أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الخميسي - زكي مراد .. حياة الأسطورة














المزيد.....

زكي مراد .. حياة الأسطورة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 16:14
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في 20 ديسمبر أحيي اليسار المصري في نقابة الصحفيين الذكرى الثلاثين لرحيل زكي مراد ، وامتلأت القاعة الضخمة من كل الأعمار بمحبي أسطورة مقاتل كان وهو في التاسعة عشر عضوا في " اللجنة الوطنية للطلبة والعمال " التي هزت البلاد من شمالها لجنوبها عام 1946 ، واعتقل في العام ذاته للمرة الأولى ، وحين غادر السجن وهب حياته التي امتدت بعد ذلك لأكثر من ثلاثة عقود لمن خرج إليهم : للبسطاء والعمال وفقراء الفلاحين . وحينذاك لم تكن قد شاعت بعد مدرسة تفتيت القضية الوطنية لكسر صغيرة كحقوق المعاقين وحقوق المرأة وغير ذلك ، ولم تكن قد انتشرت كالفطر السام دكاكين الدفاع عن حقوق الإنسان بأموال الأمريكان . وقدم زكي مراد وأبناء جيله العظام حيواتهم وأموالهم وباعوا أثاث بيوتهم واقترضوا وسجنوا وتحملوا تشريد عائلاتهم وتجويعها لكي يقوموا بدورهم كطليعة تنقل الوعي إلي الجماهير. في تلك السنوات كانت صفة المعارضين هي " مناضلين " وليس " نشطاء " ، وكانت القضية هي تحرر مصر من الاستعمار، وبناء صناعتها واستقلالها وجيشها الوطني وثقافتها ، وتطوير قدراتها العلمية وتعميق أحلامها بالعدالة والقضاء على الفقر والجهل . وقد مضى زكي مراد مع أحلامه هذه كتفا بكتف لأكثر من ثلاثين عاما ، محاميا ، ويساريا ، وشاعرا ، ورفيقا أنيسا بالضحكة والأناشيد لكل أصدقائه وأحبابه. تتعب الأحلام فيدفعها للأمام ، ويتعب هو فتنعشه أحلامه ليواصل الطريق . كان إحياء ذكرى زكي مراد إحياء لدور أبناء ذلك الجيل الذي بدأ كفاحه في الأربعينات ، وتعرض لأقسى مفارقة حين نكلت به الثورة التي عاش حياته يدعو إليها ويتمناها . في قاعة الاحتفال بنقابة الصحفيين كان يمكنك أن ترى كيف اجتذب مغناطيس أسطورة زكي مراد أناسا من كل الأعمار: فتيات من سن السادسة عشرة، رجالا فوق الأربعين، شبابا ، شيوخا ، ومثقفين من مختلف التيارات مثل محمد عبد القدوس والشاعر عبد القادر حميدة والمخرج أحمد اسماعيل ، والمهندس شوقي عقل، ود. عواطف عبد الرحمن . وفي مواضع متفرقة كانت تشع عيون أبناء الأساطير الأخرى : منى أنيس ابنة د. عبد العظيم أنيس ، وشهرت العالم ابنة محمود أمين العالم ، وممدوح ابن فوزي حبشي ، فتشعر أن تيارا كهربائيا يمتد من الماضي إلي لحظتنا هذه مرتجفا بفكرة أن أثر الأشياء الجميلة باق ومستمر في إحياء ذكرى النوبي الجميل زكي مراد الذي لم يعرف محبوبة سوى مصر فتغني بها من صميم روحه . وفي القلب من كل ذلك كان هناك أبناء زكي مراد الأربعة : صلاح ، وصفاء المحامية ، ومحمد الممثل، وصابرين فنانة الزجاج الملون ، ينشرون في الاحتفال الدفء الذي ورثوه عن قلب الراحل الكبير .
كنا في الستينات ونحن في سن الشباب نختلف كثيرا مع زكي مراد وأبناء جيله العظام ، وننتقدهم ، ونلومهم ، بشأن موضوع أو آخر. الآن نتشمم عطر أولئك المناضلين ، ونفتش عنه بأرواحنا ، ولا نجد في حركة اليسار المصري شيئا يقترب من ذلك العطر المقدس الذي فاح طويلا بندى الفقراء والعمال والفلاحين ، نفتش فلا نرى سوى " دكاكين " لجنى الأموال ، بعد أن أصبح " التمويل الأجنبي " شريعة أي عمل " تقدمي " !
أحيانا إذا تحدثت عن الاستعمار والتحرر الوطني والقضية الاجتماعية والتزام الأدب بدور ورسالة يقول لي أحدهم بدهشة : لكن هذا كلام قديم ؟! . وأشعر على الفور بالخيبة ، ثم أقول لنفسي : لكن الشمس أيضا قديمة ، ووهج العشق قديم ، النهر قديم ، القمر ورغيف الخبز أيضا قديمان . هل يعني ذلك أن تلك الحقائق " خطأ " ؟ . ويحلق صوت زكي مراد كطائر تشبع جناحاه بالنور ويقول لي : من قال لك هذا الكلام الفارغ ؟ . أنا أيضا قديم ، وها أنت ترى كيف يجتمع حولي بعد ثلاثين عاما كل الأعزاء والأحباء ؟ أم أنك لا ترى ؟ . ويدور النوبي بعينيه في القاعة ثم يهمس ممازحا : أم أنك لا ترى؟ . ويرتد بكتفيه للخلف ويقهقه فتملأ ضحكته القاعة بالأمل .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوى عاملة وهجرة وشاي بلبن
- طفل في قفص - قصة قصيرة
- الموت المتاح للكتاب
- أوباما .. دماثة فقراء وسياسة أغنياء
- الجزائر ليست 11 لاعبا بكرة قدم
- أنقذوا حياة الروائي المصري محمد ناجي
- مؤتمر القصة العربية في القاهرة
- شدو العندليب في حضرة السيف
- دور الأدب الحقيقي
- هل تتطور المرأة المصرية بالأوامر ؟
- فيلم الحكومة والشعب .. أين عمري ؟
- لماذا يعرض التلفزيون المصري مسلسلات أثناء الإعلانات ؟
- إيمى
- عالم مصر السفلى
- من كان قادرا على الكتابة فليكتب .. أو فليسكت !
- ندم - قصة قصيرة
- كناري الصغيرة
- ماذا نعني بترجمة الأدب الإسرائيلي ؟
- نتنياهو - المهزلة والدراما
- الضمير المصري يستقبل أوباما بمسرحية - فضيحة أبو غريب -


المزيد.....




- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الخميسي - زكي مراد .. حياة الأسطورة