|
إسرائيل -تقصف- الطموح النووي الأردني!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 13:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعدَّدت "النماذج النووية" في الشرق الأوسط؛ وكان آخرها ظهوراً، وإنْ من حيث "الفكرة" حتى الآن، هو "النموذج الأردني" الذي لم تتبلور فكرته بعد؛ ذلك لأنَّها مدار صراعٍ، اشتعل فتيله، أو أشعلت إسرائيل (النووية بالمعنى العسكري من رأسها حتى أخمص قدمها) فتيله، مذ بدا الأردن عاقداً العزم على الإفادة من احتياطه النووي (نحو 65 ألف طن) ومن الطاقة النووية، كهربائياً ومائياً في المقام الأوَّل؛ ولَمَّا يُحْسَم هذا الصراع.
ما نعرفه حتى الآن، وبصرف النظر عن نسبة الحقيقة فيه، هو أنَّ الأردن يملك هذا الاحتياط النووي، وأراد، بدايةً، أن يصنِّع بنفسه "وقوداً نووياً" من اليورانيوم المستخرَج، وصولاً، في آخر المطاف، إلى توليد طاقة كهربائية (من مَصْدَر نووي) فيلبِّي نحو 30 في المئة من احتياجاته من الكهرباء، مقلِّلاً، بالتالي، حجم وارداته النفطية.
والأردن، الذي هو في أمسِّ الحاجة إلى المياه العذبة، يمكنه أيضاً الإفادة من هذا المَصْدَر النووي للطاقة في تحلية مياه البحر.
تلك كانت، على ما قيل، الفكرة النووية الأردنية الأوَّلية؛ ولكنَّ الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة ضدَّ مبدأ أن يُصنِّع الأردن بنفسه "وقوداً نووياً"، والتي هي ضغوط إسرائيلية المنشأ والمَصْدَر، أحدثت تغييراً جوهرياً في "الفكرة"، فَزُعِم أنَّ الأردن قَبِلَ، بالتالي، أو أخيراً، أن يكتفي باستخراج الخام (من اليورانيوم) وتصديره، وأن يموِّل، بفضل ذلك، برنامجه النووي السلمي، وكأن ليس من حقِّه أن يصنِّع بنفسه ما يحتاج إليه من "وقود نووي"، مع أنَّ معاهدة حظر الانتشار النووي (وهو من موقِّعيها) تكفل له هذا الحق.
الأردن، شأنه في ذلك شأن كل دولة عربية، ليس من حقِّه التمتُّع بكل الحقوق والامتيازات الممنوحة لكل دولة توقِّع تلك المعاهدة؛ ولكن عليه أن يلتزم كل ما ترتِّبه عليه من مسؤوليات والتزامات وواجبات!
ليس من حقِّه ذلك مع أنَّه (إضافة إلى ذلك) يرتبط مع إسرائيل بمعاهدة سلام، وينتمي إلى الدول العربية "المعتدلة"، ويُعدَّ من الدول الصديقة والحليفة للغرب، وللولايات المتحدة على وجه الخصوص، فإنَّ تصنيعه بنفسه لـ "وقود نووي"، أو تخصيبه بنفسه لليورانيوم ولو بنسبة تكفي فحسب للاستخدام السلمي للطاقة النووية، هو خط أحمر إسرائيلي غير مسموح أبداً بتجاوزه.
وفي المقارنة التي لا بدَّ منها الآن بين النموذجين النوويين الإيراني والأردني نقول إنَّ إيران تشبه الأردن لجهة كونها دولة موقِّعة لمعاهدة حظر الانتشار النووي، وملتزمة، على ما أعلنت وأكدت في استمرار، عدم تصنيع أسلحة نووية، لكونها حراماً من الوجهة الدينية على ما تزعم، ومصمِّمة فحسب على أن تخصِّب بنفسها اليورانيوم بما يفي بالغرض السلمي وهو توليد الكهرباء من الطاقة النووية.
ولكنَّها تختلف عنه في كونها دولة دينية، معادية لإسرائيل، منتِجة ومصدِّرة للنفط والغاز، وتعتزم، على ما يزعم الغرب، المضي قُدُماً، وسِرَّاً، في عملية تخصيب اليورانيوم، وصولاً إلى تصنيع قنابل نووية.
أمَّا في المقارنة الضرورية أيضاً بين النموذج النووي الأردني والنموذج النووي الإسرائيلي فنقول إنَّ إسرائيل غير الموقِّعة لمعاهدة حظر الانتشار النووي، والتي ترفض إخضاع منشآتها ومفاعلاتها النووية للرقابة الدولية، تملك "الحق" في أن تصنِّع بنفسها "الوقود النووي"، وفي أن تخصِّب اليورانيوم بنفسها، وبمنأى عن الرقابة الدولية، وبنسبٍ تكفي لصنع أسلحة نووية؛ ولقد صنعت منها حتى الآن ما يزيد على 200 رأس نووية.
إذا أراد العرب أن يدخلوا "العصر النووي" فليدخلوه من "بوابته الإماراتية"، فـ "النموذج النووي الإمارتي"، الذي صمَّموه لنا على عجل، هو وحده الذي يستحقه العرب، الذين ليس من حقِّهم أبداً أن يملكوا برنامجاً نووياً كالبرنامج الإسرائيلي، ولن يُسمَح لهم أبداً بأن يملكوا شبيهاً للبرنامج النووي الإيراني.
الأردن مدعوٌّ الآن إلى أن يتخلى عن "أوهامه النووية"، أي عن حقوقه النووية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، وأن يقبل، بالتالي، "النموذج النووي الخاص بالعرب"، والذي بموجبه يلتزم عدم تخصيب اليورانيوم (أو عدم تصنيع الوقود النووي بنفسه) وعدم إعادة معالجة الوقود النووي المستهلَك، فهذا الوقود يُسْتَوْرَد استيراداً فحسب؛ لأنَّ "النفس النووية العربية" أمَّارة بالسوء!
إسرائيل، ومن خلال ما مارسته وتمارسه من ضغوط لمنع الأردن من التمتع بما كفلته له معاهدة حظر الانتشار النووي من حقوق وامتيازات، إنَّما تريد أن تُقْنِعه بأنَّ العداء والصراع لا ينتهيان بمعاهدة سلام، أو من طرف واحد، فهي ما زال لديها من الأهداف والمصالح ما يكفي لبقاء جذوة العداء والصراع متَّقِدة.
إنَّها تريد أن تقول للأردن ضمناً إنَّ اليورانيوم الأردني الخام يمكن أن يباع لها، كالغاز المصري، فإذا حصلت عليه تولَّت هي بنفسها تصنيع الوقود النووي، وتحوَّلت إلى مركز إقليمي لتخصيب اليورانيوم. وعندئذٍ قد تبيع بعضاً من هذا الوقود للأردن؛ مع أنَّها تفضِّل أن تبيعه الكهرباء، التي ولَّدتها هي من الطاقة النووية، والمياه العذبة التي أنتجتها هي من تحليتها لمياه البحر.
أمَّا ترسانتها من الأسلحة النووية فستبقى في الحفظ والصون؛ ولكنَّها ستقبل، في مقابل ذلك، أن تقدِّم "تنازلاً كبيراً" هو أن تُعْلِن التزامها عدم استخدام السلاح النووي ضدَّ أي دولة عربية توقِّع معها معاهدة سلام، وتلتزم عدم صنع أسلحة نووية!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليق -لاهوتي- على حدث رياضي!
-
اخترعها الفقراء وسطا عليها الأغنياء!
-
حرب إسرائيلية على -النموذج التركي-!
-
إلاَّ أسطوانة الغاز!
-
ما هو -الزمن-؟
-
إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!
-
تصحيحاً ل -الخطأ- الذي ارتكبه العرب..!
-
إنَّها أسوأ صيغ الاعتراف بإسرائيل!
-
أزمة -المواطَنة-.. عربياً!
-
-أسطول نجاد- بعد -أسطول أردوغان-!
-
-النفاق-.. سياسة عربية!
-
ظاهرة أردوغان
-
هل نجرؤ على الانتصار؟!
-
معبر رفح.. تُغْلِقه مصر فتَعْبُر تركيا!
-
امتزاج -الأحمر- ب -الأزرق-!
-
جماهير -إعلامية فضائية-!
-
الشرق الأوسط الخالي من السلاح النووي!
-
-الانتخاب- و-التزوير- صنوان!
-
قانون لانتخابات نيابية -أخلاقية-!
-
القانون الانتخابي الجديد في الأردن.. هل يأتي ب -برلمان قديم-
...
المزيد.....
-
عشرات المليارات تدرها رسوم ترامب الجمركية شهريا.. ماذا تفعل
...
-
السعودية.. أول تعليق لنجل حميدان التركي بعد إطلاق سراح والده
...
-
ترامب يعلن اقتراب قمة مع بوتين وسط تصعيد جديد في أوكرانيا
-
ترامب يرفع الرسوم الأمريكية على الهند إلى 50 في المئة بسبب ا
...
-
مسجد القلعة صرح إسلامي من العهد المملوكي في القدس
-
سلجوق بيرقدار أوغلو رئيس هيئة الأركان العامة التركية
-
-إكس-59-.. الطائرة الصامتة الأسرع من الصوت
-
أيمن عودة أحد أبرز الوجوه السياسية لفلسطينيي 48
-
أمريكا: اتهام جندي بمحاولة إرسال أسرار الدبابة أبرامز إلى رو
...
-
الرئيس التنفيذي لـ-آبل- يقدم هدية -رمزية- لترامب: لوح زجاجي
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|