أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - ماذا نعني بترجمة الأدب الإسرائيلي ؟














المزيد.....

ماذا نعني بترجمة الأدب الإسرائيلي ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2691 - 2009 / 6 / 28 - 08:20
المحور: الادب والفن
    



اتخذ المركز القومي المصري للترجمة قرارا بترجمة عدة كتب إسرائيلية وتصادف أن توقيت القرار توافق مع اللحظة التي يرشح فيها فاروق حسني وزير الثقافة المصرية نفسه لليونسكو ساعيا لكسب أصوات " العالم المتحضر " لترشحه . ويأتي ذلك في السياق الذي تعتز فيه نخبة الأوساط الرسمية بأن يشغل " المصري " منصبا هاما في مؤسسة دولية كالطاقة الذرية أو اليونسكو حتى لو كان تأثيره هناك معدوما وأحيانا ضد مصالح مصر والعرب . بهذه النفسية وبهذه العقلية تتعامل مصر مع ترشحيها لأحد أبنائها لعمل في الخارج ، لكنها لا تتعامل بعقلية ونفسية الشعور بالكرامة وبحقيقة أن مصر أم الحضارة والتاريخ يتشرف الآخرون بوجودها إن أرادوا . وقد أثار قرار المركز القومي للترجمة اعتراض البعض، دون الانتباه إلي أن المركز تمسك بعدم التعامل مع دور نشر أوجهات إسرائيلية بشكل مباشر ، وتلك خطوة إيجابية . اعترض البعض أيضا على " توقيت " قرار الترجمة لارتباطه بظروف محددة . إلا أن المسألة ليست في التوقيت بل في المبدأ : هل نحن مع التعرف إلي ما يكتبه الآخرون خاصة إن كان الآخرون يمثلون خصما تاريخيا ؟ . وهل سيختلف موقفنا من تلك الترجمات لو أنها تمت بعد عام أو عامين ؟ . في اعتقادي أنه ما من توقيت للتعرف إلي فكر الآخرين ، بالعكس كان لابد من المضي في تلك الخطوة مبكرا ، ومجيء تلك الخطوة في سياق ظروف الوزير المحددة لا يمنع أن المبدأ صحيح وسليم . إذن نحن مع الترجمة ، والتوقيت ليس العامل الحاسم في مبدأ الترجمة من عدمها . إلا أن هناك مشكلات أخرى أكثر أهمية بكثير تتعلق بأسئلة أخرى في مقدمتها : هل هناك أدب إسرائيلي ؟ هل سبق للتجارب القومية في العالم أن عرفت تجمعا بشريا من مختلف المشارب أنتج أدبا " قوميا " خلال نصف القرن من الاحتلال والغزو والعدوان على الشعوب المجاورة ؟ . الإجابة : كلا . لأن الأدب تحديدا أكثر مظاهر الوعي تعبير عن الطابع القومي ، الأمر الذي لم تعرفه إسرائيل بحكم اعتبارات عديدة . لكن هل ينفي غياب " الأدب الإسرائيلي " أهمية الترجمة لما يكتبونه هناك ويدعون أنه أدب روائي ؟ . كلا . لأن المقصود هو في نهاية المطاف التعرف إلي الآخر ، عبر الطرق التي يعبر بها عن نفسه سواء أكانت أدبا أم صحافة أم فلسفة . إذن نحن مع الترجمة ، والتوقيت ليس المشكلة ، ولا حتى غياب الأدب بمعناه المعروف هو المعضلة . المشكلة الحقيقية هي : ماذا نترجم ؟ أعني هل أن ما نترجمه سينقل لنا صورة الآخر كما هي في الحقيقة ؟ أم أن ما نترجمه سيكون تجميلا للوحش ؟ يضفي على الروح العدوانية البربرية طابعا إنسانيا مزيفا ؟ . لقد سبق أن رأينا كيف جرت بحماسة عميلة تجميل صورة الموسيقار الإسرائيلي " بيرنبويم " وتقديم الحلول الصهيونية باعتبارها سلاما . الآن تنعقد النية على ترجمة " ديفيد جروسمان " الذي كتب في " هارتس " أنه يعتبر أن ماقامت به إسرائيل في غزة " رد فعل دفاعي على استفزاز حماس " ويكرر أن وجود إسرائيل " معجزة قومية وإنسانية " ، كما يقف بشدة ضد حق عودة اللاجئين خوفا على " الطابع اليهودي للدولة " ، بل ويرفض الاعتراف أي اعتراف بنكبة 1948 . رسالة الترجمة – إن كان مازال لها رسالة – أن تطلعنا على الحقيقة ، وليس أن تقوم بتجميل صورة الوحش . وتتم عملية التجميل باختيار نصوص لكتاب صهاينة يتنهدون بحزن على قتلى وجرحي ، فإذا حانت ساعة الموقف الصريح وقفوا بقوة إلي جانب العدوان . نريد لتلك الترجمات أن تقترن بمقدمات تنبه إلي أن العمل هو وثيقة لفهم الآخر ، وتنبه إلي حقيقة مواقف أولئك الكتاب ، وحقيقة ما يكتبونه . أيضا لابد من ترجمة ما يعكس الجوانب الأخرى من المجتمع الإسرائيلي التي تعكس لنا جوهر ذلك المجتمع وليس سطحه اللغوي ، لتتحقق رسالة الترجمة وهي التعريف بالحقيقة كاملة كما هي . فإذا اختار مترجم ما عدة كتب أمريكية تعكس كلها فقط ذلك الجانب المبهر في أمريكا ، فإنه يكون قد نفى رسالة الترجمة ، لأنه لم ينقل الجانب الآخر، أي أنه لم ينقل لنا الحقيقة . أخيرا فإن رفض التعامل المباشر مع جهات إسرائيلية أمر جيد ، لكن المسألة ليست في النهاية هي : مع أي دور نشر نتعامل إسرائيلية أم أوروبية أم هندية ؟ المسألة هي : مع أي فكر نتعامل ؟ ما الذي نروج له ؟ ما الذي نترجمه ؟ بحيث نقدم الحقيقة ولا نزيفها . وآمل أن يتمكن المركز القومي من حل تلك المعضلة .

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو - المهزلة والدراما
- الضمير المصري يستقبل أوباما بمسرحية - فضيحة أبو غريب -
- حزب مصري جديد .. معارض للحياة
- محمد الفضالي .. مبدع جديد
- الأوبرا المصرية مغلقة أمام سيد درويش مفتوحة للإسرائيليين ؟
- عداء السامية لنا
- انتظار - قصة قصيرة
- المحكمة الدولية واعتقال الرئيس السوداني
- الحرية لمجدي حسين
- أنطون تشيخوف الحبيب
- المثقفون البريطانيون - ينبغي لإسرائيل أن تخسر - !
- المصريون وغزة
- الحذاء العراقي الطائر
- جورج بوش يعتذر عن الأكاذيب بالمزيد منها
- حيرة - قصة قصيرة
- منع النشر علينا !
- بيرسترويكا أمريكية ؟
- المدارس المصرية .. عذاب الطفولة
- نحن والقمر جيران .. فكيف سبقتنا الهند إليه ؟
- بركة الثقافة الشعبية


المزيد.....




- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - ماذا نعني بترجمة الأدب الإسرائيلي ؟