أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد ناجي ، وليلة سفر














المزيد.....

محمد ناجي ، وليلة سفر


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 03:21
المحور: الادب والفن
    



عن دار الهلال صدرت في هذه الأيام رواية " ليلة سفر " للروائي محمد ناجي . وحين يطالع القارئ هذا المقال يكون محمد ناجي قد قضى ليلة سفر أخرى – خارج الخيال الأدبي – ليلة سفر حقيقية تأهب خلالها لمغادرة مصر للعلاج في الخارج ترافقه دعوات أصدقائه ومحبيه بالعودة إلينا وإلي قرائه سالما .
في روايته " ليلة سفر " يقدم لنا محمد ناجي جانبا جديدا من الواقع ومن قدراته هو كروائي قدير. في " ليلة سفر " سوف تستوقفك لغة محمد ناجي الخاصة التي امتازت بها رواياته الست السابقة ، اللغة الدافئة والمريرة ، فصحى تتنفس بروح اللغة الشعبية بأوسع معاني اللغة الشعبية أي بكل ما تنطوي عليه في صياغاتها من اعتقادات وحكمة وخيال . ستجد عنده في ليلة سفر " زنق نفسه " و" خايلتني بصورتك"، و" سرق النغم قلبها " وغير ذلك . لغة تظل محكومة بإيقاع الشعر في أبسط جملها كقوله " أجره صدقة ، ووجوده بركة " . لغة يرجع بعضها إلي أن ناجي بدأ طريقه الأدبي شاعرا، ويرجع بعضها إلي استلهام ناجي الواعي لتراث الحكايات والأساطير التي تجلت في معظم رواياته ، استلهام لا يقوم على تزيين الرواية من خارج الموضوع بالموروث ، بل على إدراك أن ذلك الموروث مفتاح لفهم الشخصية المصرية التي بلورت نفسها في صياغاته وفي حكمه وعباراته الدارجة كقوله " الكلام فانوس المجالس " ، وفي وأمثاله وأغنياته مثل تلك التي جاءت عنده في ليلة سفر : " ياعازبة يا للي مالكيش جوز .. بيعي الحلق وهاتي لك جوز .. يسهر معاكي ورا الناموسية .. ويطعمك بقلاوة ولوز " ، لغة تجد منابعها حتى في نداءات الباعة : " يابيض حمام ويمام .. غنى عليه كروان ونام ، يا عنب " ! وتحفل معظم روايات ناجي بالسعي وراء ذلك الموروث الشعبي الذي يتجلى ليس فقط في اللغة بل وفي النماذج البشرية التي يختارها محمد ناجي من بين الفئات الدنيا أو يخترعها في ضفيرة خاصة من خيال وواقع ، مثل " أبو رقبة " في العايقة بنت الزين ، و " صنارة " في ليلة سفر ، الشاب الأبله الضائع، الذي لا يعرف لنفسه اسما ، والذي " يتمدد تحت شجرة ويحلم نائما أو مستيقظا " ، ولا يستطيع أحد أن " يحدد اتجاهات نظراته ، تبدو عيناه مثل فجوتين في قناع خشبي لم تكتمل صنفرته ولا تلوينه " . أخيرا فإن هذه اللغة الخاصة ، التي تنطوي على مرارة خفية نابضة ، هي جزء من فهم ناجي ورؤيته لدور الأدب التي قدمها لنا مشبعة بهموم وطموحات قاع المدينة بدءا من هزيمة 1967 حتى اليوم .
في " ليلة سفر " يقدم لنا ناجي شخصياته التي تتقاطع أساسا في ذكرياتها ، حياتها في الماضي ، وتبدو كأنما بلا حاضر ولا مستقبل ، وتنقضي أيامها بين جدران بيت شرخه الزالزال وصدر قرار بإزالته ! هكذا يعيش عبد القوي وجارته المسيحية كوكب ، الأول فقد ابنه وزوجة ابنه في حرب السويس ولم يبق له سوى حفيده الذي يتأهب للسفر، والثانية لم يعد لديها حتى ما تفقده ! . يتم استحضار الشخصيات في ليلة واحدة هي " ليلة سفر " الحفيد إلي الخارج . وتشكل تلك الليلة بؤرة الزمن الروائي الذي تسمع فيه بقوة ضربات الموت في عالم محبط ، لا يتقدم إلي الأمام ، أجهضت أحلام ساكنيه طويلا ، فلم يعد لكوكب شيء من حياتها سوى " صوف أحمر وإبرتان ونسيج لم يكتمل " يرقد داخل كيس بلاستيك منذ أن بدأت في نسج كوفية صوف ليوسف منذ أربعين عاما . أما عبد القوى فيفقد آخر ما عنده ، حفيده الذي يقرر الهجرة للخارج .
يقف الجد عبد القوي يتأمل " البيت الذي شرخه الزالزال والنساء وحبال الغسيل " ويقول لنفسه : "هزة واحدة والكل يقع" ! وتتردد في هذه العبارة الجملة التي سبق أن قالها " نديم أفندي " : " الباقي ساعة موت وليس ساعة حياة ". هذا في " ليلة سفر " الرواية ، أما في ليلة سفر محمد ناجي فإن الباقي عمر طويل حافل بالإبداع . سلامتك أيها الكاتب العزيز .. سافر وعد إلينا سليما مبدعا .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة الطائفية في نجع حمادي
- معاذ شهاب .. قصاص جديد
- مظروف - قصة قصيرة
- أزواج نادين البدير وحكاية الكوب النظيف
- زكي مراد .. حياة الأسطورة
- قوى عاملة وهجرة وشاي بلبن
- طفل في قفص - قصة قصيرة
- الموت المتاح للكتاب
- أوباما .. دماثة فقراء وسياسة أغنياء
- الجزائر ليست 11 لاعبا بكرة قدم
- أنقذوا حياة الروائي المصري محمد ناجي
- مؤتمر القصة العربية في القاهرة
- شدو العندليب في حضرة السيف
- دور الأدب الحقيقي
- هل تتطور المرأة المصرية بالأوامر ؟
- فيلم الحكومة والشعب .. أين عمري ؟
- لماذا يعرض التلفزيون المصري مسلسلات أثناء الإعلانات ؟
- إيمى
- عالم مصر السفلى
- من كان قادرا على الكتابة فليكتب .. أو فليسكت !


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد ناجي ، وليلة سفر