|
عباس.. هل يرتدي كوفية عرفات؟!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 15:17
المحور:
القضية الفلسطينية
كان الله في عون عباس، فالرجل يتعرَّض الآن لـ "ضغوط عرفاتية"، أي لضغوط تشبه تلك التي تعرََّض لها عرفات، والتي قاومها حتى الموت تسميماً؛ وإنَّ بروتوس (وخنجره) ما زال حيَّاً يُرْزَق مع ذريته التي نَمَت كنموِّ الاستيطان في "فلسطين الصغرى".
الدكتورة حنان العشراوي، وهي عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي ستجتمع لتُحدِّد الموقف الفلسطيني (الرسمي) النهائي من أمر الانتقال إلى المفاوضات المباشِرة، أقسمت بالله أنَّ الضغوط التي تتعرَّض لها السلطة الفلسطينية (الآن) في منتهى الشِّدة، قائلةً: "منذ بدأت المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لم أرَ ضغوطاً يتعرَّض لها الطرف الفلسطيني كالضغوط التي يتعرَّض لها الآن لجهة شدَّتها وقوَّتها، والتي يخالطها كثير من الابتزاز (السياسي)".
لو قَبِلَ نتنياهو (الذي قد يَضُمَّ إلى ائتلافه الحاكم عمَّا قريب حزب "كاديما" المعارِض) من قَبْل، أي قَبْل بدء المفاوضات غير المباشرة، أو "مفاوضات التقريب"، وقفاً تاماً للنشاط الاستيطاني (في الضفة الغربية والقدس الشرقية) لانتفت الحاجة إلى تلك المفاوضات، ولَذَهَب عباس فوراً إلى المفاوضات المباشِرة.
إنَّ بعضاً، أو كثيراً، من النشاط الاستيطاني قد استمر في أثناء المفاوضات غير المباشِرة التي لم تنتهِ زمنياً بَعْد؛ ولقد تواضع أوباما ونتنياهو على تسمية هذا الاستمرار للنشاط الاستيطاني "تجميداً (مؤقَّتاً)" له، قرَّرته حكومة نتنياهو.
هل يتحوَّل هذا "التجميد" إلى "وقف تام" مع بدء (واستمرار) المفاوضات المباشِرة؟
في رأي نتنياهو، هذا سؤال "فاسِد" الآن، فرئيس الوزراء الإسرائيلي رَفَضَ حتى "تمديد" هذا "التجميد"، وكأنَّه يريد أن يقول للرئيس عباس إنَّ عليكَ الذهاب (في آب الجاري) إلى المفاوضات المباشِرة، ولو استمرت (هذه المفاوضات) في مناخ من النشاط الاستيطاني الذي تحرَّر من قَيْد قرار الحكومة الإسرائيلية "تجميده" حتى السادس والعشرين من أيلول المقبل، فإنَّ مزيداً من الاستيطان يمكن ويجب أن يأتي بمزيدٍ من التفاوض، وإنَّ مزيداً من التفاوض يمكن ويجب أن يأتي بمزيدٍ من الاستيطان؛ فهذا هو وحده المعنى الحقيقي لمفاوضات السلام!
عباس، الذي يرأس "سلطة"، تلقَّت من "المعونات الدولية"، ومن التدريب والتسليح والتجهيز والتنظيم والتطوير لأجهزتها وقواها الأمنية، ما جعلها في منتهى الضعف السياسي، تَقِف حائرةً مترددةً بين خنوع "نَعَم" وتمرُّد "لا"، أبى أنْ يلبِّي طلب "المُقَرِّب"، أو "المُطوِّع"، ميتشل، قائلاً له، وكأنَّه يحتمي منه، ويتسلَّح ضدَّه، بموقف عربي منيع، إنَّني لا أستطيع تلبية طلبك (أي الانتقال الفوري وغير المشروط إلى المفاوضات المباشِرة) لأنَّ العرب لن يقبلوا.
وكأنَّني سَمِعْتُ هذا "المُطوِّع"، أي الذي جاء وعمل من أجل تطويع عباس، يهمس قائلاً: "مسكين هذا الرجل، لم يتَّعِظ من تجربة سلفه عرفات، ولم يَفْهم بَعْد العرب كما نفهمهم نحن"!
وما هي إلاَّ سويعات من شَهْر قليلٍ من العصيِّ عليهم حتى اجتمعوا في خيمة "لجنة مبادرة السلام العربية" ليقرِّروا أمْراً يشبه لجهة معناه "اذهب أنتَ وربك فقاتلا إنَّا ههنا قاعدون"!
هل قالوا للذي استجار من رمضاء ميتشل بنارهم "اذهبْ (إلى حيث يريد لكَ ميتشل أنْ تذهب)"؟
كلاَّ، لم يقولوا.
هل قالوا له "لا تذهبْ"؟
كلاَّ، لم يقولوا.
لقد قالوا له "أنتَ الآن حُرٌّ، لكَ أنْ تذهب، ولكَ ألاَّ تذهب"؛ وكان يتمنى أن يقولوا له "لا تذهب"، أو "إيَّاك أنْ تذهب"؛ فهذه مقصلة سياسية؛ ولسوف نقف معكَ إذا ما قرَّرت عدم الذهاب إلى أنْ تُلبَّى شروطنا ومطالبنا التي سننقلها في رسالة إلى "الخائب" في البيت الأبيض.
هل قالوا للذي لم يرَ وحشاً أقوى من القطِّ نتنياهو، مستسهلاً الاستئساد عليهم، وعلى خيمتهم، إنَّنا نؤيِّد طلبكم الانتقال فوراً إلى المفاوضات المباشِرة؟
كلاَّ، لم يقولوا.
هل قالوا له إنَّنا نرفض؟
كلاَّ، لم يقولوا.
لقد قالوا له: نرى، ونعتقد، ونظن، ونتمنى عليكم وعلى نتنياهو؛ أي شرحوا له "وجهة نظرهم" في أمْر المفاوضات المباشِرة، وكيف يجب أن تكون، وكأنْ لا عمل لديهم يؤدُّونه إلاَّ المشورة والنصح والإرشاد؛ وكفاهم الله شرَّ "السياسة"، قراراً وموقفاً!
ميتشل، الذي لم يسترِح بعد، سيقول الآن لعباس: "ما قولكَ الآن؛ إيَّاكَ أن تستذرع بموقف أهل الخيمة، فها هُم قرَّروا أنَّكَ وحدكَ الذي تقرِّر، فقرِّرْ، فإذا لم تقرِّر بما يوافِق ما اقترحناه عليكَ من قَبْل، فإنَّنا سنصبح في حِلٍّ من حلِّ الدولتين، وسنجعلكم في عُزْلة إقليمية ودولية، وسنمنع عنكم المعونات الدولية التي عوَّدناكم العيش بها، ولها، فأدمنتم عليها إدماناً أين منه الإدمان على خمور الأندرينا".
ليس لعباس الحقَّ في أن يَزْعُم أنَّه "المُكْتَشِف" لأمْر العرب، فمُكْتَشِفوه، من قَبْله، كُثْر؛ ولكن حان له أن يَكْتَشِف أنَّ ما تتلقاه السلطة الفلسطينية من "معونات دولية" ليس سوى "رأسمال سياسي" يوظَّف فلسطينياً ليعود على صاحبه الحقيقي، وهو الولايات المتحدة، بربح سياسي جزيل؛ ولقد أسَّست هذه "المعونات" لِمَا يشبة "البنية التحتية" لسياسة فلسطينية لا تستطيع (مع أصحابها) أنْ تقول "لا"، ولو كانت هذه الـ "لا" من قبيل "لا لذبح الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه القومية بسكِّين على هيئة ثلاثين من الفضة".
هذه المرَّة ليست كسائر المرَّات؛ فإنَّ المفاوضات المباشِرة، كل المفاوضات المباشِرة، بين إسرائيل والفلسطينيين على نوعين اثنين، الأوَّل هو سائر المفاوضات المباشِرة، والثاني هو هذه التي يراد سَوْق الفلسطينيين إليها الآن.
هذه المرَّة اختلفت "المفاوضات المباشِرة"؛ وينبغي للفلسطينيين أن ينظروا إلى هذا "المُخْتَلِف" بعيون مختلفة هي أيضاً؛ فإنَّ في أمْر قبول المفاوِض الفلسطيني الذهاب إلى المفاوضات المباشِرة الآن، بما تعنيه "الآن"، سياسياً وإستراتيجياً، ما يشبه "بالون اختبار"، تَخْتَبِر به الولايات المتحدة وإسرائيل اتِّجاه وسرعة الريح الفلسطينية الحقيقية، فـ "المفاوِض الفلسطيني" يكفي أن يَقْبَل الذهاب (بما يوافِق الشروط الإسرائيلية لإدارة الرئيس أوباما) حتى يَسْتَنْتِج "المُخْتَبِرون" أنَّ "الطبخة" قد نضجت، وأنَّ هذا "المفاوِض" قد استنفد قدرته على قول "لا" لحلٍّ نهائي أسوأ من ذاك الذي حاولوا إرغام عرفات على قبوله في "كامب ديفيد"؛ فهل يرتدي عباس كوفية عرفات؟!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صورة -المادة- في الدِّين!
-
هل أصبحت -المفاوضات بلا سلام- خياراً إستراتيجياً؟!
-
الأزمة الاقتصادية العالمية تنتصر ل -قانون القيمة-!
-
هرطقة تُدْعى -الملكية الفكرية-!
-
الآلة
-
معنى -التقريب-.. في مهمة ميتشل!
-
أمراض ثقافية يعانيها -الطلب- في اقتصادنا!
-
حكوماتنا هي الجديرة بلبس -النقاب-!
-
صورة -المفاوِض الفلسطيني- في مرآة -الأمير-!
-
معادلة ليبرمان!
-
الفقر والفقراء.. في دراسة مُغْرِضة!
-
ما تيسَّر من سيرة -القطاع العام-!
-
مهزلة يُضْرَب بها المثل!
-
الرأسمالية الأوروبية تتسلَّح ب -العنصرية-!
-
-العبودية-.. غيض يمني من فيض عربي!
-
-المعارَضة- إذ غدت -وظيفة حكومية-!
-
إسرائيل -تقصف- الطموح النووي الأردني!
-
تعليق -لاهوتي- على حدث رياضي!
-
اخترعها الفقراء وسطا عليها الأغنياء!
-
حرب إسرائيلية على -النموذج التركي-!
المزيد.....
-
ما ارتداه رئيس أوكرانيا بقمة الناتو يشعل تكهنات بأن ترامب هو
...
-
سجال حاد بين المدعية العامة للولايات المتحدة وسيناتور ديمقرا
...
-
زهران ممداني.. الشاب المجهول الذي قلب نيويورك راسا على عقب ب
...
-
جسر زجاجي شفاف ومسارات.. لندن تكشف عن نصب الملكة إليزابيث ال
...
-
هانا تيتيه: ليبيا تمر بمنعطف حاسم وتريد حكومة مسؤولة
-
مؤسسة النفط الليبية توقع مذكرة تفاهم مع تركيا بشأن 4 مناطق ب
...
-
الحرب على إيران تعيد الليكود إلى الصدارة.. نتنياهو: العالم ش
...
-
-احتفالات النصر-.. تظاهرات في طهران عقب وقف إطلاق النار بين
...
-
زيلينسكي يطالب الناتو بدعم الصناعة الدفاعية الأوكرانية قبيل
...
-
في تحول عسكري لافت.. اليابان تجري أول تجربة صاروخية على أرا
...
المزيد.....
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
المزيد.....
|