أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - قراءة نقديّة للنصّ المقدّس – التلمود ضرورة توراتية















المزيد.....

قراءة نقديّة للنصّ المقدّس – التلمود ضرورة توراتية


عهد صوفان

الحوار المتمدن-العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12 - 22:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة نقديّة للنصّ المقدّس – التلمود ضرورة توراتية

شريعة التوراة المكتوبة نزلت لموسى بعد أن كتب الله الوصايا العشر على لوحين حجريين حددا المبادئ الأساسية للأخلاقيات والسلوكيات. فكانت الشريعة هي الامتداد التفصيلي للوحي الوصايا لكي تكون الأوامر الإلهية شاملة وكاملة تغطي كل جوانب الحياة. خاصة أنها شريعة إلهية صيغت بحكمة وعلم الله اللا محدود.
ولكن الواقع بيّن أن هذه الشريعة تحتاج إلى تفصيلات كثيرة وأبواباً أكثر لتواجه الحقائق الحياتية التي يعيشها البشر. تحتاج أن تسدّ النقص التشريعي الذي أرهق حاخامي اليهود. مما فرض على حاخامي اليهود أن يسدوا هذا النقص بالتفسير والتأويل والنقاش والنقل عن السابقين بأقوال وأفعال وأحيانا الدخول إلى الشريعة المكتوبة في التوراة للأخذ منها ودعم أفكارهم الجديدة. هذا ما حصل مع شريعة التوراة بعد موت موسى الذي سجلها وطلب من اليهود أن يحفظوها ويطبقوها معتقدا أنه قدم لهم نصا إلهيا كاملا يكفي لأن يقضي في كل أمورهم واحتياجاتهم. هذا القصور في التوراة استُدرِك بشريعة شفهية نسبها الحالي للسابق والسابق لمن قبله حتى تصل للنبي موسى...فموسى هو من تلقى هذه الشريعة الشفوية من الله ونقلها لمن بعده..
وخوفا عليها من الضياع والاندثار برزت فكرة تدوينها وجمعها. فكان التلمود الذي صار كتابا يحتوي خلاصة الفكر اليهودي الذي شرعه وكتبه مؤسسو هذا الفكر القدماء. وهو الشريعة المفسرة لشريعة التوراة المنقولة شفويا من الله لموسى..ولكن ولادة التلمود كانت عسيرة جدا وأخذت وقتا طويلا حيث ابتدأت عملية الولادة الحقيقية بعد موت موسى وظهور العجز في نصوص الشريعة التوراتية المكتوبة في حل معضلات حياة اليهود آنذاك. ومنذ ذلك التاريخ وحتى العام 200 م حيث تم الانتهاء من كتابة التلمود بنسختيه البابلية والفلسطينية. وهاتان النسختان اختلفتا في القسم الثاني "الخاتمة" – الغمارا....

كتاب التلمود يتألف من قسمين أساسيين:

الأول هو المشنا: الذي يحتوي نصوص الشريعة الشفوية المستمدة والمعتمدة على شريعة التوراة. والتي احتوت تفصيلات كثيرة وكبيرة جدا طالت جوانب الحياة لتعويض النقص الحاصل في شريعة التوراة المكتوبة.

الثاني هو الغمارا: يقدم هذا الجزء التبريرات لشرائع المشنا والإيضاحات اللازمة للقبول بها. حتى أنها قدمت النقاشات الحاصلة بين الحاخامين حول كل المسائل المطروحة.
اجتهد الأمورائيم وهم مفسرو وشارحو المشنا بتقديم كل الأدلة من شريعة التوراة ليؤكدوا أنهم فسروا فقط كلام الله المنقول وأن كلامهم هو شرح وإيضاح لما يريده الله من اليهود.ولما كان اليهود الذين عاشوا في فترة القرن السابع قبل الميلاد وما بعده يتمركزون في منطقتين كبيرتين هما بابل وفلسطين. فقد عمل الأمورائيم في هاتين المنطقتين الكبيرتين على إعداد الغمارا البابلية والغمارا الفلسطينية. فظهر للوجود التلمود البابلي والتلمود الفلسطيني...
المشنا مقسمة إلى ستة أقسام رئيسية تشكل أساس المشنا وهي:

- سيدر زراعيم.
- سيدر موعيد.
- سيدر نشيم.
- سيدر نزكين.
- سيدر قدشيم.
- سيدر ظهروت.

وكل سيدر من هذا السيدرات يتضمن تشريعات خاصة بباب محدد من التشريعات التي يختص بها السيدر...
والسيدر الواحد ينقسم إلى مجموعة من الأقسام.
وكل قسم به مجموعة من الفصول...علما بأن المشنا في التلمود البابلي مطابقة للمشنا في التلمود الفلسطيني....أما خاتمة التلمود والمعروفة بالغمارا فهي تحمل بعض الاختلاف بين التلمودين البابلي والفلسطيني. ذلك تبعا لمصادر الجمع وللثقافة السائدة في كلا المنطقتين. لأن الغمارا عكست البيئة بشكل كبير والتي كانت مرجعا أساسيا له..

وهنا لابد أن نلاحظ وجه الشبه بين كتب الأحاديث والتفسير والفتاوي في العقيدة الإسلامية. والتي كانت حاجة وضرورة لسد ثغرات التشريع المدون بالقرآن فاجتهد المفسرون والمحدثون الأوائل لاستدراك ما ظهر أنه حاجة..بل فتحوا باب الاجتهاد والفتوى مع ضرورة التقيد بالمراجع القديمة لتكون السند الأكبر لهم فيما يشرعون. وهذا يشبه تماما ما حدث مع اليهودية التي اصطدمت أيضا بضرورات حياتية غير ملحوظة في شريعة التوراة. استدعت مواجهة النقص والتصدي له بكتاب كبير شامل هو التلمود...

لقد واجه كتاب التلمود معضلات كثيرة وكبيرة استدعت منهم الوقت الطويل جدا من أيام موسى وحتى القرون الأولى الميلادية وذلك بسبب الكم الكبير من العنف الموجود في شريعة التوراة والموجّه لشعب الله المختار. وأيضا الكره الشديد للآخرين وإباحة الإبادة والنهب والقتل.. هذه النصوص القاطعة الموجودة في التوراة لا يمكن تجاوزها بسهولة ولا يمكن تعديلها بيسر.
وسأورد هنا بعضا منها:

- ثنية 13: 6- 10الرجم بالحجارة حتى الموت لمن يغوي يهودي .
- تثنية 21: 18- 21 إذا كان لديك ولد معاند لا يسمع الكلام يرجم حتى الموت.
- تثنية23: 20 إقراض الأجنبي بربا أما اليهودي فلا.
- تثنية 28: 15 الله يعاقب شعبه بإنزال كل اللعنات إن لم يسمعوا لصوت الربّ.
- خروج 21: 12 من ضرب إنسان فمات يقتل قتلاً.

- لاويين 20: 27 إذا كان في رجل وامرأة جان أو تابعة يرجمان حتى الموت.

- لاويين 20: 9 من سبّ أباه أو أمه يقتل.
- لاويين 21: 16 الرجل الذي وُلد بعيب لا يقرب خبز إلهه.
- تثنية 13: 12 – 16 أي مدينة يهودية تبتعد عن عبادة يهوه تضربها بحد السيف وتحرقها.

ففي الآية الأخيرة مثلا: كيف يعرفون ويحددون أن سكان هذه المدينة لا يعبدون الله وكيف يكون الإنسان مقصرا في عبادته ومتى يكون متهاونا أو عاجزا عن أداء بعض الفروض أو كلها؟؟؟... فشريعة التوراة المكتوبة كانت عامة جدا. وإن حاولت أحيانا أن تظهر بمظهر الكمال، بالرغم من أن موسى علّم شعبه بأن هذه الشريعة تامة وشاملة...

وكمثال آخر على هذا النقص نأخذ مثلا فكرة عدم العمل يوم السبت في التوراة فشريعة التوراة حرّمت عمل اليهودي يوم السبت وكانت واضحة بقتل من يعمل يوم السبت. ولكن الواقع وقتها اصطدم بأسئلة كثيرة..

- ما الحكم في الشخص الذي يعيش مع اليهودي ويعمل يوم السبت؟..
- ما الحكم فيمن يعالج مريضا يوم السبت؟..
- ما الحكم في الضرورات اليومية للإنسان والتي تستوجب عملا على مدار الساعة؟..
- ما الحكم فيمن تهدم بيته أو بعض منه في يوم عاصف يوم السبت. هل ينتظر ليوم آخر؟ ويبقى مع أولاده يواجهون غضب الطبيعة؟..
- ما الحكم فيمن أُرغم على أن يأخذ مواشيه من منطقته لمرعى جديد فيه الماء والعشب الضروري لبقائها على قيد الحياة؟..
- ما الحكم في شخص تحول إلى اليهودية بعد ضبطه يعمل يوم السبت؟..

أسئلة كثيرة توالت في مواجهة بنود شريعة التوراة كان لابد من الإفتاء فيها. وبالتأكيد كانت الأسئلة توجه لرجال الدين اليهود ليقدموا الإجابات اللازمة.
وكما كانت التوراة مليئة بالنصوص العنيفة والوصايا المتشددة كذلك كانت معظم النصوص في التلمود. خاصة إذا علمنا أن حاخامي اليهود جنحوا في كثير من التفسيرات إلى التشدد بقصد ضبط كافة السلوكيات اليهودية والسيطرة على اليهود, وهذا شأن كل رجال الدين أن يشرعوا ما يزيد من سلطانهم وسلطتهم..
ومما ورد في التلمود التالي:

- يقتل الوثني إذا ضرب إسرائيليا, لأنه يكون قد ضرب القدرة الإلهية, ولذلك قتل موسى مصرياً لأنه ضرب يهودياً..

- يقتل الأمي الذي يستريح في يوم من أيام الأسبوع, لقول الله سبحانه وتعالى ( لا يستريحو الليل والنهار) . ويلزم أيضاً أن يعاقب بهذا العقاب لو استراح يوماً غير يوم السبت. والوثني الذي يقرأ التوراة يستحق القتل, لأن التوراة خاصة باليهود, فمن أخذها سرّاً يقتل..

- يحرم على اليهودي الاشتراك مع الوثني لأنه يعرض نفسه للحلف بالأصنام.

- كل من يكون خارجاً عن الديانة اليهودية يسمى ولد نوح لأن بني إسرائيل انفصلوا عن هؤلاء القوم, وآمنوا بالله من وقت ظهور إبراهيم. ويقتل الأمي من أولاد نوح على يد ديّان واحد وشهادة شاهد واحد, ولو كان قريباً له. ويقتل أيضاً إذا ضرب امرأة حاملاً وقتل حملها. وأما الإسرائيلي فلا يقتل لذلك, بل يدفع دية الولد. ولا يقتل أيضاً في الأحوال التي توجب القتل إلا على يد عشرين ديان وشاهدين.

- إذا سبّ اسم الجلالة أحد من أولاد نوح ثمّ دخل في دين اليهود أعفي من القتل. وكذلك الأمر بالنسبة لمن قتل آخر, أو زنى بامرأة من طائفته.وأما من قتل يهوديً أو زنى بامرأة يهودية فيستحقّ الموت بدون رحمة..

- إن الله حلل أموال باقي الأمم لبني إسرائيل لما رآهم قد خالفوا الوصايا السبع المختصة بعبادة الأوثان والزنا والقتل والسرقة وأكل لحم الحيوانات الغير مذبوحة, وإخصاء الإنسان وإيلاد الحيوان من غير جنسه..

- حرم الله على اليهود أن يسكنوا خلاف البلاد المقدسة وهي أورشليم والخليل وصفد وطبريا لأنهم يُعدون كعابدي الأصنام ومُحرم عليهم دعوة باقي الأمم, والأكل من مأكولاتهم ولو كان صانع الأكل يهوديا. فإذا دعا أجنبي يهودياً في فرح, وأكل هذا الأخير من مأكولاته فكأنه يأكل من ميتة.ويأثم أيضاً إذا ذهب لفرح الأجنبي..

هذا بعض مما جاء في هذا الكتاب والذي يحوي الكثير الكثير من التفسيرات والإضافات والتي بدورها أدت إلى إنقسام اليهود وظهور المذاهب المتعددة بينهم, فمنهم من يرفض التلمود ويعتبر إضافاته من صنع البشر وليست كلاما شفهيا منزلا من الله على النبي موسى, ومنهم من يعترض على بعض فصول التلمود أو بعض التشريعات . وهذا أدى إلى شقّ اليهودية وظهور مذاهب مختلفة تبعا للتفسيرات التي قدمها التلمود لشريعة التوراة.وهكذا فإن الديانات التي أقحمت نفسها في الحاجات والمشاكل اليومية للبشر سقطت في مستنقع التفسير والاجتهاد وبالتالي الاختلاف والتناحر والانشقاق....



#عهد_صوفان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أبدع اليهود وفشل المسلمون؟
- القداسة مدخل صناعة الطغاة والغيب بداية السقوط
- مرة أخرى من المسئول عن تخلفنا؟؟
- من يحب فلسطين يوحد الفلسطينيين
- القلمُ جريمته كبرى
- عصر الدولة الدينية انتهى
- المرأة في الحديث والسيرة الإسلامية
- كيف نقاوم الإرهاب والتطرف؟؟
- قراءة نقدية للنص المقدّس - القضاء والقدر في القرآن 6
- ترانيم دول العبيد
- أساطير الخلق والتكوين في منطقة الشرق الأدنى القديم
- القتل في التوراة والقتل في القرآن
- هل الإله في التوراة هو نفس الإله في الإنجيل؟
- قراءة نقدية للنص المقدس – النحو في القرآن
- لماذا نقد النص الديني؟؟
- قراءة نقدية للنص المقدس – البلاغة في القرآن 4
- الإلحاد كلمة تطلق بغير مكانها
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في القرآن 3
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 2
- قراءة نقدية للنصّ المقدّس - قصّة الخلق في سفر التكوين 1


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عهد صوفان - قراءة نقديّة للنصّ المقدّس – التلمود ضرورة توراتية