أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حازم الحسوني - أتفاق اللحظة الأخيرة في النجف والسيد مقتدى















المزيد.....

أتفاق اللحظة الأخيرة في النجف والسيد مقتدى


حازم الحسوني

الحوار المتمدن-العدد: 941 - 2004 / 8 / 30 - 07:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


لقد هدأ أزيز الرصاص ,وسكتت أصوت المدافع , وأختفى تحليق الطائرات من سماء مدينة النجف الأشرف بعد أن تم التوصل الى إتفاق لوقف الإشتباكات في هذهِ المدينة التي عاشت الدمار والخراب طيلة الأسابيع المنصرمة , فالإتفاق الذي توصلت أليهِ الأطراف المختلفة جاء بدوافع وأسباب عديدة فرضتها ساحة الصراع الميداني العسكري , وبعد أن تأكد لكل الأطراف إستحالة حسم الموقف الميداني عسكرياً , وعقم اللجوء الى الحل العسكري كوسيلة لحل الخلافات السياسية , ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها أنهُ ماذا بعد هذا الوقف لأطلاق النار ؟ وماهيّ الحلول السياسية أو الضمانات لعدم تجددها مستقبلاً ؟ فإذا كان الإتفاق يتعلق بفك الأشتباكات المتعلقة بمحيط او داخل الروضة الحيدرية فماذا عن بقية المناطق والمدن ؟ وماهو المستقبل السياسي لما يسمى بجيش المهدي , وماهو دور الدولة في ضمان الأمن والأسقرار....الخ من الأسئلة التي تؤرق كل متابع للشأن السياسي العراقي .
نعم لقد نجحت لغة الحوار في تجاوز أزمة كادت ان تؤدي بحياة الكثيرين من الأبرياء , ولكن هذهِ الأتفاقية تبقى محدودة التأثير والميدان , و علينا أن لا نعطيها أكثر من حجمها الطبيعي المحدود , فالأتفاقية بكل الأحوال تتعلق بضريح الإمام علي (ع) ومدينة النجف , وهيّ بحق لا تؤسس الى علاقة سياسية جديدة بين السيد مقتدى والدولة العراقية من جهة , ولا بين هذا السيد , والمرجعية الدينية في النجف من جهة أخرى .
أرادت القوى والأطراف المختلفة من خلال هذهِ الأزمة المفتعلة في النجف , والتطور الدرماتيكي لأحداثها , والأتفاق الذي حصل في اللحظات الأخيرة فيما بعد , تحقيق بعض المكاسب السريعة والآنية لحفظ ماء الوجه , و لتغطية الفشل , وعمق الأزمات بين بعضها البعض , فمن جهتها أثبتت الحكومة والجيش الوطني عجزهما عن إمكانية السيطرة على فرض الأمن والقانون والأستقرار في البلد , والتيقن من عدم إمكانية الحل العسكري للسيطرة على النجف والصحن الحيدري بسبب حساسية الموقف الديني من هذهِ المدينة والموقع , ولكنهم أرادوا الخروج بمظهر الطرف القوي المفاوض , والمسيطر على الأوضاع , أما جماعة السيد مقتدى فتأكد لهم بعد الحصار في داخل الروضة الحيدرية بانهم منعزلين عن العالم الخارجي , و ليس بأمكان أحد من التحرك الميداني لمساعدتهم , و فك الحصار عنهم , أضافة الى خيبة الأمل التي أُصيب بها السيد مقتدى واتباعهِ داخل الصحن حيثوا كانوا يأملوا أن يهب الشعب العراقي الى نجدتهم , وهو الذي كان يعتقد بأن هذا الشعب ممكن تحريكهِ بضغط زر!!! , بل حتى المرجعية تخلت في البدء عن التحرك , فلذلك تمسك السيد مقتدى حتى الحظات الأخيرة بمفاتيح الروضة الحيدرية أحراجاً لموقف المرجعية , وللعمل على زجها في الأزمة لأنقاذ ما يمكن أنقاذهِ , وبالتالي من خلال تمسكهِ بهذهِ الورقة (مفاتيح الروضة ) أستطاع السيد مقتدى ضمان خروج مقاتليهِ من الصحن وعدم تسليم الأسلحة أو أخفاءها كما صرح أتباعهِ بعد خروجهم من الصحن الحيدري , ولكن هذا لم يخفي حجم الهوة بين الطرفين , فهي معركة لا بد من التسليم بخسرانها , ولكن على الأقل الحفاظ على ماء الوجه .
أما الحوزة فأرادت التحرك بمسؤولية فأختارت اللحظة المناسبة لذلك بعد أن ظلت صامتة بعض الوقت متمسكة بالنداءات لحل الأزمة , الإ ان تحركها في اللحظة الأخيرة كان منصباً بجوهرهِ في السيطرة على الروضة الحيدرية وأخراج أتباع السيد مقتدى منها , وللدخول بالمعركة السياسية كطرف , وثقل تختفي وراءهِ قوى سياسية إسلامية محددة , فخروج جماعة الصدر من الصحن وأخلاء النجف والكوفة من السلاح كان هدف المرجعية الأساسي وهو ما تأكد في ما أطلق عليهِ مبادرة اللحظة الأخيرة للسيد السيستاني لحل أزمة النجف , ولكن هذهِ المبادرة لم تعنى كثيراً بالموقف من جيش المهدي وآثرت على أن لا تثيُر المشاكل معهُ , بل لم تحدد موقفها منهُ , وبالتالي أخفت الخلافات معهُ تحت الرماد .
يكثر الحديث وتكثر المطالبات بتحويل جيش المهدي الى قوى سياسية , ودعوتهِ الى الإنخراط في العملية السياسية الجارية في البلد , والهادفة الى تمهيد الظروف للأنتخابات العامة في كانون الثاني عام 2005 , وتهيئة المستلزمات اللازمة لإنهاء الوجود الأجنبي في العراق , وإعادة السيادة الكاملة , فهذهِ الدعوات بجوهرها صحيحة وضرورية , ولكن هل يستجيب الصدر لهذهِ النداءات ؟ أو بالأحرى هل السيد مقتدى وجماعتهِ مؤهلين ضمن تركيبتهم ونهج تفكيرهم الحالي أن يصبحوا قوة سياسية ذات برنامج تنخرط في العملية السياسية ؟ أنا شخصياً أشك في ذلك بحكم متابعتنا لسلوك وتصرفات اتباع السيد طيلة الفترة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية في نيسان 2003 ولحد الآن , فهذا السلوك والنهج أستند على سياسة إلغاء الآخر والإدعاء بتمثيل الشعب العراقي , والتطلع الى زعامتهِ بكل الوسائل بما فيها ممارسة الضغط , وإستخدام القوة على المواطنات والمواطنيين , فسجل الإنتهاكات طويل ولا مجال لسردهِ الآن , أضف الى هذا الخطاب السياسي الذي أستندَ على دغدغة المشاعر والأحاسيس دون برامج واقعية تحفظ الأمن وتنتشل العراقيين من أوضاعهم الصعبة الحالية , وخلق الخلافات والصراعات السياسية مع كل الأطراف السياسية الأخرى ...الخ .
لم يطرح السيد مقتدى لحد الآن أي برنامج سياسي , ولا أظنهُ سيفعل ذلك في المدى المنظور , فقد تحول تيارهِ وجيش المهدي فيما بعد الى وعاء أمتلأ بالعديد من العناصر, و الأطراف ذات المصالح والإتجاهات السياسية المتناقضة الذين تستروا بيافطة مقاومة الإحتلال , فبإمكان أي متابع أن يتلمس حجم التناقضات في التصريحات , والمواقف السياسية لهذا التيار التي تُعبر بجوهرها عن حجم الخلافات , وعن طبيعة القوى والعناصر الموجودة فيهِ , فلم يعد سراً على المواطن العراقي وجود أزلام وفدائي صدام داخل التيار أو عناصر مرتبطة بالمخابرات الإيرانية ..الخ , فبحكم هذا الخليط العجيب داخل التيار أو بحكم التأثيرات الخارجية الأقليمية والعربية عليهِ نعتقد جازمين بصعوبة تمكن هذا التيار من صياغة برنامج سياسي - أقتصادي - أجتماعي متكامل , هذا أضافة الى عدم أستعدادهِ للأقرار بالتعددية الحزبية , والفكرية داخل المجتمع , وإحترام الرأي الآخر .
أن الأتفاق الأخير المتعلق بإنهاء الأشتباكات في مدينة النجف والكوفة أبقى الكثير من المسائل عالقة , فالإشتباكات ممكن أن تندلع في أي لحظة , وفي أي موقع آخر فليس هناك ضمانات لعدم إندلاعها , أما جيش المهدي فهناك مصلحة لأكثر من طرف داخلي وخارجي بأبقائهِ كوسيلة ضغط , وإبتزاز على الحكومة , وعلى سير العملية السياسية , والى حدٍ ما على قوات الإحتلال , وهذهِ الأخيرة مسُتفيدة من حالة الفوضى , والفلتان الأمني وتحركات ما يسمى بجيش المهدي لتبرير إطالة أمد البقاء في العراق , ومواصلة الضغط على الحكومة العراقية الحالية أو القادمة بفرض الأجندة السياسية والأقتصادية والأمنية عليها بحجة عدم مقدرتها في السيطرة على الأوضاع دون الإستعانة بقوات الإحتلال , فهل يدرك السيد مقتدى وأتباعهِ حجم هذهِ الخدمة المجانية التي يقدموها الى قوات الإحتلال التي يدعونَ مقاومتها ؟
أن الظروف المعقدة الحالية التي يمر بها العراق , وحجم المعاناة الكبيرة التي يعيشها العراقيات والعراقيين من فقدان للأمن , والبطالة , وإنقطاع الكهرباء , والشحة في توفر الماء الصالح للشرب , وفقدان الخدمات الأساسية للمواطنين , تتطلب وجود حكومة ذات تمثيل شعبي واسع تتمتع بالمصداقية والشفافية في تعاملها مع الأحداث , وعلاقتها مع المواطنين , فعليها الإفصاح بكل وضوح عن حجم إمكانياتها في الظروف الحالية , أو مدى مقدرتها على إنجاز برامجها المؤقتة , فهي بطبيعة الحال حكومة إنتقالية لفترة محدودة لا ينُتظر منها أن تعمل المعجزات , ولكن الشفافية مطلوبة لكي تلقى هذهِ الحكومة الدعم الشعبي المطلوب لتسهيل إنجاز مهامها ومساعدتها في فرض الأمن والقانون على الجميع دون إستثناء , فليس هناك من هو فوق القانون , وبهذا المجال لا بد من التأكيد على حل المليشيات المسلحة جميعاً دون إستثناء , والعمل على إنخراط أفرادها في الجيش الوطني أو تسريح منتسبيها مقابل تعويضات مادية معينة تعُينهم على الإنخراط في الحياة العامة .
أتمنى كما يتمنى الكثير من العراقيين أن تكون أحداث النجف المأساوية هي ّ الأخيرة , وأن يكون السيد مقتدى قد أستفاد من هذهِ التجربة , فعليهِ إدراك حجم الدور الخطر الذي يقوم بهِ ولمصلحة من , وعليهِ التخلي عن سياسة إلغاء الآخر , وإحترام التنوع السياسي والفكري والقومي والديني في المجتمع العراقي , فالواقع العراقي الجديد لا يتحمل الإنفراد في السلطة أو بالقرار , ولا يتحمل أيضاً ظهور دكتاتورية جديدة تحت أي يافطة كانت , فدكتاتورية صدام المقُيتة لا زالت عالقة في الأذهان , وذاكرة الناس مازالت طرية و تتحدث عن ممارسات وسلوك رجالات وأزلام نظام المقابر الجماعية الساقط .
السويد 28-8-2004



#حازم_الحسوني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة دشت زه - صفحة مجيدة في تاريخ حركة الأنصار الشيوعيين
- المقاومة المسلحة للاحتلال بين دجل الأدعاء وحقيقة الأهداف
- نقاط الضعف والقوة في الحكومة الأنتقالية القادمة
- من لهُ مصلحة في إغتيال السيد عز الدين سليم ؟
- أسئلة لدعاة الإسلام السياسي في عيد العمال العالمي
- الدوافع وراء سماح بريمر بعودة البعثيين من جديد
- رؤية في الصدامات التي حصلت بين قوات الاحتلال وأتباع السيد مق ...
- قراءة في الخطاب السياسي الإسلامي
- عام على سقوط الدكتاتورية واحتلال العراق- وقفة تأملية
- تساؤلات وباقة ورد في يوم المرأة العالمي
- أوقفوا الباحثين َعن الجنةِ من العبور ِ فوق أجسادنا
- تظاهرات كركوك – دروس وعَبر
- سياسة فرض الأمر الواقع الأمريكية
- محاكمة صدام والمطلب الشعبي العراقي
- السيد مقتدى الصدر واللعبة السياسية


المزيد.....




- ترامب: سكان غزة يتضورون جوعا.. وسنساعدهم ليحصلوا على -بعض ال ...
- عقب ضربة إسرائيل لليمن.. الحوثي يتوعد برد قوي
- الحكومة الفلسطينية ترفض الآلية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع ا ...
- طرق فعالة لمحاربة إدمان الحلويات
- ترامب يرجح عقد اتفاق تجاري مع كندا خلال زيارة كارني
- -سي إن إن-: وزير الدفاع الأمريكي يخفض 20% من المناصب القيادي ...
- حزب -إصلاح المملكة المتحدة- البريطاني يحظر رفع الأعلام الأوك ...
- وزير الاتصالات السوري يبحث مع السفير السعودي سبل تطوير التعا ...
- وسائل إعلام: ترامب لا يشارك في الجهود لوقف إطلاق النار بين إ ...
- أسرار تحسين ملامح الوجه بأساليب بسيطة وفعّالة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حازم الحسوني - أتفاق اللحظة الأخيرة في النجف والسيد مقتدى