أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد الخميسي - خرج المنطق من حياتنا .. من يجده يتصل بنا














المزيد.....

خرج المنطق من حياتنا .. من يجده يتصل بنا


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 23:10
المحور: كتابات ساخرة
    


يقال إن التفاصيل في الفن هي التي تصنع كل شيء . التفاصيل في حياتنا أيضا هي الأساس . التفاصيل الكثيرة التي تثب وتخرج لسانها لتقول لك لقد اختفى المنطق من حياتنا . تفاصيل عجيبة تجعلك تشعر بأنك تواجه واقعا مختلا يمضى ويتحرك ويتقدم ويتأخر ويتمدد ويتقلص بدون أي منطق ، كأنه مشهد عبثي ضخم ونحن فيه عرائس في مسرحية أحلام بلا رابط ، تحركنا من أعلى قوانين اقتصادية واجتماعية وسياسية . المنطق يقول إن أديبا كبيرا في التسعين من عمره هو يوسف الشاروني لابد أن يحظى برعاية الدولة ، أو على الأقل الا يخرجه أحد من شقته ، لكن عضو مجلس الشعب صاحب العمارة التي يسكنها الشاروني في المعادي قرر هدمها على رؤوس السكان وطرد الكاتب منها ليتمكن من إقامة عمارة مرتفعة ! المنطق يقول إن الطلاب هم الذين يضربون بينما يلومهم الأساتذة على تهورهم ، لكننا شهدنا مؤخرا إضرابا لأساتذة الجامعة وطلابا يحاصرون الإضراب بعرض عسكري ! المنطق يقول إن من يفوز بجوائز الحج والعمرة هم المسلمون ، لكن الحزب الوطني في مدينة 6 أكتوبر نظم حفلا لتكريم الأم المثالية والتكفل بمصاريف عمرة لها ، فازت فيه بالجائزة المواطنة القبطية سارة فوزي طناس؟! . المنطق يقول إن عاصمة كالقاهرة في أمس الحاجة لزرع الأشجار لتنقية الهواء إن لم يكن بدافع جمالي ، أما في الواقع فتقرأ أن إدارة حي السيدة زينت قامت في سبتمبر العام الماضي بمذبحة قطعت خلالها الأشجار الخضراء التي كانت تظلل شارع نوبار والشوارع المحيطة به ، وأن الإدارة ارتكبت مذبحتها تلك في منتصف الليل كاللصوص الذين يقترفون الجرائم تحت جنح الظلام . المنطق يقول إن الأطباء للعلاج ، أما في الواقع فإنك تقرأ عن حادثة الموظفة التي اغتصبها طبيب في عيادته ! المنطق يقول إن الشرطة في خدمة الشعب ، أو على الأقل لا تضر الشعب، لكنك تقرأ كل يوم عن المواطنين الذين يدخلون لطلب الخدمة فيخرجون مشوهين من التعذيب ! والمنطق يقضي بأن التلاميذ يتجهون للمدارس لتلقي العلم ، فإذا ببعضهم يتلقى الضربات حتى الموت أحيانا ! المنطق يقضي بأن الأصوات الجميلة هي التي تغني ، فإذا فقط بالأصوات القبيحة تملأ الساحة وحدها زعيقا منفرا ! وها أنت ترى أن الغالبية العظمى من الكتاب تقرأ ، بينما الغالبية العظمى من القراء تكتب ! المنطق يقول إن بلدا بمثل أوضاعنا لابد أن تسد حاجتها ذاتيا من القمح ، والحبوب ، فإذا بنا نسد احتياجاتنا من الرواية ونكتفى ذاتيا بعد أن أصبح لدينا روائي لكل مواطن ! المنطق في كل الدنيا يقول إن المواصلات للتحرك والانتقال من جهة إلي أخرى ، لكن عندنا المواصلات هي للتعطل والتوقف بين جهة وأخرى . وفي كل دول العالم يحفظون اللحوم في الداخل ويعرضون الأحذية في الخارج ، لكننا نفعل العكس ، اللحوم في الشارع والأحذية وراء الزجاج ! في الدنيا كلها يحتفون بالجمال ، لكننا نقدس القبح ، وحين يكون لدينا شارع له طابع تاريخي وجمالي خاص مثل طلعت حرب فإننا نسارع ببناء مبنى ضخم قبيح في وسطه تحت عنوان " مول تجاري " . في روسيا قام النظام السوفيتي بهدم إحدى أهم الكنائس بموسكو ، فتمت إعادة بناء الكنيسة كما كانت بالطراز نفسه بصبر وعلى مدى سنوات طوال . أما عندنا فإننا سارعنا حين احترقت الأوبرا القديمة إلي بناء جراج سيارات مكانها ! المنطق يقول إنه عندما تصبح حياة المواطن معاناة متصلة بشأن السكن والتعليم والعلاج والرواتب فإنه لا يغني – كما يفعل المواطن عندنا- " حلوة يا بلدي " ! ولقد تطور مفهوم المنطق في رحلة طويلة من المنطق الصوري إلي المنطق الجدلي ، لكن التفاصيل التي تثب إلينا هنا وهناك لا يمكن إخضاعها لأي مفهوم للمنطق عبر التاريخ! فلا هي ماشية " صورى" ولا هي ماشية " جدلي" . لقد خرج المنطق من حياتنا ، ولم يبق إلا أن نعلن عن مكافأة كبيرة لمن يعثر عليه أو يستدل على مكانه ، بعد أن صارت القاعدة الوحيدة أنه ما من قاعدة لأي شيء .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وراء سحابة
- لماذا لا يقرأ المصريون ؟
- لماذا يعشق المثقفون هذه - الديمقراطية - ؟
- زهور للمرأة العراقية
- الفن وزملاء المهنة
- الاستشراق الأمريكي .. طلعت الشايب
- الروس يقرءون الآن رفاعة الطهطاوي
- - قصة- - أحمد الخميسي - قصة قصيرة
- محمد ناجي ، وليلة سفر
- جريمة الطائفية في نجع حمادي
- معاذ شهاب .. قصاص جديد
- مظروف - قصة قصيرة
- أزواج نادين البدير وحكاية الكوب النظيف
- زكي مراد .. حياة الأسطورة
- قوى عاملة وهجرة وشاي بلبن
- طفل في قفص - قصة قصيرة
- الموت المتاح للكتاب
- أوباما .. دماثة فقراء وسياسة أغنياء
- الجزائر ليست 11 لاعبا بكرة قدم
- أنقذوا حياة الروائي المصري محمد ناجي


المزيد.....




- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد الخميسي - خرج المنطق من حياتنا .. من يجده يتصل بنا