أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة














المزيد.....

أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3041 - 2010 / 6 / 22 - 12:25
المحور: الادب والفن
    


كنت متشوّقا لرؤية وفاء بعد غيابها الطويل مرة أخرى, وحين رأيتها جالسة في زاوية الجلوس اقتربت منها وجلست في المقعد المجاور. الا أن وفاء كانت مستغرقة في جو خاص بها ولا تحسّ بما حولها. وبعد عدة لحظات, تنبّهت لوجودي فحملقت عيناها وهي تقول: "عمر! لم أنتبه لوجودك."
فقلت مبتسما: "كنت شاردة بذهنك."
صمتت وفاء ولم تعلّق بشيء.
قلت لها باستفهام: "لم أرك منذ فترة طويلة."
قالت بصوت عديم التعبير: "كنت في إجازة."
"مع زوجك؟" سألتها.
أومأت برأسها أن نعم. ولكنها ظلّت صامتة وساهمة.
فقلت: "ظننت أنه لا يمكث في البلاد أكثر من يومين او ثلاثة؟!"
فقالت: "لم يأتِ الى البلاد. أنا سافرت اليه بطلب منه."
"الى أين؟"
"الى باريس."
"باريس من أجمل مدن العالم." قلت آملا ان أعرف منها بعض التفاصيل. ولكنها اكتفت بأن قالت: "حقا."
فسألتها: "هل استمتعت بوقتك؟"
ردّت: "لم تكن بالضبط رحلة استجمام."
أحسست بأنها لن تخبرني بأية تفاصيل. فقلت لها وأنا أحدّق في عينيها: "أنت لا تبدين سعيدة."
"ولِم لا أكون سعيدة؟"
"لأن عينيك تقولان شيئا آخر."
نظرت الي بعجب ولم تعلّق بشيء. فسألتها: "كم هو عمر زوجك؟"
ردّت بعد تفكير: "تسع وخمسون."
قلت وأنا أهز رأسي : "فهمت."
"ماذا فهمت؟"
"أنك لست سعيدة. هكذا رجل لا يستطيع ان يسعد امرأة مثلك. مكانه ليس معك. مكانه في لندن مع ام أولاده."
لم ترد وفاء بشيء. بل انسرحت عيناها بالتفكير وملامح وجهها تنمّ عن الضيق. ثم قامت وغادرت المكان.
بعد ذلك اليوم, بدأت أراها في ارجاء المحكمة اكثر من ذي قبل. وكان كل واحد منا يلقي بالتحية القصيرة في كل مرة ويمضي الى سبيله, كما لو كنا كأي اثنين تجمعهما معرفة عادية وبعيدة.
وفي تلك الفترة ازدادت وتيرة لقاءاتي مع منى. وكانت وفاء ترانا معا احيانا فلا تلتفت الينا كثيرا, كأن الأمر لا يعنيها. وكانت تختفي بسرعة من تحت عيني. فكنت أسائل نفسي: ترى, بماذا تشعر؟ هل هي حقا لا مبالية؟ ألا يهمّها ان كنت مع امرأة اخرى او لا؟ وكنت أتألّم في داخلي حين أفكر انها لم تعد تهتم بي.
كانت وفاء تشغل حيّزا كبيرا من تفكيري. وفي الجهة الأخرى, كانت هناك منى. منى الجميلة, العزيزة, التي أحببتها حبا كبيرا أول ما أحببت, كانت ما تزال تحتلّ مكانا مرموقا في قلبي. ولكن الماضي علّمني ان أضعها في خانتها المناسبة هذه المرة. وكنت حريصا ان لا أحرّكها من هناك. ولكن ... ماذا عنها؟ لم أكن أريد ان أسبب لها أي جرح.
وذات يوم, سألتني: "عمر, لو بقيت في أميركا ولم أعد, هل كنت ستنساني؟"
نظرت اليها وقلت: "وهل كنت تتمنين ان أعيش طيلة أيامي على ذكراك؟"
"لا, طبعا," قالت. "لست أنانية الى هذا الحد. ولكني أتساءل, عندما أحببت وفاء من بعدي, ترى, هل خطرت على بالك؟"
"وبماذا يهمّ ذلك؟ دعينا من الماضي ولنعِش في الحاضر."
فسألت وصوتها يتردد: "وهل تظن أن الحاضر يمكن ان يحمل لنا شيئا من التفاؤل؟"
أجبتها بتساؤل: "وهل تظنين أنه قد تغيّر شيء في الحاضر يدعو الى التفاؤل؟"
بقي سؤالي معلّقا بيننا. ولكن كلينا كان يدرك في داخله أن شيئا لم يتغيّر, وسنبقى أنا ومنى طوال حياتنا ليس أكثر من أصدقاء, كما نحن اليوم.
وربما حالي مع وفاء لم يكن بأحسن من ذلك. ولكن وفاء كانت مختلفة. انها متزوجة... وليست متزوجة, بعيدة... وليست بعيدة, قريبة... وليست قريبة. كان قلبي ما يزال يخفق لها. وشوقي اليها يملأ صدري.
تملّكتني رغبة شديدة في رؤيتها. فكّرت كثيرا قبل أن أقرر الذهاب اليها. وحين رأتني داخلا عليها في مكتبها ارتفعت علامات المفاجأة الى وجهها.
"عمر؟!" قالت مندهشة.
فسألت دون مقدّمات: "هل لي ان أدعوك على الغداء؟"
بعد تفكير بسيط... وافقت.
جلسنا وبيننا أكلنا ... والصمت. لحظات طويلة مرّت بيننا. لم أقل شيئا. ولم تقل شيئا. وكأنه لم يعد بيننا شيء سوى الصمت.
سألتها: "لِم أنت صامتة هكذا؟"
نظرت اليّ للحظة عابرة وقالت: "علّمتني الحياة أن أفضل طريقة للسعادة... هي الصمت."
رمقتها بعيني بعجب. قلت: "أية حياة وأية سعادة؟ أتسمّين حياتك هذه ... حياة؟ سعادة؟"
ألقت علي نظرة مشحونة بالغضب, وقالت: "انت لا تعرفني."
قلت: "بعد كل هذا؟" ثم أضفت سائلا: "أتريدين اقناعي بأنك سعيدة بحياتك هذه؟"
فقالت وهي تنقل عني عينيها: "أنا راضية بنصيبي." وبعد صمت... أضافت قائلة: "ليس كل ما نتمناه في الحياة نحصل عليه. دائما يبقى هناك شيء ما ينقصنا."
"ولكن ما ينقصك انت يمكنك الحصول عليه بسهولة فائقة, لأنك ترينه أمامك, وتحّسينه قريبا جدا, ولكن يدك لا تستطيع الوصول اليه."
تأمّلتني وفاء باهتمام وهي تفكّر في كلامي بهدوء, ثم قالت: "يعني ماذا تريدني أن أفعل؟"
قلت بصوت ينم عن سر: "عليك ان تطلبي الطلاق."
بُهتت وفاء لكلامي وظلّت ترمقني بعينين فيهما غضب وذهول.


يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة التاسعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة
- أحلام كبيرة- الحلقة السابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة السادسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة العاشرة