أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - أمل دنقل..بلسان عربي مبين














المزيد.....

أمل دنقل..بلسان عربي مبين


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2941 - 2010 / 3 / 11 - 19:34
المحور: الادب والفن
    



* من بين الكثيرين من شعراء الستينيات العرب الذين قرأت لهم، سواء من استمروا منهم في الكتابة، أو توقفوا، أو توفوا، تحتفظ ذاكرتي بالقليل من أسمائهم، وأقل منها ما أذكره من قصائدهم. والشاعر المصري أمل دنقل واحد من هؤلاء القليلين الذين ظلوا في البال رغم مفارقته للحياة في العام 1983م عن ثلاثة وأربعين عاماً من العمر أمضى السنوات الأخيرة منها مكابداً لداء السرطان الذي أودى به.
وكان لرحيله المبكر وقعٌ مؤثر حزين آنذاك في الأوساط الأدبية العربية، وبخاصة لدى الشباب العربي الساخط على معاهدة الصلح المصرية- الإسرائيلية التي وقعت في "كامب ديفيد" في العام 1979م، وعلى التقاعس العربي إزاء اجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان في صيف العام 1982م.
فإذا كانت الأوساط الأدبية –والشعرية منها بخاصة- قد عرفت أمل دنقل كشاعر الرفض والاحتجاج، وصوت المُهمَّشين المتمرد الصارخ منذ قصيدته "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" التي كتبها ونشرها غداة هزيمة حزيران- يونيو 1967م، فإن الشبَّان العرب المنشغلين بالشأن العام في سبعينيات القرن الماضي، قد عرفوه كرافض للصلح مع العدو، ولتمزيق الأخوة العربية على مذبح السلام المزعوم مع إسرائيل. وكانت قصيدته "لا تصالح"، التي استعار فيها وصية كليب لأخيه الزير سالم، كما روتها السيرة الشعبية، تتداول على نطاق واسع، إلى جانب أغاني الشيخ "إمام عيسى" لقصائد "أحمد فؤاد نجم" التحريضية، في إعلام ولقاءات قوى وتيارات المعارضة العربية، كصيحة إصرار على المقاومة حتى تسترد الأمة حقوقها وكرامتها:
لا تصالح
لا تصالح على الدم حتى بدم
لا تصالح
ولو قيل رأس برأس
أكلُّ الرؤوس سواء؟
أقلبُ الغريب كقلب أخيك؟
أعيناه عينا أخيك؟
وهل تتساوى يدٌ
سيفها كان لَكْ
بيدٍ سيفها أثكلكْ؟
* * *
هذا الجيل من الشباب المصري والعربي، الممتلئ بطاقة الغضب وأحلام التغيير، هو الذي حال دون تمكين أجهزة وأبواق السلطة من فرض التعتيم على الشاعر العصي على الانسياق، الذي قدم إلى القاهرة من محافظة "قِنا" في جنوب مصر. وتكفلت منابر ودور النشر العربية خارج مصر –وبخاصة في بيروت- بطباعة أعماله وإيصال صوته النابض بالحرقة إلى حيث يجد من يستمع له ويحتفي به، حتى صار أكثر شعراء مصر -في وقته- انتشاراً وشعبية، إذا ما استثنينا شعراءها بالمحكية، كأحمد فؤاد نجم وعبدالرحمن الأبنودي وفؤاد حداد صاحب "الأرض بتتكلم عربي قول الله"، ومن قبلهم "صلاح جاهين" الذي قوّضت فاجعة هزيمة حزيران روحه، فتحول من رائعته الخالدة:
"راجعين بقوة السلاح
راجعين نحرر الحِمى
راجعين كما رجع الصباح
من بعد ليله مظلمه"
إلى تسليته اللاهية التي غنَّتها سعاد حسني:
"خللي بالك من زوزو"!
* * *
عاش الشاعر الأسمر النحيل الذي أطلق عليه والده خرِّيج الأزهر، الشيخ "فهيم دنقل"، اسم "محمد أمل" من باب التفاؤل والاستبشار عند ولادته في العام 1940م، عمراً قصيراً. لكنه كان كافياً ليقول فيه كلمته التي أودعها في دواوينه التي ابتدأ بنشرها منذ العام 1969م: "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، "تعليق على ما حدث"، "مقتل القمر"، "العهد الآتي"، "أقوال جديدة عن حرب البسوس"، و"أوراق الغرفة 8".
قالها، كصعيدي عنيدٍ آتٍ من أعماق الجنوب إلى القاهرة التي تجاهلته مؤسساتها، فتجاهلها. وكرَّس صوته لاخوته المقهورين "الذين يعبرون في الميدان مطرقين"، كما كتب ذات مرة، مُستعيراً روح ونداء "سبارتاكوس" قائد ثورة العبيد الشهير في الامبراطورية الرومانية:
" مُعلّقٌ أنا على مشانق الصباح
وجبهتي –بالموت- مَحْنِيَّة
لأنني لم أُحنِها حَيَّة "

وقال كلمته، كمصري عروبي، ليس في مواقفه القومية كتلك التي تحدثنا عنها وحسب، بل وفي تكوينه المعرفي الاول الذي ورثه عن والده وتراث مكتبته الأدبي العربي، وفي ما عبّر عنه في قصائده التي استوحت الشخصيات والقصص التاريخية والأسطورية العربية (عنترة، زرقاء اليمامة، الزير سالم، الزباء، المتنبي ...) لتحميلها مضامينه ورؤاه المعاصرة. فأكد بذلك على الهوية العربية لقصيدة التفعيلة التي كانت مثقلة برموز وشخصيات الأساطير اليونانية تأثراً بالشاعر الإنجليزي الاميركي "ت. س. إليوت" صاحب "الأرض اليباب" (The waste land).
هذا التأكيد على الهوية العربية -بروحها وملامحها الحضارية الخاصة- كان انعكاساً لوعي وإرادة تيارٍ صاعدٍ في الستينيات من القرن الماضي، شغله سؤال "الأصالة والمعاصرة"، فسعى إلى ترجمة ذاته في أشكال وأجناس التعبير الادبي والفني المتعددة، في مواكبة للنهوض التحرري العربي المتأجج في تلك السنوات العاصفة. وكان نِتاج "أمل" الشعري، واحداً من المساهمات المميزة لتطلعات هذا التيار الفكرية والجمالية.
* * *
لكن الشاعر الذي امتلك العزيمة على تحدي تقلبات السياسة في عهد "السادات"، فثابر على التعبير عن رؤيته المبدئية، لم يقو على مواجهة داء السرطان الفتَّاك...
ففي الغرفة رقم (8) في مستشفى "المعهد القومي للأورام" في القاهرة، توقف قلب أمل عن الخفقان ومضى في الحادي والعشرين من شهر أيار- مايو 1983م.
لكن كلماته وأشعاره لم تمضِ معه، فقد قالها بلسانٍ عربي مُبِين..



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاتار:استعارات.. واحالات
- تشيخوف..حفاوة جديرة بالتقليد
- ضد الكتاتورية
- غولدستون: تعليق الجرس
- في حوار لم يحدث مع اوباما: بلا حسد! استحق جائزة نوبل!
- محمد علي باشا :الإقليم .. والقيادة
- الثورة الفرنسية : ما لم يطوه التاريخ
- اوباما...الواعظ .. ومقاعد المستمعين !
- انتخابات لبنان : تقدير ..وتذكير
- - انتم لم تنتصروا في الحرب - !؟
- العقاد : صورتان
- أبو القاسم الشابي...عصف حياة خاطفة !
- أدونيس...الاثارة حد التهافت !
- قاب قوسين؟ لتكن مشيئتك !
- بردها شيني !
- مضرج بالخجل..مبرح بالاسئلة
- ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !
- معركة الكرامة:ماينبغي استعادته
- سألتني عن الشجن...
- القدس: حيِّز -الضمير- ..وحيِّز -الفعل-


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - أمل دنقل..بلسان عربي مبين