أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - اعتراف جوركي .. الباحث عن الإيمان














المزيد.....

اعتراف جوركي .. الباحث عن الإيمان


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 14:55
المحور: الادب والفن
    



يقوم الأدب الروسي منذ عقود بتجديد دمائه بترجمة الأعمال الأدبية مباشرة من الروسية إلي العربية بعد أن ترجمت تلك الأعمال عن لغات وسيطة وبشكل غير دقيق . وفي هذا الإطار أصدرت دار التكوين بدمشق رواية مكسيم جوركي " اعتراف " ترجمة د. فيروز نيوف ، وهي الرواية ذاتها التي نقلها إلينا نظير زيتون عام 1934 من الفرنسية تحت عنوان لافت هو " أين الله ؟ " وراجت بضجة في الأسواق سنوات ثم اختفت . وتشكل الرواية حلقة هامة في حياة جوركي وشكوكه وبحثه الحار عن الإيمان بعد هزيمة ثورة 1905 . وحتى الان مازالت هناك صفحات كثيرة مجهولة في حياة ذلك الكاتب الكبير منها أسباب وفاته الحقيقية واغتياله بعد أن صار عبئا على السلطة يطارد قادتها برسائله لإطلاق سراح الكتاب المعتقلين والكف عن ملاحقتهم . والمعروف أن جوركي بعد ثورة البلاشفة هاجر عام 1922 ، ولم يعد لروسيا السوفيتية إلا بعد ستة أعوام بطلب من ستالين ، ولكنه بعد عودته وحتى وفاته عام 1936 لم يكتب شيئا عن تجربة الثورة التي حولته إلي صنم الأدب البروليتاري المعبود . في خضم الثورة الأولى عام 1905 نشر جوركي روايته الشهيرة " الأم " التي حشدت الآلاف من العمال في كل أنحاء العالم وراء فكرة الثورة ، ولكن عندما أصبحت هزيمة الثورة أشد وضوحا خرج جوركي بروايته هذه " الاعتراف " عام 1908 باحثا عن طريق آخر أي الايمان. وإيمان جوركي هنا إيمان من نوع خاص ، إذ يرى أن البشر قد فككوا الإله إلي عدة أجزاء كل حسب مصلحته ، بينما ينبغي البحث عن " إله واحد للبشر أجمعين" لأن هذا هو السبيل للخلاص من الفردية والأنانية . يقدم جوركي عمله على لسان الراوي " ماتفي " الطفل اللقيط ، الذي يتبناه في القرية شماس فقير ، ثم تاجر خرب الذمة ، وحين يبلغ الثالثة عشرة من عمره يقف في الكنيسة ناظرا إلي أيقونة العذراء وطفلها ويخيل إليه أنهما ينظران إليه بحنان فيحدث نفسه " لقد أحببت الله وانغمست في الكنيسة بكل حرارة قلبي الطفولي " . ولكن " ماتفي " يكفر بكل شيء في لحظة يأس عندما يتهدده خطر الخدمة العسكرية بحرمانه من الحياة مع محبوبته " أولجا " ، فيأخذ في الاحتيال على الفلاحين ويغشهم ليسلبهم آخر مليم ، وحين تموت زوجته وطفلاه يلتحق بأحد الأديرة ، ثم يتركه ويمشي طريقا طويلا ليدرك ما الذي يعنيه بالضبط بمحبة الله . هل هي محبة الكهنة الذين يتاجرون بالدين في الدير ؟ أم محبة الذين يجدون في الإيمان بابا للغفران من أجل ارتكاب المزيد من الذنوب ؟! . أم محبة الذين يجدون في الإيمان مبررا للقسوة مع الآخرين ودفن الحياة والحب والأمل بشعائر دينية ؟ . وخلال ذلك يصل به الوجد لرؤية الحقيقة حد التصوف ، فيحدث نفسه قائلا : " ربي ، أهذا أنت ؟ ألست أنت يا ذروة الجمال كل سروري وسعادتي ؟ " . ويتجه ما تفي بعد ذلك إلي أحد المصانع حيث يستقبله الناس بصفته راهبا ، ويلتقي بالعامل " إيفان " وغيره ، ويسجن معهم فترة ، ثم يخرج ليدعو في الساحات والشوارع إلي " إله واحد يتوحد فيه الشعب". وتحفل الرواية بالنماذج الروسية التي تضطرب في قاع القري والمدن لعل أجملها نموذج اللص السكير " سافيلكا " الذي لا يكف عن الصراخ " يا إلهي لم تعطني شيئا ، أما أنا فقد أعطيتك روحي كلها " . إنه اللص الذي تقرر القرية شنقه في الغابة ، فيتجه معهم وهو يغني بصوته الجميل ، ويظل يغني طوال الطريق حتى إذا بلغوا المشنقة تملهوا ليستمعوا لأغنية أخرى وأخرى حتى الفجر ثم يطلقون سراحه ! . وقد واجه جوركي انتقادات عنيفة من لينين عندما صدر " اعترافه " وهناك رسائل كثيرة بهذا الشأن متبادلة بينه وبين لينين . ففي روايته " الأم " كان جوركي يرى أن العمال الذين ناضلوا من أجل العدل الاجتماعي هم الأقرب لروحه ، أما في اعترافه اللاحق فإنه يرى أن : " القديسون الشهداء الذين ناضلوا في سبيل الله كانوا الأقرب لروحي " . وقد نجحت د. فيروز نيوف في تقديم ترجمة بديعة بلغة جميلة لواحدة من أهم الروايات التي شوهتها ترجمات سابقة غير دقيقة . سلمت يداك يا دكتورة فيروز .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيد درويش .. عبقري الشعب طريد الدولة
- خرج المنطق من حياتنا .. من يجده يتصل بنا
- من وراء سحابة
- لماذا لا يقرأ المصريون ؟
- لماذا يعشق المثقفون هذه - الديمقراطية - ؟
- زهور للمرأة العراقية
- الفن وزملاء المهنة
- الاستشراق الأمريكي .. طلعت الشايب
- الروس يقرءون الآن رفاعة الطهطاوي
- - قصة- - أحمد الخميسي - قصة قصيرة
- محمد ناجي ، وليلة سفر
- جريمة الطائفية في نجع حمادي
- معاذ شهاب .. قصاص جديد
- مظروف - قصة قصيرة
- أزواج نادين البدير وحكاية الكوب النظيف
- زكي مراد .. حياة الأسطورة
- قوى عاملة وهجرة وشاي بلبن
- طفل في قفص - قصة قصيرة
- الموت المتاح للكتاب
- أوباما .. دماثة فقراء وسياسة أغنياء


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - اعتراف جوركي .. الباحث عن الإيمان