أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خلف علي الخلف - أنا سوري للأسف















المزيد.....

أنا سوري للأسف


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 18:10
المحور: حقوق الانسان
    


عندما يسألني شخص لايعرفني «من وين الأخ؟». اعتدت أن أجيب بتلقائية «سوري للأسف». تبدأ معاناتي بعدها.. فأمام دهشة السائل وعدم فهمهم للجملة الخبرية المتكونة من كلمتين كنت مضطرا دائماً للشرح، لماذا الأسف!

كنت أوضح أن البعض يقول «كويتي ولي الفخر» أو «أنا أماراتي وأفتخر»... لكن أنا سوري وأشعر بالأسف حيال ذلك، وليس لي يد في الأمر...

نعم أنا سوري للأسف حتى الآن؛
وباءت جميع محاولاتي للحصول على جنسية أخرى بالفشل! وآخر محاولة كانت للحصول على جنسية دولة صومالي لاند التي لم يعترف بها أحد، لكنها لم تنجح! وقد كنت أريد الحصول فقط على تعريف جديد «صومالي لاندي من أصل سوري».

أنا سوري للأسف؛ من البلد الذي ترتيبه 126 في سلم الفساد، واحتل المركز 165 من بين 175 دولة في مؤشر حرية الصحافة، والذي صنف من أكثر الدول قمعا لمستخدمي الإنترنت في العالم؛ والذي قال عنه بيان لمنظمة هيومن رايتس إن «أجهزة الأمن تلقي القبض على الناس دون مذكرات قضائية وتعذبهم دون التعرض إلى عقاب».

أنا سوري للأسف؛ من البلد نفسها التي يسجن فيها هيثم المالح (الشيخ الثمانيني) لأنه استطاع منفردا أن يزعزع هيبة «الدولة» ويوهن نفسية الأمة «العربية» [ذلك أن بعثنا الحاكم لايعترف بأمة أقل من الأمة العربية]، البلد التي يستطيع أي كاتب طائش من كتابها [وبمقال واحد] أن يوهن نفسية «أمته» ويزعزع هيبة «دولته».

أنا سوري وأشعر بالأسف الشديد؛ لأن القضاة في بلادي يأتمرون بأمر الأجهزة الأمنية ويصدرون أحكامهم «باسم الشعب»

أنا سوري للأسف؛ لأني من البلد التي قتلت فيها السلطات في بلادي عشرات الآلاف في حماة ومدن أخرى.. وقتلت آلاف السجناء العزل في تدمر.. وعشرات السجناء في صيدنايا.. البلد الذي فيه عشرات الآلاف من المختفين قسراً ولا يعرف أحد مصيرهم

أنا سوري للأسف؛ لأن هناك أكثر من مليوني مشرد في بلادي تحولوا إلى متسولين، بسبب سياسة الجوع والعطش في الجزيرة السورية، وينتظرون من المنظمات دولية «شوية معلبات وربطات خبز». وهي المنطقة نفسها التي تمد سوريا كلها بالقمح والنفط والكهرباء والفرات ودجلة..

أنا سوري للأسف؛ من البلد الذي يعمل مئات الآلاف من أبنائه في أدنى درجات المهن اليدوية في دول بلا موارد كـ لبنان والأردن ويحلم مئات الآلاف من أبنائه أن تستقر الأوضاع في العراق ليعملوا بناءون ومزفلتوا شوارع..

أنا سوري للأسف، البلد التي يكبر فيها مئات الآلاف من أبنائها الأكراد بلا جنسية ويهاجرون إلى بلاد الله الواسعة ليحصلوا على جنسية..

أنا سوري للأسف، لأن وضاح عبد ربه يحمل نفس الجنسية التي أحملها ولم يخجل من الحديث عن «غياب الحريات الأساسية للمواطن المصري والاعتقالات العشوائية والسجون التي تعم كل أرجاء مصر والانتهاكات اليومية لأبسط قواعد حقوق الإنسان التي سبق أن أدانتها كل منظمات العالم وكذلك البيت الأبيض الحليف القوي لمصر، والدول الأوروبية التي وجدت نفسها مضطرة للخروج عن صمتها لإدانة ما يتعرض إليه الشعب المصري» ويختم مقاله مباركا للشعب المصري «وجود زعيم عربي اسمه بشار الأسد قادر على الدفاع عن حقوق كل العرب أينما كانوا.»

أنا سوري للأسف، من البلد التي يتحدث فيها نائب رئيس اتحاد الصحفيين بكل صفاقة عن «أنّه لم يوقف أو يسجن أي صحفي في سوريا منذ العام 1970، وما يشاع في وسائل الإعلام الخارجي عن اعتقال صحفي أو توقيفه مجرد افتراء وإشاعة»

أنا سوري وأشعر بالأسف والمرارة؛ لأنني من البلد التي صدرت وتصدر الصحفيين والكتاب لكل الصحف العربية! بينما في بلادي حتى الجرائد الإعلانية يصدرها أبناء الأمن وأبناء أخوالهم... ولم يعد أمام الصحفيين ما يكتبونه سوى الهراء في جرائد بلادي! البلد التي أصبحت «الجزيرة» تدرب صحفييه على قراءة الأخبار وإعدادها، وتتبرع له دبي بـ «استوديو الأخبار»..

أنا سوري للأسف، البلد الذي حجبت فيه السلطات الأمنية موقع «ويكيبيديا» ومئات المواقع المفيدة التي لا يحجبها بلد آخر سوى بلادي [ولا أدري إن كان الإنترنت وصل إلى كوريا الشمالية]

أنا سوري للأسف، من البلد الذي خيرة كتابه هم إما سجين سابق أو حالي أو منفي أو صامت

أنا سوري للأسف؛ لأن رؤساء الجامعات وأساتذتها في بلادي تحولوا إلى مجرد بائعي أسئلة للطلاب بينما زملاؤهم في جامعات العالم ينتجون الساسة والاقتصاديين وعلاج الأمراض المستعصية

أنا سوري للأسف، البلد التي يرعى فيها رامي مخلوف الذي صفته الرسمية «ابن خال الرئيس السوري» رفع العلم السوري فوق أعلى سارية في العاصمة السورية دمشق في احتفال يحضره ناجي عطري الذي صفته رئيس الوزراء السوري ومحمد سعيد بخيتان الذي صفته الرسمية أمين قطري مساعد في الحزب القائد للدولة والمجتمع السوري..

أنا سوري وأشعر بالأسف والخجل الشديد؛ لأن وزير ثقافتي هو رياض نعسان آغا ووزير إعلامي هو محسن بلال ووزير ماليتي هو محمد الحسين ورئيس اتحاد كتابه الحالي هو حسين جمعة والسابق هو علي عقلة عرسان الذين يعتبرون أن مجرد حضورهم لمهرجان ترعاه زوجة الرئيس هو يوم من أيام العرب.. بينما تصريح لوزير المالية في لوكسمبورغ، «يلخبط» أسعار العملات في العالم

أنا سوري للأسف؛ لأن أعضاء مجلس الشعب في بلادي هم مجرد مسيرو معاملات شخصية، وجل طموحهم أن يوافق لهم مسؤول أمني على معاملة للحصول على رخصة قيادة دون حضور الفحص الميداني، أو استثناء لإسكان ابنة أحدهم أو أقاربهم في المدينة الجامعية... بينما أقرانهم في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وتركيا وماليزيا يقررون التشريعات السياسية والاقتصادية التي تسيّر العالم.

أنا سوري للأسف؛ لأن الوزير في بلادي أعلى طموح له أن يأتيه اتصالا من رئيس مفرزة أمنية يشكره فيه ويثني عليه.

أنا سوري وأشعر بالأسف والإحباط والذل؛ لأني أنتمي للبلد الذي يستطيع فيه عنصر أمن في القصر أن يسحل نائب الرئيس دون أن يتعرض لمسائلة من أي جهة

أنا سوري وأشعر بالأسف والخيبة لأن رموز معارضتي هم رفعت الأسد وأبناؤه وعبد الحليم خدام وأبناؤه.. و حسن عبد العظيم والناصر والغادري وأصدقاؤهم ...

أنا السوري الذي تجاوز الأربعين من العمر.. أشعر بالأسف والخجل والخيبة والمرارة والذل لأن مجايلي الأمريكي عاصر ثمان رؤساء والفرنسي عاصر ستة رؤساء بينما «شقيقي» الجزائري عاصر ستة رؤساء وحتى شقيقي السعودي عاصر أربعة ملوك بينما أنا السوري لم أعاصر سوى الرئيس الأسد

لكل ذلك ولأشياء أخرى وكثيرة ومعروفة ولا يتسع المجال لسردها «أنا سوري للأسف»



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لينا الطيبي في «مقسومة على صفر»: الحياة تقبل القسمة على صفر ...
- إنها بلا أمل .. لكنها بلادنا
- هل تمثل «سارية السواس» رمزية جامعة للهوية السورية؟
- ناس وأماكن: ضيوف الذاكرة على شاطئ المتوسط
- رمزية افتتاحية -القبس- في تمثيل الصامتين
- عفواً أوباما: ما كان ينقصنا خطابكم ليستمر البطش بنا..
- الماجدي يخبئ المعنى في الحاشية
- إنه الطيب صالح أيها الثرثارون
- الإخوان المسلمين وتقشير الخرفان‏
- فتاشات حماس تحرق غزة
- عن اعتقال -القرآني- رضا عبد الرحمن علي‏
- المفضلات الإجتماعية ما زالت شبه مجهولة عربيًا
- عن مواقع المعارضة السورية ومطابقتها لوسائل إعلام النظام‏
- والآن ماذا تفعل المعارضة السورية دون برابرة...‏
- أيّها الرئيس السوداني توجه إلى دمشق فوراً
- أبناء الأرامل ل علي العمري: رؤى فادحة تتناسلها القسوة والسخط
- تقرير علني إلى السلطات الأمنية السورية بنفسي
- العرب وغياب الضمير والمثال الأخلاقي
- الجمهورية العالمية الإفتراضية: ال فيس بوك الشبكة الأسرع نموا ...
- أنقذوا مطبوعات وزارة الثقافة السورية من جيش المنتفعين


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - خلف علي الخلف - أنا سوري للأسف