أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة














المزيد.....

أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


في العادة, اللحظات الجميلة في الحياة لا تدوم. واللحظات التي كنت أقضيها بصحبة منى كانت تمر بسرعة غير عادية. كان حبها يجري في عروقي, انام واستيقظ عليه, وكل همي متى اراها مرة ثانية. ولكن الأفكار بدأت تراودني: الى أين سيؤدي بي هذا الحب؟
وذات يوم, بينما كنت في غرفتي مستسلما لأفكاري, وجدت اخي اكرم يدخل علي ويجلس الى جانبي.
قال لي: "كأنك تغيّرت قليلا يا عمر. هل هناك شيء؟"
أجبته مترددا: "... لا ."
"اذن لماذا تنفرد بنفسك كثيرا في الآونة الأخيرة؟"
"انا؟؟ لا ابدا. ولكن... ربما اكون قلقا بعض الشيء."
"اخبرني, ما بك؟"
فسألته: "أريد ان اسألك شيئا."
"اسأل."
"أليس صحيحا انه يجوز للمسلم ان يتزوج من مسيحية؟"
لاحظت كيف فوجئ بسؤالي, ثم اجاب: "نعم. صحيح."
"يعني يجوز لي ان افكّر في الزواج من منى." قلت بتساؤل.
رأيته ينسرح في التفكير. ثم قال بعد لحظات: "يجوز لك كمسلم, ولكن ..."
"ولكن ماذا؟"
"حتى لو فرضنا انها قبلت الزواج بك, وكذلك قبل اهلك, تبقى المشكلة الأكبر هي اهلها. هل سيقبلون؟"
فكّرت كثيرا في كلام اخي. هل سيقبل اهلها بهذا الزواج حتى ان قبلت هي؟ عرفت ان الأمر شائك وان الزواج ليس سهلا كالحب. وخاصة مع فتاة مثل منى. عرفت أن علي مواجهة الأمر دون تأخير.
قررت التحدث الى منى ومصارحتها بأفكاري التي تشغل بالي في الآونة الأخيرة. وفي اليوم التالي, بينما كنا جالسين في كافيتيريا الجامعة, سألتها: "منى, ان طلبت منك الزواج هل ستقبلين؟"
فوجئت منى بسؤالي المباشر وارتبكت عيناها. ولكنها بعد لحظات من التفكير قالت دون ان يهتزّ صوتها: "سأقبل."
سررت بجوابها... ثم سألت: "وماذا عن اهلك؟"
فردت: "سيكون ذلك مفاجأة كبيرة لهم."
"هل سيقبلون؟" سألتها.
فكّرت قليلا, وردت: "الحقيقة ... لا ادري."
قلت: "لن يكون الأمر سهلا عليهما, أليس كذلك؟ كيف سيقبلون بأن تتزوج ابنتهم من مسلم؟! ألم يراودك هذا السؤال؟"
فقالت بصوت صادق: "عمر, انا احبك. وليس أحبّ على قلبي اكثر من ان اكون زوجتك. هذه امنيتي. بل هي رغبتي. سأخبر اليوم أهلي بحبنا وبرغبتي."
في ذلك اليوم, شعرت بأننا اقتربنا من اللحظة الحاسمة التي سيُقرر فيها مصير حبي لمنى, ذلك الحلم الذي يسكنني, منذ اسابيع, بتردد وارتباك. فهل قدّرت له الحياة؟ ام مصيره الى الموت؟
ظل القلق يجثم على صدري كالصخرة طيلة ايام, تنتابني خواطر تضطرب لها نفسي ويضيق لها صدري. لم أرَ منى في اي مكان ولم استطع الإتصال بها. تعجّبت ماذا حصل معها؟ ولماذا لم تعُد تأتي الى الجامعة؟
وبعد اسبوعين, التقيتها أخيرا وجلسنا في مكان هادئ في باحة الجامعة. كان الهدوء يكتنفها على غير عادتها والشحوب يكسو وجهها. نظرت الي بنظرات مثقلة بشتى المعاني. وبقيت صامتة للحظات طويلة بدت لي كساعات الإنتظار الثقيل لموعد لا يأتي.
تأمّلتها بنظرة حائرة, باحثا عن كلمات تكسر هذا الصمت المثقل علينا. جلست منى, وعيناها شاردتان بتفكير متواصل.
فتحت فمي وهممت ان أقول شيئا دون ان ادري ما هو! أي شيء يطلقنا من توترنا, من قلقنا, ومن اضطرابنا. ولكني وجدتها تسبقني الى الكلام.
قالت: "عمر, منذ ان رأيتك وتعرفت عليك نشأ في داخلي حلم صغير ... تائه. وبقيت أحمل حلمي بحرص كبير ورعاية شديدة. وكلما عرفتك اكثر كبر الحلم في داخلي. ولكني كنت أسائل نفسي: ترى, هل سيعيش هذا الحلم؟ لكم تمنيت ان يعيش ويكبر ويصبح اكثر جمالا مع كل يوم. ولكن ... يبدو ان ثمة احلام يكتب لها الموت قبل ان تولد."
أحسست بقشعريرة باردة تعبر جسدي. قلت بجزع: "منى! ماذا تقولين؟"
تصعّدت من نفسها زفرة أليمة, وقالت: "أقول ان حلمي يجب ان يموت. ولا سبيل غير الفراق. هكذا تريد الدنيا."
تأملتها بذهول, وسألتها: "لماذا؟ "
فأجابت: "لأن اهلي لن يقبلوا غير ذلك. لن يقبلوا بزواجنا."
"هل تحدّثت اليهم؟"
"اجل. وهم رافضون لهذا الزواج رفضا قاطعا."
"ولكن..."
"عمر, انهم اهلي وانا لا استطيع ان اخالفهم في هذا الأمر بالذات. أتفهمني؟ ارجوك ان تفهمني."
قلت وأنا أهمّ لإنقاذ حلمي بكل أنفاسي: "ولكن... ربما لو انتظرنا قليلا... بعد ان تهدأ لوعة المفاجأة..."
انحدرت دمعة على خدها. وقالت بصوت متهدّج: "لم يعد هناك ما ننتظر."
"منى ... ماذا تقصدين؟"
"... غدا ... سأسافر."
"تسافرين؟! الى اين؟"
"الى اميركا."
شعرت بانقباض في صدري واهتز كل كياني. عندها, ادركت ان حلمي قد مات. غدا ستسافر الى بعيد وسأبقى انا هنا, مع الصور الكثيرة التي ستبقى تملأ ذهني والذكريات. تلك الأيام الجميلة التي ذقت فيها طعم الحياة الحلو, الذي ذاب فجأة تحت هلبة الأيام. رحلت منى وتركتني فريسة الهم والغم اياما وليال طوال. لقد بعثها اهلها الى اميركا كي تكون بعيدة, ويبقى اسم عائلتها نقيا كما كان, وتذهب احلامنا ادراج الرياح.

يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة