أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو زيد - الضنا غالي














المزيد.....

الضنا غالي


محمد أبو زيد

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 14:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فيما مضى حين كنت أقرأ أو أسمع عن حوادث القتل الغريبة والغير منطقية مثل أب يقتل أولاده ، أو أم تلقي طفلها من الطابق الخامس ، أو تضع السم لأبنائها ، كنت أتساءل أين اختفت العاطفة الأعظم في هذا الكون " الأمومة ، والأبوة " ، وكيف تستطيع أم أن تتجرد من عاطفتها الفطرية وتتخلى عن طفلها الذي تكون داخلها ، وارتبطت به بحبل سري ، كيف تستطيع أن تنحي كل هذا جانبا ، وتتخلص من طفلها ، لكن مع الأيام ، ومع معدلات الفقر المتزايدة والعالية التي وصلت لدرجة أنه أصبح عندنا أناس يموتون ـ فعلا ـ من الجوع ، لم أعد أستغرب ما يحدث ، بل وأرفض اعتبار من فعلوا هذا مرضى نفسيين .
هذه الحكايات أصبحت متكررة ، تنشرها الصحف بشكل يومي ، لم تعد تثير الاستغراب ولا الاهتمام ، اليوم هناك حكايتان في الصحف ، الأولى عن نجار شنق نفسه في مروحة السقف لأنه لم يجد ما ينفقه على أسرته ، الثانية وهي الأبشع عن أم خنقت ابنها وحاولت الانتحار لأنها لم تعد تجد ما تأكله .
القصة مأساة حقيقية ، يكفي أن تقرأ ما تحكيه الأم عن أنها وهي تخنق ابنها استيقظ من النوم وقال لها لا تقتليني يا أمي ، يكفي أن تقرأ أنها بعد أن خنقته شربت سما ، لكن القدر أبى أن يريحها فقاءت ما شربته ، فقطعت شرايينها ، وظلت تنزف لمدة ست ساعات ، لكنها لم تمت ، يكفي أن تقرأ ما تحكيه أنه بعد ثلاثة أيام تعفنت جثة ابنها و انفجرت أمامها ، فذهبت إلى القسم وسلمت نفسها وطالبتهم بإعدامها .
القصة مأساوية لدرجة قاتلة ، أتمنى ألا تمر عليك مرور الكرام ، قالت الأم المتهمة فى التحقيقات حسبما نشرت صحيفة المصري اليوم: «قررت يوم الجمعة الماضى الانتحار للتخلص من الفقر، لكنى خشيت على ابنى من البهدلة، ظللت أفكر كثيرا حتى وصلت إلى قتله والتخلص من حياتى، قررت أكتم أنفاسه بفوطة، لكنه استيقظ من النوم وطلب منى أن أتركه يعيش، تركته وبللت الفوطة بالمياه وكتمت أنفاسه حتى فارق الحياة، وتناولت سم الفئران ونمت إلى جواره، أصبت بقىء وإسهال شديدين، ووجدت نفسى على قيد الحياة ، حاولت مرة ثانية بقطع شرايين يدى اليسرى، ظللت أنزف 6 ساعات وتوقف الدم، فوجئت بابنى ينتفخ وجثته تتعفن وتنفجر، توجهت إلى المباحث وأبلغت الرائد إبراهيم عبدالقادر، معاون المباحث، بالواقعة وطالبته بأن يصدروا حكماً بإعدامى» ، وقالت: « قتلت طفلى أحمد عصام «9 سنوات»، كتمت أنفاسه بفوطة مبتلة فجر الجمعة الماضى، لم أنظر إلى رجائه لى بعدم قتله، نعم الفقر والاحتياج حولا قلبى إلى حجر ، توسلاته بأن أتركه يعيش لا تغيب عن مسامعى، وجهه وهو يبكى خوفا من الفوطة المبللة بالماء ترعبنى، أريحونى واعدمونى الآن، الفقر وحده هو الذى دفعنى للتخلص من ابنى.. حاولت الانتحار أكثر من مرة بعد قتله لأكون إلى جواره، كنت أتمنى أن أرحل عن الدنيا بكل ما فيها من مآس، واحتفظت بجثة أحمد 3 أيام، وبعد انفجارها وتحللها توجهت إلى المباحث لمساعدتى على دفنه.. أنا أريد الإعدام حتى أرتاح من الدنيا».
التحقيقات قالت أن المتهمة تعانى من أزمة نفسية ـ كما هو متوقع ـ بسبب عجزها عن الإنفاق على ابنها وأنها أخرجته من المدارس ، منذ 10 سنوات تزوجت من محام ، تخلى عنها بعد 3 شهور زواج، طلقها وهى حامل فى الشهر الثانى، انتقلت من بلد لآخر، وبحثت عن مكان للإقامه فيه بصحبة طفلها، الشرط كان أن الإيجار يكون بسيطاً، لكن الفقر وقلة المال كانا يطاردانها، ذهبت إلى الشرقية وأقامت عدة شهور باعتبارها منطقة ريفية ومصاريفها بسيطة لكن لم تتمكن من المعيشة هناك لمطاردتها من الظروف المادية نفسها ، وعادت إلى القاهرة وتمكنت من الإقامة فى شقة بمدينة النهضة. تألمت بشدة قائلة: " تخلى أشقائى عنى، وتركونى وحيدة بصحبة ابنى، أنا حاصلة على الثانوية العامة ولم أتمكن من الالتحاق بأى وظيفة ".
الضنا مع الفقر لم يعد غاليا ، كما كان يقول المثل القديم ، الفقر أصبح قاتلا ، في ظل مشروعات وهمية عن محاربة الفقر نقرأ عنها فقط ، ويتجشأ المسئولون الكلام عنها في وجوه الفقراء على الشاشات ، الفقير يزداد فقرا ، والغني يزداد غني ، ومن المستحيل أن يشعر المسئول الذي يقيم في فيلا فاخرة بأوجاع امرأة في الريف لا تجد ما تطعمه لأولادها ، ولا بآلام أب لا يستطيع العودة إلى المنزل بفشله ، وقلة حيلته ، وهو لا يحمل في جيبه خمسون قرشا يشتري بها خبزا لأودلاه .
لن أتساءل عن لماذا فعلت الأم ما فعلته ، ولن أتكلم عن ضعفها و قلة حيلتها لدرجة لجوئها إلى الشرطة لمساعدتها في قتله ، ولا عن أنها متعلمة ومع ذلك لم تجد عملا ، ولا عن أولاد الحلال الذين لم يعودوا موجودين ، في الماضي كانت الأمهات تبيع أولادها ، وكان البعض يستغرب هذا ، لكن حتى الرحمة الضئيلة بين تركه حيا ، وبيعه ، وبين قتله لإراحته ضاعت ، قتلها الفقر ، وقتلها المسئولون وقتلها الفساد .
لو كان الفقر رجلا لقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، لكن الفقر تضخم أصبح دولة من رجال الأعمال الفاسدين ، والحكومة التي لا تشعر بالفقراء ، ولا تريد أن يزعجوا انشغالها بش



#محمد_أبو_زيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس كمثله شيء
- هل أنقذ الله اليونسكو من الفنان فاروق حسني ؟
- أسباب وجيهة لكراهية المثقفين
- لا عزاء للسيدات
- سأقابل الله وأشكوكم له
- وثائق طه حسين السرية .. ليست سرية
- يوتوبيا الشعر
- الكتابة بأسماء مستعارة في الصحافة المصرية بين الحاجة و تصفية ...
- هل تنتظر الصحافة القومية في مصر رصاصة الرحمة ؟
- نعمان جمعة اتهزم يا رجالة
- الغمة العربية
- البوسطجي .. ملك الشوارع
- الأخطاء المطبعية في الصحف.. يوم لك ويوم عليك
- مملكة السماء لا تزال صالحة لإثارة الدهشة
- حنا السكران
- الشبابيك: عيون البيوت التي تكشف الشوارع
- قبلات السياسيين.. بين العادات والفضائح والمصالح
- لماذا كلما رأى مريد البرغوثي قتيلا مسجى ظنه شخصا يفكر؟
- كل شيء جائز إلا الرصاص الحي
- الهتيف : الحياة فوق الأعناق


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أبو زيد - الضنا غالي