أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أمير زكي وقصصه الجميلة














المزيد.....

أمير زكي وقصصه الجميلة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 07:39
المحور: الادب والفن
    


كثيرا ما أتذكر بالتقدير والمحبة عبد الفتاح الجمل (1923- 1992) الكاتب والصحفي ودوره في الستينات . حينذاك كان الملحق الأدبي بالأهرام منبرا للكبار الراسخين أما الصفحة الثقافية التي أشرف عليها الجمل في جريدة المساء فكانت على العكس منبرا لمن لم يسمع أحد عنهم من قبل . قدم الجمل أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي ويحيي الطاهر عبد الله ومحمد البساطي وكثيرين ممن صاروا أعلاما . أتذكر الجمل كلما التقيت بشاب موهوب حقا لكنه لا يعرف طريقا للنشر . الآن أقدم هنا قصة " لاكي " لكاتب أنتظر منه الكثير هو أمير زكي . يمكنك أن تتأمل موهبة القصاص الكبيرة في الجملة الأخيرة من القصة " فقد يتلاشى الليل في أية لحظة " !
" كنت أسير بجانب المسرح القومى وفوجئت بلافتة تقول أن مسرحية فى انتظار جودو تُعرض الآن ، لم أر المسرحية مشخّصة من قبل ، لذلك لم أضيّع الفرصة وقررت اللحاق بالعرض . وجدت منفذ التذاكر مغلقاً ، بل وكانت ساحة المسرح كلها خالية ، فلم يكن هناك رجال أمن أو عاملين ، ولم يوقفنى أحد ليسألنى عن تذكرتى حتى دخلت قاعة العرض .
فى القاعة كان عدد الجمهور لا بأس به ، وكلهم كانوا مأخوذين بأحداث المسرحية ، نظرت إلى الممثلين على الخشبة ، وعرفت أن الفصل الأول قد تجاوز منتصفه ، حسب تسلسل الأحداث الذى قرأته فى الكتب ، فقد كان لاكى ينهى مونولوجه المفكك وفلاديمير واستراجون يحاولان إسكاته ، وما لفت نظرى هو الممثل الذى يقوم بدور لاكى فقد كان قوى البنية وطويل طولاً ملحوظاً ، بما لا يتناسب مع لاكى ، أمعنت النظر فيه فإذا به صمويل بيكيت نفسه .
إلى جانب دهشتى كانت فرحتى غامرة ، ها أنا أشاهد مسرحية فى انتظار جودو وبيكيت بنفسه يمثل فيها ، وسريعاً تحسست طريقى فى الظلام وجلست على أحد المقاعد . فيما بين الفصلين سألت الرجل الجالس على المقعد المجاور : - أستاذ ، هل تعرف الممثلين ؟
فنظر إلىّ نظرة باردة ولم يُجب ، فسألت بوضوح أكثر : - هذا الذى يمثّل دور لاكى . هل هو صمويل بيكيت حقاً ؟ . فظل الرجل على نظرته وصمته . بالطبع شعرت بالإهانة ، فالرجل لا يحترمنى إذ لا يرد على سؤالى ، لكنى لم أدع هذا الشعور يطغى علىّ و يعكر صفو هذه الليلة الرائعة . فى الفصل الثانى بدأت الأحداث تمر كما قرأتها فى الكتب ، وكنت مستمتعاً إلى أقصى حد ومأخوذاً بهذا الجو المسرحى الرائع ، ولكنى أيضاً كنت أنتظر ظهور لاكى لأشاهد بيكيت مرة أخرى ، ولكن عندما حانت لحظة دخوله على خشبة المسرح لم يظهر ، وما حدث أن بوزو دخل المسرح وحده وبدأ يؤدى دوره ، بالطبع امتعضت جداً من هذا التسيب لدرجة أننى صرخت : - أين لاكى ؟ لقد أفسدتم المسرحية؟!
تململ الجمهور من صراخى وطالبنى بالصمت ، كنت أشعر بالمسئولية لذلك حاولت إقناعهم بأن لاكى يدخل مع بوزو فى الفصل الثانى كما حدث فى الفصل الأول ، وأثار استيائى أن الممثلين كانوا يؤدون عملهم كأن شيئاً لا يحدث ، صرخت فيهم مرة أخرى : - هذا تحريف للنص الأصلى ، كيف يقبل بيكيت بهذا ؟ . وهنا أوشك الممثلون على التوقف ، وأوشك الجمهور على الإقتناع ، ولكن رجال الأمن تدخلوا لإسكاتى وطردى ، أنا لا أعرف من أين جاءوا فلم أر أياً منهم عند دخولى ، والمؤسف أننى لم أجرؤ على ردهم عن إهانتى وطردى لأننى بلا تذكرة تخوّل لى الدخول . قلت لهم : - دعونى أتفاهم مع صمويل بيكيت ، أنه هذا الذى قام بدور لاكى وظهر فى الفصل الأول . ولكنهم لم يفهمونى ، فهم لا يعرفون الفارق بين لاكى وبوزو وفلاديمير واستراجون . بعدما طردونى خارجاً ، وقف اثنان منهم على بوابة المسرح لمنعى من التسلل ، ولم يبق أمامى سوى حل واحد ، هو أن أنتظر بيكيت حتى يخرج ، وتمنيت أن لا يكون قد خرج بعد انتهاء الفصل الأول ، وأثناء انتظارى كنت أفكر : هل قبل بيكيت بأن يدخل بوزو بدون لاكى ، أم أنهم قد منعوه من الدخول لغرض ما ، ووراء أفكارى كان شكى يتردد : هل من رأيته فى المسرحية كان بيكيت حقاً ؟ ووراء أفكارى وشكى كان خوفى يلازمنى ، فقد يتلاشى الليل فى أى لحظة .

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بهاء طاهر والجامعة الأمريكية .. إلي متي ينهبون الأدباء ؟
- وزير الثقافة ومؤتمر الثقافة
- طائر المساء .. شوقي عقل
- رحيل الروائي محمد عبد السلام العمري
- نيفين الجمل .. قصائد ممنوعة
- نصف ضوء .. عزة رشاد
- فاروق عبد القادر .. وداعا لروح التحدي !
- المتهم - خالد - .. والقضاة عابرون
- ماالخطر الذي تمثله الكمانجة على دولة إسرائيل ؟
- غزة تبحر إلي العالم
- الاستقواء بالخارج في السياسة والأدب
- سلطان كازاخستاني .. الزعيم الأبدي
- - واجب - قصة قصيرة
- عن ذلك النور
- بلدنا - قصة قصيرة
- الطبيعة لا تجد من تراسله !
- مقدمة في الفولكلور القبطي - ثقافة الوحدة الوطنية
- اعتراف جوركي .. الباحث عن الإيمان
- سيد درويش .. عبقري الشعب طريد الدولة
- خرج المنطق من حياتنا .. من يجده يتصل بنا


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أمير زكي وقصصه الجميلة