أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - العقاد : صورتان














المزيد.....

العقاد : صورتان


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 03:59
المحور: الادب والفن
    




* من بين أوائل من شرعت بقراءتهم أيام المدرسة، كان "عباس محمود العقاد". ومذَّاك ارتسمت له في مخيلتي صورتان: صورة الكاتب العربي المسلم المنفتح على الحياة والثقافة الحديثة، وصورة المثقف العصامي المستقل الصارم متعدد القراءات والاهتمامات. وهما الصورتان اللتان لا زالتا مقيمتين في ذاكرتي حتى الآن.
حينها، قرأت له عدداً من تراجمه المعروفة بـ"العبقريات" وكتبه النقدية: "شعراء مصر وبيئاتهم..." و"ابن الرومي" و"عمر بن أبي ربيعه"، ومطالعاته: "بين الكتب والناس". أما شعره، فلم تسغه ذائقتي الآخذة بالتكون آنذاك، والمحتفية بالشعر الرومانسي وشعرائه: إبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، وايليا أبي ماضي، وعمر أبي ريشه، وأبي القاسم الشابي، وأبي سلمى، والكرمي، وعرار، وبشارة الخوري، وبالشعر الجديد وشعرائه: السياب والبياتي وحاوي والماغوط ودوريش ودنقل والمناصرة وعبدالمعطي حجازي ووليد سيف وسعدي يوسف...
وقد تكوَّن لدي انطباع بأن وعي العقاد وتنظيره النقدي أكبر من شعره الذي بدا لي مفتقداً لحرارة ونبض الشعر وأقرب إلى النظم والبناء الذهني. وهو ما يمكن قوله أيضاً عن قصته "سارة" التي أقصتها قراءاتي لروايات وقصص لـ: نجيب محفوظ ويوسف ادريس وزكريا تامر وهمنغواي وغوغول ودستويفسكي وديكنز وموباسان...
* * *
لكن هذا، وأضيفت إليه لاحقاً مراجعتي لمنهجه النقدي، لم يؤثر في نظرتي للعقاد التي تعززت بلقائي بأساتذة ومثقفين عرفوه عن قرب، فأطللت من خلالهم على جوانب من شخصيته ومواقفه تستحق التقدير.. خصوصاً احترامه العميق لنفسه ووعيه الكبير بدوره كمثقف مستقل عن كل سلطة سوى مبادئه وأفكاره. مما نأى به عن التزلف بمعنييه: الشخصي، طلباً للمناصب والحظوة. والثقافي، مسايرةً للمزاج الشائع. وهو ما قاده إلى السجن في العهد الملكي كما نعرف، وإلى المواجهة مع عدد من رموز الثقافة والسياسة، شأنه في ذلك شأن الكبار الذين يؤسسون مثالهم الخاص ويتبعونه بإخلاص.
لكن هذا المثال بالذات، المستند إلى تكوين سياسي وفكري ومعرفي تأسس –غالباً- في الثلث الأول من القرن العشرين أو أكثر قليلاً، هو ما أبعد داعية التجدد القديم عن قبول الجديد (السياسي والأدبي) الذي شهدته مصر منذ مطلع النصف الثاني من القرن العشرين. ففي السياسة ظل العقاد متمسكاً بحدود الرؤى الوطنية الليبرالية التي عبر عنها الوفد بقيادة "سعد زغلول" الذي كان العقاد من أشد مؤيديه. وفي الأدب ظل أميناً لتقاليد "مدرسة الديوان" التي كان أسسها مع صديقيه: إبراهيم المازني وعبدالرحمن شكري.
لكن مصر –والعالم عامة- كان قد توالى عليها نهار وليل كثير، فتغيرت عما كانته أيام ثورة (1919م) التي شارك فيها العقاد وهو في الثلاثين من عمره (ولد في العام 1889م)، وتغيَّرت كذلك حساسيتها وأشكال تعبيرها الأدبية والفنية، فيما ظل العقاد وفياً لنموذجه الشعري يزجر عنه الآتين الجُدد شعراء "التفعيلة" الذين لم يعترف بمشروعهم، فكتب رائدهم في مصر "صلاح عبدالصبور" مُقسِماً: "موزون والله العظيم موزون!"
* * *
رحل العقاد في العام 1964م، ورغم أن سنوات طويلة مضت على قراءتي له، إلا أنها لم تمحُ من ذاكرتي صورتين قديمتين انعكست فيهما "حياة قلم" عربي قدِّر له أن يكون واحداً ممن وسموا بعلاماتهم دروب النهضة والحياة الجديدة التي صَبَت إليها مصر والعرب، واشتبكوا في تياراتها المتلاطمة بعد الحرب العالمية الأولى.
والذين يعرفون العقاد كمدافع عن الإسلام ومنجزات الأسلاف، يعرفون أيضاً انفتاحه على الثقافات الإنسانية، خصوصاً الإنجليزية، التي تعلم لغتها من جملة ما علَّم نفسه وهو الاسواني الصعيدي الذي توقف تعليمه النظامي عند الشهادة الابتدائية. فلم يخلط بين مقاومته للاستعمار الإنجليزي، وبين سعيه لمعرفة علوم ومعارف وخبرات الإنجليز وغيرهم من الأمم. وهو درس ينبغي تذكره عندما يجري الحديث عن العلاقة بالآخرين الذي ابتذل واختزل في عنوان بائس: "نحن والآخر"!
وأياً كانت آراؤنا في مطالعات العقاد، أو منهجه المستخدم، أو استنتاجاته وأحكامه، فإن ما يدعو للتنويه هو تعامله ووقوفه من جميع من وما تناوله من شخصيات وموضوعات تتصل بـ(الماضين أو المعاصرين له أو الآخرين)، تعاملَ وموقف الذات الدارسة والمحللة والناقدة، وليس تعامل وموقف المبهور المأخوذ الذي يكتفي بالترداد.
وما أحرانا بالتأكيد على هذه المسألة في مواجهة وضعية الاستلاب العقلي والثقافي التي تحصر دورنا في حدود ووظيفة الصدى: صدى الماضين.. أو صدى الآخرين!
لكن دورنا –ووجودنا- لا يستقيمان إن لم نكن صوتاً متميزاً، وإن لم نكن ذاتاً واعية ناقدة تدرس وتستوعب، فتأخذ أو تنبذ.. تعارض أو تستلهم..
لكن عليها في كل الأحوال أن تضيف مساهمتها الخاصة الجديدة...
فبهذا فقط يكون لضمير "نحن" ومصطلح "الأصالة" وصفة "الاستقلال" معانيها الحقيقية.
فلا مكانة لمن هم عالة على غيرهم سوى ما هم عليه وفيه: التبعية بإذلال!

[email protected]



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو القاسم الشابي...عصف حياة خاطفة !
- أدونيس...الاثارة حد التهافت !
- قاب قوسين؟ لتكن مشيئتك !
- بردها شيني !
- مضرج بالخجل..مبرح بالاسئلة
- ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !
- معركة الكرامة:ماينبغي استعادته
- سألتني عن الشجن...
- القدس: حيِّز -الضمير- ..وحيِّز -الفعل-
- عرب الانتظار ؟
- حشد الاحقاد
- . أو لا سلام يكُون !
- فنزويلا: ضمير ومبدأ وإيمان
- لفلسطين..ولأنفسنا
- الجيش والدولة والسلطة والسياسة في الوطن العربي :-مساهمة في ا ...
- لا عليك !
- طفل الطيران !
- تداعيات عربية...الازمة ..والفرصة؟
- الرحلة
- شدعي ع القطار !


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - العقاد : صورتان