أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - الصنمية توأم الإنسان منذ كان















المزيد.....

الصنمية توأم الإنسان منذ كان


عهد صوفان

الحوار المتمدن-العدد: 3125 - 2010 / 9 / 15 - 23:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الصنمية توأم الإنسان منذ كان

منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض رأى نفسه صغيرا ضعيفا أمام الكون الغامض. تملكه الخوف من الطبيعة ومن مظاهرها التي لم يكن يدركها، فخاف وخضع وبدأت حكاية الأصنام في عقله. استسلم لكل بعيد غير محسوس وملموس. فهو يعلم القليل ويجهل الكثير. كان يومها كطفل يحبو في عالم الحياة المعقد. كان كل شيء بالنسبة له مجهولا وعصيا على الفهم والإدراك...

في ذلك الزمن الغابر تملكت الصنمية منَّا ونمت وتجذرت في عقولنا.
أصنامنا القديمة كثيرة رافقتنا ومازالت معنا تعيش. تنوعت وتوالدت وتبدلت ولبست أشكالا كثيرة ولكنها بقيت هي هي, متحجرات الزمن الماضي في عقولنا وأفكارنا.

في الأمس البعيد عبدنا الشمس والقمر والريح والرعد والمطر.. عبدنا شجرة زرعتها أيدينا وصلينا لأصنامنا التي اعتقدنا أنها حية من لحم ودم تعيش معنا ترانا وترعانا.. أصنامنا القديمة كانت أجساما نراها ولا نطالها أو ندركها.
تلك كانت الصنمية البدائية البسيطة التي عبرت عن التخاطر العقلي مع مظاهر الطبيعة ومكونات الكون. رسمنا علاقتنا بمظاهر الكون وجعلناها تتكلم مثلنا وتتصرف كما البشر. وفي اللا وعي تكلمنا مع آلهتنا البعيدة وتلقينا الأوامر منها.

ومع الزمن تطورت الصنمية في عقولنا وتعقدت ولم نعد نعبد الشمس ولا القمر ولم نعد نخاف ضوء القمر أو صوت الرعد أو وميض البرق لأننا كشفنا أسرارها وانهارت هذه الأصنام أمام المعرفة والعلم. وأصبحت من ذكريات الكتابات القديمة المنقوشة على حجارة الزمن البعيد و ألواحه الطينية...
أصنامنا اليوم معتقدات وعادات وأفكار ونظريات وتقاليد زرعت في العقول ونمت فصارت نارا آكلة أكلت شخصيتنا وجعلتنا أتباعا لها. أذابت كينونتنا في أنا الصنم القائد العارف والعالم بكل شيء..

في الغرب أصنام وفي الشرق أصنام أخرى. والإنسان يعشق الأصنام ويرتاح بقربها . وخلاص البشر يكون بالتحرر من الأصنام بتهميشها والحد منها ومن دورها وإطلاق العقل والتفكير ليبدع ويبتكر ويعطي بسخاء ودون قيود.
أصنام عاداتنا المقدسة كبيرة لا يجوز أن يطالها النقد والبحث والتعديل هي موروث والموروث مستمر وعلينا القبول والخضوع لمشيئة الموروث..عاداتنا وتقاليدنا أسوار عالية أمام الإنعتاق من مرحلة الماضي وهي تشكل الظلام أمام النور الذي تحيا وتنمو به العقول...
من يجرؤ أن يطال أسوار عاداتنا وتقاليدنا ليبدل حرفا بها؟؟. فهي مقدسة تمثل هويتنا وتعبر عن ذاتنا التي تميزنا عن الآخرين. من يجرؤ أن يفكك علاقاتنا القبلية وموروثنا من البداوة؟؟. ما زالت أصنام القبلية قائمة ترتفع في صحراء عقولنا!!!.

اخترعنا القائد الصنم الذي يُعبد ويُؤله ويُطاع. فيأخذنا حيث يشاء ويفعل بنا ما يشاء ونحن راضون بالمصير الذي ترعاه أصنام أخرى اعتقدنا أنها الحقيقة المطلقة....
نظرياتنا في الحياة تحولت إلى أصنام متغولة وعملاقة. لأن عقولنا تجنح إلى الاستعباد والخضوع. نحن نقبل النظريات ونعشق حذافيرها ودون أن نقرأها أو نفهمها. قبلنا النظرية الرأسمالية في الاقتصاد وبعقول متحجرة. فوقعنا في الأزمة المالية والاقتصادية الحالية والتي كسرت اقتصاداتنا وخربت بيوتنا. وقبلها كان الكساد الكبيرفي عشرينات القرن الماضي والذي استمرّ لأربع سنوات. أدمت اقتصاديات العالم, ولم نجرؤ أن نفكر لأن الصنمية غول كبير في عقولنا....

قبلنا النظرية الماركسية واعتقدنا أننا أمام المنقذ وركبنا الموجة وأبحرت بنا الأقدار إلى دكتاتوريات ودماء وتخوين وخوف وحروب ولم يستفق البعض حتى الآن وبعد سقوط هذه المنظومة... لم يشأ البعض أن ينظر إلى الوراء ليقرأ من جديد. ليبحث بين السطور ليتعلم منها ويأخذ العبرة من الفشل الذي كان حقيقة وأمرا واقعاً.... قبلنا كل الأحزاب وكل نظرياتها وانتسبنا لها وحضرنا اجتماعاتها وسمعنا مواعظ الأصنام التي خدرتنا وأخذتنا في غيبوبة لم نستفق منها بعد.... بالرغم من أنهار الدماء التي أسالتها في شوارعنا الحزينة....

حولت أوطاننا إلى سجون نحن الجلادون فيها. نحن من يقتل ومن يبكي ومن يدفن الموتى...أحزابنا صارت كما كانت مؤسسات مالية ونفعية وأمنية وبوليسية تحصي أنفاسنا وتحدد مصيرنا.... أحوالنا هي نتاج عقولنا التي تصحرت بالرغم من وجود بذور أخرى فيها...
قبلنا كل الأديان وعبدنا آلهتها واخترعنا آلاف قصص الخلق لهذا الكون وسفكنا دماء الملايين لمخالفتهم أدياننا... والجميع يعتبر نفسه مالك الحقيقة وإلهه هو الإله الحقيقي... تشظينا مذاهب ومذاهب واختلفنا حول جوهر الإله وصفات الإله وأهداف الإله وسلوك الإله واقتتلنا وكرهنا بعضنا البعض وأهدرنا طاقاتنا في العنف والشر دفاعا عن الإله القابع في البعيد في مكان ما لا يعلمه أحد. سلمنا عقولنا له. سلمنا حياتنا له فاسترحنا وهربنا إلى الأمام بعيدا عن فشلنا الذي لا نراه فشلا. فكل حياتنا انتصارات وإنجازات وإبداعات لأن أصنامنا علمتنا هذا ودونته في كتبنا التي ندرسها في إعلامنا وفي كل شيء نراه أو نسمعه...

أصنامنا دخلت تلافيف أدمغتنا واستوطنت هناك بعد أن أقنعتنا أنها حقيقة ثابتة وأنها هي محور الكون والحياة, وبدونها نحن عدم نعيش في عالم العدم أملا بعالم آخر بعيد رسمه الإله وسطر حروفه بنفسه من أجلنا...
رفضنا أصنام القدماء وانتقدنا وثنيتهم!!. فكيف يعبدون جرما سماويا يدور حول أرضنا وكيف يعبدون مطرا نازلا من السماء ونجما له مسار في هذا الكون مكون من تراب وصخور وغبار؟؟؟...
ولم نبرر لهم نقص علمهم ومعرفتهم في زمن كان الإنسان وليدا صغيرا يفتش عن مكان آمن له, يعيش فيه وهو الأعزل من كل شيء..
ومع ذلك وبالرغم من التراكمات المعرفية الهائلة التي نمتلكها صنعنا أصنامنا واخترنا وثنيتنا دون أن ندري أننا على نفس الدرب نسير. فقط بدلنا الأسماء وغيرنا الموضوعات... بالرغم من امتلاكنا لجهاز عقلي بديع قابل للإبداع والتطوير والتحديث. جهاز قدم لنا كل المفرزات الحضارية التي ننعم بها...
عقولنا تبرمج كيفما نشاء..هي مبدعة إن حررناها وأطلقنا لها فضاءات التحليل والتفكير. وهي جامدة متوقفة إن أدخلناها فلك الصنمية والانقياد الأعمى وراء الغيب.



#عهد_صوفان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقديّة للنصّ المقدّس – التلمود ضرورة توراتية
- لماذا أبدع اليهود وفشل المسلمون؟
- القداسة مدخل صناعة الطغاة والغيب بداية السقوط
- مرة أخرى من المسئول عن تخلفنا؟؟
- من يحب فلسطين يوحد الفلسطينيين
- القلمُ جريمته كبرى
- عصر الدولة الدينية انتهى
- المرأة في الحديث والسيرة الإسلامية
- كيف نقاوم الإرهاب والتطرف؟؟
- قراءة نقدية للنص المقدّس - القضاء والقدر في القرآن 6
- ترانيم دول العبيد
- أساطير الخلق والتكوين في منطقة الشرق الأدنى القديم
- القتل في التوراة والقتل في القرآن
- هل الإله في التوراة هو نفس الإله في الإنجيل؟
- قراءة نقدية للنص المقدس – النحو في القرآن
- لماذا نقد النص الديني؟؟
- قراءة نقدية للنص المقدس – البلاغة في القرآن 4
- الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في القرآن 3
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 2


المزيد.....




- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
- خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ...
- الأرجنتين: القضاء يعتزم محاكمة مسؤولين إيرانيين سابقين غيابي ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...
- حبس رئيس الأساقفة في أرمينيا بتهمة تنفيذ محاولة انقلاب
- الجيش الإسرائيلي كان يريد قتل خامنئي خلال الحرب لكن المرشد ا ...
- قائد الثورة: الكيان الصهيوني انهار وسحق تقريباً تحت ضربات ال ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - الصنمية توأم الإنسان منذ كان