أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زاهر زمان - الله .. ونحن .. والآخر !( 1 )















المزيد.....


الله .. ونحن .. والآخر !( 1 )


زاهر زمان

الحوار المتمدن-العدد: 3126 - 2010 / 9 / 16 - 08:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


جاء شهر رمضان وجاءت متاعبى معه ، فأنا ومنذ سنوات قاطعت تلك العادة السنوية الثقيلة على نفس أى انسان حر ، يأبى الانخراط فى روتين أعمى لا ينتهى ، خاصةً وأننى من النوع الذى يرفض القيود حتى ولو كانت من ذهب . يجمع المتدينون على اختلاف دياناتهم أن الصوم يهذب النفوس وأنا أتفق معهم فى هذا الرأى ، غير أن الذى لا أتفق معهم فيه هو مسألة تحديد أوقات معينة يلتزم بها جميع أتباع الديانة بالصوم جميعاً ؛ فيبدأون فى نفس التوقيت وينتهون معاً فى نفس التوقيت ، كما فى شهر رمضان عند المسلمين ، وكذلك توحيد مواعيد الصيام عند المسيحيين واليهود وغيرهم من الملل الأخرى . كما وأننى أرفض أن يكون الصوم اجبارياً ، وذلك بتهديد من يشذ عن الجماعة بالويل والثبور وعظائم الأمور فى الحياة الأخرى – هذا ان كانت هناك حقاً حياة أخرى – وكذلك الفضح والتجريس بين الناس فى الحياة الدنيا . ( ولو أننى ضد مسألة تقسيم الحياة الى قسمين ؛ أولى وآخرة ) ماعلينا ...
زوجتى امرأة ملتزمة دينياً ..فهى لا تفوت فرضاً الا وتأتيه ، وكنت أنا يوم تزوجتها أشد منها ومن أهلها التزاماً وحرصاً على آداء الفرائض والالتزام بكل ماورد فى الكتاب والسنة من تعاليم ، حتى أننى كنت لا أفوت صلاة الصبح حاضراً مع الجماعة التى لم يزد عدد أفراها يوماً عن الرهط من اثنى عشر فرداً! ومع ذلك فقد كنت طوال حياتى شخصاً ممزقاً حائراً لا يقر له قرار .. كنت ممزقاً بين بشريتى التى تلتصق بطين الواقع كسائر البشر وذلك التعالى عن كل الأشياء التى تطمح اليها النفس وتشتاقها وأهمها أن يُحِب الانسان وأن يُحَب والذى كانت تعاليم الدين تضعه فى خانة المحرمات . كانت احتياجاتى الأساسية كالحاجة الى محبوبة أحبها وتحبنى قبل الزواج تصطدم بالتعاليم الدينية ..فالنظرة سهم من سهام ابليس ، فمابالك إذا مااتبعت قول الشاعر : نظرة ..فسلام..فكلام..فموعد ..فلقاء ؟ ورغم كل ذلك فقد كنت أتوق الى الجنس الآخر ، ولا أطيق الصبر على العيش بلا حبيبة .. أحبها وتحبنى ..أواعدها وتواعدنى ..أهيم فى ملكوت عينيها..وتهيم هى فى ملكوت شرودى وأنا أسبح فى ملكوتها الطاغى على كل ماحولى ، فلا أكاد أشعر بأحدٍ فى الكون سواها ، ولا تكاد هى تشعر بوجود أحدٍ فى الكون سواى . كثيراً مااصطدم ذلك الدافع الغريزى للحب ، الناجم عن الانجذاب الفطرى للجنس الآخر بالتعاليم الدينية التى تحرم مجرد النظرة الى الجنس الآخر ، حتى أننى كثيراً ماكنت أداهن الاله بقول أحدهم :
إلهى..خلقت الجمال لنا فتنةً *** وقلت لنا : ياعبادى اتقون
وأنت جميل ٌ تحبُ الجمال **** فكيف عبادك لا يعشقون ؟
وكثيراً مابررت وقوعى فى الحب بالغرض من الحب نفسه . كنت أقول لنفسى : مادمت تحبها بغرض الزواج ، فحبك حلال وسوف يرضى عنه الاله . وأتمادى فى تأكيد براءتى من الذنب ومخالفة تعاليم الشرع قائلاً لنفسى : لا يمكن أن يكون ذلك الحب العذرى حراماً ! إذ كيف للانسان أن ينجح فى زواجه ، مالم يكن مبنياً على الحب ؟ لابد أن هناك خطأ ٌ ما فى ذلك الأمر . هل يمكن أن يشرع الله تعاليماً تتعارض مع نواميس الوجود وقوانينه ؟ نواميس الوجود وقوانينه تقضى بانجذاب الذكر للأنثى وانجذاب الأنثى للذكر حتى يذوب كلاهما فى الآخر فينجبان خلقاً جديداً يستمر به تواجد الجنس البشرى على هذا الكوكب . وليس معنى قولى هذا أن الموضوع سداح مداح وكله يرشق فى بعضه بشكل همجى وحيوانى ، وانما المعيار هو رضاء الطرفين وتلاقيهما معاً على أسس من الانسانية واحترام كل جنس للجنس الآخر واعترافه بحقوقه الانسانية واحترام مشاعره وكيانه كانسان حر وله كرامة . وذلك المبدأ بالطبع يتناقض مع السيادة الذكورية فى مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة فى منطقتنا العربية بشكل خاص وعالمنا الاسلامى بوجه عام . فعاداتنا وتقاليدنا فيما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة تتمحور حول معتقد أن المرأة قليلة حيلة تحتاج دائماً الى من يكون وصياً عليها وعلى تصرفاتها ( فهى فى نظرهم مجرد ملكية خاصة للتمتع الجنسى بها بواسطة الذكر الذى يرتضيه لها مالك أمرها حتى وان اعترضت هى ، ولا يكون ذلك الا وفق شروط القبيلة وعاداتها وطقوسها ، ولذلك فهى عار وسوأة يجب اخفائها عن عيون الغرباء والأقرباء على حدً سواء ، حتى أنهم ألبسوا الدعوات لاخفاء كل معالمها عن عيون الآخرين ثوباً دينياً ، ونسبوا الى الاله الذى يؤمنون به أنه هو الذى أمرهم بذلك ) الاله الذى يؤمنون به أمرهم باستعباد المرأة واسترقاقها وطمس هويتها وسحق ارادتها واعتبارها سوأة يجب اخفائها عن عيون الآخرين ! انها محاولات مفضوحة لسلب المرأة كيانها ككائن كامل مستقل الارادة ، وبذلك يسلبونها حقوقها التى أكسبتها اياها النظم المدنية ، والتى تتعارض تماماً مع هيمنة الفكر الذكورى الذى هو سمة من سمات العصر القبلى الذى يحاول أن يطل على البشرية من جديد مرتدياً هذه المرة ثوباً دينياً حاكه المتخلفون الهمج الرافضين الاعتراف أو التسليم بحقوق المرأة فى التعبير عن ذاتها واستقلاليتها فى اتخاذ قراراتها . كما أنهم من منطلق ازدرائهم للمرأة ومعاملتها على أنها كائن بشرى من الدرجة الثانية ومحتاج دائماً للرجل ، راحوا يروجون لمقولة أن (النساء ناقصات عقل ودين) وتفننوا فى الهروب من مأزق اعترافهم الضمنى باحتقارهم للمرأة فى اختلاق تبريرات واهية لتلك المقولة مؤداها أنهم لا يقصدون اهانة المرأة والحط من شأنها ، مع أن المقولة واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج لتفسير سوى ألفاظها التى تؤدى من خلالها معناها . النظرة سهم من سهام ابليس...غضوا أبصاركم ...حتى فى ممارسة الجنس ..تجدهم يحتقرون الأنثى التى تبدأ زوجها بمغازلته طلباً لحقها الانسانى فى التمتع بذكرها كما يفعل هو دائماً ويبادئها بالقبلات والأحضان حتى تلين وتستكين لرغبته فى التمتع بها وتفريغ شحنته السادية فيها..حتى فى أثناء الممارسة الجنسية يحرص الذكور عندنا على وضع الاعتلاء..أى أن يكون الذكر فوق المرأة دائماً وهى تحته تفتح ساقيها لتستكين له حتى يولج ذكره فى فرجها..يأنف الرجل فى شرقنا العربى من اتاحة الفرصة للمرأة من أن تكون فوقه وتمارس فعل الاستمتاع به كما يستمتع هو بها..بل ان المرأة العربية ذاتها تخشى أن يتهمها زوجها بأنها عاهرة اذا ماأقدمت على مبادأته والفعل به كما يبادئها هو ويفعل بها..حتى فى هذه النقطة تجد سيطرة سيكولوجيا الفكر الذكورى وهيمنته ..يريد أن يكون الذكر فى منطقتنا العربية هو الفاعل دائماً بالأنثى ويتعفف من السماح لأنثاه أن تفعل به ما يبيحه لنفسه فى علاقته الجنسية بها..انها أنانية الفكر الذكورى البحت والتى هى ليست وليدة اللحظة وانما هى نتاج تراكمات فكرية ودينية واجتماعية امتدت لقرون سحيقة قديمة قدم تواجد الانسان العربى ذاته فى مجتمعات قبلية كانت لا تكن للأنثى أدنى قدر من الكرامة ولا تعترف لها بأى فضل فى استمرار تواجد جنسه فى تلك المنطقة من العالم ، بل كان فى بعض مراحله التاريخية ، يتخلص من الأنثى بقتلها فور ولادتها ، خشية أن تكون عالةً عليه ، أو أن تقع فى أسر أعداء القبيلة !
عندما شاهدت بعض الفضائيات القادمة من بعض الدول الأوربية وهى تختم ارسالها ببث فيلم تفصيلى عن كيفية اقامة علاقة جنسية ممتعة بين الرجل والمرأة تساءلت عن الهدف من ذلك . للوهلة الأولى وبثقافة المؤامرة التى اعتدناها فى فكرنا العربى بوجه خاص والاسلامى بوجه عام ، جال بخاطرى أن الهدف من ذلك هو افساد الشباب العربى والاسلامى للقضاء على العرب والمسلمين ، ولكن حب الاستطلاع وتقصى الحقيقة دفعانى الى مواصلة مشاهدة تلك الأفلام بشكل شبه يومى...من حركات شفاه المتحدثين فى تلك الأفلام وبعض الألفاظ التى تسبق الترجمة الصوتية لاحظت أن الأفلام ناطقة باللغة الانجليزية وأن الترجمة كانت بلغة أهل الدولة التى تنطلق منها تلك الفضائيات..استنتجت أن تلك الأفلام موجهة الى أهل تلك الدولة التى كانت تنطلق منها تلك الفضائيات..اذن لم نكن نحن العرب أو المسلمين المقصودين ببث تلك الأفلام الجنسية كل ليلة..انها موجهة بالأساس الى أهل تلك الدولة التى تنطلق منها تلك الفضائيات..هل يعقل أن تتآمر تلك الفضائيات على الدولة التى منحتها الترخيص بالبث ؟ واذا كانت تلك الدولة قد سمحت لتلك الفضائيات ببث أفلام جنسية فى ختام ارسالها ، فماهو الهدف من ذلك ؟ هل يعقل أن يكون الهدف تدمير أهل تلك الدولة وشبابها ؟ مجنون من يعتقد ذلك ..واصلت الفرجة على تلك الأفلام ومحاولة تحليل مايجرى أمامى على الشاشة لفهمه ومعرفة الهدف من بثه ..مع الوقت اكتشفت أن مايقوم به الرجال والنساء فى تلك الأفلام ليس مجرد تعبيط الرجال فى النساء وتعبيط النساء فى الرجال وانتهاء الموضوع بادخال القضيب فى الفرج وسكب ماء الرجل والمرأة فى الفرج وكفى ، وأن الرجال هم البادئون والفاعلون دائماً فى هذا الحدث الانسانى الرائع ، وانما الأمر كان أكبر وأعمق من ذلك التصور البدائى النابع من سيطرة الفكر الذكورى على العلاقة بين الرجل والمرأة فى الفكر العربى بوجه خاص والدينى بوجه عام سواء الاسلامى أو المسيحى أو اليهودى منه . اكتشفت أن الهدف من تلك الأفلام ليس الممارسة الجنسية فى حد ذاتها وانما كان الجنس وسيلة لتحقيق الحد الأقصى من الاتزان النفسى للرجل والمرأة بعد أن يشبع كلاهما تلك الرغبة الفطرية الملحة لكليهما بطقوس وأساليب تؤدى بكليهما الى الوصول الى قمة القمم فى اشباع التعبير عن الذات دون أدنى تفرقة أو تمييز بين جنس الذكر و جنس الأنثى..يذوب الطرفان فى ممارسة الفعل الجنسى ويتوحدان فى كيان واحد تلفه النشوة العارمة ويصبح كلاهما فاعلاً ومفعولاً به فى نفس اللحظة ...ليس مهماً من البادىء فى الطرفين بتحريك الآخر..لم ألحظ أى ملمح ٍ لذلك الفعل الهمجى المتوحش الذى يقوم فيه الذكر بتطويق الأنثى وطرحها فى الفراش حتى ولو كانت غير راغبة ، ثم ايلاج قضيبه فى فرجها ولو عنوة لافراغ المنى والشحنة السادية التى كانت تعتمل فى نفس الذكر...انهم فى شرقنا العربى يمارسون الجنس بأسلوب سادى زرعته فى تركيبتهم النفسية ، تلك البيئة القبلية التى نشأوا وتربوا فيها وتشربوا طقوسها وأفكارها دونما أدنى قدر من اعمال الفكر والعقل فى مصداقية تلك الأفكار والطقوس أو مواكبتها للتطور الحاصل فى العالم خارج البيئات التى نشأوا فيها ؛ فضلاً عن مدى جدوى تلك الطقوس والأفكار فى صناعة الرقى أو التقدم من عدمه. لا زالت المرأة هى الكائن الأدنى منزلة ً عندهم حتى فى القيام بدورها فى ذلك الحدث الأعظم الذى يتوقف استمرار الجنس البشرى فى التواجد على كوكب الأرض على ممارسته !
نحن لا زلنا فى شرقنا العربى نعيش بنفس الفكر القبلى الذى نبت أول مانبت فى صحراء جزيرة العرب وسيطر على سلوكيات الجماعات والأفراد هناك حتى بعد سيطرة الديانة المحمدية على ربوع جزيرة العرب ، والتى لم تنجح فى تخليص الانسان العربى من العادات والطقوس القبلية الا قليلاً كمسألة وأد البنات ، بينما قامت تلك الديانة فى نفس الوقت بترسيخ أغلب العادات والطقوس والأعراف القبلية التى كانت سائدة قبل الديانة المحمدية ، بل وأضفت عليها صفة الديمومة والاستمرار ، بما جاءت به فى بعض نصوصها كالنص القائل بأن ( أغلب أهل النار من النساء) و ( خلقت المرأة من ضلع أعوج ) و ( المرأة تقبل فى صورة شيطان وتدبر فى صورة شيطان ) و ( خيركم فى الجاهلية خيركم فى الاسلام ) وتفضيل قريش على سائر العرب وتفضيل العرب على سائر البشر وغير ذلك من النصوص التى تزرع بذور التمييز العنصرى بين البشر على أساس الجنس أو العرق . حتى وان وردت فى الديانة المحمدية ذاتها نصوصاً عكس بعض النصوص السابقة ، الا أن التركيبة الثقافية للمواطن العربى تميل الى اعتماد النصوص التى تتفق وسيكولوجية هيمنة الفكر الذكورى الممتدة من العصور القبلية وحتى يومنا هذا...وفى الوقت الذى خرج فيه عرب الجزيرة بالديانة المحمدية ونشروها بقوة السلاح الذى مكنهم من اسقاط امبراطوريتى الفرس والروم اللتان كانتا أصلاً آيلتان للسقوط ؛ فى الوقت الذى نشر فيه العرب الديانة المحمدية فى المستعمرات التى ورثوها بقوة السلاح عن امبراطوريات ذلك الزمان ، نشروا معها عاداتهم وطقوسهم العشائرية والقبلية بين أبناء الشعوب التى وقعت تحت سيطرتهم . ومن بين تلك العادات والطقوس القبلية التمييز العنصرى القائم على التمييز الجنسى والعرقى ، حتى وان دفع البعض بالنص القائل : لا فضل لعربى على أعجمى ولا لأعجمى على عربى الا بالتقوى ، فان ذلك النص نفسه يحمل فى أحشائه بذور التمييز والتفرقة العنصرية على أساس من التقوى بالمنظور الاسلامى لمعنى كلمة التقوى . فالتقوى بالمعنى والمنظور الاسلامى تعنى أن يصبح الانسان مسلماً فى كل أفعاله وأقواله تجاه الفرد والمجتمع ، وذلك باتباع كل ماورد فى القرآن والسنة . ولكى يتبع المسلم كل ماورد فى القرآن والسنة ، عليه أن يطبق فى سلوكياته وتصرفاته جميع النصوص بمافيها النصوص التى تنهى عن اتخاذ اليهود والنصارى وغير المسلمين بوجه عام أولياء أو أصدقاء أو معاملتهم بنية طيبة وقلب سليم وذلك تطبيقاً للنص القائل : ولا تؤمنوا – أى لا تأمنوا أو تتعاملوا بنية صافية – الا لمن تبع دينكم ! أى خراب ٍ وأى دمار ٍ قد يحيق بالمجتمع الانسانى اذا ماتواجدت فيه جماعة أو جماعات يتعاملون مع باقى البشر من هذا المنظور ووفقاً لتلك المعايير ؟ ترى ..ماحجم الدمار الذى يمكن أن يحيق بالشعوب العربية والاسلامية ، لو أن حكامها تعاملوا مع الدول الأخرى الغير مسلمة من منظور مثل ذلك النص الاسلامى الآنف الذكر ؟ نفس الأمر ينطبق على الديانات الأخرى ؛ فكل منها يزعم امتلاك الحقيقة المطلقة ، وكل منها يزعم أن الآخر ليس على الصواب الذى هو عليه ! وكل منها يحمل فى بعض نصوصه التمييز العنصرى القائم على الطائفية ضد الآخر المخالف له فى منهجه وفى اعتقاده ، لكن ذلك الأمر أشد ضراوة وأكثر وضوحاً فى الديانة المحمدية ، إذ رسخت تلك الديانة للكثير من المفاهيم القبلية والبدوية الموغلة فى التمييز العنصرى القائم على الجنس تجاه المرأة وتجاه الآخر الغير مسلم بوجه عام ، عندما قطعت بأن الدين عند الله الاسلام وأن الآخرين جميعاً على باطل مالم يتبعوا ماجاء به محمد من قرآن ومالم يقتدوا بسنته فى جميع أفعالهم ومنهاج حياتهم ويطبقوا حرفياً ماورد عنه من أقوال فى الأحاديث التى رواها عنه أصحابه وجمعتها كتب السير والأحاديث ، ولن تدرأ حقيقة ذلك التمييز تلك النصوص المحمدية مثل ( لا اكراه فى الدين ) أو ( لكم دينكم ولى دين ) أو ( لا فضل لعربى على أعجمى.....) أو ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) !
لقد شكت زوجتى ذات يوم فى مدى اعتقادى بصحة جميع ماجاءت به الديانات الابراهيمية وكادت أن تهدم الأسرة وتطلب الطلاق ، وزاد شكها أكثر حتى أصبح شبه يقين لديها بأننى من الكفار أهل النار طبقاً لمنظورها الاسلامى لمن يشكك فى بعض نصوص الأديان أو يشكك فى مصداقية ادعاء الأنبياء بأن للكون خالقاً وأنه – أى ذلك الخالق – اصطفاهم وكلفهم بشرائع يطالبون الخلق بتطبيقها فى حياتهم ، حتى يكونوا من عباده الذين يفوزون بجنات النعيم فى الحياة الأخرى ، عندما يبعثهم من قبورهم فى يوم الحساب ، لما رأتنى أقلع عن الذهاب الى المسجد لآداء الصلاة ، وأقلع عن عادة الصيام السنوية فى شهر رمضان ! صارحتنى بكل مايعتمل فى داخلها من أفكار نحو موقفى من الالحاد أو الاعتقاد . خاصةً وأنها حضرت لى بعض النقاشات الخاصة بتلك المسألة مع اخوانها الذكور ومع بعض أعمامها ، واندهشت لجرأتى فى طرح بعض الأفكار الخاصة بتلك المسألة واندهشت أكثر وهى ترى الحاضرين يحوقلون ويبسملون ويتعوذون مما أطرحه من أفكار وكأنهم كانوا يتقون شراً مستطيراً سوف ينزل بهم ويصعقهم .
لمعرفتى الكاملة بنشأتها الدينية التقليدية وطبيعتها المنقادة لما نشأت عليه دون اعمال الفكر فيما تشربته من البيئة التى نشأت وترعرت فيها ، من نصوص وأفكار فى سنوات تكوينها الفكرى وخاصة العقائدى فى بدايات طفولتها وشبابها ، لم أشأ أن أستفزها على التمادى فى مثل ذلك النوع من الجدل العقائدى ، وأقنعتها بالكف عن إثارة مثل تلك الموضوعات فيما بيننا ، وأن كل منا حرٌ فى أن يعتقد مايشاء وأن ينهج النهج الذى يرتضيه فى تلك المسألة ، بشرط أن لا يؤثر ذلك على سلامة البنية الأسرية التى أنشأناها معاً . الخروج على ماألفته الجماعة البشرية ليس بالشىء الهين أو اليسير ، خاصة ً اذا كانت تلك الجماعة ضاربةً فى الزمان وممتدة ومترامية الأطراف فى المكان ! يتساءل الأستاذ المفكر سامى لبيب فى مقال له بعنوان [ الرضاعة الفكرية ] منشور على صفحات الحوار المتمدن : (يتعلم الطفل كل أمور الحياة من والديه ..تنتقل له الأفكار مصحوبة بنظرة حانية ..ومشاعر دافئة تنتقل إليه ليعلم أن هذه المعلومة هى المرادفة للولاء الإجتماعى والمنظومة التى ينصهر فى داخلها ، هو يتلمس السعادة من خلال الألعاب الجميلة والملابس الجديدة مع حلول العيد ..يستمتع بفانوس رمضان الجميل ..يملأ بطنه بالحلويات اللذيذة والشهية ..يرى فرحة الوالد بذهابه إلى الجامع أو الكنيسة ..يترسخ فى كيانه دفء حضن الوالد وأصابع يديه الحانية ..يرى القصص التى يسمعها تنتقل إليه فى جو من الخشوع ..يرى أنه عندما يردد بعض الأيات التى لا يفهم منها حرفاً واحداً بأنه ينال الحب والفرحة والسعادة فى عيون الأب والأم , علاوة على بعض الحلوى اللذيذة هذه المشاعر الدافئة الحنونة المصاحبة لكل ما هو مقدس تجد ترسبها فى ذهنية الطفل وتكون لديه إرتباط شرطى بأن كلما إقترب من هذه الدائرة كلما نال السعادة والفرحة ) وكان ذلك فى معرض اجابة المفكر سامى لبيب على تساؤله هو فى بدايات المقال : (كيف لنا أن نرى عالماً مرموقاً فى علوم الطبيعة المتقدمة ويعتقد ويتحمس لقضية البقرة المقدسة أو صنع الإنسان من طين فخارى أو المرأة التى تحبل بدون جماع أو الجن الذى يتبول فى الأذان حيناً أو يشاركك الطعام والنكاح حيناً أخرى .؟ ) وذلك بالضبط هو مايحدث فى دولنا المسماة بالدول العربية وعلى امتداد مايسمى بالعالم الاسلامى ، ( إذ ينشأ ناشىء الفتيان منا على ماكان عوده أبوه ُ) والأب هنا فى حالتنا هى الأجيال السابقة التى تتشرب منها الأجيال اللاحقة كل حمولاتها المتراكمة من التراث العقائدى والفكرى والاجتماعى من أعراف وعادات وتقاليد ولغة وطقوس ، والتى لا يزال الحشد الأكبر منها والكم الأعظم حاضراً وفاعلاً بقوة فى سلوكيات العرب والمسلمين تجاه العديد من القضايا الحياتية الملحة كقضايا المرأة والطفل والحكم وأشكاله وعلاقة الحاكم والمحكوم وأهمها على الاطلاق العلاقة بين المسلمين والآخرين الغير مسلمين ، وفى تلك النقطة بالذات ينطبق على الآخر اليهودى أو المسيحى ماينطبق على المسلم فى علاقته بالآخر الغير مسلم ، فاليهود والمسيحيون تزعم كل فرقةٍ منهما أنها تمتلك الحقيقة المطلقة دون الفرق الأخرى ! ورغم هذا فان الآخر الغير مسلم أعمل عقله فيما طرحه الفكر التنويرى والعلمى التجريبى من حلول وتجاوب وتماهى مع متطلبات العلم والعولمة وحقائقهما فى بضعة القرون الماضية وراح يغير من نظرته لقضايا انسانية عديدة مثل قضايا الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم ومتطلبات الدولة المدنية والعلاقة بين الدولة والدين وقضايا المرأة والطفل وقضايا الرق والمساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات بين الجنسين وحرية الرأى والنشر والتعبير وحرية الاعتقاد والمساواة بين الجميع على أساس القانون وحقوق المواطنة . تحاول بعض الدول العربية استلهام بعض تلك القيم الانسانية كالدولة المصرية التى تردد وسائل اعلامها الرسمية بعضاً من الشعارات المتصلة بتلك القيم ، الا أن الطريق أمام تطبيق تلك القيم على أرض الواقع لا زال طويلاً ، إذ أن خططها تتصادم مع جغرافية المكان والزمان الذى تعيش فيهما جماهيرها وأنظمتها . ولعل أوضح دليل على مانقول هو الغياب الشبه كامل للزواج المدنى فى جميع الدول العربية بما فيها الدولة المصرية . كما أن غالبية الأنظمة العربية والاسلامية مازالت بعيدة تماماً عن تطبيق مفهوم الدولة المدنية ومتطلباتها والتى تستوجب أول ماتستوجب الفصل بين الدين والدولة ، بل ان غالبية الأنظمة العربية تعمد الى اظهار اهتمامها المبالغ فيه بالنواحى الدينية وترجمة ذلك الاهتمام الى تدعيم مالى تنفقه من موارد الدولة ومن أموال دافعى الضرائب على تدريس مادة الدين فى المدارس المملوكة للدولة ، حرصاً من تلك الأنظمة على أن تظهر بمظهر المدافع عن الهوية الدينية للشعب ، مع أن متطلبات الدولة المدنية تقضى بأن المسألة الدينية هى مسألة شخصية فى المقام الأول ولا يجب أن تأخذ الطابع القومى بأى حال من الأحوال .
زاهر زمان



#زاهر_زمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ﴿ خرابيط 1 ﴾
- التيارات الظلامية تجتاح الدوائر الرسمية فى الدولة المصرية !!
- لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [3 ...
- لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [ 2 ...
- هل الإلحاد قرين الانحطاط الأخلاقى ؟
- لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [ 1 ...
- محاولة تحليل ماجرى وسبر أغواره وجذوره
- الرد على تعجب السيد آدم عربى
- أسطول الحرية وأبعاد التظاهرات الصوتية [2]
- أسطول الحرية وأبعاد التظاهرات الصوتية !
- [ كارثية عداء المؤسسة الدينية للمؤسسات العلمية الفلسفية التن ...
- تغييب العقول.....لمصلحة من ؟؟!! [ 3 ]
- تغييب العقل ......لمصلحة من ؟ [ 2 ]
- تغييب العقول ... لمصلحة من ؟ 1
- [ ذكر...فإن الذكرى تنفع العاقلين ! ]
- قراءة فى موضوع [ تشنجات الدين الوافدة على المجتمع المصرى - م ...


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زاهر زمان - الله .. ونحن .. والآخر !( 1 )