أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سلام ابراهيم عطوف كبة - حول تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء-حسين الشهرستاني والدكتاتورية المقبورة وجهان لعملة واحدة!-















المزيد.....



حول تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء-حسين الشهرستاني والدكتاتورية المقبورة وجهان لعملة واحدة!-


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 11:41
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


في دراسة سابقة اكدت ان المصالح الاجتمااقتصادية التي تقف عقبة كأداء امام عجلة العمل النقابي العمالي في العراق باتت كبيرة وفي تنامي صاعد بسبب توقف عجلة الانتاج والدورة الاقتصادية السلمية وارتفاع معدلات البطالة والفقر،وبسبب الحروب الداخلية والخارجية والهجرات الاحترازية والقسرية،والحصار الاقتصادي،وسوء تصرف النظام السياسي القائم بموارد المجتمع الاقتصادية،والخلل في الاداء الحكومي،واستمرار مفعول قوانين النظام السابق ومنها قوانين 71 و 52 و.. 150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل و الغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة وقوانين 71و91 لعام 1977 و190 و543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم(150) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي وعشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة اعوام 1968 – 2003،وبسبب الاضطرابات الامنية والارهاب والفساد والابتزاز وقوانين الطوارئ والاحتلال الاميركي والمحاصصة الطائفية وسياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة،وتجميد الحركة الانتخابية النقابية الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية وفق قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003.
في هذا الاطار تندرج عنجهية حسين الشهرستاني الطفل المدلل للطاغية صدام حسين وأحد صقور الليبرالية الاقتصادية الجديدة في العراق!فبعد ان اشتد ضغط ابناء الشعب وكادحيه باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة..وبعد ان باتت ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات لا تنطلي على احد،كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها،وأصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم..وبعد ان افتضحت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتوجهات نحو الخصخصة التي تفرض الانعكاسات السلبية الاوسع على سوق العمل في الامد القصير لان برنامجها هو وصفة من صناعة خبراء البنك الدولي ليس الا..وبعد ان باتت الاماني الطيبة والمواعظ الحسنة ووعود الرخاء وتحسين حياة الشغيلة وايجاد فرص عمل للعاطلين التي تطلق بين حين وآخر،باتت جميعها وعودا في مهب الريح،ولا تطلق الا للدعاية الانتخابية فقط وللاغراض الميكافيلية...اندلعت المسيرات والتظاهرات الشعبية السلمية اواسط حزيران 2010 في بغداد ومدن الجنوب والفرات الاوسط منددة بالاوضاع الكارثية،وهي تهتف اين الكهرباء يا وزير الكهرباء؟اين الخدمات يا مجلس النواب؟!ويا نوري المالكي؟!وفي هذه التظاهرات سقط الشهداء صرعى نيران الديمقراطية الجديدة المسلحة ورصاص القتل العبثي المجاني البربري المتوحش الغادر.هل تجاوز الشهداء في بلادنا حقا حدود اللعب؟!لقد اسقطت التظاهرات وزيرين احدهما وزير الكهرباء كريم وحيد!فماذا كان رد فعل الحكومة الموقرة جدا؟!
اوكلت العقلية الصبيانية لنوري المالكي لوزير النفط حسين الشهرستاني وزراة الكهرباء ايضا!!وفق المثل القائل"جاء يكحلها .. عماها!"،وقام الشهرستاني بتكريم بروتوكولي للوزير المستقيل،ووعد الشعب العراقي خيرا..في الايام اللاحقة!في هذه الاجواء يأتي الامر الوزاري عدد 22244 في 20/7/2010 على"منع ممارسة النشاط النقابي بالوزارة"،وطلبت وزارة الكهرباء من كافة دوائرها بالتنسيق مع شرطة الكهرباء بأغلاق مكاتب واماكن وجود النقابات وضبط ما فيها من موجودات ووثائق وانظمة حاسوب".وجاء في الفقرة 3 من الامر الوزاري"أتخاذ الاجراءات القانونية الفورية"واحالة من سمتهم الوزارة"من يلجأ الى التهديد واستخدام العنف بهدف الحاق الضرر بالممتلكات العامة الى القضاء بموجب المادتين(4 و 2)من قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005!
يذكر ان العلامة الغبي حسين الشهرستاني سبق ورفض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي ايضا في التوجيه الوزاري المرقم 12774 في 18/7/2007،منعت الدائرة الادارية والقانونية في وزارة النفط بموجبه مشاركة اي عضو من اية نقابة واتحاد نقابي ومركز نقابي في اية لجنة من اللجان المشكلة في مؤسسات وشركات الوزارة،كون هذه النقابات لا تتمتع باية صفة قانونية للعمل داخل القطاع الحكومي ولا يجوز السماح لهم باستخدام المكاتب والآليات والمعدات التابعة للوزارة كونهم لا يتمتعوا بالصفة القانونية للعمل داخل القطاعات الحكومية..وامهلت التوجيهات الجهات ذات العلاقة مدة اسبوعين لأستكمال التنفيذ..واكد الملا الشهرستاني هذه التوجيهات مرة اخرى في تصريحاته السادس من آب 2007 عندما رفض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي.انها قرارات قرقوشية تعكس الفقر في الكفاءة المهنية والحاجة الى التربية بأهمية الاقتصاد الوطني الى جانب سوء اداء الوزارة والوزير في توفير حاجات الفئات العمالية وابناء الشعب من الوقود،وهي اساسا امتداد لتخبط وجهل الطائفية السياسية الحاكمة بعد ان منح قانون الاستثمار الجديد في الفقرة سادسا المادة "6" "حق" استخدام 50% من العراقيين من مجموع المستخدمين في المشروع اي ان 50% هم من غير العراقيين"ان هذا التشريع لا يوجد مثيل له في العالم فدول العالم تسعى لخلق فرص عمل لمواطنيها وليس لمواطني بلدان اخرى"،كما أغفل الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 واقتران المواد 36 و43 باشتراطات قابلة للتأويل تسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية.وكانت الجمعية الوطنية سابقا هي الاخرى قد الغت المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان لنسف حلم قيام نظام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين،ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع،وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام إرادتها ورفض أفكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والطائفي والظلامي المتخلف...!
هنا وجب وضع النقاط على الحروف وتبيان الآتي:
1. ان محاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية ليست فردية صادرة من هذا الوزير او ذاك،بل هي نهج ثابت للطائفية السياسية الحاكمة يدل على شيوع ثقافة الوصاية وتخلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتطور المشوّه للمجتمع والاستبداد والولاءات دون الوطنية،التي تسهم في تمزيق نسيج البلاد الاجتماعي وطمس هويتها الثقافية التي تتسم بالتعددية والتنوع!فوزارة الصناعة والمعادن المسؤولة عن حوالي 200 مشروعا مملوكا للدولة يعمل فيها نصف مليون فرد موزعين على 61 شركة تضم 230 معملا في المجالات الصناعية المختلفة:الانشائية،الكيمياوية والبتروكيمياوية،الهندسية،النسيجية والغذائية والدوائية!هي الاخرى اعتبرت تشكيل النقابات العمالية داخل مؤسساتها مخالفة قانونية خطيرة تستوجب المسائلة،بل خرق فاضح لمبدأ المشروعية ومساسا بأمن واستقرار المؤسسات العامة!وتعتبر عدم اعتراض الشركات العامة على قيام منتسبيها بتشكيل النقابات العمالية داخلها دليل ضعف لاداء ادارات الشركات وعدم قدرتها على مراقبة مفاصلها الادارية وفرض الامن داخلها!وتلزم هذه الوزارة المخالفين بتقديم التعهدات الخطية بعدم تكرار ذلك!وتنقل خدماتهم،وتعرضهم للسخرية!انظر الكتاب الصادر من مكتب المفتش العام في وزارة الصناعة والمعادن المرقم س/1855 والمؤرخ في 26/5/2009.
وبهذه القرارات القرقوشية تبقى الحكومة ووزاراتها اداة لانتهاك حقوق ومكتسبات العمال،وتنجر وراء التصرفات الشخصية لبعض المنتفعين من اضعاف العمل النقابي في العراق!ان محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها لا يؤشر قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل يضر بالاقتصاد الوطني والعمل الانتاجي ومجمل العملية الاجتمااقتصادية وتطويرها ويخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،ويستهين بالحركة الاجتماعية ويتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،ويتجاهل ارادة الملايين من اعضاء هذه المنظمات،ولعمري يدرج كل ذلك في الارهابين الاسود والابيض.
واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،منذ قرار مجلس الحكم المرقم(3)لسنة 2004،والامر الديواني 626 لسنه 2004،والتعميم المرقم 3908 الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء،والامر الديواني رقم 8750 لسنة 2005 القاضي بوضع اليد على اموال المنظمات والنقابات وتجميد ارصدتها والذي يعني اساسا هو تجميد نشاطاتها والتدخلات المستمرة للجنة الوزارية العليا المنبثقة عن قرار مجلس الحكم رقم(3)وتشكيل لجان تحضيرية بموجب قرارات حكومية،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.
2. ارتبطت حركة الطبقة العاملة العراقية بالنضال الوطني التحرري من اجل وطن حر وشعب سعيد وحياة كريمة ولائقة.وقد شهد العقد الثاني من القرن العشرين باكورة النضالات الطبقية في اضراب عمال السفن (المسفن) – الدوكيارد – سنة 1918 الذي تصدت له السلطات البريطانية بالرغم من مطاليب العمال العادلة في زيادة الاجور وتحسين الأوضاع المعيشية.وفي المسفن اضرب عمال ادارة توزيع الكهرباء للمولدات الصغيرة التي جلبها الانجليز معهم جنبا الى جنب مئات العمال للمطالبة بالالتزام بما كانت تنص عليه لائحة العمل وبمساواتهم مع العمال الأجانب من حيث الاجور وساعات العمل.واقترن التحرك العمالي في العشرينات بتنامي الاستعداد لدى العمال والشغيلة الحرفيين الى التنظيم وتشكلت عدة جمعيات أبرزها جمعية أصحاب الصنائع ورئيسها محمد صالح القزاز سنة 1929 وجمعية عمال المطابع العراقية،وهي جمعيات عمالية حرفية وليست نقابات عمالية خالصة!
في ثلاثينيات القرن المنصرم اتسع النشاط الجماهيري السياسي والاقتصادي ضد معاهدة 1930 الاسترقاقية وضد شركة كهرباء بغداد الاستعمارية مما كان له الأثر البعيد في تطور الحركتين الوطنية والعمالية.وحرك هذا النشاط اعلان المعاهدة البريطانية – العراقية( معاهدة 1930)،فدارت اعنف المعارك النضالية حول قانون رسوم البلديات ومقاطعة شركة كهرباء بغداد الأجنبية.وفي 3/12/1933 دعا اتحاد العمال في العراق الى مقاطعة شركة كهرباء بغداد التي كان يملكها الرأسمال البريطاني بعد ان فشلت المفاوضات معها لتخفيض سعر الوحدة الكهربائية،وبدأت المقاطعة في 5/12 فلجأت الحكومة الى المناورة تارة والعنف تارة أخرى لوقف المقاطعة وعمدت الى انارة الشوارع جميعها للتخفيف من خسارة الشركة،وتشكلت فرق عمالية جوالة تشرح لأصحاب المحلات مغزى المقاطعة.واضطرت المعامل التي تستخدم المكائن الى خفض اسعار منتجاتها رغم بقاء أسعار ورسوم المحروقات من نفط وكهرباء باهضة.وفي اضراب بغداد 1931 استخدمت القوات الامبراطورية البريطانية لحماية أهم المنشآت لعراقية من شركات نفط ومراكز توليد كهرباء.
رد العمال على حركة بكر صدقي وعدائها للقوى العمالية والديمقراطية بحركة اضرابية واسعة شملت عمال الميناء في البصرة بحيث اضطرت ادارة الميناء البريطانية الى التسليم بمطالب العمال وزيادة الحد الأدنى لأجور العمال.وشمل الاضراب عمال شركة نفط العراق في كركوك ومناطق الحفر ومحطات الضخ التابعة للشركة.وشمل ايضا العمال في مختلف المعامل والمصانع والسكك الحديد.ولم تكن الدوافع الاقتصادية الوحيدة التي حركت العمال بل التأثيرات السياسية.
شن العمال سلسلة من الاضرابات ابتداءا من خريف 1941 اولها اضراب عمال السكك وتلاهم عمال شركة كهرباء بغداد وجاء في بيانهم(اننا نشتغل الساعات الطوال،نكد ونكدح،معرضين للموت منصعقين بالتيار الكهربائي،مع ان يوميات اكثرنا لا تتجاوز الخمسة والسبعين فلسا.ولا يخفى عليكم ان هذه اليومية تقابل عشرة فلوس في ايام ما قبل الحرب).وتعتبر اضرابات عمال السكك سنة 1946 وكاورباغي في كركوك وكي ثري ملاحم نضالية مجيدة.وفي سنة 1948 ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الجماهيرية على عقد معاهدة ( بورتسموث) اضرب في البصرة عمال المسفن (الدوكيارد) ومشروعي الماء والكهرباء في الشهر الخامس.وفي الاول من ايار 1959 جرت اضخم مظاهرة في تاريخ العراق الحديث بمناسبة عيد العمال العالمي شارك فيها مليون عراقي في بغداد.
لم تتجرأ حكومات العهد الملكي المباد ولا حكومات ما بعد رمضان الاسود 1963 على الغاء الحقوق النقابية للطبقة العاملة في المؤسسات الحكومية،بل حاولت تجيير النقابات لخدمة مآربها الشريرة.وهاهو الشهرستاني القزم يحاول تنفيذ ما لم يقدر عليه اسياده!
عمال العراق وكل العاملين في القطاع العام هم جزء حيوي من الحركة النقابية العراقية التي ناضلت من اجل بناء الوطن وهي صانعة الخير والابداع والحياة،واذا تطلب الامر المطالبة بحقوقها فلن تتردد في استخدام الاساليب السلمية والديمقراطية التي أكد عليها دستورنا الدائم،وهي التي تؤكد دائماً ان الممتلكات العامة هي ملك للشعب بأسره وليست لجهة او شخص ما،مهما كانت مكانته.
3. اكدت الوقائع والتجربة ان الاجراءات الوزارية لعرقلة عموم الحركة النقابية تستهدف التغطية على عورات الحكام وتمرير مشاريعهم المجنونة،وهي ليست بمعزل عن تخبط البرنامج الحكومي واداءه الفاشل،وتغييب التخطيط وكل مصطلحات"التنمية" و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"بشكل مرسوم ومتعمد،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح النخب الطفيلية البيروقراطية الحاكمة وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!ومثلما لا يمكن فهم اجراءات وزارة النفط لعرقلة الحركة النقابية الا على طريق تمرير مشاريع القوانين الكارثية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية(قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية الذي اقر في في 6 ايلول 2006،قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006،مشروع قانون النفط والغاز الجديد،مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام)وتمرير اتفاقيات الشراكة الذكية مع الشركات الاحتكارية لاستثمار حقول النفط المنتجة اصلا او الجاهزة للانتاج،والتي وصفتها بعقود الخدمة الجديدة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي!...لا يمكن فهم اجراءات وزارة الكهرباء لعرقلة الحركة النقابية الا على طريق تمرير مزيدا من الخطوات الكارثية والغبية اللا مسؤولة في تاريخ العراق السياسي الحديث والمتنكرة لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958،والتي تفوق في كارثيتها القادسيات الصدامية،لأنها قادسية القادسيات!الى جانب الانتقام من فورة الشارع العراقي وانتفاضاته الاخيرة،لاسيما انتفاضة البصرة الباسلة!فقد تعود العمال في بلادنا ان يكونوا في مقدمة جموع الشعب التي تتلقى عبئ خطل السياسات الحكومية الخائبة،وآثار ما تقترفه الليبرالية الاقتصادية الجديدة من آثام!
بالامتيازات تنتزع الشركات الاحتكارية حقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،وبها تجمد العلاقات بين الطرفين لآماد طويلة تبلغ عشرات الاعوام!.وعقود الخدمة الجديدة على الطريقة الشهرستانية،حالها حال نظم المشاركة،هي الاخرى كانت انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة!.الحكومة العراقية ضيعت التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وشرعت باعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية.وهنا يبرز التساؤل الملح؟ماذا يخطط الشهرستاني النجس لكهرباء العراق..وهل سيبيعه ايضا في سوق النخاسة؟!
بعد ان انتفض الشهرستاني للاقتصاص من نقابات النفط في البصرة وبغداد وبقية المدن العراقية التي فضحت الجوهر الاستغلالي البراغماتي لمشروع قانون النفط والغاز الجديد و قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام ، وعقود الخدمة – المشاركة الذكية الجديدة في مختلف فعالياتها الجماهيرية..يحاول ان ينتفض اليوم للاقتصاص من النقابات في وزارة الكهرباء التي تضامنت بقوة مع حركة الشعب المطلبية حزيران 2010!
4. تعيش الطائفية السياسية الحاكمة تناقضاتها.وفي مضمار مؤسسات المجتمع المدني تسبح سعيدة في هذه التناقضات،غير مصدقة انها قد اوكلت لها هي خصيصا الاولوية لحل هذه التناقضات باعتبارها القوائم الفائزة الرئيسية في الانتخابات النيابية 2005 - 2006!!وهي تتخبط ،تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة أخرى توحيد الخطاب السياسي..لم تستطع الطائفية السياسية من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية بالطبع،فكيف الحال وهي تنشد المساجلة وحل الامور بالتي هي احسن وحتى توحيد الخطاب السياسي.من يخدع من؟.
هناك اكثر من 60 مهنة وحرفة لها نقاباتها وانظمتها الداخلية وقوانينها مثل(المهندسين،المحاسبين،الاطباء،الصحفيين،الاقتصاديين وغيرهم العشرات).. فهل يجب ان ينظم هؤلاء الى منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوقهم وقضاياهم المطلبية؟!ان عمل وقانون النقابات لا علاقة له بعمل وقانون منظمات المجتمع المدني(كما جاء في البيان الصحفي الصادر عن السيد المفتش العام للوزارة)والتي تأسست خلال السنوات الاخيرة رغم ان عملها مدني حقاً!هذه النقابات مؤسسات مهنية اولا وذات طبيعة مزدوجة(هي من ناحية جزء من الجهاز الاداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت اشرافها - تنظيم شؤون المهنة - وهي من ناحية اخرى تجمع لاصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق اعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني).وهي مؤسسات مجتمع مدني غير ربحية ثانيا.
القوى السياسية المتنفذة التي تتربع على مقاليد السلطة في عراق اليوم تتسم بالتعسف العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة،وتمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،ولم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيبها او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
5. يتعكز الشهرستاني في قراراته الفنطازية على القرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره مجلس قيادة الثورة المنحل وحول بموجبه عمال قطاع الدولة الى موظفين،ومنعهم من تشكيل نقاباتهم الخاصة،وبهذا يلتقي العلامة الملا مع قرارات الدكتاتورية المقبورة!وهذا ليس القاسم المشترك الوحيد فحسب،فالشكوك تدور حول فترة اعتقاله او احتجازه الوجيزة من قبل الطاغية صدام حسين!هل كان الاحتجاز تنكيلا بالشهرستاني لافكاره الاسلامية،ام حماية له من المتطاولين؟!كما تناولت الانباء في حينه ان اطلاق قوات الاحتلال الاميركي عام 2006 سراح زمرة من جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ممن ابتلى بجرائمهم المجتمع الاكاديمي والمهني العراقي واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام،وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين،والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل"هدى صالح مهدي عماش،عامر رشيد،رحاب طه(السيدة الجرثومة) .. "..كان تقديرا للعلامة الشهرستاني الذي ارتبط بعلاقات صداقة حميمة مع هذه الزمرة.
ولا عجب ان يخلف الشهرستاني كريم وحيد لادارة وزارة الكهرباء الميمونة،بتواطؤ فاضح من الادارة الأميركية التي اوكلت لبعض رموز النظام السابق مسوؤلية ادارة هذا القطاع"شغل الوزير كريم وحيد العبودي وهو عضو قيادة فرقة في الحزب العفلقي منصب مديرا عاما للشركة العامة لانتاج الطاقة الكهربائية ومديرا عاما لشركة الرافدين للحاسبات ومديرا عاما للدائرة الفنية في هيئة الكهرباء في عهد صدام حسين".والثنائي العبودي – الشهرستاني مصابان بداء"الغيبة"الذي سرى بقوة في حكومات الطائفية السياسية،ويتطابقان مع البعث المنهار بالبنية الذهنية والنمطية السوسيولوجية المستندة على هيمنة العصبيات دون الوطنية وبالدور التعسفي للاعلام الدعائي الزائف التبريري.
شجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على ادارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية اليوم وفي مقدمتهم ثنائي المرح والتقزز(وحيد والشهرستاني)في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى اعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات!
6. حول ديناصورات النشاط التجاري الخاص،القطط السمان والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،كافة الخدمات الى بضائع مستوردة تدر عليهم ارباحا خيالية،وامام الملأ وبعلم الحكومة العراقية.وعندما تتعطل الكهرباء العامة تظهر على الفور المزيد من المولدات الكهربائية المستوردة بنوعيات رديئة وتباع باسعار مضاعفة بالنسبة لكلفة استيرادها،وكذلك الامر بالنسبة الى المحروقات التي عبَرت قصة سرقتها خارج الحدود تجوب العالم.
وتؤدي انتقال المبالغ الضخمة من موقع الى آخر تحت اشراف متنفذي قطاع الكهرباء في ظل ارتفاع مستويات الفقر في البلاد الى كوارث الفساد والاحتيال والابتزاز لتداخل هذا القطاع مع القطاع النفطي اي اكثر القطاعات التي يسيل لها لعاب الكومبرادور والطفيلية العراقية والرأسمال الاجنبي.والمتتبع لأزمة الطاقة الكهربائية في العراق يضع يده على حقائق موضوعية مرة اهمها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية،مستوى اداء البنى التحتية من شبكات النقل والتوزيع اسوء من التوليد،بقاء معدلات التشغيل والكفاءة التشغيلية واطئة لا تتجاوز ال25%من السعات المؤسسة،هبوط كفاءة استثمار شبكات النقل والتوزيع الى ادنى المستويات،تعمد الافراط في نصب الوحدات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة المتدنية الكفاءة والكثيرة العطلات والتي تحتاج الى الصيانة الدائمة،تجاهل تحذيرات المكاتب الاستشارية من ان استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة يؤدي الى انخفاض كفاءته وكثرة عطلاته خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO،لازال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير،الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،تشغيل بعض الوحدات الانتاجية على المازوت وكلفة شراء المواد الكابحة التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم المضر بريش التوربينات،شراء الكهرباء من دول الجوار لم يحل الازمة لتذهب الملايين هدرا،الفساد والمحاصصة في التوزيع،التوليد التجاري بانتشاره العشوائي وتسربل حزم اسلاكه وضوضاءه العالية وتكاليف اسعار امبيراته وابتزازه المواطنين ونهمه في استهلاك الوقود!تنامي الغش الصناعي في انتاج السلع الكهربائية،وتزايد عدد المعامل غير المجازة التي لا تخضع لأية رقابة عليها وتنتج سلعا لا تتوفر فيها المواصفات الفنية!
حولت وزارة الكهرباء العراق الى اضحوكة في العالم لعدم وجود دولة انفقت على الكهرباء كل هذه المبالغ ولم يتمكن مواطنها ان يتنعم بالكهرباء!ان كل ميكاواط من الكهرباء في السوق العالمية تبلغ 850000 دولار منصوبة وجاهزة،فأين ال 11 مليار دولار التي سلمت من البرلمان لوزير الكهرباء التي كان يمكن ان تنعم بما لا يقل عن 8000 ميكاواط على الاقل!؟اين ذهبت الأموال؟واين ذهب الكهرباء؟!والانكى من ذلك كله ان وزارة الكهرباء تنحي باللائمة كعادتها بتراجع معدلات انتاجها للكهرباء على وزارة النفط التي لا تزود محطات توليد الطاقة الكهربائية بما تحتاجه من وقود تشغيل!
ما ينطبق على الكهرباء ينطبق على النفط،ولم يتمكن الوزير العلامة الزائف الشهرستاني ان يحفر بئرا واحدا جديدا للعراق،بل تمكنت وزارته التي ظلت امثولة في ابشع فساد شهده القطاع النفطي في تاريخ العراق الحديث من ان تطمر اكثر من 380 بئرا لغاية عام 2008،ووزارة النفط لم تشيّد اي مشروع استراتيجي او نصف استراتيجي.ولم تشهد السنوات الماضية تشييد مصفاة واحدة في العراق،على الرغم من العروض المغرية التي قدمتها شركات عالمية لانشاء مثل هذه المشاريع.واسهم الغاء لجنة الشؤون الاقتصادية وتحويل صلاحياتها الى الامانة العامة،في اتساع رقعة الفساد.ان معظم العقود الضخمة تبرم دون السماح للجهات الرقابية،خصوصا هيئة النزاهة،بالاطلاع او التحقيق فيها.اين المال الذي تم انفاقه على وزارة النفط؟لقد وقعت الحكومة العراقية مؤخرا عقود في آن واحد مع شركات كبرى لاستثمار حقول نفط منتجة اصلا او جاهزة للانتاج،وصنفتها ضمن عقود الخدمة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي،بعد ان حرفت لصالح الشركات النفطية لدرجة انه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم،وتبقى تتماشى مع العولمة الراسمالية،تمهيدا لالتحاق النخب الحاكمة في العراق بالفكر الليبرالي الجديد،وبالتالي مزيدا من الفساد الاداري والمالي.ويبدو ان المعارضة الشعبية لنظم المشاركة اجبرت الحكومة التوقيع على عقود خدمة صورية،لانها في حقيقة الامر اتفاقيات شراكة ذكية،تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.
ان فرصة القوى السياسية المتنفذة في تنفيذ وعودها كانت كبيرة نظرا الى الامكانيات التي توفرت لها،والمؤسف انها لم تحقق ما يسر المواطن كي يفخروا ويتباهوا به.وحين لم تجد في خطبها المستمرة ما يعرضونه على انه منجز،استعارت خطاب المعارضة،عسى ان تمرر هذه المرة ايضا خدعها على المواطن.الا ان خطاباتها وتصريحاتها لم تعد تنطلي على المواطن الذي اكتوى بمرارة المعاناة وذاق الأمرين!
7. ان الدعوة لاستجواب الوزراء هي دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا وراءها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.ان اعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي هي اشتراك في جريمة الفساد.والوزراء حسين الشهرستاني وبيان جبر صولاغ(تولى الوزيران حقائب وزارية طيلة عهد ما بعد التاسع من نيسان)وكريم وحيد في مقدمة المدانين بالفساد!وهنا وجب التذكير انه رغم اجبار وزير التجارة على الاستقالة بعد ظهور فضيحة فساد تتعلق بتوزيع الطعام،والقاء القبض على نائب وزير النقل بعد ضبطه اثناء محاولته الحصول من شركة أمنية على رشوة تتجاوز قيمتها 100000 دولار،واعتقال السيد كاطع الركابي سكرتير رئيس الوزراء بتهم تلاعب واحتيال،والقبض في وقت سابق على وكيل وزارة الصحة حكيم الزاملي(النائب في البرلمان الجديد عن التيار الصدري)وقائد القوات المكلفة بحماية الوزارة والمستشفيات اللواء حميد الشمري بتهمة ارتكاب جرائم ابادة طائفية،فانهم لم يقدموا الى المحاكمة!
ولم يحاكم العراق امام الملأ وعلى شاشات التلفاز،اي مسؤول رفيع بتهم فساد،والوزراء يتسترون على المجرمين ويقدمون بطريقة روتينية الحماية لحلفائهم السياسيين من المحاكمة والعقاب.كيف يمكن منع الفساد ما لم تجر ادانة بعض المسؤولين الحكوميين؟!القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة المحاكمات امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل.
8. اثر تجاوز اختبار المشروع الهندسي تعرض كاتب الدراسة هذه الى محاولة الاحتجاز والاعتقال من قبل جلاوزة الامن ومرتزقة الاتحاد الوطني لطلبة العراق في باحة كلية الهندسة/جامعة بغداد اواسط عام 1979،وقد هرع الاستاذ الجامعي المشرف على المشروع الى عمادة الكلية ورئاسة قسم الهندسة الكهربائية واصطحبهما الى الغرفة التي احتجز بها،ووجه كلامه الى الاوباش مهددا بتقديم استقالته فورا مالم يغادر الجلاوزة الحرم الجامعي ويجري اطلاق سراحي خلال دقائق!وهذا ما فعله ايضا رئيس قسم الهندسة الكهربائية الذي اعدمه الفاشست بعد اعوام لميوله الدينية!اما الدكتور النبيل الذي اشرف على المشروع فقد غادر البلاد الى بلدان اللجوء دون رجعة!
واذكر هذه الحادثة للتأكيد انه حتى في اعتى دكتاتورية شهدها العراق لم تكن هذه الامور المأساوية تمر مرور الكرام،فما بالك في ظل حكم الديمقراطية الجديدة؟!والمطلع والمراقب ليدهش ويستغرب ان يقف مسؤولو وزارة الكهرباء متفرجين امام قرار خطير كتحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء!فالوزارة تضم عشرات المستشارين والمدراء والمفتشين ومئات المهندسين والكوادر الفنية والادارية،مكتب الوزير ونواب الوزير ومكاتب نواب الوزير ومدراء الانتاج – التوليد والمحطات والنقل والتوزيع،والجميع يصمت صمت ابي الهول ازاء هذا القرار،ولم يكلفوا انفسهم لا بالاعتراض والاحتجاج ولا بالحملات التضامنية مع عمالنا الاشاوس.
9. قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان فطاحل الديمقراطية الجديدة يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم،وكل يغني على ليلاه!ومن نافل القول ان مصطلح الارهاب ولاحقته (ism…) أي ( Terrorism ) لم ير النور الا في اعقاب الثورة الفرنسية عام 1789،وتحديداً في عهد روبسبير اعوام (93-1794)..ودل في حينها على سياسة العنف التي تمارسها الدولة تجاه بعض طبقات المجتمع والفئات الاجتماعية بأسم الشرعية القانونية القائمة او الجديدة!وتغيرت الدلالة اللغوية للمصطلح - المفهوم - الظاهرة لتصير تدل مع بداية القرن التاسع عشر على استراتيجية العنف السياسي الموجه ضد الدولة نفسها من قبل الجماعات والفئات الخارجة عنها من مواقع يمينية ويسارية متطرفة!وتطور المفهوم وتطورت الظاهرة مع التطور الآيديولوجي الحديث.واليوم يعني الارهاب"كل فعل عنف سياسي موجه حصراً ضد السكان المدنيين والمدنية والمجتمع المدني وارهاصاته مهما كانت الشرعية السياسية والقانونية والتاريخية معاً !"، وتناصر الامم المتحدة هذا التحديد القانوني حيث لا يشمل الأرهاب جميع اشكال العنف السياسي.
الارهاب ليس قرصنة بالطبع مثلما هو ليس عملا ثوريا.فالقرصنة ممارسة ارهابية عادية في الخطف والسلب والنهب والابتزاز وحتى القتل.وهي مصدر ارتزاق ونمط وجود وانتاج بالنسبة لجماعات اثنية هامشية مهشمة!والقرصنة حرفة.اما المقاومة والمعارضة الوطنية والشعبية فهي ليست ارهابا ايضا لأنها اعمال ثورية ظهيرها الشرعية التاريخية وتجارب التاريخ والكفاح الوطني - التحرري للشعوب والجماهير صانعة التاريخ.ولربما انها ارهاب من وجهة نظر الشرعية السياسية والقانونية القائمة.فقد اثبت التاريخ وتجارب نضالات الشعوب شرعيتها التي لا تتطابق بالضرورة مع الشرعيات السياسية والقانونية القائمة.الاعلام الاحادي الجانب يتواطأ مع الارهاب لحاجتهما معا الى الاثارة والصخب والضجيج،فالعنف الارهابي يحمل شحنة عالية من الرمزية وهو بحاجة دائمة الى الظهور.اما الأعمال الثورية فهي اختيار عقلاني للأفعال لحل المعضلات القائمة تكتسب شرعيتها من موضوعيتها وتتداخل مع الاعلام لتكريس آيديولوجيتها لأنها عنف سياسي تاريخي ومؤدلج.
هل العمل النقابي ام الفساد فعل ارهابي؟!مسؤولو قطاع الكهرباء في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين في وزارة الكهرباء،بينما يتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع المقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها اموالا لا حصر لها.في هذا الاطار ومن هذه الزاوية تدرج عقود الصفقات المليارية لمشاريع يشاع انها ستزيد انتاج الطاقة الكهربائية،والتسابق على عقد الاتفاقيات مع الشركات العالمية الهالكة،والسعي لتوقيع العقود باسعار خاسرة!
10. في مقابلة مع السيد علي الدباغ الناطق الرسمي للحكومة العراقية مساء الاحد 25/7/2010 اقر بالاخطاء الفادحة التي ارتكبتها حكومة نوري المالكي،ومنها لا على سبيل الحصر،ان المواطن في كل محافظات الوطن محاصر بأزمات تردي الخدمات والبطالة واختراقات الارهاب،وبعد مرور اكثر من 100 يوم لا زال ينتظر تشكيل الحكومة الجديدة.كما اقر بغياب المنهج الحكومي طيلة فترة حكومة المالكي!
يبدو ان الدباغ هو الآخر يستعير خطاب المعارضة بغية خداع ابناء الشعب العراقي،الم ير ذلك الاصبع البنفسجي المقطوع في تظاهرات البصرة والناصرية والديوانية والحلة والكوت وبغداد؟لقد امتلكت حكومة المالكي منهجا وتناغمت بقوة مع سياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة،والا ماذا نفسر عقود الخدمة النفطية الصورية الجديدة على الطريقة الشهرستانية،حالها حال نظم المشاركة،التي انتزعت حقوق الدولة العراقية ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها!والغاء شركة الخطوط الجوية العراقية بجرة قلم؟!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية؟!ولمصلحة من يتم تدمير الكهرباء الوطنية ومجمل الصناعة العراقية؟!محطات ومصانع ومعامل ترقبها الشعب بفارغ الصبر بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وشيدها عماله البواسل على اكتافهم وبعرق جبينهم!وما مدى الصلافة التي تعلن ان اتفاقيات تجري بنظمِ تقاسم الانتاج مع الشركات الاجنبية،وفي سبيل المنافسة على مشاريع مشتركة بهدف تجديد المحطات والشركات الصناعية المتداعية في اطارِ خصخصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات؟!.ان ما اشاعته عدالة التحرير،عبر شركات اعمارها واستثمارها،يشكل اليوم جزءا من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!
نعم،البرامج الحكومية التي عرضت امام مجلس النواب اتسمت بالضبابية والتخبط وعدم الشعور بالمسؤولية!وافتقرت الخطط المركزية الاستراتيجية والمتوسطة المدى لوزارة الكهرباء الى ابسط المقومات التخطيطية(الاحصائية،التقديرية،التحليلية،التفسيرية،التوضيحية)،وتميزت جداولها ومؤشراتها البيانية بالنقص والجهل،وهي تخضع لتقلبات مزاج القائمين على ادارة الكهرباء ومصالح الليبرالية الاقتصادية الجديدة.وتسببت وزارة الكهرباء العراقية عبر اداءها التخطيطي والتنفيذي والفني الهابط وضعف رقابة مجلس النواب،وترك مافيات توزيع الكهرباء ومافيات استيراد وشراء وبيع المولدات التجارية والخاصة بالبيوت تنمو مثل الأدغال،تسببت في تصاعد حدة ازمة الكهرباء ومعاناة المواطنين من الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي،وباتت من اعظم المآسي التي المت بالعراقيين الى جانب الملف الأمني!
لقد تحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة في قطاع الكهرباء الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية!وترسخ هذه السياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.

بغداد
26/7/2010



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة تموز والاتفاقية الاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي!
- كردستان المنجزات والمخاطر
- كهرباء الازمة والانتفاضة..والمفاهيم الخاطئة
- سردشت عثمان وحيدر البصري ورصاص الغدر/ما العمل من اجل اعادة ا ...
- حول خيار الكتلة التاريخية/الى الاستاذ فارس كمال نظمي
- حول انتخابات نقابة المهندسين العراقية مرة اخرى!
- الانتصار على الفاشية عام 1945 وثورة اكتوبر الاشتراكية وجهان ...
- المجد للطبقة العاملة العراقية وسائر كادحي شعبنا
- ابراهيم كبة وتحديات الكفاح في سبيل المستقبل الافضل للانسانية
- اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزي ...
- اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزي ...
- اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزي ...
- هادي الحسيني والشيوعيون والكوردايتي
- الدستور العراقي كفل لاتحاد الطلبة العام حقوقه المشروعة
- المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية!
- الارهاب يطال اكبر واجمل مترو انفاق في العالم
- وفيق السامرائي و الشيوعيون
- الأزمة المستفحلة لشركات الاتصالات في العراق
- هل تعيد انتخابات آذار 2010 انتاج الطائفية السياسية في بلادنا ...
- الحزب الشيوعي العراقي والعربنجية


المزيد.....




- “موقع الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz“ تجديد منحة البطالة 20 ...
- فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية ...
- تِلك هي خطوات تسجيل في منحة البطالة 2024 للحصول على مبلغ 15 ...
- رابط التقديم على منحة البطالة للسيدات المتزوجات في دولة الجز ...
- “صندوق التقاعد الوطني بالجزائر عبـــــر mtess.gov.dz“ موعد ت ...
- الآن من خلال منصة الإمارات uaeplatform.net يمكنك الاستعلام ع ...
- بشكل رسمي.. موعد الزيادة في رواتب المتقاعدين بالجزائر لهذا ا ...
- شوف مرتبك كام.. ما هو مقدار رواتب الحد الأدنى للأجور بالقطاع ...
- احتجاجا على الخريطة .. انسحاب منتخب الجزائر لكرة اليد من موا ...
- “18 مليون دينار سلفة فورية” مصرف الرافدين يُعلن عن خبر هام ل ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - سلام ابراهيم عطوف كبة - حول تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء-حسين الشهرستاني والدكتاتورية المقبورة وجهان لعملة واحدة!-