أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - هل تستقيم المواطنة مع الفقر؟!















المزيد.....

هل تستقيم المواطنة مع الفقر؟!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 00:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف يمكن لنا الحديث عن مواطنة متساوية في ظل التفاوت الكبير بين من يملكون ولا يملكون، وبين الجياع والمتخمين، ولعل المواطنة التي ترتب حقوقاً وواجبات، لا بدّ من توفّرها، لكي تكون العلاقة سالكة بين المواطن وانتمائه وهويته، وبانعدامها فستكون مواطنته مبتورة أو ناقصة أو حتى ملتبسة، وكيف لمواطن ليس لديه أي مستلزمات أولية للحياة والعيش والكرامة واحترام حقوقه، أن يكون سوّياً، إن لم تخلق لديه ردّات فعل، ربما بعضها عنيفاً وقاسياً في ظل غياب الأركان الأساسية لمواطنته، وهو ما نطلق عليه «المواطنة العضوية».
إذا أردنا ملامسة فكرة مواطنة عضوية، فإننا نعني مواطنة تقوم على الحريات العامة والخاصة، لاسيَّما حرية التعبير وحق الاعتقاد وحق التنظيم الحزبي والنقابي، وحق المشاركة، وعلى مبادئ المساواة أمام القانون والقضاء وبين البشر، رجالاً ونساءً، وبدون أي تمييز لأي سبب كان، وعلى مبادئ العدالة بمعناها الاجتماعي والاقتصادي بما فيها حق العمل وحق التعليم والحق في السكن والحق في العلاج، وكذلك بمعناها القانوني والقضائي والسياسي، وعلى مبادئ المشاركة والحق في توّلي الوظائف العليا دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو العرق أو اللون أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو لأي سبب كان.
وبهذا المعنى فإن المواطنة دون حماية ورعاية من الدولة (وهي رابطة قانونية بين الفرد والدولة) ستكون بائسة ومشوّهة، لاسيَّما إذا ساد الفقر والتفاوت الشاسع في دخل الأفراد وفي توزيع الثروة. ولعلنا لا نستطيع أن نتحدث عن حقوق الإنسان مع استمرار الفقر وانعكاساته وتأثيراته الخطيرة نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.
ولعل مناسبة الحديث هذا هو تقرير كان قد أطلقه فريق عمل بحثي تحت عنوان «من أجل قانون في خدمة الجميع» من خلال احتفالية نظمها منتدى الفكر العربي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عمّان، وقال فيه سمو الأمير الحسن بن طلال: إن مشروع التمكين القانوني هو حرب شاملة ضد الفقر والإقصاء والتهميش.
وإذا كان الإنسان هو أثمن رأسمال وغاية كل دين أو فلسفة أو أيديولوجية، وحسب الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس: الإنسان مقياس كل شيء، فإنه بهذا المعنى المستهدف الأساسي لأية سياسة أو قانون أو خطة اجتماعية أو تنموية إنسانية.
والفقر يؤثر على عقول وأجساد ونفسيات البشر، مادياً وروحياً ووجدانياً، وهو استلاب لمنظومة حقوق الإنسان، إذ لا يمكن مع الفقر والفاقة الحصول على تعليم مناسب وطبابة مناسبة، على المستوى الفردي أو الجماعي، كما لا يمكن الحديث عن التنمية مع وجود واستمرار الفقر، ولا يمكن قهر الطبيعة مع الفقر والقضاء على الأوبئة والتصحّر والأمراض المستعصية، وكذلك لا يمكن استثمار الموارد البشرية والطبيعية لمواجهة الكوارث باستمرار الفقر.
يعيش في عالمنا أكثر من مليار و200 مليون إنسان تحت خط الفقر، ولا تزيد نسبة رواتبهم عن دولار واحد في اليوم، ولا يستطيع هؤلاء التعساء سد قوتهم اليومي وتلبية حاجاتهم الأساسية، فكيف والحالة هذه الحديث عن تنمية شاملة ومستدامة، فضلاً عن سلام واستقرار؟ كيف يمكن استبعاد ملايين الناس من المشاركة والتعليم وتلقي العلاج والحصول على عمل مناسب، فضلاً عن قضاء أوقات الفراغ والتمتع بالحقوق الثقافية وبحق الضمان الاجتماعي وحق الحصول على الراحة، في ظل بقاء الفقر مهيمناً بكابوسه على المجتمع ومهدداً بالانفجار.
إن إطلاق مبادرة لجنة التمكين القانوني ضد الفقر مناسبة مهمة للبحث في جداول عمل ومنهجيات وآليات لتنفيذ خطط سريعة ومناسبة للحد من هذه الظاهرة اللاإنسانية، وصولاً إلى الحق في العمل وحق التطبيب وحق التعليم والحصول على المعارف وبالتالي الحق في العدل، سواءً في دول اليُسر أو دول العُسر، لا فرق، طالما بقي التفاوت مثل القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار في أية لحظة.
وهنا لا بد من بيئة تشريعية مناسبة وتشريعات عادلة، كما هو بحاجة إلى بيئة تعليمية مناسبة ورفع التمييز وتقديم فرص التعليم المجاني ومساعدة الفقراء وابتكار وسائل جديدة للوصول إلى ذلك، ولعل تجربة ماليزيا أحد النماذج المهمة، على هذا الصعيد.
كما لا بد من وجود بيئة إعلامية مهنية للترويج لمكافحة الفقر، وكذلك بيئة مشجعة من طرف المجتمع المدني، تعمل بحرية ومهنية وتكون قوة اقتراح لإصدار قوانين وأنظمة وتعليمات، ومراقبة تنفيذها وتدقيق المناهج التربوية والتعليمية، ومخاطبة الإعلام بما يساعد في تهيئة أجواء فكرية واجتماعية وسياسية مقبولة ضد الفقر.
إن التصدي لظاهرة الفقر يعني التصدي لظاهرة العزل أو الإقصاء أو التهميش أو تحت أي من مسمياته، وسيكون ذلك خطوة مهمة لاحترام حقوق الإنسان وتعزيز خطط الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري، بشفافية عالية وصولاً للحكم الصالح، فالكفاح ضد الفقر ومن أجل التمكين القانوني، سيلقى صداه في السعي لتحقيق الديمقراطية، خصوصاً في أجواء الحريات وتداول السلطة سلمياً بانتخابات دورية وفي ظل سيادة القانون وحق التعبير وتدفق المعلومات والمساءلة والشفافية.
ولعل تقليص ظاهرة الفقر سيؤثر اجتماعياً على تقليص حالات الجريمة المنظمة وأعمال الإرهاب واستخدام المخدرات وحالات الانتحار وغيرها، كما أن أية إصلاحات بخصوص الحد من ظاهرة الفقر، ستؤثر على المرأة إيجاباً، فهي المتضرر الأكبر من استمرار هذه الظاهرة، وكذلك الأطفال الذين تصيبهم هذه الظاهرة بالعمق، فيضطرون إلى النزول إلى سوق العمل بوقت مبكر دون السن القانونية أو التسرّب من الدراسة أو الأمية أساساً، ناهيكم عن تهيئة بيئة خصبة للإرهاب، الأمر الذي بحاجة إلى تضافر جهود محلية ودولية، لاسيَّما للمنظمات والهيئات الدولية، فإضافة إلى الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، لا بدّ من مساهمة البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة ومفوضية شؤون اللاجئين واتحادات العمل والعمال والنقابات والاتحادات المهنية.
ويصبح الحديث عن مبادرة التمكين القانوني ضرورياً، بل لا غنى عنها، خصوصاً إذا ما عرفنا أن نحو 4 مليارات إنسان محرومون اليوم من فرصة تحسين ظروفهم المعيشية والخروج من غلواء الفقر (دون خطه أو فوقه)، وذلك لأنهم يفتقرون إلى الحقوق وإلى أوجه الحماية المناسبة التي يوفّرها القانون.
إن العديد من القوانين والمؤسسات والسياسات الحاكمة على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي (بحكم عوامل الهيمنة الدولية الاحتكارية الرأسمالية) هي التي تحول دون حصول قسم كبير من المجتمع على فرصة المشاركة، ولعل قواعد اللعبة بين الحاكم والمحكوم والعلاقات الدولية غير عادلة، الأمر الذي سيكون مرفوضاً أخلاقياً، لأنه يشكل عائقاً جدياً أمام التنمية، وقد يؤدي إلى تقويض الاستقرار والأمن ويشجع على الإرهاب والعنف وسياسات التطرف والتعصب، في كل بلد نامٍ وعلى الصعيد العالمي أيضاً.
لا بدّ إذاً من «قانون في خدمة الجميع»، وهو ما تركز عليه «لجنة التمكين القانوني» المؤلفة من 25 شخصية دولية على مستوى رفيع، حيث سيكون جزءاً من عملية تغيير منهجية تخدم الفقراء من خلال القانون والخدمات القانونية لحمايتهم والدفاع عن حقوقهم والارتقاء بأدائهم الاقتصادي بصفتهم مواطنين لا «أُجراء» لهم حقوق أولاً مثلما لهم واجبات، ولعل أهم هذه الحقوق هو حق الحياة وعدم الخوف والعيش بسلام وحق التعبير والحق في محاكمة عادلة والحق في عدم التعرّض للتعذيب، والحق في حياة كريمة، تضمن حماية وفي الوقت نفسه رعاية ذات أبعاد إنسانية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والتربية.. لا حقوق دون رقابة
- قرصنة وقانون: أليست كوميديا سوداء؟
- مسيحيو العراق: الجزية أو المجهول!
- الطائفة والطائفية: المواطنة والهوية!!
- العروبة والهوية والثقافية
- حكاية تعذيب!
- العروبة والدولة المنشودة!*
- حوار الذات وجدل الآخر
- ضوء على تدريس حقوق الانسان في العراق*
- إسلام واحد وقراءات مختلفة
- العروبة والمواطنة
- المعرفة عنصر أساسي في التعبير عن الهوية
- العروبة والأيديولوجيا
- المفكر عامر عبد الله في ذكراه العاشرة:الجوهر وجدلية الأمل وا ...
- التسامح: مثل الريح الخفيفة التي تسبق المطر!
- الإعلام وحق الحصول على المعرفة
- العراق ومعركة المياه -مصححة-
- حقيقة السجون السرية في العراق
- حلم وردي مرعب!
- الثقافة والشرعية: الوعي الموروث


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - هل تستقيم المواطنة مع الفقر؟!