أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - هرطقة تُدْعى -الملكية الفكرية-!














المزيد.....

هرطقة تُدْعى -الملكية الفكرية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 14:11
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


فيروز ممنوعة من الغناء؛ أمَّا السبب، هذه المرَّة، فليس "ديني" وإنَّما "قانوني رأسمالي"؛ إنَّها ممنوعة من الغناء ليس لأنَّ صوتها "عورة" وإنَّما لانتهاكها قانون "الملكية الفكرية" الذي لا يفوقه سَوْءاً إلاَّ هذا النوع الجديد من "الورثة"، أي "ورثة الملكية (أو الممتلكات) الفكرية"، والذين إليهم ينتمي "ورثة المناصب السياسية والإدارية..".

إنَّ ممتلكات الشخص بعضها مادي، وبعضها فكري؛ وهذا "الفكري" من الممتلكات الشخصية لم يَظْهَر في "القانون" وسلطانه إلاَّ الآن، أي في ما يسمَّى "عصر العولمة"، الذي فيه نرى الرأسمالية، وعلى ما اعتراها من تغيير في أوجهها كافة، محْتَفِظَةً بالجوهري والأساسي من خواصِّها وسماتها وقوانينها.

من قبل، كانت "الملكية" تُفْهَم، على وجه العموم، على أنَّها "الملكية الشخصية"، والتي منها "الملكية الرأسمالية"؛ أمَّا "الملكية الشخصية" نفسها فكانت تُفْهَم على أنَّها "الملكية المادية (أو الاقتصادية)"، كملكية منزل أو سيَّارة أو مصنع أو متجر..

ولقد وسَّعت الرأسمالية الآن "الملكية الشخصية"، حقوقاً وقانوناً ومفهوماً، فغدا "الإبداع الفكري"، أو بعض أوجهه، مشمولاً بهذه الملكية، أي بحقوقها وقوانينها، وبكل ما يستلزمه صونها والحفاظ عليها وحمايتها من قَسْرٍ وإكراه وقهر، أو، بكلام مختصَر، "من سلطة الدولة".

وهذا "القانون"، أي قانون "الملكية الفكرية" لا يمكن فهمه إلاَّ على أنَّه مُنْتَج جديد من منتجات "التوحُّش الطبقي" للرأسمالية (الغربية على وجه الخصوص). إنَّه "قانون" لا يُعْمَل به إلاَّ إذا ترتَّب على "انتهاكه"، أي انتهاك "حقوق الملكية الفكرية"، خسارة أو مضار مادية (مالية) تُصيب صاحب "الملكية الفكرية"، والذي إنْ لم يكن شركة رأسمالية فلن يرى شيئاً من قوَّة وفاعلية هذا "القانون"، فالقانون الأهم في حياتنا القانونية والحقوقية هو قانون "الأقوى في خارج مملكة القانون هو الأقوى في داخلها".

ما أدهشني وحيَّرني في أمْر قانون وحقوق "الملكية الفكيرية" هو الموقف المتناقِض للناس، على وجه العموم، من ممتلكاتهم المادية وممتلكاتهم الفكرية، فإنَّ الشخص مُفْرِطٌ في "أنانيته" في ممتلكاته المادية، مُفَرِّطٌ فيها، أو مُفْرِط في "غيريته" في ممتلكاته الفكرية؛ إنَّه في موقفه من ممتلكاته المادية أناني، بخيل، مُقَتِّر، حريصٌ عليها كل الحرص؛ أمَّا في ممتلكاته الفكرية، أي في فكره وأفكاره وآرائه ووجهات نظره..، فهو غَيْري، كريم، سخي؛ بل "شيوعيٌ"، لا مَيْل يستبدُّ به إلاَّ المَيْل إلى نشرها، وتعميمها، وإشراك غيره، أو الناس جميعاً، فيها؛ وكأن لا متعة لديه تفوق متعته في إطعام عقول الناس فكره وأفكاره!

أُنْظروا إلى النفاق الرأسمالي في مأساة، أو مآسي، مئات الملايين من البشر الجياع والفقراء. إنَّكَ لا ترى رأسمالياً ولو كان على خُلُقٍ إنساني أو ديني عظيم (ولا شركة رأسمالية، ولا دولة أو حكومة رأسمالية) كريماً سخياً معهم، يطعمهم، أو يعيلهم، أو يجود عليهم بما يعينهم على أن يعيلوا أنفسهم بأنفسهم، فإنَّ "القيم المادية" لا يُشْرِك فيها صاحبها أحداً.

أمَّا "القيم الفكرية" للرأسمالية، وفي مقدَّمها "القيم الديمقراطية"، فتُوزَّع مجَّاناً؛ وها هي القوَّة الإمبريالية العظمى في العالم تجاهد في سبيل نشر وتعميم "قيمها الفكرية"، وتوزِّعها مجَّاناً؛ وربَّما تشتري قبول الناس لها، أو كل ما يمكن أن يساهم في جَعْل الناس يتقبَّلونها، ويُقْبِلون عليها.

إنَّ فئة ضئيلة من الرأسماليين في الغرب يَحْكُمون العالم، عَبْر دولهم وممثِّليهم السياسيين وغير السياسيين، ويتحكَّمون في مصائر شعوب وأمم الأرض كافة؛ ولكم أن تتخيَّلوا عواقب نجاحهم في حماية "الملكية الفكرية" لشركاتهم، فلو نجحوا في ذلك، فإنَّ الصين، مثلاً، لن تتمكَّن من أنْ "تَنْتَهِك" قانون وحقوق "الملكية الفكرية" لهذه الشركات بما يعود بالنفع والفائدة على مئات الملايين من المُسْتَهْلكين الفقراء في سائر العالم، فإنَّ هذا "الانتهاك الصيني" الذي، بمعيار المصالح المادية للشركات الرأسمالية الغربية الكبرى، يُعَدُّ شرَّاً مستطيراً، هو الخير العميم بمعيار مصالح هؤلاء المُسْتَهْلِكين؛ فهل نقف مع "الانتهاك الصيني" أم ضدَّه؟!

ولو نجحت شركة رأسمالية كبرى كشركة "مايكروسوفت" في سعيها القانوني لدرء "المخاطِر" عن بعضٍ من "ملكيتها الفكرية"، فكيف لمئات الملايين من البشر الفقراء أن ينضموا إلى المجتمع الفكري والثقافي العالمي الجديد الذي تضافَر الكمبيوتر والشبكة العنكبوتية على خلقه؟!

في قانونهم الأخلاقي والإنساني، يمكن ويجب أن نرى "العدالة"؛ بل "كل العدالة"، في ما يعانيه مئات الملايين من البشر، في حياتهم الاقتصادية، من شرور رأس المال وظلمه وعسْفه؛ و"الظُّلْم"، كله، أو بعينه، أن "يَنْتَهِك" هؤلاء الضحايا قانون وحقوق "الملكية الفكرية" للشركات الرأسمالية الكبرى، أو أن "يُنْتَهَك" هذا القانون، وتلك الحقوق، بما يعود بشيء من النفع والفائدة على المُسْتَهْلِكين من الفقراء في العالم!

ولو كان لي أنْ أسُنَّ قانونا مضاداً لقُلْتُ فيه إنَّ هذا "الانتهاك" هو العدالة بعينها، وإنَّ فيه كثيراً من الخُلُق القويم، ومن القيم الإنسانية والحضارية، وإنَّ رأس المال الذي جاء إلى الدنيا يقطر دماً من رأسه حتى أخمص قدمه، وبكثيرٍ من فِعْل الاغتصاب، لا يحقُّ له أبداً أن يَبْرُز في ثياب المحامي عن "الملكية الفكرية"، وقانونها وحقوقها!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآلة
- معنى -التقريب-.. في مهمة ميتشل!
- أمراض ثقافية يعانيها -الطلب- في اقتصادنا!
- حكوماتنا هي الجديرة بلبس -النقاب-!
- صورة -المفاوِض الفلسطيني- في مرآة -الأمير-!
- معادلة ليبرمان!
- الفقر والفقراء.. في دراسة مُغْرِضة!
- ما تيسَّر من سيرة -القطاع العام-!
- مهزلة يُضْرَب بها المثل!
- الرأسمالية الأوروبية تتسلَّح ب -العنصرية-!
- -العبودية-.. غيض يمني من فيض عربي!
- -المعارَضة- إذ غدت -وظيفة حكومية-!
- إسرائيل -تقصف- الطموح النووي الأردني!
- تعليق -لاهوتي- على حدث رياضي!
- اخترعها الفقراء وسطا عليها الأغنياء!
- حرب إسرائيلية على -النموذج التركي-!
- إلاَّ أسطوانة الغاز!
- ما هو -الزمن-؟
- إنقاذاً لإسرائيل المحاصَرة بحصارها!
- تصحيحاً ل -الخطأ- الذي ارتكبه العرب..!


المزيد.....




- أردوغان: تركيا تواصل ضغطها على إسرائيل تجاريا ودبلوماسيا لوق ...
- الإمارات.. اكتشاف حقل غاز جديد
- إطلاق أول متنزه ترفيهي مائي من نوعه في السعودية (صور)
- رويترز: شل تجري محادثات لبيع محطات وقود ماليزيا لأرامكو
- بورصات الخليج تغلق على ارتفاع مع تزايد آمال خفض الفائدة
- 94 مليون دولار أرباح solution by stc بالربع الأول من 2024
- مخاوف من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي عسكرياً
- النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب في الصيف
- -رسن- السعودية تعتزم طرح 30% للاكتتاب العام
- رئيسة المفوضية الأوروبية: سنطالب بمنافسة -عادلة- مع الصين


المزيد.....

- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - هرطقة تُدْعى -الملكية الفكرية-!