أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الثانية



أحلام كبيرة- الحلقة الثانية


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3010 - 2010 / 5 / 20 - 12:47
المحور: الادب والفن
    



باتت منى تملأ كل تفكيري وازداد اعجابي بها يوما بعد يوم. وكان لدي احساس انها معجبة بي. فلولا ذلك لما رحبت بصحبتي وتصرفت معي بلطف. ولكن كلمات اخي جعلتني أفكّر اني أورّط نفسي بهذه العلاقة وعرفت انه ينصحني بالإبتعاد عنها. ولكن يبدو ان ما حملت لمنى من مشاعر كانت أكبر من اي أخ لي وأية نصيحة أتلقاها. وفي المرة التالية التي رأيتها فيها في الباص انجذبت عيناي الى مكانها المعتاد على الفور. وغمرت بسعادة كبيرة حين رأيتها جالسة هناك وكان شوقي لها يملأ صدري. ولكن, حين اقتربت منها أحسست بشيء غريب. كانت منى جالسة هناك تقرأ كتابا. ولم ترفع عينيها اليّ, كما توقعت ان تفعل. ورأيت في ملامحها شيئا ما جعلني أجمد في مكاني للحظة وأفكّر: ماذا أفعل؟ هل أسلّم عليها فترفع رأسها وتبتسم فأجلس الى جانبها؟ ربما لن تبتسم. ربما هناك شيء. ترددت. مضيت الى الداخل دون قول شيء وجلست في احد المقاعد.
بدأت الأفكار تغزو رأسي. لماذا لم ترفع رأسها؟ لماذا لم تنظر الي؟ وما مغزى ملامحها؟ بقيت الحيرة تلفني أياما طويلة والأسئلة تكبر في ذهني وتثقل عليه. لم أستطع فهم ما حصل, ولكن ملامحها كما رأيت جعلتني أفكر ان شيئا ما قد تغيّر فيها. راودتني الفكرة انها ربما راجعت نفسها وقررت الإبتعاد عني بسبب الإختلاف بيننا. انه تفسير مقنع لتصرفها.
لم أعرف ماذا سأفعل الآن حين أراها. كيف أتصرّف؟
في الأيام التالية, كنا في عطلة من الدراسة قضيتها مع افراد عائلتي في ايلات, في زيارة الى أختي وعائلتها الذين يعيشون هناك. وحين عدنا, كنت قد تغيّبت عن الجامعة عدة ايام. وفي صبيحة اليوم الثالث من عودتي رأيتها في الباص في نفس مكانها. وعندما كنت أمرّ بقربها التفتّ اليها فاذا بها تتأملني بعينيها, وكأنها تنتظر مني شيئا ما. أومأت لها برأسي للتحية دون ان افتح فمي بكلمة, وكأنها مثل أية فتاة أخرى كلمتها مرة ولم يحدث شيء آخر دون ذلك. لمحتها وهي تنتفض ابتسامة مربَكة, وكأنها كانت تتوقع مني شيئا ما لم تحصل عليه. مضيت الى الداخل وجلست في احد المقاعد.
انطلق بنا الباص. جلست في مكاني والأفكار تداهمني. لماذا نظرت الي هذه المرة؟ هل كانت تريدني ان اجلس الى جانبها؟ وما مغزى ابتسامتها المربكة, وكأني تسبّبت بجرحها؟ عليّ ان أفهم منها الأمر.
حوّلت نظري تجاهها. كان المقعد المجاور لها خاليا. قمت من مقعدي وجلست الى جانبها. فالتفتت اليّ بتفاجؤ ولم تقل شيئا خلال لحظات. ثم رمتني بنظرة من تحت عينيها الجميلتين, وقالت: "لم أرك منذ زمن."
قلت: "فعلا." وأضفت: "لم أذهب الى الجامعة منذ أيام."
"لماذا؟" سألت بشيء من الفضول.
أجبتها دون النظر اليها: "كنت مسافرا."
قالت: "اهه... فهمت." ولم تسأل شيئا آخر.
قلت وانا أتوجّه اليها: "ولكني رأيتك قبل سفري."
"رأيتني؟" تعجبت. "اين؟"
"هنا. في هذا المكان."
"انا ... لم أرك."
"ربما لأنك كنت منشغلة. لا ادري."
"ولماذا لم تقل شيئا؟"
أجبت بعد لحظات من التفكير: "ظننت انك ... ربما ... تفضلين ان لا اقول شيئا."
"اذن, لِم عدت اليوم وجلست هنا؟"
"ان كنت أزعجك ... فيمكنني ان ..."
"لا ... لا تزعجني."
وأخيرا, لمحت الإبتسامة على شفتيها, وكانت دافئة... عذبة, كما عهدتها, فامتلأ صدري بالسعادة التي كنت أحس معها من قبل. وفي الدقائق التالية, أخذنا الحديث, كأننا نعوّض ما فاتنا, حتى اني لم اشعر بالوقت واذ بنا نصل الى الجامعة. وقبل ان يذهب كل منا الى طريقه سألتها: "الى متى ستبقين اليوم في الجامعة؟"
فأجابت: "درسي الأخير ينتهي عند الرابعة."
"اذن, هل لي ان ادعوك على الغداء؟"
وهكذا, توطدت العلاقة بيني وبينها. كنا نلتقي كثيرا في ارجاء الجامعة وفي الباص فيأخذنا الحديث الى عالم آخر جميل وبعيد. عرفت أني وقعت في حبها. وقد استحوذ حبها على كل كياني واصبحت العاشق الذي لا يرى ابعد من موعده القادم. وكانت منى تبادلني نفس المشاعر. وقد اعترفت لي بحبها واعجابها بي منذ لقائنا الأول. فسألتها عن مغزى تصرفها في ذلك اليوم حين لم ترفع رأسها الي. فردّت: "كنت خائفة من حقيقة مشاعري تجاهك. فاتّخذت قرارا بالإبتعاد عنك. ويومئذ, تصنّعت القراءة كي امنع الفرصة للقاء جديد بيننا. ولكن, عندما وجدتك تمضي دون كلام ولا سلام انقبض قلبي بشدة, وكادت دمعة تنزل من عيني. لا ادري لماذا. رغم ان ذلك ما كنت أبغي. ولكني اظن اني لم اتوقع ان تمر دون سلام."
فسألتها: "ولو كنت سلّمت عليك, ماذا كنت ستفعلين؟"
فأجابت: "لا ادري. لم أفكر في كل الأمر كثيرا, ولم أخطط له. ولكني ما زلت في داخلي ... ما زلت أعاتبك على هذا التصرف!"
"تعاتبينني؟!" قلت ساخرا. "وماذا عني؟ ألم تفكّري بم شعرت انا حين قمت بتجاهلي؟"
سألت بفضول: "بم شعرت؟"
قلت وانا اديم النظر الى عينيها: "اني فقدتك الى الأبد."
كانت منى صادقة وصريحة معي الى ابعد حد. وكنت أحس بسعادة كبيرة وانا بجانبها, تثيرني اللهفة اليها, واستمتع بالأوقات التي نقضيها معا. وهكذا, عشنا انا ومنى في عالم جميل ورائع, ملؤه الحب والفرح, بعيدا عن هذا العالم. ولكن اللحظات الجميلة في العادة لا تدوم. فقد بدأت أنسلخ شيئا فشيئا من ذلك العالم, عالم السحر والجمال, واعود الى عالمنا الذي نعيش فيه. بدأت أفكّر: الى اين؟ الى اين سيؤدي بي هذا الحب؟


يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الثانية