أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الموت المتاح للكتاب














المزيد.....

الموت المتاح للكتاب


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


في الثامنة مساء الأول من مارس 1995 أنهى الكاتب والصحفي الروسي " فلاديسلاف ليستيف " برنامجه السياسي المرئي " ساعة الذورة " ، وغادر مبني التلفزيون ومن داخل سيارته اتصل بزوجته ليخبرها أنه في طريقه إلي البيت. لكنها وجدت نفسها أسيرة انتظار أبدي بعد أن تصيد قناصون مجهولون الكاتب عند مدخل منزله برصاصتين . وتبين أنها العصابات التي أنشأت شركات إعلان عن سلع وهمية ، ورفض " ليستيف " عرضها وكان مديرا للقناة فأنزل ضربة قاصمة بأرباح العصابات الخيالية . وكان موت الكاتب ودماؤه شكلا من أشكال استمرار الموقف والحياة ، كان موتا للأمام إذا جاز التعبير. وفي أوائل أبريل عام 2003 قصف الأمريكيون فندق فلسطين في بغداد ، وقتل الصحفي طارق أيوب ، وقتل معه صحفي أسباني وآخر أوكراني . وكان ذلك الموت أيضا جزءا من معنى عام من رسالة وواجب الصحفي . وهناك كتاب كثيرون وصحفيون وشعراء يموتون داخل معركة دفاعا عن فكرة أو قصيدة أو زهرة أو شعب . أما الموت بالمصادفة فإنه يسلب الكاتب رسالته ويحيل الوجود إلي عبث ، إذ يموت المرء بعيدا عن قضاياه وأحلامه بمجرد المصادفة . وفي السادس من هذا الشهر جددت محكمة جنايات الجيزة الألم على رحيل الكاتب توفيق عبد الرحمن حين بدأت محاكمة سائق الميكروباص وتابعه المتهمين بدهس الكاتب في مطلع سبتمبر بعد أن ارتطم ميكروباص بسيارة توفيق في المهندسين فحاول منع السائق من الهروب حتى تصل الشرطة ، فأمر السائق تابعه بأن يدهس الكاتب ليخلي الطريق . هكذا رحل الروائي الذي اشتهر بأدبه ودماثته وروايته " قبل وبعد" التي أثارت ضجة عام 2001 بموضوعها وبمنعها من قبل وزارة الثقافة . وأصبح الروائي صاحب الحكايات مادة لحكاية عن الموت بالمصادفة ، أو موت الكاتب خارج الأحلام التي عاش لأجلها ، وبعيدا عن كل ما كرس له حياته . وتوالت على خاطري صور الموت بالمصادفة كما حدث مع القصاص يحيي الطاهر عبد الله ، ومع الصحفي الشاب صلاح عزازي عام 1998 ، ومع محمد همام نائب رئيس تحرير مجلة نصف الدنيا ، ومن بعده بأيام الإعلامي المعروف صلاح زكي . وعام 1999 رحلت عنا الشاعرة ملك عبد العزيز قرينة الناقد الكبير الراحل محمد مندور بسبب فرع شجرة كبير هوي على رأسها أثناء سيرها في أحد الشوارع ! كلهم كتاب حرمهم الموت بالمصادفة من استكمال دورهم وحرمهم من الموت دفاعا عما يؤمنون به ويدعون إليه . الأسوأ من الموت بالمصادفة أن يقتل الكاتب مع سبق الإصرار والترصد حين يحتاج إلي علاج فلا يجده ، كما حدث مع فتحي عامر ويوسف أبو ريه . هو ذاته ذلك الترصد البليد الذي نلمحه الآن يطوق الروائي الكبير محمد ناجي الذي يحتاج إلي زراعة كبد عاجلة في الخارج دون أن تتخذ أية جهة خطوة واحدة ملموسة بعد، ما عدا الخطاب البيروقراطي الذي أصدرته وزارة الصحة بلغة دفاتر الحضور والانصراف والذي لا يحل شيئا . موت الشاعرة العراقية أطوار بهجت ، والصحفي طارق أيوب ، والروسي " فلاديسلاف ليستيف " قليل عندنا . الموت المتاح لنا إما بالمصادفة ، أو بإهمال الدولة لكتابها ، أو بإهمال الدولة لشوارعها وحركة المرور والبالوعات المفتوحة والأشجار المتساقطة ، أو حوادث الميكروباصات . موت أقرب إلي الاغتيال ، موت لا تتقدم به الحياة إلي الأمام خطوة ، بل تتراجع مفسحة المجال للشعور العميق بالوحدة والعبث ، بينما يظل الفاعل المعروف " مجهولا " في أغلب الأحوال . هكذا أصبح الإنسان طريدة لكل ما حوله وأمست الحياة رهانا يوميا على إمكانية النجاة واحتمالاتها لحظة بلحظة .
***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما .. دماثة فقراء وسياسة أغنياء
- الجزائر ليست 11 لاعبا بكرة قدم
- أنقذوا حياة الروائي المصري محمد ناجي
- مؤتمر القصة العربية في القاهرة
- شدو العندليب في حضرة السيف
- دور الأدب الحقيقي
- هل تتطور المرأة المصرية بالأوامر ؟
- فيلم الحكومة والشعب .. أين عمري ؟
- لماذا يعرض التلفزيون المصري مسلسلات أثناء الإعلانات ؟
- إيمى
- عالم مصر السفلى
- من كان قادرا على الكتابة فليكتب .. أو فليسكت !
- ندم - قصة قصيرة
- كناري الصغيرة
- ماذا نعني بترجمة الأدب الإسرائيلي ؟
- نتنياهو - المهزلة والدراما
- الضمير المصري يستقبل أوباما بمسرحية - فضيحة أبو غريب -
- حزب مصري جديد .. معارض للحياة
- محمد الفضالي .. مبدع جديد
- الأوبرا المصرية مغلقة أمام سيد درويش مفتوحة للإسرائيليين ؟


المزيد.....




- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الموت المتاح للكتاب