الشعب العراقي...والنمور فى اليوم العاشر

رشيد الغالب

الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 08:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

رحلت الغابات بعيداً عن النمر السجين في قفص، ولكنه لم يستطع نسيانه، وحدق غاضباً إلى رجال يتحلقون حول قفصه وأعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف وكان أحدهم يتكلم بصوت هادئ ذي نبرة آمرة: إذا أردتم حقاً أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألا تنسوا في أي لحظة أن معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنها مهمة صعبة وسهلة في آن واحد.

انظروا الآن إلى هذا النمر: إنه نمر شرس متعجرف، شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه، ولكنه سيتغير ويصبح وديعاً ومطيعاً كطفل صغير.. فراقبوا ما سيجري بين من يملك الطعام وبين من لا يملكه، وتعلموا.

فبادر الرجال إلى القول إنهم سيكونون التلاميذ المخلصين لمهنة الترويض
هكذا بدأ الكاتب السوري الرائع زكريا تامر قصتة النمور في يومها العاشر........
ولو بدأنا منذ بداية عام 1970 وتتبعنا الوضع الاقتصادي انذاك ببعض الزيادات البسيطة على مراتب الموظفين فى الدولة من مدنيين وعسكريين وبعض الاستيرادات وفتح بعض الاسواق والتى كانت تسمى الاسواق المركزية(الاورزديباك),وفتح المجال امام الموظفيين وعامة الناس للسفر وتوزيع الاراضى والبناء العشوائى وارباك الناس وانشغالهم بهذا البناء فى مناطق جديدة وتسمياتها الرنانة حى صدام وحى الوحدة وحى البعث وحى 17 تموز وغيرها من هذة التسميات ,وهنا بدأ الترويض حيث لاتكفي المبالغ لاكمال بيوتهم وعدم توفر الخدمات الاساسية من مجاري وهاتف وشوارع غير مبلطة ومدارس ومراكز صحية بعيدة ,ولحين استلام السلطة من قبل صدام حسين ظهر على شاشة التلفزيون وقال حينها (ماذا يريدون العراقيين أصبح كل شيئ متوفر لديهم ,لم يبقى لهم الا ان يموتوا).وفعلا بدأت طبول الحرب وتقليص المواد بشكل عام وتخصيص 90%من ميزانية الدولة الى القطاع الحربى ,وبدأ بتوزيع السيارات والاراضى الى عوائل الشهداء والمعوقيين وبدأت اسماء أحياء جديدة (حي القادسية وحى الشهداء وحى المعوقيين وحى الابطال وحملة الانواط )وكأننا خلقنا قرابين الى مزاج صدام .وبدأت استحقاقات جديدة ,لاتحصل على قطعة ارض الا ان يكون عندك شهيد ولاتحصل على هاتف الا عندك شهيد ولاتذهب الى مكة الا عندك شهيد وتغيرت سلوكية الناس على ضوء هذا الاسلوب الحقير بحيث اصبحت الناس تتمنا ان يكون عندها شهيد فدائا الى صدام ,ولا أدري هل هذا هو قدرنا أم نحن نختلف عن شعوب العالم.
وفى بداية التسعينات من القرن الماضي وبعد فترة من الحصار ظهر علينا السيد الرئيس القائد وقال (لاتفكرون حين يرفع الحصار استوردلكم نستلة وكيك ومشروبات غازية وغيرها لا أتذكرها...)اريد منكم ان تشدوا على البطون ,وبدأت الرواتب تتراوح بين الدولار الى الدولارين بالشهر لمعظم الموظفين ,والذى عندة شارت الحزب والذى عندة وسام والذى عندة درجة حزبية معينة والمقربين ومن أهل البيت والمغلفة قلوبهم والبساطيل رواتبهم مرتفعة وامتيازاتهم تختلف واسواقهم خاصة ...........ولا اريد أطيل تحملناها وانتهت.
سقط النظام وجاء من جاء لنستبشر خيرا حيث الرواتب وعودة المفصولين والاستحقاقات للمظلوميين وغيرها.وسمعنا ستكون حكومة تكنوقراط وسمعنا كلام كثير جميل فى البداية وفرحت الجماهير المسكينة بعد ان ولا النظام السابق وجاءت الديمقراطية الوردة واستلموا السلطة الاحزاب الطائفية وحدث ماحدث انتم لستم بعيدين عن ذلك.وبدأت التصريحات الرنانة منذ ذلك اليوم الى يومنا هذا حيث الترويض الى هذا الشعب المسكين .كم سمعنا من هؤلاء المسؤولين ستكون الرواتب هكذا والكهرباء 25 ساعة فى اليوم والماء والشوارع والمترو والحدائق والمتنزهات وكل مسؤول يصرح من موقعه.سوف اختصر كلامي من باب الترويض على جانب واحد فقط الا وهو خدمات الكهرباء ,اصبحت الكهرباء ساعتين توقف وساعتين اشتغال وسوف تتحسن فى المستقبل القريب حيث تم التعاقد بمليارات الدولارات مع شركات اجنبية ومحلية لنصب محطات كهربائية وهكذا ,واذا بعد فترة ساعتين اشتغال وثلاثة اطفاء .........واستمرت الانتكاسات وكثرت الانقطاعات وخرجت مظاهرات ,وتم تغير الوزير واستبشرنا خيرا ,واذا بالوزير الجديد يحسن الكهرباء يومين ثلاثة وبدأت الاشادة بالوزير الحباب .بعدها تم ترويضنا لحين اصبحت كل خمسة ساعات اطفاء ربع ساعة اشتغال .وأصبح المواطن الذى يسكن فى المنطقة الفلانية يحسد المنطقة الاخرى لان الكهرباء عندهم كل خمسة ساعات اطفاء نصف ساعة عمل .
وهكذا على جميع المستويات من وزارات ومؤسسات ونزاهات حيث كثر الفساد وتروضت النفوس ونشكرهم جزيل الشكر على البطاقة التموينية والنفط والغاز والحدائق والشوارع والنزاهة والفساد الاداري والمالي والاقتتال والامان والمعارك على الكراسي ووووو...............
بالعباس ...ملينا.

#رشيد_الغالب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات