أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - حب خلال الهاتف- قصة قصيرة














المزيد.....

حب خلال الهاتف- قصة قصيرة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3047 - 2010 / 6 / 28 - 21:28
المحور: الادب والفن
    


رنّ الهاتف في بيتنا.
كان الوقت متأخّرا في الليل, وكل أفراد عائلتي يغطّون في النوم, وانا في غرفتي, أمضي ذلك الوقت من الليل الذي أكرهه بقراءة كتاب لا أستمتع بقراءته, حتى يأخذني النوم الى عالم الأحلام.
رفعت سماعة الهاتف الذي بجانب فراشي بشيء من العجب.
"آلو؟؟"
فجاءني صوت رجل عذب وهو يسألني عن شخص لا أعرفه, فأجبته: "أنا آسفة. ولكني أظن أن الرقم خطأ." ووضعت السماعة في مكانها.
عدت الى كتابي, أحاول القراءة فيه, والصوت العذب الذي سمعته خلال الهاتف يتردد في مسمعي.
بعد نحو عشر دقائق... رنّ الهاتف مرة أخرى.
"آلو؟" قلت وانا أرفع السماعة من جديد, وفي داخلي أحسّ بأن ذلك الصوت العذب هو المتّصل.
"آلو..." قال مترددا... هادئا. ولم يضِف شيئا آخر.
"نعم؟"
ثم سمعته يقول: "انا آسف أني أتّصل مرة أخرى. ان كنت أزعجك فيمكنني ان أقفل الخط في الحال."
"هل تريد شيئا؟" سألته متعجّبة.
فاذا به يقول انه أعجب بصوتي وبدفء حديثي, ويحبّ التعرّف الي. وكان يتحدّث بنبرة صادقة وجادة وبكل تهذيب, حتى سمحت له بما أراد, فبقيت أحدّثه لأكثر من نصف ساعة, دون ان أحسّ بالوقت. وقبل ان ينهي المكالمة, وجدته يطلب ان يكلّمني في الغد. ترددت قليلا, ولم أعرف بماذا أجيب. ولكن أسلوبه العذب في الحديث جعلني أوافق على طلبه, وفي داخلي أحسّ أني أريد ذلك بشدة, رغم ترددي أمامه, فأعطيته موعدا في الغد في نفس الوقت, كي يتّصل بي مرة أخرى.
وفي اليوم التالي, اتّصل بي, كما اتّفقنا, وأخذنا الحديث الى جوانب عديدة من الحياة, حتى عرفت ماذا يعمل, وكيف يقضي أيامه بين العمل والبيت, الذي يعود اليه في آخر الليل كي ينام فيه, ثم يعود الى العمل في اليوم التالي. وأخبرني أنه يسكن في شقة مستأجرة, بعيدا عن أهله, بسبب ظروف عمله, ويزور أهله في نهاية الأسبوع.
وهكذا, أخذ يتّصل بي كل يوم, فيأخذنا الحديث الى عالم آخر جميل, بعيدا عن الملل الذي يملأ حياتي, حتى بتّ أنتظر سماع صوته بشوق وتلهّف, وأظلّ أنتظر طوال اليوم ذلك الوقت من الليل الذي أسمع فيه صوته ويحدّثني عن أحداث يومه في العمل وعما تعرّض له من مواقف ظريفة او غريبة, فأحسّ ان حديثه الممتع يدخل السعادة والإثارة الى قلبي الجاف وحياتي الفارغة.
ثم أخذت منه رقم هاتفه, وبدأت أتّصل به خلال النهار, فأحسّ بالإرتياح لسماع صوته. وكان هو دائما يتحدّث الي بلطف, ويقول انه ينتظر اتّصالاتي, ويسعد بسماع صوتي.
وجاءت فاتورة الهاتف بمبلغ كبير, لا يتخيّله أحد. فذهب أبي الى شركة الهاتف كي يفحص من أين جاء ذلك المبلغ الخيالي! وعاد الى البيت والغضب ينطلق منه كالنار, وأخذ يسأل كل فرد من العائلة: من الذي يتّصل بذلك الرقم الذي جاءنا بهذا المبلغ؟! وحين لم يعترف أحد منا بشيء, هدّد بأن يتّصل بنفسه الى الرقم, فخفت ان يفعلها حقا, واعترفت له بكل شيء. ولكنه, ورغم الدهشة الشديدة التي استبدّت به, والغضب الحاد الذي أبرق من عينيه, اكتفى بأن أمرني بقطع علاقتي بذلك الرجل في الحال.
بقيت أياما لا أكلّمه, بعد ان شرحت له ما حدث بسرعة. وغرقت في حزن وأسى, بعيدا عن سماع صوته. ولكن شوقه في قلبي كان يتضاعف يوما بعد يوم, ويحرق صدري بنار الحب الذي وقعت فيه لأول مرة في حياتي, مع ذلك الرجل, الذي أحببته حبا يفوق تصوّري في أجمل أحلامي... أحببته خلال الهاتف.
بعد أسبوع, وجدت نفسي أتّصل به. فردّ مبتهجا: "كم اشتقت لسماع صوتك! آه لو تعلمين كم كنت أعاني وانت بعيدة عني ولا أستطيع التحدّث اليك او سماع صوتك!"
فقلت له وقد امتلأ قلبي بالسعادة لسماع قوله: "وانا أيضا اشتقت اليك." ثم اعترفت له بما أحسّ نحوه من حب ومودة واشتياق. وكم كانت سعادتي كبيرة اذ سمعته يقول لي انه يبادلني نفس المشاعر!
عدنا نتحدّث خلال الهاتف كل يوم كما في السابق, ولكني لم أعد أتّصل به, بل نكتفي بأن يتّصل بي هو في آخر الليل, الذي بتّ أحبه وأنتظره بشوق وتلهّف. وان لم يتّصل بي مرة لسبب من الأسباب كنت أصاب بحالة جنون غريبة, وأحترق شوقا ومرارة.
مرّت شهور على هذه الحال.
ورغم السعادة التي كنت أشعر بها معه, بتّ أحسّ في داخلي بالخيبة والأسى. فقد انتظرت ان يخبرني بأنه سيأتي الى بيتنا لطلب يدي من أهلي, الا أنه لم يتطرّق الى ذلك أبدا. فقررت ان أفاتحه بالأمر. ففوجئت به, وهو يقول لي بصوت يمتزج بالحزن: "أرجوك ان تعذريني, فالوقت ليس مناسبا الآن, وظروفي لا تسمح لي بذلك." ولم يشرح لي السبب, ما أدّى الى تسلّل القلق الى صدري. ولكنه وعدني بان يفكّر في الأمر, ويخبرني حين يصبح مستعدا لفعل ذلك.
لم نعُد الى ذلك الموضوع حتى مرّ شهر على ذلك الحال. فلم أعُد أحتمل الوضع, وقد بدأت الأفكار السوداء تراودني, واشتدّ بي القلق, فسألته: متى سيأتي لزيارة أهلي؟! فصدمت به وهو يعترف لي بصوت مرتجف بأنه لا يستطيع فعل ذلك. لأنه متزوج!! وله أولاد هو مسؤول عنهم, ولا يستطيع التّخلي عنهم. رغم أنه لم يعُد يحب زوجته, وعلاقته بها باتت باردة, وهذا ما جعله يتحدّث الي ويتعلّق بي, اذ استيقظت فيه تلك المشاعر الجميلة التي يفتقدها منذ زمن, الا انه لم يكن يتصوّر انه سيتورّط معي في علاقة حب كما حدث دون سابق وعي.
أغلقت خط الهاتف, دون وداع او كلام, وأجهشت باكية بكاءً مرا كادت أن تتمزق له عروق قلبي. بقيت أياما طويلة مسكونة حزنا سحيقا أبكي على حالي والندم يكاد يحطّم نفسي ولم أكلّمه منذ ذلك اليوم, بعد ان عرفت بوضعه العائلي, رغم أنه عاود الإتّصال بي مرارا, ولكني رفضت رفضا قاطعا التحدّث اليه. فأنا لم أشأ ان أحطّم عائلة بسبب حبي المجنون لرجل لم أعرف حتى شكله, واكتشفت سريعا حماقتي الشديدة, حين سمحت لنفسي بمثل ذلك الحب, دون ان أعرف عن الرجل الذي أحب سوى ما يقوله لي خلال الهاتف.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة الحادية عشر والأخيرة
- أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة
- أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة
- أحلام كبيرة- الحلقة السابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة السادسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - حب خلال الهاتف- قصة قصيرة