أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حازم الحسوني - قراءة في الخطاب السياسي الإسلامي















المزيد.....


قراءة في الخطاب السياسي الإسلامي


حازم الحسوني

الحوار المتمدن-العدد: 791 - 2004 / 4 / 1 - 09:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عمدت قوى الإسلام السياسي ومنذُ سقوط النظام الدكتاتوري في التاسع من أبريل 2003 ولحد الآن على إستغلال الظروف التي يمربها الشعب العراقي , و فرض أجندتها السياسية وبكل الوسائل , ومنها بالتأكيد غير الشرعية وغير المسموح بها , متجاهلة بذلك التجربة الدموية لحزب البعث الذي حكم العراق بالحديد والنار طيلة خمسة وثلاثين عاماً , والتي أستندت على فلسفة أحتكار السلطة , ورفض أي صوت معُارض , والتنكيل بالخصوم السياسين , وذلك تحت أسماء وأغطية مختلفة بحجة تعارضهم مع( مبادئ ومسيرة الحزب القائد ), ومتجاهلة أيضاً التجربة المريرة لدول الجوار وخاصة ً ايران في تنكرها لحقوق القوميات المتآخية مع القومية الفارسية , وعدم إحترامها لحقوق الإنسان , وتنكيلها بكل القوى السياسية التي ساهمت في الثورة ضد نظام الشاه بذريعة عدم إنسجامهم مع مبادئ الثورة الإسلامية , والتي يفترض ان تكون إنسانية !!, و وصل الأمر الى حد حرمان هذهِ القوى من الحق في العمل السياسي , وغلق مكاتبهم ومقراتهم , وتعرض أنصارهم الى السجون والمعتقلات والنفي .

الطريف في الأمر وهو المُضحك المُبكي , أن قادة الثورة الإسلامية أدركوا بعد مرور قرابة العشرينَ عاماً على قيام الثورة بأن هنالكَ حقوقاً للبشر يجب إحترامها , فلذلك نشأت حركة من داخل المؤسسة الإسلامية الحاكمة نفسها سُميت بالإصلاحية تأمل في تلافي الأخطاء والحفاظ على ما تبقى من التجربة , فالصراع كانَ وما زالَ مستمراً حتى بعد إنتهاء مرحلة الأنتخابات بين الأصلاحيين والمحافظين , وربما يتطور الصراع ويأخذ أبعاداً أخرى اذا ما أستمر تزمت المحافظين في أستحواذهم على مقاليد الأمور وتجاهل مطاليب الشارع الإيراني .

من الجهة المقابلة أدركت دول الإسلام السني ( دول الخليج مثلاً), أنهُ لا بد من إجراء تغيرات وإصلاحات تتماشى مع الديمقراطية وحقوق الأنسان , وان كانت بحدود ضيقة أملتها الظروف الدولية , فهيّ غير نابعة من قناعة داخلية ولا تطور لوعي وفكر السلاطين والحكام والأمراء .

يبدو ان ممثلي ودعاة الإسلام السياسي (يجب التنويه الى أن حديثنا لا يعني الإسلام كدين وعقيدة وأنما نعني بهِ خطاب وممارسة القوى التي تدعي تمثيل الإسلام ) , لم يستفيدوا من تلك التجارب المريرة والدموية السابقة , فممارساتهم العملية وخطابهم السياسي , خلال الفترة التي أعقبت سقوط صدام ولحد اليوم يمكن وصفهما بمايلي :

1- تهيّج المشاعر والعواطف , وإستغلال حاجة الناس في التعبير عن مشاعرها الدينية وممارسة طقوسها وشعائرها بكل حرية , وذلك لأعتبارات سياسية محضة بعد أن حُرموا منها طيلة فترة حكم البعث.

2- إستخدام القوة غير المشروعة في فرض الرؤى , والأجندة السياسية على المواطنين , دون مراعاة واحترام لأبسط حقوق الإنسان والمواطنة ( تعرض الأخوة المسيحين في مدينة البصرة الى المضايقات والإعتداءات الجسدية وتصفية البعض بحجة بيع الخمور في العديد من مدن العراق , وفرض الحجاب والتضيق على النساء السافرات وتحريم ارتداء الملابس العصرية كما حصل في جامعة البصرة , طبقاً لما نشرتهُ جريدة الزمان بتاريخ 19-5-2003) , وغيرها من الممارسات المُشينة التي أثارت أستهجان وتندر الكثير من العراقيين , أضف الى هذا تشكيل المليشيات والحركات المختلفة تحت يافطة الإسلام كجيش المهدي وجيش أنصار السنة وحزب التحرير الإسلامي ...الخ من القوى التي لن تتردد من إ ستخدام القوة في فرض رؤاها ونمط تفكيرها السياسي دون مراعاة التنوع الديني والقومي والسياسي للمجتمع العراقي .

3- اللجوء المؤسف الى العنف في حل الخلافات , وتصفية الحسابات القديمة الجديدة ضمن أتباع المذهب الواحد كما حصل في الصدامات التي شهدتها مدينة كربلاء , وغيرها من حالات التوتر بين الحين والآخر التي تحصل بين الأطراف المتنافسة وخاصة بين أتباع السيد مقتدى الصدر وأتباع منظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق .

4- الضبابية وعدم وضوح الأهداف , والتقلب في المواقف السياسية ( حسب مد وجزر ردود الأفعال الشعبية والسياسية الأخرى ) , ومحاولة التملص من الوعود والأتفاقات التي تمت سابقاً مع أطراف الطيف السياسي العراقي حول مستقبل العراق وشكل الحكم فيهِ , وأحترام حقوق الإنسان (الموقف من الفدرالية للشعب الكردي , والموقف من المرأة , وأخيراً أثارة ما يسمى بالتحفظات على قانون أدارة الدولة العراقية) فالقرار الجائر 137 الصادر من مجلس الحكم بألغاء قانون الأحوال الشخصية , تم بمباركة وتوقيع قوى الإسلام السياسي , وهو خير دليل على ذلك الإنقلاب في المواقف .

5- غياب البرامج السياسية العملية الملموسة , والقادرة على معالجة التركة الثقيلة للنظام الفاشي المنهار ( الأقتصادية والأجتماعية والسياسية ) , فالحديث عن عموميات تطبيق الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي لم يعد كافياَ (خصوصاً أذا أخذنا بنظر الأعتبار تجارب التاريخ المختلفة التي تلحفت بغطاء الإسلام السياسي ) لانتشال العراق وشعبهِ من الحالة التي يعيشها , في ظل تراكم الديون , والدمار الذي شمل العراق كافة , أضافة الى التهديدات التي تمس مستقبل العراق السياسي وأستقرارهِ .

6- تأليب مشاعر العداء للقوميات , وخاصة الكردية التي تشكل القومية الثانية في العراق بعد العربية , والوقوف ضد تطلعهم المشروع في الفدرالية ضمن العراق الديمقراطي الموحد , وهنا يُراد استنساخ التجربة الايرانية بتنكرها لحقوق القوميات , بحجة أن دولة الإسلام واحدة , ومبادئها تُطبق على الجميع , ولا فرق بين المسلمين وان أختلفت قومياتهم , فلا داعي لأشكال حكم أخرى للقوميات (حكم ذاتي , فدرالية ...) ضمن دولة الإسلام الواحدة .

7- بداية تغليب الطابع الطائفي ( وان كانَ بحدود ضيقة لحد الآن ) على الخطاب السياسي لهذهِ القوى .



الموقف من الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان

أن من أبرز الدروس المستخلصة من تجربة حكم البعث في العراق , وكما أشرنا سابقاً هو أنتهاج سياسة أحتكار السلطة , ونبذ الآخر , وإنتهاك حقوق الإنسان السياسية والمدنية , وحرمان المواطنين من أداء شعائرهم وطقوسهم الدينية بكل حرية , والتعامل بالحديد والنار في حل القضية الكردية , أضف الى هذا المضايقات والأنتهاكات والتميز الذي مورس ضد أبناء الأقليات القومية والدينية الأخرى كالتركمان , والأيزيدية , والمسيحية , والصابئة , فالأنتهاكات شملت الجميع دون أستثناء ألا ما ندر .

أن هذا الدرس البليغ يفترض ان نذكّر بهِ دائماً كل من يريد ان يبني عراقاً آمناّ جديداً خالياً من أنتهاكات حقوق الإنسان , فعليهِ ان يحترم الحريات السياسية للمواطنين , وضمان حقهم في التفكير والمعتقد , وعليهِ ان يحترم أيضاً الحريات العامة للعراقيات والعراقيين , وضمان حق المرأة في العمل , وكفالة حقوقها المختلفة أسوة ً بالرجل , وضمان مكانتها اللائقة في المجتمع دون إنتهاكات , وحماية الأمومة والطفولة ...الخ , وأن يسعى جاداً وصادقاً الى حل عادل للقضية القومية في العراق الموحد , وان يحترم التنوع الثقافي والديني والمذهبي والقومي للمجتمع العراقي .

أن الديمقراطية و منظومة حقوق الإنسان واسعة ومتعددة , ولكنها واحدة , وغير قابلة للتجزئة , فهي ّ تسعى الى بناء نظام أجتماعي يرتكز على إبداع الإنسان وأحترام إرادتهِ وخياراتهِ السياسية والفكرية , ومشاركة الجميع نساءاً ورجالاً في بناء المجتمع , وهيّ بطبيعة الحال لا تتعارض مع الأديان , وأنما تعمل على تأسيس نظام قانوني يحترم ويضمن حقوق معتنقي هذهِ الأديان وخياراتهم العقائدية , وبنفس الوقت تحترم وتضمن حقوق القوميات المختلفة في المجتمع الكبيرة منها والصغيرة .

الحديث عن إحترام الحريات وممارسة الديمقراطية يكون عديم الجدوى دون ضمانات ومؤسسات قانونية, ولذلك لابد من بناء مؤسسات قضائية عراقية مستقلة عن الدولة مهمتها حماية حقوق الأفراد والجماعات للممارسة الديمقراطية , وأطلاق طاقات البشر الخلاقة .

بأمكاننا تصنيف قوى الإسلام السياسي في فهمها وتعاملها مع الديمقراطية والحريات المدنية الى عدة قوى منها :

أولاً - قوى ترفض بشكل كامل مبدأ الديمقراطية , وتعتبرها بضاعة مستوردة من الغرب الصليبي الكافر , والديمقراطية لا تنسجم مع قيم وأخلاق المجتمع الإسلامي , وتدعو الى الإباحية ...الخ , هنا تقف قوى الإسلام السياسي المتشددة بشقيها السني والشيعي هذا الموقف , فهناك من يدعو الى العودة الى السلف الصالح بتطبيق تعاليم الإسلام , والآخر يدعو الى هلاميات , ويردد دائماً ( نحنُ نُريد تطبيق تعاليم الإسلام ) دون ان يخبرنا كيف , وما هيّ برامجهِ السياسية والأقتصادية والأجتماعية ....الخ , هذهِ القوى لازالت متمسكة بالخطاب السياسي العقيم , والذي لم يتغير طيلة أربعة عشرَ قرناً دون ان تأخذ بنظر الأعتبار التطور الذي حصل على وعي وتفكير الإنسان طيلة هذهِ القرون الطويلة .

ثانياً - قوى ترى , أنهُ ممكن التعامل مع مبدأ الديمقراطية في مراحل معينة ! عندما ترى أن كفة ميزان الشارع العام تمُيل لصالحها مُستغلة بذلك الجو الديمقراطي وحاجة المواطنين لممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية , وأستثمار الحس الديني لأعتبارات سياسية بحتة , ولكن بإستخدام هذهِ الورقة كسُلم للوثوب للسلطة , وثم التنكر لحقوق الآخرين في العمل السياسي , وإحتكار السلطة , وممارسة اللإستبداد بحجة الحفاظ على النظام الإسلامي .

ثالثاً - قوى تحاول الظهور بمظهر سياسي مُعتدل , فهيّ تسعى الى مزج مفاهيم وقيم الإسلام مع قيم الديمقراطية السياسية , ولكنها تخشى الأقتراب أكثر من القوى السياسية الديمقراطية في مسعاها لصياغة برنامج عمل سياسي ديمقراطي مُتحضر يحترم حق الجميع في العمل السياسي , ويحترم دولة القانون والمواطنة , وبنفس الوقت تخشى هذهِ القوى الأبتعاد بعلاقتها عن المرجعية الدينية خوفاً من فقدان جماهيريتها وهويتها الدينية هذا من جهة , ومن جهة أخرى تخشى الخضوع لتأثير المرجعية السياسي والديني , لأنها تعتبر نفسها خطاً سياسياً مستقلاً يريد الأحتفاظ بعلاقاتهِ المتشعبة , ولذلك تراه يراوح مابين الأمرين .

رابعاً – أفراد وشخصيات مُعتدلة وعقلانية تحترم الرأي الآخر والتنوع السياسي والقومي والديني والطائفي للمجتمع العراقي لكنها تبقى محدودة الفعل والتأثير على القرارات السياسية الكبرى .

أن الخطاب السياسي الإسلامي واللغة التي يتم بها حصر المجتمع العراقي بالقوميات والطوائف الكبيرة فقط , لا يخدم التوجه الديمقراطي لبناء المجتمع , ولا الى معالجة التركة الثقيلة للنظام الفاشي المنهار على المواطن العراقي بل تهدف هذهِ اللغة الى تعزيز مصالح وطموحات هذهِ القوميات والطوائف على حساب الآخرين , فمبادئ الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان جاءت أساساً لأحترام حقوق ومصالح كل التكوينات القومية والدينية والعرقية في المجتمع بغض النظر عن حجمها , وبشكل متساوي وبدون أفضلية هذا الطرف على الآخر , فأذا اردنا إحترام هذهِ المبادئ وقيمها الإنسانية , علينا الإلتزام بها وأخذها ككلٌ واحد , وأن لا يتم الأنتقاء منها لأسباب تكتيكية , وإستخدامها كورقة جواز لعبور أو تجاوز مرحلة معينة , فهيّ في جوهر الأمر قناعة وممارسة عملية , ومشروع للبناء الإنساني للمجتمع العراقي الجديد .

كيف يمكننا الموافقة على قول السيد عبد العزيز الحكيم حينَ يتحدث عن مجلس السيادة مع وكالة الصحافة الفرنسية والمنشور في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 05-02-2004 عندما يقول ( أن السبب وراء ايجاد مجلس سيادة هو حل المشكلة , وأذا أردنا التحدث بصراحة أكثر فان الأكراد ظلموا كثيرا ولديهم الكثير من الخشية وبالتالي يرغبون في ان يكونوا في مواقع مختلفة ) وقال ايضاً حول العرب السنة ( قد يقولون : اذا لم نكن في مواقع مختلفة فسيكون هناك قلق ازاء هضم حقوقنا وتهميشنا ) أما عن الشيعة فأضاف (أما الشيعة فهم يقولون أننا ظلمنا طيلة الفترة السابقة ) .

أن هذا الأختزال للمجتمع العراقي حسب هذهِ التصنيفات القومية والطائفية لا يطمئن ولا يبعث على التفاؤل , وثم تطمين المصالح على هذهِ الأسس , هو نذير شؤوم ويبتعد كل البعد عن الرغبة الصادقة والملحة للتخلص من أعباء الفترة الصدامية المظلمة , ولا تنسجم أصلاً مع مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتي نحنُ بحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى , وبالمناسبة هناك من الأصوات القومية الكردية التي تأخذ المنحى ذاتهِ في تصنيف المجتمع على هذهِ الأسس وتعتبرهُ أمراً واقعاً لا مفر منهُ ( حديث السيد جلال الطلباني في افتتاح مؤتمر المصالحة المنعقد في اربيل ويقول فيهِ..لنتحدث بصراحة فان المجتمع يتكون من الشيعة والسنة وشعب كردستان ) .



أين هيّ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة المواطنة التي تتحدثون بها ليل نهار ؟

هذهِ المبادئ أيها السادة لا تضع فروقاً بين البشر على الأسس القومية والطائفية , وأنما تتعامل مع الجميع على قدر المساوات في الحقوق والواجبات , وتضمن للجميع حقوقهم بغض النظر عن كل شيء , فنحن بحاجة الى خطاب إنساني وعراقي خالص وليس الى خطاب يطمئن مصالح هذهِ القومية أو تلك الطائفة المعينة .

أما تصريحات السيد محسن عبد الحميد لصيحفة القبس الكويتية بتاريخ 25 فبراير 2004 حول أغلبية السنة في المجتمع العراقي , فهيّ لا تختلف عن منهجية الآخرين في تقسيم المجتمع العراقي الى طوائف وقوميات كبيرة عانت من الظلم الصدامي , ألا أنهُ يضيف عليهِ طابعاً طائفياً أكثر حين يقول ( نعم , منذ بداية الأمر نتيجة للمظالم التي وقعت على الشيعة وحتى على السنة أيضا ولكنهم اعلاميا أظهروا انفسهم على انهم الأكثرية والأمريكان ساروا معهم في هذا الأمر وأعطوهم صوتاً زائداً في مجلس الحكم وعلى الرغم من اننا شعرنا بشيء من التهميش لكننا دخلنا المجلس معتقدين أن الشعب العراقي شعب واحد وعليهم ان يتعاونوا جميعاً في سبيل إنقاذ العراق من الكارثة التي وقع فيها ).

الحديث الطائفي هذا لا يمكن الأطمئنان اليهِ أيضاً, فأعطاء الشيعة مقعد أكثر في مجلس الحكم يبدو لي انهُ الشغل الشاغل الكبير الذي يفكر بهِ السيد محسن , أكبر من الهم والكارثة التي تحيط بالمجتمع العراقي !!!

لنتوقف قليلاً هنا ونتمعّن في اقوال وتصريحات من يعتقد بتمثيلهِ للإسلام السياسي , ولندرك حجم الهوة الفسيحة بين اقوال هؤلاء ومعاير الديمقراطية وحقوق الإنسان , ونترك للقارئ الحليم أن يتصور حجم الكارثة المحيقة بشعب العراق لو أستمر هؤلاء على النهج ذاتهِ :

* الناطق باسم حزب التحرير الإسلامي يتحدث الى جريدة الحياة بتاريخ 7-2-2004 عزام الياور " ان الحزب يسعى الى إقامة حكم إسلامي مطلق بعد زوال الاحتلال الأمريكي " لكنهُ لم يخبرنا كيف وهل هو على غرار حكم الطلبان في افغانستان حيث منع المراة من العمل والدراسة أم تحريم الموسيقى والفنون أم بفرض أطلاق اللحى على الرجال وتحديد طولها بالسنتيمترات ..الخ ؟ !

يضيف الناطق بأسم هذهِ الجماعة (ان حزب التحرير تلقى دعوة من هيئة علماء المسلمين ومجلس شورى اهل السنة والجماعة للأنضمام اليهم لكنهُ رفض الدعوة ) , ياترى لماذا رفض هذا الحزب هذهِ الدعوة , ولماذا دعت هذهِ الهيئة أصلاً , هذا الحزب من الأنضمام الى صفوفها ؟

* تحدثت جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 28-2-2004 عن بيان تلقتهُ من ( جيش انصار السنة ) وبلسان أميرهم المدعو أبو عبد الله الحسن بن محمود يقول ( ان القتال الدائر على ساحات محافظات اهل السنة في العراق , أنما هو جهاد في سبيل الله تعالى ) .

وهاجم البيان المذكور مجلس الحكم والحكومة العراقية قائلاً ( لقد دخل أعضاء هذهِ الحكومة في ركاب الجيش الصليبي , وقد تربوا على أعينهم في أمريكا وبريطانيا , فكان لهم على أعضاء الحكومة فضل الأيواء , وقد رد هؤلاء ذلك الفضل بان أصبحوا اعضاء في حكومة يرأسها أمريكي ) .

لا نريد الأقتباس أكثر من هذا البيان الذي يحمل في طياتهِ وفقراتهِ (التي تركناها لمن يريد العودة اليها في العدد المذكور أعلاه ) كل معنى الطائفية البغيضة , والحقد الأعمى على ممثلي الطوائف الأخرى , وتأليب أبناء العراق على بعضهم البعض .

*السيد مقتدى الصدر في خطبة يوم الجمعة في مسجد الكوفة بتاريخ 17- 5-2003 ( أن قوات التحالف الأمريكي – البريطاني لا تتمتع باي سلطة شرعية , أنا المتحدث بأسم الشعب الشيعي , أنا الوحيد المؤهل شرعاً لقيادة الشيعة ) .

*خطبة السيد حازم الأعرجي في مسجد الأمام موسى الكاظم ( ع) بتاريخ 8-8-2003 , وتحاملهِ على مجلس الحكم دون أستثناء احد حيث يقول ( أن ما يسمى بمجلس الحكم لو نا قشناه مناقشة موضوعية نجده مجلساً محكوماً وليس مجلس حكم , أنهُ مجلس خنثى لا ذكر ولا انثى لأن الذكر من المستطاع ان ياتي بثمرة والأنثى من المستطاع ان تأتي بثمرة لكن هذا خنثى لن يلد ولن يستطيع ان يولد ) .

ويضيف هذا السيد قائلاً( أن المجلس جمع فصائل عديدة ومختلفة وأسألكم ( يخاطب مستمعيهِ ) بالله تعالى هل يوجد فيهم خط جاهد واعطى من الشهداء افضل من الخط المرجعي وبالأخص الخط الصدري ) , اتمنى ان لا يدخلنا هذا السيد بالمزايدة على الآخرين فكل الشهداء هم أبناء العراق وان أختلفوا على شكل ولون الرايات التي وقفوا تحتها ولكن رايتهم الأكبر كانت هيّ سعادة وحرية شعب العراق , وتخلصهِ من الكابوس الفاشي الصدامي الجاثم على صدور أبناءهِ .

أما أسلوب التخوين والأتهام بالعمالة للآخرين دون تروي , فهو البؤس الفكري بعينهِ والأفلاس السياسي , كيف يسمح هذا السيد لنفسهِ بأطلاق النعوت هذهِ على الآخرين ؟ حين يقول ( أن بعض الموجودين في المجلس (مجلس الحكم ) لا يمثلون أخواننا السنة لأن هناك من أخواننا السنة من جاهد واعطى الشهداء واعطى الغالي والنفيس من اجل العراق لكن الأسماء الموجودة في المجلس كلها لعملاء لأمريكا منذ سنوات عديدة ) .

ويضيف ( نقول لكل المعممين الموجودين فيهِ ( أي المجلس ) مع الأسف أن تاريخكم كان جميلاً واصبح أسوداً لأنكم أصبحتم عملاء بكل معنى الكلمة ) .

أخيراً نقول أننا نستميح القارئ عذراً لهذهِ الأطالة , ونؤكد أن من حق أي مواطن أن يعبر عن افكارهِ وتطلعاتهِ السياسية بكل هدوء , وعليهِ أن يحترم حقوق الآخرين بذلك أيضاً , ولكن ليس من حقهِ إجبار الآخرين على نهجهِ وسلوكهِ السياسي , وبنفس الوقت ليس هناك حق لكل فرد أن يتحدث بأسم الآخرين , فلكل إنسان صوتهِ وسوف يعبر عن ذلك بكل حرية ووعي , عندما تتوفر الظروف النزيهة والحقيقية لذلك , والتي نأملها قريباً , أما خطاب وسلوك دعاة الإسلام السياسي , فهو يرمي بجوهرهِ الى تأخير وعدم قدوم هذهِ اللحظة التي تصوت بها العراقيات والعراقيين بكل حرية لأختيار مستقبلهم السياسي والأقتصادي والأجتماعي والثقافي , وألا ما معنى الضغوط التي تمارس على المواطنات والمواطنين الآن في البصرة ومدن العراق الآخرى ؟

السويد في30-3-2004



#حازم_الحسوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام على سقوط الدكتاتورية واحتلال العراق- وقفة تأملية
- تساؤلات وباقة ورد في يوم المرأة العالمي
- أوقفوا الباحثين َعن الجنةِ من العبور ِ فوق أجسادنا
- تظاهرات كركوك – دروس وعَبر
- سياسة فرض الأمر الواقع الأمريكية
- محاكمة صدام والمطلب الشعبي العراقي
- السيد مقتدى الصدر واللعبة السياسية


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حازم الحسوني - قراءة في الخطاب السياسي الإسلامي