أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - بالنسبة لهذا الصباح العراقي















المزيد.....

بالنسبة لهذا الصباح العراقي


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


فلا يوجد خير في أن تبدأ أولى لحظات تنفسك وأنت تستنشق عطر المجاري العراقية, الغير موجودة أصلا , لدينا هنا طريقة لتبادل المياه وتداولها واقصد الغير عذبة لا تفهمني غلط فلا دخل لي بدورة المياه في الطبيعة , فهي غير عذبة إلا من تحلل فضلاتنا , بأن يتم بناء البيت مشتملا على مساحة مربعة تحت للأرض وكأنها سرداب مغلق, بالطبع.. هذه الطريقة قد تكون معتمدة في بلدان أخرى, ولكني اشك أن تلك البلدان تحفر ابارا لاستخراج الماء عندما يأخذ إجازة من الحنفيات مدفوعة الثمن بوصل حكومي شهريا, فيكون البئر ذو المياه الجوفية مصدرا للماء, الشرب والتغسيل, فمن أين يأتي له هذا المصدر الوافر بالماء واقرب نهر يبعد عنك مسافات, خاصة وان مياهه تفوح منها العطور المميزة , الإنسانية وغيرها , بالتأكيد أن ما ينضح من المخازن تحت البيوت هو مصدر رئيسي, تلك المخازن اللا احتكارية تحت بناء كل منزل عراقي, الشراكة مبدأ ماركسي كما يقال منذ السبعينيات, ولكني لم اسمع باشتراكية الفضلات. ومصانع البتروكيماويات منتشرة ولكني لم اعي اهمية مصانع الفضلوميات إلا حينما يتدفق الماء لرش عتبة كل بيت في منطقة سكني معلنا بداية درس النظافة الصباحي والتي هي من الأيمان بالطبع ,لذا استبشرت خيرا بولادة نهار جديد رغما عني, فالهواء في العراقي عراقي النشأة, وانا مواطن وطني متوطن استيطانا خارج دائرة الشكوك حتى وان ساورتني افكار عن انتمائي الحقيقي لهذا البلد فيكفي أن امر بتجربة سفر لبلد شقيق او توأم حتى اعرف انني عراقي لما يمر قبلي بترحاب شديد مسافر من بلد لا شقيق ولا توأم ولا حتى يمت بصلة للعرب غير انه وفق مبدأ مغني الحي لا يطرب, وبالطبع يرحب به ضابط الجواز كأبن العم وكأني انا الذي حللت في ذاك البلد لا اهلا ولا سهلا جئت لأفجر المطار, السفر العراقي لظرف او رسالة ما ,كنا نحسبها وصلت حقيقية, واذا بساعي البريد ذهب لكسرى ولم يمر على البلدان العربية التي هي أولى بقراءتها حتى لو كتبت بالعراقي الفصيح, إلا أن هذا المشهد لا يهمني لأني لم اخرج من العراق إلا لمصر وكانت زيارة طيبة ومرة لسوريا وكانت طيبة لو لم يكن في سوريا عراقيين بالطبع , فشيء مخزي أن اسأل عامل فرن يخبز خبرزا عراقيا على انغام هيثم يوسف عن مكان عمارتي الذي تهت عنه وعادة ماافعل حيث أن بالي ليس مع خطواتي ولا علم لي بحل قريب او بعيد لهذه المشكلة, واذا بالعامل يجيبني باللهجة السورية التي يصطنعها وكأنه بواب باب الحارة ولما استكثرت عليه موهبة التمثيل التي لم يجد صقلها , كلمني بلهجة اهل الناصرية تلافيا للأحراج امام الزبائن , كل الذي مررت به في حياتي لم يفسر لي لماذا الألماني يجبرك أن تتكلم الألمانية والعربي – العراقي يتلهف للخلاص من الهوية , لهذا اكتب بحثا عن اجابة قبل أن الف هويتي بسيكارة واتمتع بدخانها الخانق.

لهذه الرائحة اثر غريب, فهي تزكم الأنف وتسبب تقلصا في عضلات الوجه مما قد يكون تفسيرا مضافا لقائمة الشروحات الفيسولوجية- السيسيولوجية , وللأختصار تجد جواب هذه المعادلة في ملامح العربنجية, عذرا فلست بمثقف يرمي المصطلحات التي يستعصي تعريبها هنا وهناك كجزء من تناثر الهوية التي لم يكن بالأمكان تحديدها , ولكني اقصد أن الوجوه العابسة في المناطق الفقيرة , والتي يتميز سكانها بحدة الشخصية وعصبية المزاج , وكأن بيهما فرق, هذه الوجوه لا يخفى عليك أن رائحة العطر الفرنسي المجاغي على وزن مجاري, سببا اخر فيها, لأنه يقتحم الأنف منذ الصباح وكأنه يصبح على النائم ولا اروع جهاز منبه, تدبر معي ايها القارىء بصوتك الخفي المخنوق بذات العطر في مكان النوم هذا ذو الخمسة نجوم وقمر وشمس فوق البيعة, وعطر من ارقى ما جادت به البطون العراقية , وهذه الأرض الطيبة , والتي تمتصنا بطيبتها يوميا , ومن هذا المحصول الذي تم تداوله ثم صناعته وتوزيعه بالمجان , إلا تفكر معي في تصديره , بالطبع لا اخفي عليك وقد يخفى عليك بفعل فاعل أن هذه الأرض لا تصلح إلا للزراعة لكثرة ما تستمد من اسمدة , والنوم اعلى سطوح المنازل كان ترفا واصبح قرفا .

فمنذ نعومة إظفاري , ويا لها من جملة فنية , وانا متعود عليه كأي عراقي تمرس على الهواء النقي ايام زمان , حينما لم يكن الكيمياوي انتشر في الهواء بعد وكانت الكهرباء توفر طاقة لجهاز عظيم اسمه مبردة توفرت له كمية الماء التي لو حسبنا ما كان يصرفه كل بيت عراقي في الليلة الواحدة من ماء وكهرباء لندمنا على هذه الأيام,وعلى وفق مبدأ القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود,, هل تصدق انني ندمت على شراء لعب الأطفال في صغري بعدما كبرت .

لا نعلم ماذا حدث, قد اكون هنا باحثا عن السبب, ودعني من اسئلة الروتين الأدبي البايخ , لماذا نكتب ولمن نكتب وكيف نكتب, المهم اننا نكتب لعل هناك من يقرأ , وكلما احاول اجابة هذه الأسئلة يقتحم اذني من شباك غرفتي صوت شرطي يصرخ بسماعة سيارة شرطة المرور أن تتحرك السيارات في الشارع وطبعا بلجة وطريقة تختلف من شرطي لآخر , لكن ما رأيك في أن هذا الشرطي نسي انه مازال على الهواء وتكلم مع زميله في المقعد الأمامي طالبا سيكارة وسمعت زميله يعتذر له أن العلبة نفذت وانهال عليه بالشتائم مهددا متوعدا طالبا منه النزول من السيارة وشراء علبة على حسابه, ولا علم لي بمغزى هذا الحوار , فلو فهمته فلن اكتب بالتأكيد, لأني وقتها فهمت العراق والعراقيين .

لما استنشقت أولى نسائم عليل المجاري بدأت افتح عيناي مرغما , ما عام يفرق عندي أن فتحتها او تم فتحها بفعل تشنج عضلي لا ارادي , الم تمر بك لحظات لا تعي سبب تحرك أعضاءك, هل لو لم تفهم طريقة عمل معدتك ستتوقف المعدة مثلا وتموت جوعا , هكذا نتعامل مع الحياة, نحيل ما لا نفهم الى قائمة الأفعال اللا ارادية , لدرجة اننا توهمنا أن هنالك افعالا ارادية في الأصل , لا تستغرب من اعتباري لفتح عيناي فعل لا ارادي فحياتي بمجملها كذلك , هذه لحظة بدأ صباح جديد من حياة انسان , ولكن تعال لنفهم معنى كلمة جديد وكيف تتفق مع لا ارادي , وعلينا البدأ باستيعاب كلمة انسان بالدرجة الأولى , ولأن لها وصف متجدد بصفته كائن حي يعيش كل لحظة جزءا جديدا من حياته , فهذا لا ينطبق كثيرا على وصف من اتحدث عنه. انا وربما انت ,اذا كانت الأحداث والحوادث أن شئت التشدق لغويا على حسابي, ذاتها , فهاك صباح جديد أن احببت كلمة جديد تتهادى فيه جفوني وتتحرك للأعلى طلبا للأسترخاء أكثر منها رغبة بأن استيقظ, فهيهات أن أن اختار بديلا عن السواد الذي يلف اجواء اغماض عيني , كأي شاشة سينما تبدأ باللون الأسود ولكن الفيلم الحلم من اختيارك , هل يصعب الأقتناع باننا نختار احلامنا ليلا , بل نهارا أن شئت, ليست حقيقة علمية اود مناقشتها بل مداعبتها للدرجة التي ترضخ قانعة ملبية رغبة تحكمي الوهمية حتى في الحلم, ولك أن تتخيل كيف تتفتح الزهور صباحا, فلا اعلم عن هذا شيئا لست شاعرا يعيش في قاع المدينة يحلم بالزهور والطبيعة وكأنها الحل الأمثل لمعاناة البشر من سجن الأسمنت , انا فوق السطح نائم لأن الأسمنت ليس عالمي , انا بين البين, لا هي حياة القرية ولا حياة المدينة, هذا هو العراق .

ليس للشعرية مكان في لحظات امر فيها وانكل بها كما تنكل بي والذنب الذي اقترفه هو انني سأصحوا لصباح اخر, ليس جديدا , بل اخر , أن شم هذه الرائحة النتنة قبل أن افتح عيناي هو جزء من طقوس عراقيتي, هويتي, فلست هنا اشتكي لأي كان طلبا لحل بل اصف هذا السواد لأنه يزداد وقد يلفكم , ولا خوفا عليكم بالطبع , انما احب أن اجسد الكره بعمق يوفره القلم حينما يمزق ورقتي .

أن خطوط نقل مياه الشرب تأتي عن طريق تحت الأرض بواسطة البواري وهي جمع بوري , وتنتهي بحنفيات وهي جمع حنفية ولا اعلم اصل التسمية إلا أن المقارنة بينها وبين صنبور تجعلني افضلها لأني احتقن حينما اكتب صنبور , وتخيل واقعا أن احد البواري يصدأ , وهذا نادرا ما يحدث في بواري عراقية عمرها الف عام, وان الصدأ يجعلها تمزج بينها وبين الماء الآسن, وتأتي به الينا , ونحن نحسبه ماء صالح فيأتي طالح, بالتالي فأن هذه الخاصية اللا صحية تسبب تواصلا اجتماعيا فلماذا جزعي وتذمري اذا كان من الممكن أن اعرف عشاء جيراني يوم امس وانا اشم رائحة الماء الذي اغسل به وجهي كل صباح املا في في ازالة عطر المجاري الذي اكتسبته فوق السطح من قبلها ,منذ الصباح الأرمل, المطلق, الزاني, فلا يوجد صباح باكر في العراق .



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح الذبان يا عراق
- حول الأجناس الأدبية
- جماليات الفضاء في فن العمارة البغدادية
- بين الجليل والجميل في الفن
- قراءة درامية للنظريات الماركسية
- قراءة درامية من قبل التوسير للماركسية
- الجمال عند شارل لالو
- المسرح في اليابان
- التكامل التقني في العرض المسرحي
- التجريب في سينوغرافيا العرض المسرحي
- حول المسرح الطبيعي
- المخرج المسرحي الفرنسي أنتونان آرتو
- بسكاتور والمسرح السياسي
- مدخل للفرق بين العلم والفلسفة
- الجمال في فلسفة ابن عربي
- الأداء التمثيلي المسرحي عبر العصور
- التمرد في دراما الفن المسرحي
- غروتوفسكي المخرج المسرحي البولندي
- -هيبياس الأكبر- أهم المحاورات الأفلاطونية
- مسرحية لعبة الحلم لأوغست سترندبرغ


المزيد.....




- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - بالنسبة لهذا الصباح العراقي