أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 15 ) - كيف تكون مزدوجا ً فاقدا ً المصداقية .













المزيد.....

الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 15 ) - كيف تكون مزدوجا ً فاقدا ً المصداقية .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 09:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخلاقنا وسلوكياتنا تتسم بدرجة عالية من الإزدواجية والقدرة على الكيل بمائة مكيال !! .. فنحن نفتقد فى سلوكياتنا للمصداقية والشفافية والقدرة على التعامل مع الأمور بحيادية ونزاهة ومنهج فكرى وسلوكى واحد فتتعدد رؤيتنا وفقا ً للأهواء والأوهام .

لا يوجد سلوك خارج عن الفكر والإبداع البشرى فالأخلاق لا تسقط من السماء بل نحن من نُشكلها ونُصيغها وفقا ً لمصالحنا وأهوائنا ..ولا يكون الدين خارج هذه الرؤية فهو إنتاج بشرى ملكا ً لظرفه الموضوعى والذى صاغ منظومته وفقا ً لمصالح وغايات معينة , عبرت عن رؤيتها وصراعاتها ودرجة تطورها المعرفى والحضارى .
تكون إشكالية الدين أنه يُسقط رؤية وفكر ومشاعر إنسان قديم على الحاضر ..فيُصدر لنا فكره وشرائعه ومنهجه فى الحياة , بل سلوكياته على واقع معاش فيأسر التابعين على نفس المنهج والمنحى الذى عاشه إنسان قديم لينتج فى النهاية مشاهد وصور تتكرر وليتجمد العصر ويندفع إلى شرنقة الماضى فلا يبارح ما فيها من بداوة وتخلف .

تعالوا نرى بعض المشاهد والصور من سلوكياتنا المتناقضة والمزدوجة والتى تكيل الأمور بمائة مكيال.

لك أن تندهش من تناقضنا على مستوى الفكر والإحساس والشعور فى موقفنا من الكوارث الطبيعية مثلا ً عندما تُصيب البشر ..فإذا سمعنا عن زلزال أو إعصار هنا أو هناك فنهتم فى البداية بالبحث فى أوراق هوية المنكوبين ..فإذا كانوا على نفس هويتنا الإيمانية سارعنا إلى التباكى على أحوالهم ومددنا لهم يد العون والمساعدة ..وإذا لم ينالوا هذا الحظ أغفلنا عنهم وأصابتنا بلادة غريبة فلا تتحرك أى مشاعر حتى بالحسرة عليهم أوالتعاطف على ما أصابهم من نكبة ..فمشاعرنا إنتقائية .!!
الغريب أيضا أننا نمتلك درجة غريبة من التناقض الفكرى فى تفسير الكوارث الطبيعية فهى تكون إختبار من الله للمؤمنين لقياس مدى صبرهم وإيمانهم ..بينما هى غضب إلهى على الغير مؤمنين إنتقاما ً لكفرهم وفجورهم .. أى أننا صدرنا مشاعرنا المتناقضة على تبريراتنا بالرغم أن الكارثة الطبيعية واحدة. !

لك أن تندهش أيضا ًمن غبطتنا وسعادتنا لقدرة الدعوة الإسلامية على التواجد فى كل دول العالم خاصة فى الدول العلمانية وقدرتها على جذب الأتباع للإسلام بينما ننتفض غضباً وثورة من وجود بعثات تبشيرية أو أصحاب أى فكر لادينى على أراضينا ولا نتورع من طردهم بل وإضطهادهم .!!
بل نجد مفارقة غريبة أيضا ً فى سعادتنا البالغة ببناء مساجد بكل العواصم الغربية بدون أن تُمارس علينا أى مضايقات أو تعقيدات ..بينما نَمنع بناء كنائس للمسيحيين أو مساجد للشيعة فى بلادنا لأبناء جلدتنا ونمارس عمليات تضييق عليهم ليصبح ترميم دورة مياه فى كنيسة تحتاج لتدخل رئيس الجمهورية بقرار جمهورى ..!! ويكون صلاة للشيعة فى مسجد أو تجمع مجموعة صغيرة من البهائيين قضية أمن دولة .!!

مشهد أخر يعبر عن إزدواجيتنا الغريبة وهى أننا نرفع شعارت حرية العقيدة عندما تكون فى صالحنا أى عندما ينضم الآخر للإسلام فنشيد بحق الإنسان فى أن يؤمن ويعتقد بدون قهر ..بينما لو ترك مُسلم الإسلام لأى دين أو معتقد آخر ننتفض غضبا ً ولا نتورع فى إيذاءه وإضطهاده وتصل الأمور فى نهايتها لفصل رأسه عن جسده بعد أن نمنحه مدة ثلاث أيام ليرجع رغما ًعن أنفه ..ولتذهب حرية الإعتقاد للجحيم .!!

نمارس إزدواجية أخرى عندما نطالب بحق الأقليات المسلمة فى العالم بحق الحكم الذاتى وإنفصالهم عن الدولة الأم وإقامتهم لدولتهم كما فى كشمير والفلبين والصين ..بينما نثور غضبا ً من بعض الأصوات الخجولة لمنظمات حقوقية تشير للتعسف مع الأقليات فى عالمنا العربى ونعتبره تدخل فى شئوننا الداخلية . !!
الطريف أن هناك بعض الأصوات الخجولة من الأقليات فى عالمنا العربى تطالب بالإنفصال ولا تسأل لماذا .. فكلنا فى الهمُ شرقُ ودين .!!

نغضب من قس غبى ومتعصب وهمجى يطالب بحرق القرآن بينما لا نفطن بأن أكثر من مليار مسلم يرددون فى صلواتهم دوما ً وبلا ملل سب ولعن اليهود والنصارى على شاكلة أحفاد القردة والخنازير مع أمنيات شديدة السواد بترميل نساءهم وتيتيم أولادهم وتشتيت شملهم .!!

صورة أخرى من إزدواجيتنا العجيبة فى تباكينا وغضبنا بمقتل طفل فلسطينى على يد الإحتلال الصهيونى ومن منا لا ينتفض أمام هذه الهمجية العبرانية ولكننا فى الوقت نفسه لا يُعنينا ولا يُؤلمنا مقتل طفل إسرائيلى فى عملية جهادية قبلها بل تجد هناك من يبتهج بذلك بالرغم أن الطفولة واحدة والأمهات واحدة .!!

نرى أعمال إرهابية تجتاح العالم الإسلامى ونعتبر قتل الرهائن المدنيين الغربيين عملا بطولياً وجهاديا ً ..كما نُشيد بحرق أكثر من 4 آلاف إنسان فى برجى التجارة كونه عملا ً جهاديا ً وغزوة رائعة تُوجع قلب الصليبين بينما نغضب من قتل العراقيين والأفغان على يد الأمريكان ونعتبره عملا ً همجيا ً بربريا ً - وهو كذلك أيضا ً - ولكن لماذا ضاعت المعايير فالإرهاب واحدا ً فليس هناك قتل وبشاعة جميلة وأخرى بائسة .؟!!

لماذا نرى لاجئين عرب ذو توجهات أصولية إسلامية فى العالم الغربى هاربون من جحيم أنظمتهم العربية القمعية بل تجد البعض منهم ُمدان فى قضايا قتل وإرهاب ليستظل بحماية أنظمة أوربية ترفض عقوبة الأعدام .. ولكن الغريب فى الأمر أنه بعد أن تمتد لهم مظلة الحماية والأمان بل المعاش المادى أيضا ً لا يتورعوا فى سب ولعن الغرب الكافر , بل والتآمر عليه والمشاركة فى خلايا إرهابية تنال من أمن مواطنيه .!!

توجد مشاهد كثيرة فى حياتنا تتسم بهذه الإزدواجية العجيبة والقدرة على الكيل بمائة مكيال .. بل يمكن القول أننا نتحلى بعنصرية و إزدواجية ليست على مستوى الموقف الفكرى فى تحليل الحدث بل فى على مستوى السلوك و الإحساس والشعور أيضا ً .
كما أشرت فى بداية المقال أن أى سلوك هو نتاج عوامل موضوعية أنتجته ليتم تدوينه ويُعتبر منهج وأسلوب حياة نمارسه تحت تأقير تشبثنا بالموروث الثقافى والإجتماعى الذى ورثناه .

المشاعر والأحاسيس المزدوجة والمتناقضة هى نتاج موروث ثقافى تَجذر فى وعينا برفض الآخر وعدم قبوله ..والتراث الدينى حافل بهذه النزعة الإستقصائية والعدائية والإستعلائية ضد الآخر .
مبعث هذا الإستقصاء والعزل هى النظرة الحادة نحو الحقيقة ..فنحن فقط من نمتلك الحقيقة المطلقة والباقون على غى وضلال ..هذه النظرة فى حدتها وتقوقعها على ذاتها لا تقتصر فى تطبيقها على كل صاحب معتقد ودين أو فكر مخالف لنا بل تمتد لتشمل كل طائفة أو مذهب داخل الدين ذاته يفسر الآيات والأحداث بطريقته الخاصة لذلك نجد ظواهر تعصب وكراهية مقيته تصل فى ذروتها لحد الإقتتال بين الشيعة والسنه ولتتبادل حرق المساجد والحسينيات .
تتولد مشاعر عداء للمختلف لتصل فى أضعف حالاتها إلى مانراه من برود وتبلد تجاه كوارث تحل بالآخر ..ولنقبل ونبلع أمور لنا ونرفضها فى الوقت ذاته مع الآخر لنمارس إزدواجية غريبة وتناقض بشع يصب فى تشويه إنسانيتنا .

الفكر الأحادى والواهم والمُغتر بإمتلاكه للحقيقة سينتج بالضرورة تعاملات وسلوكيات مزدوجة ..فنحن نريد الحرية لنا فقط نازعين إياها من الآخر !!..نريد إقامة مساجدنا وصلواتنا فى كل ربوع الأرض ونريد نشر ديننا لكل المسكونة بينما ننزع هذا الحق عن الآخر فليس من حقه أن يبشر بدينه أو يقيم معابده أو ينشر أفكاره على أراضينا أو يستقطب أحد من حظيرتنا .
نفرح ونهلل للآخر عندما يعتنق الإسلام و نرفض بكل قسوة أن يختار أى مسلم دينا ً أو فكرا ً آخر .!!
بالفعل هى إزدواجية غريبة وقدرة على الكيل بمائة مكيال يأتى هذا فى تفسيرنا لهذه الحالة التى تنتابنا , وإن كان لن يمنع أن نقول بأن العقائد والأفكار الهشة تتمترس وراء المنع والحجب .

الدين جاء فى مرحلة تاريخية كمشروع هوية إجتماعية لجماعة بشرية تتوحد من خلال إله محدد وبعض الطقوس لتُكون نسيج وحدتها ضد الآخر وكمشروع مواجهة وتعبئة ضده ولا يخفى فى الوقت ذاته مصالح ومشاريع موجودة وتطلب ان تتحقق ضد مصالح وتواجد الآخر ..لذلك هى تبنى وجودها على هذا العداء للآخر وعدم قبوله .

تفرض الحياة وخصوصا المعاصرة درجة تعامل مع الآخر لا تطلب هذه الحدة الشديدة ولكن مازالت تحمل فى مسامها وداخل جيناتها هذه الكراهية الدفينة والإحتقار والتهمييش للآخر فتعطى فى النهاية سلوكيات تتسم بالقسوة وعدم الإنصاف والإزدواجية .

هذه الإزدواجية الغريبة والقدرة على الكيل بمائة مكيال تفقدنا بالضرورة المصداقية ..وعندما نفقد المصداقية فلن تكون على مستوى التعامل مع حدث معين فحسب بل ستمد ظلالها الكئيبة لتصبح منهج فكرى يشمل كل مناحى الحياة فتصبح رؤيتنا دائما ً مزدوجة ومتحيزة وغير مُنصفة وتتسم دائما بالإجحاف والتعنت والتحيز العاطفى لجانب ضد الأخر بدون مُبرر سوى أننا فقدنا المصداقية .
عندما نفقد المصداقية نفقد بالتالى التوازن والحكم المتوازن والقدرة على التعاطى مع الأمور بشفافية وحيادية ونزاهة ..فلا تسأل بعدها لماذا لا نفكر ولا نبدع ..لأننا ببساطة ننتج التخلف من خلال تشربنا لميراث وتراث تجمدنا عنده فلا نجنى منه سوى العداء والكراهية للإنسان والحياة .
دمتم بخير .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 8 ) - لن نرى حضارة طا ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 9 ) - فوبيا الآخر والشيطان ..إ ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 7 ) .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 14 ) - كيف تكون متبلدا ً و مست ...
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 4 ) - وهم الخطيئة والذنب ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 3 ) - هل يوجد شر ؟!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 13 ) - إنهم يشوهون الطفولة ويم ...
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 8 ) - إستحضار العنف الكامن وتف ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 7 ) - ما بين وطأة الموت وما بي ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 12 ) - الأم ماتت والجنين مات و ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 6 ) - إشكاليات الفكر الدينى وك ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 6 )
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 2 ) - زهور الله المقطوفة ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 5 ) - الرضاعة الحسية والشعورية ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 11 ) - نحن نزرع الشوك والمُر و ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 9 ) - الله يكون حافظا ً وعليما ً وعادلا ً ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 1 ) - الصلاة كثقافة للبرم ...
- لماذا يؤمنون .. وكيف يعتقدون ( 4 ) - كيف تربح المليون دولار ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 15 ) - كيف تكون مزدوجا ً فاقدا ً المصداقية .