..السينما في خدمة السياسة
- مستعرب وعرب..حب وحوار!؟
- أمل دنقل..بلسان عربي مبين
- آفاتار:استعارات.. واحالات
- تشيخوف..حفاوة جديرة بالتقليد


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - ذكَّرتنِي بي فانتبَهْت