أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد علم الدين - نظرة تحليلية لموضوع الكذب في القرآن















المزيد.....

نظرة تحليلية لموضوع الكذب في القرآن


سعيد علم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3107 - 2010 / 8 / 27 - 09:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تأخذ كلمة الكذب ومشتقاتها مثل : كذََّب، كذبوا، يكذِّبون، كذِبا، كاذبون، مكذبين، تكذبوا ... الخ ، حيزا كبيرا في القرآن.
حتى أنه لا تخلو سورة من سور القرآن من ترديد مشتقاتها.
مما يدفعنا الى التساؤل: لماذا التركيز على هذه الكلمة بالذات؟
هل لأن البناية القرأنية بأبراجها الإلهية الشاهقة بنيت على هذا الأساس، أم لأن الناس كذبوا بنبوة محمد فاتهمهم بالمقابل بالكذب؟
الجواب الشافي على هذا السؤال نجده في س. آل عمران
{184} " فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ"
هذا يعني ان الله يخاطب محمد بما معناه قائلا : من عادة الناس تكذيب رسلي، ولهذا فلا تكترث لهم يا محمد واصبر على أكاذيبهم".
ولكن هل من الممكن ان تكذب الناس الرسل اذا ما جاء هؤلاء بالبرهان القاطع والاعجاز الساطع، بانهم حقا رسل الله ؟
لا نعتقد ابدا.
كيف لا وهؤلاء الناس الضعفاء امام المرض والألم والجوع والعطش والحر والقر والبرق والرعد والعواصف والزوابع, والاعداء المتربصين بهم من كل الجوانب، ومصاعب الحياة وقسوة الطبيعة وجبروت الموت قد صنعوا لأنفسهم ومنذ فجر التاريخ آلهة واصناما يعبدونها، طلبا للرعاية والحماية والخلود بحياة أبدية ثانية تأتيهم من قوة الهية خارقة وجدوها في الشمس والنار والقمر والنجوم والأهم في السماء الواسعة الأرجاء فوق رؤوسهم وما راء السماء من غيبيات؟
المشكلة هنا ليست بالناس الغلابة التواقين اصلا الى قوة خارقة تعطيهم الأمان وتقف الى جانبهم في صيرورتهم، وتخطف ابصارهم بمعجزاتها، وتسلب عقولهم بنورها، ليقتنعوا بها، بقدر ما هي بمن يدعي النبوة وفشله في اقناعهم.
فيتهمونه بالكذب، لأنهم لم يقتنعوا ببضاعته المعروضة عليهم.
ويتهمهم هو بالمقابل بنفس الاتهام.
هل من حقه ان يتهمهم بالكذب وهو صاحب البضاعة الغيبية؟
الا يوجد هنا تضليل وضلالة في هذا الكذب المتبادل، نستشفه من س. البقرة:
{16} " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"
هذه الآية تظهر تفكير التاجر وكأننا في سوبر ماركت الإسلام ومحمد يعرض للبيع في لغة شعرية سجعية غنائية ساحرة بضاعة الإيمان والهداية والصلاة والصوم والعبادات والثمن الذي سيقبضونه هو الجنة والحوريات وانهار النبيذ والعسل واللبن، والناس ترفض العرض مكذبة وتشتري بدلا منها بضاعة الضلالة الخاسرة حسب ما جاءت به الآية.
حتى ان موضوع فرض الصلاة من خمسين في اليوم الى خمس بعد مساومات مضنية مع الله تظهر بوضوح طبيعة تفكير التاجر العربي الذي يساوم في سوق عكاظ الشهير بشطارة ودهاء وخبث.
وكأن محمدا هنا يمنن الناس على ما حققه لهم من انجاز!
وماذا يبقى للانسان من يومه اذا اقام خمسين صلاة في اليوم ؟
ولمذا يعيش في هذه الحياة اصلا؟ وهل عنده بعد ذلك وقت للعمل والابداع وبناء الحضارة والمجتمعات؟
ولأنهم رفضوا شراء هذه البضاعة الإيمانية من محمد صاروا بنظر القرآن ظالمين ومفترين وضالين وكافرين
الأعراف {37} فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ "
وهكذا ينعت القرآن في س. النحل الذين لا يؤمنون بآياته بالكاذبين؟
{105} "إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ"
ومن هم الذين يكذبون ولا يؤمنون بآيات الله؟
يجيبنا القرآن على هذا السؤال في س. الانشقاق 22، بالتالي" الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُون"
اي ان الكفار هم اناس كاذبون لم يصدقوا بنزول القرآن وادعاء النبوة ويوم الدين وكل ما جاء به محمد.
وما هو مصير هؤلاء المكذبين؟
مصيرهم نجده في س. الأعراف {36} "وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"
ما هذا الحكم الظالم؟ فالله هنا يريد حرق اناس ابرياء لم يرتكبوا ذنبا بحق احد: فلم يقتلوا، ولم يسرقوا، ولم يعتدوا، ولم يغزوا، ولم يسبوا وكل ذنبهم الذي سيخلدهم في النار هو انهم لم يؤمنوا ولم يصدقوا وبالتالي كذبوا برسالة محمد.
ولكن اليست كلمة يكذبون كلمة تضليلية؟
لتوضيح هذه النقطة الجوهرية لا بد من تعريف كلمة كذب ومن هو الكذاب.
الكذب وبكل بساطة هو عكس الصدق. والصادق هو من يقول الحقيقة، والكاذب هو من يعرف الحقيقة ويقول بخلافها, اي بتزييفها جزئيا أو كليا وخلق روايات وأحداث من مخيلته، بنية وقصد الخداع والتضليل لتحقيق هدف معين قد يكون ماديا، او الوصول الى مأرب ما قد يكون معنويا، او الهروب من مأزق ما قد يكون قضائيا.
والشاهد في المحكمة الذي يعرف الحقيقة ويقول عكسها يعتبر شاهد زور اي كذاب. وممكن ان يحاكم ويعاقب على تضليله للتحقيق.
اما الشاهد في المحكمة الذي يقول ما يعرفه او يلاحظه بصدق فلا يمكن ان يلاحقة احد.
واكتشاف الكذبة يشكك بكل المعلومات الأخرى التي أدلى بها الكاذب. وفي هذا الصدد يقول اللغويون :
الْكَذِبُ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ فيه، والصِّدقُ هُوَ مُطابَقَةُ القَوْلُ الضَميرَ والمُخْبَرُ عَنْهُ مَعاً .
دخلنا بهذه التعريفات لتوضيح فكرة في غاية الأهمية وهي ان الكاذب لا يمكن ان يكون كاذبا اذا لم يعرف الحقيقة.
اي ان الكاذب لكي يستحق هذه الصفة يجب ان يعرف الحقيقة في قرارة نفسه ويلمسها او يراها او يرتكبها، الا انه وكما اسلفنا يرفض قولها ويقول عكسها.
ومن هنا فوصف القرآن للرافضين لبضاعة محمد الإيمانية الغيبية بالكذب هو رفض غير صحيح تضليلي وخاطئ.
لسبب بسيط جدا وهو ان عملية الإيمان ليست عملية كذب وصدق بقدر ما هي عملية قبول ورفض
ومن يرفض شراء بضاعة محمد فلا يمكن ان نتهمه بالكذب. خاصة وان هذه البضاعة هي غيبية غير ملموسة وغير مرئية وباعتراف القران نفسه في س. البقرة بقوله.
{2} "ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ" أي يقبلون بفكرة الْغَيْبِ غيبيا اي ما غَابَ عَنْهُمْ مِنْ نزول القرآن وجبريل والله والْبَعْث وَالْجَنَّة وَالنَّار "
الحقيقة هنا غائبة.
ومن يرفضها فهذا حق بديهي من حقوقه ولهذا فلا يمكن اتهامه بالكذب لانه رفض القبول او الاخذ او الاقتناع ببضاعة محمد الغيبية.
ممكن اتهامه بعدم الإيمان او عدم التصديق اما اتهامه بالكذب والكفر والالحاد وما شابه ذلك فهذا تعد غير مقبول على حرية الانسان وفرض الغيب عليه.
ومن هنا فان القول القرآني " لا اكراه في الدين" ينسجم انسجاما كاملا مع تحليلنا هذا.
ويبقى الدين علاقة خاصة جدا بين الانسان وما يؤمن به، وما عدا ذلك هو قهر وقمع واستبداد ومسخ وخنق للعقل الانساني
ويبقى الدين في المسجد والحسينية حفاظا على عقائده ووقاره وغيبياته وافكاره وان خرج الى معترك السياسة فسيفسد ويتعرض للانتقاد سرا او علنا.



#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا معشر الصائمين: ابشروا القبلة حلال!
- ردا على مقالة الأستاذ هايل نصر:- تنويريون-
- قرائن نصر الله ستورطه أكثر(2) الأخير
- قرائن نصر الله ستورطه أكثر(1)
- هل رمضان شهر الصوم ام النوم؟
- الْمُسْتَهْزِئُ
- نصر الله من قفص الاتهام الى الزنزانة
- نصرالله: طز بلبنان وبالمحكمة الدولية !
- السيدة ثورة تنصف الرجل
- علم الدين: يزعزع الايمان ام ينور الاذهان؟(2) والاخير
- علم الدين: يزعزع الايمان ام ينور الاذهان؟(1)
- من يتحمل مسؤولية التغيير ؟
- برهانٌ جديدٌ على أن القرآنَ من صنعِ محمد
- رسالة السيدة ثورة الأخيرة: شريعة أم مشرحة؟
- رسالة من السيدة ثورة: اضربوهن!
- لماذا ينفخ نصرالله في الصور؟
- رسالة السيدة ثورة الثانية: وأئد الروح! (2)
- رسالة السيدة ثورة الثانية: وأئد الروح! (1)
- أخْطاءٌ قُرآنِيَّةٌ: إشكاليةُ المطر!
- نور الدين ينتقد علم الدين ورجال الدين


المزيد.....




- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
- خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ...
- الأرجنتين: القضاء يعتزم محاكمة مسؤولين إيرانيين سابقين غيابي ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...
- حبس رئيس الأساقفة في أرمينيا بتهمة تنفيذ محاولة انقلاب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد علم الدين - نظرة تحليلية لموضوع الكذب في القرآن