أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام آدم - أرض الميّت - 3















المزيد.....

أرض الميّت - 3


هشام آدم

الحوار المتمدن-العدد: 3049 - 2010 / 6 / 30 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


[ تابع- الفصل الأول]



لم يؤمن أهالي أرض الميت -حتى وقت قريب من وفاة جلال التمتام- بوجود مدن وبلدان أخرى خارج خارطة منطقتهم المنحصرة بين نهر لا يكفّ عن الجريان، وجبل لم يُحدّث نفسه بالحركة والتغيّر! غير أنّ التمتام أخبرهم عن عوالم أخرى أكثر صخباً وضجيجاً من ضجيج سواقي النيل ونهيق حمير القرية ونباح كلابها. أخبرهم عن مدن من الحديد تقبع في أناقة وراء جبال ميمي وعن بيوت زجاجية يسكنها البشر، تفتح أبوابها تلقائياً بمجرّد المرور من أمامها، وسمع الناس منه لأول مرّة عن البيوت ذات الطوابق المتعددة، وأخذ الشيخ عبد الصبور دهب يُكذّب كلّ ذلك ويقول: "إنّ التمتام يستغل جهل أهالي القرية ويُروّج للخرافة والأوهام". اعتقدوا أن العالم ينتهي عند جبال ميمي، وأن ورائها تماماً أرض المحشر العظيم. عزّز هذا الاعتقاد ما رواه البعض عن أسفار غامضة قام بها شبان مغامرون في حقب متتالية لعبور الجبال إلى الناحية الأخرى، وأنّ أحداً منهم لم يعد مرّة أخرى. قيل إن جبال ميمي تحرسها العفاريت، كما أن مياه النيل تحرسها التماسيح!

وفي بعض الكهوف البدائية التي على إحدى سفوح جبال ميمي، وعلى صخورها الجرانيتية السوداء العملاقة التي كصخور نيزكية محترقة منذ ملايين السنين، ثمة رسوم تبدو كرسوم الأطفال تصف ما يعتقدونه: تماسيح بأسنان حادة ذات لجام، تمتطيها مخلوقات غريبة ناهضة شبيهة بالإنسان ولها قرون، وآثار معركة ضروس. ولولا الشياطين البيضاء لما تمكن أحدنا من معرفة ما بداخل هذه الكهوف حتى اليوم!

في أرض الميّت تتقاسم التماسيح مياه النهر مع بني البشر، فتسبح التماسيح في النهر ليلاً، وتستخدمه النسوة صباحاً لغسيل الثياب، والأواني. والرجال لغسيل القوارب والحمير. والشباب للسباحة، والصيد. كل ذلك باتفاق غير مكتوب بين أبناء القرية وتماسيحها. والتماسيح غير مسئولية عمن يخرق هذا الاتفاق؛ فتلتهم الأطفال الذين يخرجون خلسة من البيوت ليدشّنوا قواربهم الورقية، أو تلك المصنوعة من الأحذية القديمة البالية، ولا عزاء لأحد.

في أرض الميّت تتقاسم العقارب والأفاعي الأرض مع بني البشر، فتهيم العقارب والأفاعي في الأرض مساءً تحت الصخور، وأوراق الأشجار المنكفئة على وجهها، وخلف كل شيء ساكن. بينما تنتشر فيها النسوة صباحاً لتهذيب الحشائش في المزارع القريبة، وتقسيم أحواض الزراعة، وعيادات المرضى، والولادات المستعجلة. والرجال لسقيا المزارع والعزاءات وحفر القبور، وإعداد الخمر التقليدية. والشباب لجلب الدقيق على ظهور الحمير، ومغازلات الفتيات، والسوق. والأطفال للعلب السَكَج بَكَج، وشليل، وتصنيع سيارات من علب الصفيح القديمة. والعقارب والأفاعي غير مسئولة عمن يخرق هذا الاتفاق؛ فتلدغ الذين يخرجون ليلاً لجنس طارئ، أو بحثاً عن مفقود، أو قضاء حاجة، ورغم أن أرض الميّت قرية صغيرة (ولطالما رأيتها كذلك)؛ إلاّ أنها تعج بالقصص الخرافية والأساطير عن الجن والعفاريت والضباع، ولا تزال الأجيال تتناقل بفخر غير مسبوق أسطورة أسلافهم الذين روّضوا الضباع، وامتطوها عوضاً عن الحمير. الرجال في أرض الميّت يصنعون الخمر، ويزرعون الخشخاش، ويرقصون الأُولّيّ والهُمْبيق ويتفاخرون بالحمير، بينما تقوم النساء بالأشياء الأكثر أهمية؛ فهن يجلبن البرسيم، وينظفنّ المزارع والبيوت، ويصنعن التركين والأبري، بينما تهتم التماسيح والعقارب بتربية الأبناء. ثمّة علاقة غريبة بين النوبيين وبين النهر، ولم يحدث أن تساءل أحدنا قط "لماذا نُسمّيه بحراً وليس نهراً؟" ربما لأنه واسع وهادر كالبحر، وربما لأننا لم نعرف البحر أصلاً، وربما نُسميه كذلك احتراماً له. الأكيد أن ثمّة حبل غليظ يربط النوبيين بالنيل ويجعلهم مأسورين له؛ إذ يُعتقد أنه ينبع من بين أصابع قدمي الإله، ويُحلّ البركة على كل الأراضي التي يمر بها، وحتى مجيء جلال التمتام الذي كسر هيبة النهر وتبوّل فيه علناً.

تلك الحادثة كانت كفيلة بطرد التمتام من القرية أو أن تنهي حياته داخل أحشاء النيل وتُغيّبه فيها إلى الأبد. أحد الكارهين الخفيين له أسرع بإخبار العمدة فأسرع في طلب الشيخ عبد الصبور الذي أذن في الناس أن الصلاة جامعة، وتجمّع رجال القرية حاملين فؤوسهم وعصيّهم وحبالهم إلى بيته، حيث غلّوا يديه وراء ظهره، وأوثقوا قدميه وساروا به إلى النهر ليكون شهيداً عليهم. رمت أضواء الفوانيس الزيتية، ولهب المشاعل ظلال عملاقة ومخيفة أمامهم، وكأنها ظلال شياطين منفلتة من مرابطها. كانت جمهرة الناس تُصدر أصواتاً خافتة كحمحمة الخيول وعزيف العفاريت. وقف الجميع أمام النهر في إجلال، وتقدّم الشيخ عبد الصبور دهب، وأدار وجهه للناس وقال:

"إنه في كتاب الله من أراد إفساداً في الأرض أن يُقتل إظهاراً للحق ونيلاً لأمان الناس، وصدق الله العليم بعباده وحوائجهم. وإنه لمن الإفساد في الأرض أن يتبوّل الرجل في ماء يشرب منه الناس والبهائم والزرع تعالياً وغروراً وجهلاً من عند نفسه. وإذ لم يُفسد هذا الرجل بقتل الأرواح بطريقة مباشرة، فإننا نستمد حكمنا من كتاب الله وشرعه، وأن نوكل أمر الرجل إلى النهر (صاحب الحق الأول) بأن نُلقيه فيه معصوب اليدين ومقيّد الأرجل؛ فإن نجا فتلك مغفرة من الله، وإن غرق فتلك مشيئته النافذة."

ثمّ إنهم همّوا به فأمسكوه وهو هادئ لا يُحاول الإفلات منهم، وقد رسم على وجهه ابتسامته الهادئة التي تُغيظ الشيخ عبد الصبور كثيراً. تقول الجدة مِسكة إنهم أرادوا حمله على قارب والمضي به إلى منتصف النهر وإلقائه هناك، ولكنه أفلت منهم برفق، وأخرج ذكره أمام الناس وتبوّل في النهر ثانية، ثمّ انحنى وشرب من مياه النهر، وقال: "إنكم لن تقتلوني ولن يقتلني النهر، لأنني خارج هذا الزمان ومتوّحد فيه، أنا أحد عجائب هذا الزمان. إن تبوّلتُ في إناء أحدكم أو زيره فلن أُمانع في أن يقتلني بيديه، ولكن النهر يجري لمستقر له. عليكم أن تقتلوا أنفسكم أولاً لأنكم تغتسلون في هذا النهر كل يوم، وتلقون فيه أوساخ ثيابكم القذرة، وتغسلون فيه بهائكم ثم تشربون منه في غبطة. هذا النهر ليس هو النهر الذي يمرّ من هنا كل يوم!"

نظر الشيخ عبد الصبور إلى العمدة الذي أطلق وجهه بابتسامة عفوية، وملامح قناعة يقينية، وتوقف الرجال فجأة عن الحمحمة؛ ثم انصرفوا تتبعهم أضواء المشاعل والفوانيس الزيتية، وعادت العتمة المشوبة بضوء بدر غير مكتمل النمو تضرب وجوه النسوة اللواتي أطلقن زغاريدهن في ابتهاج، وتقدّمت بعضهن وحللن قيده. بعد موت التمتام وكلبه، كان ما يزال الكثيرون يؤمنون به كرجل صالح وصاحب كرامات، وقليل من الناس فقط اعتقد بأنه صاحب حظوة لدى الملائكة الذين يسرّبون إليه بعض أخبار السماء المستقبلية والغيبيات، ويتذكّر له البعض صدق نبوءاته التي جرت في حياته كما حكا بالتفصيل. ورغم استحالة معظم نبوءاته؛ إلاّ أن أهالي القرية –حتى المشككين منهم- لم يجزموا بأنها قد لا تحدث على الإطلاق، ولكنهم فقط استغربوا حدثوها، أو توقعوا ألا تحدث في حياتهم.

إحدى أكثر نبوءات التمتام غرابة كانت بشأن الحمير؛ إذ نقل الناس عنه قوله: "عندما تكثر الحمير، يقل البشر!" ورغم عصيان تلك الكلمات على التحقق بالنسبة إلى أهالي القرية؛ إلا أنهم آمنوا بها بكل جوارحهم، واستبشروا بها خيراً. إحدى المؤمنات بنبوءات جلال التمتام كانت السيّدة عواضة زوجة العمدة التي ذهبت إليه خلسة كما بقية النساء، وطلبت منه الكشف عما تخبئه لها الأقدار؛ إذ خشيت أن يتزوّج عليها العمدة طلباً لإنجاب مولود ذكر.

عواضة بصيلي -ذات الثمانية وأربعين عاماً، والمتزوجة من عمدة القرية منذ أكثر من ستة وعشرين عاماً- لم تنجب له طوال سنوات زواجها سوى إناث فقط، وخشيت أن تذهب ثروات زوجها الزراعية لأبناء أخته (فانا سالي) التي يبدو أنها لم تحبها قط. ورغم ما يبدو على القرية من تداخل ومصاهرة؛ إلاّ أنّ الولاء للأرومة الأسرية كان هو المحرّك والمحرّض الأساسي في خلافات وتحالفات أهالي القرية. بعد أن أحرق التمتام بعض البخور المجلوب من أدغال الصومال، وقرأ تعاويذه الطلسمية، ردد بطريقة شعرية ساجعة، ولكنة نوبية ركيكة:

"ما تخافي الفوات.
العمدة مربوط بثبات.
والولد من صلبه آت.
يمكن يكون موجود ومات.
ويمكن حيجي من البنات."

في جلسات تحضير الملوخية والتركين في القسم النسائي المخصص من سرايا العمدة تجلس عواضة ذات الأسنان الأمامية البارزة وكأنها أنثى قندس نهري مع نسوة القرية الفضوليات تنشد ما سمعته من التمتام، وهي تُمني نفسها بمولودها المرتجى، وتقول: "سوف يأتي الولد ببركة نبوءة الشيخ التمتام!" وتسخر منها النسوة لأنها تناست –في غمرة فرحها- أنها لم تعد قادرة على الإنجاب. ولكن وبعد مرور الوقت، وموت التمتام دون تحقق النبوءة، كفرت عواضة بصيلي بجلال التمتام كرجل صالح ذو كرامات تماماً كما كفرت به الكثير من نساء القرية. وعلى عكس النساء النوبيات تعتبر عواضة بصيلي زوجة مهادنة ولا تجد كينونتها إلاّ في طاعة زوجها طاعة عمياء؛ فلا تحسن أمامه إلاّ حِرفة الخنوع؛ الأمر الذي منحه شعوراً طاغياً بالسلطوية والسيادة.

في ذلك الوقت الغابر من تاريخ أرض الميّت، لم تكن القرى النوبية المنحدرة من نواة مجتمعات أمومية بائدة ممهدة لثورات اجتماعية من ذلك النوع حتى يتقبّل الأهالي فكرة التعددية، ولكن عواضة بحس أنثوي مستنير لم تستطع أن تركن إلى هذا المنحى الاجتماعي المتغيّر؛ لاسيما وعلى بعد فراسخ منها تأتيها الأخبار من قرى يقطنها الهوسا والبشارية عن رجال يتزوّجون ما طاب لهم من النساء، طلباً للذريّة أو بدواعٍ جنسية جشعة. ولم تتمكن من معرفة ذلك إلاّ بعد أن تمكّن زوجها العمدة من حلّ لغز الجهاز الذي بحجم ثمرة البطيخ ضمن ما وجده من مسروقاته في جراب جلال التمتام بعد شروحات مستفيضة من أحد الحجيج القادمين من الحجاز، فأصبح العمدة أوّل من امتلك مذياعاً في أرض الميّت.

يتسلل البعض خفية حتى يصل أسفل إحدى نوافذ سرايا العمدة التي يضع عليها المذياع الذي أطلق عليه اسم (كُومّابنّي) أو الحكّاي، ليستمعوا إلى ما يُذاع من أغنيات وأخبار فيعرفوا ما يحدث خارج حدود قريتهم المنعزلة عن العالم. وأُعتبر اكتشاف المذياع في القرية نقلة نوعية من ذلك النوع من الاكتشافات الكبرى التي تُحدث تغيّراً جذرياً. سمع أهالي القرية بعوالم ودول أخرى غير التي ألفوها على الإطلاق، فسمعوا عن روسيا وثلوجها، وبريطانيا وضبابها، وبيروت وجبالها الخضراء، وباريس وأضوائها، وأمريكا وقوتها، وكأنهم يستمعون إلى حكايات خيالية لا وجود لها على الإطلاق، ثم غزا المذياع بيوت أهالي القرية بعدها بفضل الحجيج القادمين من الحجاز الذين لم يحرصوا من قبل إلاّ على جلب قِرب مليئة بمياه زمزم، والمسابح المصنوعة من الخرز أو العاج، ولم يهتموا لأمر هذا الاختراع إلا بعد أن امتلكه العمدة، وأصبح واحداً من أمارات الوجاهة. عندها بدأ الشيخ عبد الصبور دهب بإصدار فتاواه التي حرّمت المذياع، لأنه ينطق بالغناء المنكر؛ كما أنه ألهى الناس –فعلياً- عن أداء الشعائر الدينية. ولم يدخل التحريم حيّز التنفيذ العدائي إلاّ بعد أن توالت مجادلات الناس للشيخ عبد الصبور حول فتاواه القديمة التي سمعوا بفتاوى مخالفة لها من المذياع.

العمدة حسن سالي (أو حسن فنتي كما أُشتهر عنه)، والذي اختلفت الروايات حول حقيقة لقبه؛ أحد القلائل في القرية الذين امتلكوا حماراً، في الوقت الذي لم تكن فيه الحمير بذات الاحتقار الذي تبدو عليها الآن، حيث أنها وسيلة المواصلات الوحيدة ذلك الوقت؛ بل وإحدى أمارات الثراء والغنى الفاحش، وفي حين أعزا البعض لقب (فنتي) إلى اشتهار أسرته بتجارة البلح (منذ حقبة السلطنة الزرقاء وانتقال الملك النوبي إلى العرب المسلمين الذين تزوّجوا من أخوات الملوك مستفيدين من أحد أغرب تقاليد النوبة التي تقضي بتوريث المُلك للذكور من نسل أخواتهم إن لم يكن لهم أبناء ذكور يرثون عنهم)؛ يرجّح آخرون أنّ يكون (فنتي) لقباً لأمه التي يقال إنها كانت من أجمل جميلات النوبة، وتغنى الشعراء والفنانون بجمالها وأناقة شلوخها الست. ومازالت الذاكرة الشعبية لأهالي القرية تحتفظ ببعض هذه الأشعار التي يُرددها الشباب لفتياتهن في طقوس البورنوغرافيا ومواسم عاشوراء.

"فنتي" الذي يعني بالنوبية البلح، هو المحصول الأكثر شهرة في المناطق الشمالية، ويُستعمل كثمرة للتحلية، بل إنّ بعض الأسر النوبية توزّعه في المناسبات السعيدة والأعياد كبديل للحلوى التي لا تتوفر في كل بيت. وحيث أنّ أراضي النوبيين الزراعية لا تخرج ثمرة أو فاكهة حلوة سوى البلح، فإنهم يطلقون لقب "فنتي" على الفتاة الجميلة تغزلاّ بها. حين انتهى أمر العمودية إلى حسن فنتي الثري المنحدر من أصول امتهنت تجارة البلح الشمالي المشهود له بالجودة في سائر القطر كان يحتكم على ثلاثة هكتارات من النخيل والبرسيم والأراضي الزراعية. كل من عاصروه وُلدوا ليجدوه عمدة عليهم، وأغلب الظنّ أن ذلك منصب شرفي فقط فرضه ثرائه والسطوة التي يملكها؛ فقد قيل إنه لا يعبر بمنطقة إلا وتمتد الأرض بساطاً أخضر أمامه، كناية عن الخير الذي يجلبه معه. والروايات المتواترة عن ثرائه لم تنقل إلينا مدى فقر أهالي القرية بالمقابل؛ فعادة ما يقيس الناس ثراءه بمدى ما يُقدّمه. فقيل أنه أنشأ أول كُتّاب في المنطقة، وأول طابونة مجلوبة من مصر، وأول وابور مياه، وأوّل من سنّ النوادي الاجتماعية مستفيداً من علاقاته الواسعة ونفوذه الأخطبوطي.

لسببٍ لا أعلمه فإنني لم أُحسن غير أن أتصوّر العمدة رجلاً أمرداً بديناً، بعصا أبنوسية يتوكأ عليها دون دواعي العرج، وصوت جهوري كصوت سفوح جبال ميمن توّو في مواسم الانهيارات الصخرية؛ رغم أن الجدّة مِسكة أكدت -غير مرّة- أنه كان هزيل الجسم، ذو لحية كثة، وصوت متآكل يُشبه فحيح الأفاعي، وعينين جاحظتين وماكرتين كعيني حرباء ملعونة، واسع الخطوات حين يمشي، وكأنه يتدرب على الطيران. لم أنجح أبداً في مطابقة هذه المواصفات الأكيدة بالشخصية التي سكنت في مخيلتي منذ سمعت عنها من الجدة التي حرصت على سرد تفاصيل كل ما تحكيه لنا؛ وخمّنتُ أنها أخطأت، وتغلّب عليها الخرف، ووجدتُ نفسي مطمئناً إلى هذا التخمين.


[نهاية الفصل الأول]



#هشام_آدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرض الميّت - 2
- أرض الميّت
- بتروفوبيا - 7
- بتروفوبيا - 6
- بتروفوبيا - 5
- بتروفوبيا - 4
- بتروفوبيا - 3
- بتروفوبيا - 2
- بتروفوبيا - 1
- رواية أرتكاتا
- شركاء التوليب
- الحزب الأسود
- الموت ليلة البدرنار
- رحيق البابايا
- رؤية حول إضراب أطباء السودان
- محاولة لتبسيط العالمانية
- الرسالة السرية في «جوابات حراجي القط»
- فن الثورة
- أكمة الإعلام المصري وما ورائها
- رسالة مفتوحة إلى الإعلامية منى الشاذلي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام آدم - أرض الميّت - 3