أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد الخميسي - دور الأدب الحقيقي














المزيد.....

دور الأدب الحقيقي


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 02:58
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



الدور الحقيقي للأدب

د. أحمد الخميسي

أنا من عشاق يوسف إدريس ، ليس فقط لعبقريته وموهبته الباهرة ، ولكن أيضا لحرارة قلبه التي ساقته دوما لاقتحام أهوال المعارك الاجتماعية ، خلافا لتلك الحيادية الفاترة التي تميز بها العظيم الآخر نجيب محفوظ . ومازلت أذكر بالعرفان أن يوسف إدريس أول من قدمني ككاتب قصة في مجلة الكاتب عام 1967 . وقد تجددت في عقلي صور من روايته الحرام مؤخرا وأنا أقرأ مجموعة من الأدب القصصي الكوري بعنوان " أمي والحب الراحل " صادرة عن دار الآدب ، إذ استوقفتني فيها قصة رائعة بعنوان " بطاطس " للكاتب كيم دونج إن . في رواية الحرام ، سنجد أن جذر البطاطا الذي اشتهاه زوج عزيزة وهو مريض ، هو من ناحية رمز للجوع ، ومن ناحية أخرى هو رمز جنسي ، وفي ظل حياة البؤس التي يعيشها عمال التراحيل تغيرت عزيزة ، تحت وطأة الجوع بمعانيه المركبة . أما عند الكاتب الكوري " كيم دونج إن " فسنجد فتاة هي " بوكنيو " تدهور الحال بأسرتها واضطرت وهي شابة صغيرة للزواج من رجل يكبرها بعشرين عاما عاشت معه في حي فقير تسوده الجريمة والزنا والسرقة والتسول ، وتخرج بوكنيو للعمل باليومية تجمع " الدودة " في الحقول ، ويسعى ملاحظ العمال لاصطياد الفتاة الصغيرة الجميلة ، فتقاوم في البداية قليلا كما فعلت عزيزة ثم تسقط مقابل قروش قليلة ، وتتغير حياتها ، بل إنه منذ ذلك اليوم " تغير سلوك بوكنيو الأخلاقي وحتى نظرتها للحياة" . ولا أريد هنا أن أعقد مقارنة بين العملين ولا أريد حتى أن أتوقف عند مغزى التشابه الذي تخلقه الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتقاربة حتى بين شعبين لا تربطهما صلة مباشرة . ما أريد قوله هو أنك بعد أن تقرأ القصة الكورية ، وتتذكر " الحرام " لإدريس ، تفكر في معنى الأدب ودوره . فقراءة العملين ، لابد أن ترسخ في الذهن فكرة أن البشر متشابهون ، وأنهم جميعا أخوة ، وأن لعزيزة في مصر أختا في كوريا هي " بوكنيو " ، وأن الأدب تحديدا هو الذي يخلق هذا التعارف الإنساني بحيث نتعرف نحن القراء على القاسم المشترك بين حياتنا في مصر وحياتهم في كوريا . وبوعي أو بدون وعي ستتسرب إلينا فكرة أن الفن وسيلة للتواصل الروحي بين البشر ، وأن هذا هو دوره . وحين يقوم البعض بمختلف الطرق وفي ظل مختلف المدارس بإعلاء القيمة الجمالية للفن على أي شيء آخر ، فإنهم في واقع الأمر يقلصون دوره الرئيسي الحقيقي بصفته شرطا من شروط التواصل الإنساني مثله مثل اللغة بالضبط . والتركيز على فكرة أن الفن نوع من إبداع الجمال ، ومهمته الأولى هي الإمتاع ، والابتكار ( وكل هذا صحيح ضمنيا بقدر ما هو لازم للدور الخاص للأدب ) شرط ألا ينفي كل هذا حقيقة الدور الرئيسي للأدب والفن . فالقيم الجمالية تختلف من بلد لآخر ، ومن عصر لآخر . وفي وقت ما كان جمال المرأة يتمثل في امتلاء بدنها ، ثم اختلفت هذه النظرة . وتعرف شعوب بعض البلدان الآسيوية التقبيل بالأنف باعتباره جمالا ، أو تعتبر أن قدمي المرأة لابد أن تكونا صغيرتين جدا لأن هذا نوع من الجمال ، بينما لم تتنشر مثل هذه النظرة لجمال المرأة عندنا نحن العرب . القيم الجمالية تتباين ، لكن يبقى دور الأدب والفن الرئيسي ليتجاوز هذه القيم ، ويعلو فوقها ، بحيث يظل وسيلة للتعارف والتقارب الروحي بين البشر، وسيلة توحد البشر – أو القراء في هذه الحالة – في نفس مشاعر عزيزة عند يوسف إدريس ، ثم توحدهم في نفس مشاعر " بوكنيو " عند الكاتب الكوري كيم دونج إن ، وصولا إلي فكرة القاسم المشترك بين العذابات البشرية ، ورؤية نفسك وهمومك في الآخرين ، ورؤية الآخرين في نفسك . ويظل هذا الدور الذي ينهض به الأدب هو دوره الأساسي ، وبفضله أتعرف أنا وغيري إلي " بوكنيو " وسط عمال تراحيل كوريا ، ويتعرف قراء كوريا إلي عزيزة وسط عمال تراحيل مصر .

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]






#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تتطور المرأة المصرية بالأوامر ؟
- فيلم الحكومة والشعب .. أين عمري ؟
- لماذا يعرض التلفزيون المصري مسلسلات أثناء الإعلانات ؟
- إيمى
- عالم مصر السفلى
- من كان قادرا على الكتابة فليكتب .. أو فليسكت !
- ندم - قصة قصيرة
- كناري الصغيرة
- ماذا نعني بترجمة الأدب الإسرائيلي ؟
- نتنياهو - المهزلة والدراما
- الضمير المصري يستقبل أوباما بمسرحية - فضيحة أبو غريب -
- حزب مصري جديد .. معارض للحياة
- محمد الفضالي .. مبدع جديد
- الأوبرا المصرية مغلقة أمام سيد درويش مفتوحة للإسرائيليين ؟
- عداء السامية لنا
- انتظار - قصة قصيرة
- المحكمة الدولية واعتقال الرئيس السوداني
- الحرية لمجدي حسين
- أنطون تشيخوف الحبيب
- المثقفون البريطانيون - ينبغي لإسرائيل أن تخسر - !


المزيد.....




- ارتبط بتشبيه أطلقه محمد بن سلمان.. ما قد لا تعلمه عن جبل طوي ...
- خلف ترامب.. رد فعل ماركو روبيو على ما قاله الرئيس لإعلامية ي ...
- الضغوط تتصاعد لإنهاء الحرب في غزة.. ديرمر يزور واشنطن الأسبو ...
- ماذا نعرف عن مشروع قانون ترامب -الكبير والجميل- الذي يُثير ج ...
- بينيت يدعو نتنياهو للاستقالة.. إدارته للبلاد -كارثية-
- سوريا.. -جملة- مطبوعة على أكياس تهريب مخدرات مضبوطة تشعل ضجة ...
- نتنياهو يأمل في استعادة شعبيته بعد التصعيد مع إيران، فإلى ما ...
- اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغرب ...
- مأساة في نهر النيل.. مصرع 4 أشخاص غرقا إثر انقلاب مركبهم
- زلزال بقوة 5.5 درجة يهز باكستان


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد الخميسي - دور الأدب الحقيقي