أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العروبة والأيديولوجيا















المزيد.....

العروبة والأيديولوجيا


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 19:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السؤال الأول الذي قد يتبادر إلى الذهن بعد قراءة العنوان هو: عن أية عروبة نتحدث؟ ثم ما العلاقة بين العروبة والهوية؟ وبالتالي ما العلاقة بين العروبة والمواطنة؟ وأخيراً ما علاقة العروبة بالدولة؟ ولعل هذه الرزمة من المفاهيم المتداخلة والمتفاعلة كانت موضوع مؤتمر فكري مهم دعت إليه الأديبة السورية المعروفة الدكتورة نجاح العطار (نائب الرئيس السوري) شارك فيه نحو 150 مثقفاً وباحثاً ومفكراً وممارساً من البلدان العربية تحت عنوان «العروبة والمستقبل» وقدّمت فيه أبحاث ودراسات ومداخلات رفيعة المستوى عكست التنوع الفكري للمدارس والتيارات السياسية في الوطن العربي، وقد سعت الدكتورة العطار في ورقة الدعوة إلى طرح الإشكالية المعرفية والثقافية، وهو ما أكدته في كلمتها الافتتاحية في المؤتمر، بصيغة سؤال حول العروبة بمعناها الحضاري دون أية محاولة تبشيرية، بقدر حرصها على ملامسة المسألة الفكرية بروح منفتحة وشفافة.
إذا كان المدخل الأساس يشير بطريقة غير مباشرة إلى وجود عروبة متقدمة وأخرى متعثرة أو متخلفة، فإن ذلك سيقودنا بالضرورة إلى البحث في مباني ومعاني التقدم والتخلف وما بينهما. وإذا كان الهدف من السؤال هو الرغبة في تلمّس الطريق الصحيحة، فإن مراجعة التجربة ونقدها سيكونان السبيل الأمثل لتجاوز عناصر الضعف والهزال وتمكين وتعزيز القدرات بما ينسجم مع التطور الدولي.
إن العروبة كرابطة اجتماعية- إنسانية ووجدانية وشعورية، أمرٌ موضوعي، أي أن يكون شعور العربي عربياً والتركي تركياً والفارسي فارسياً والكردي كردياً والروسي روسياً والفرنسي فرنسياً.. وهكذا، ولكنّ هناك سجالاً حول الفكرة القومية، لاسيَّما إذا أردنا نقلها من حيّز الأفكار إلى حيّز الواقع، كما حصل في القرن الـ20 من محاولات لتقليد الفكر القومي الأوروبي، ما حوّل العروبة إلى أيديولوجيا قومية، ما أدّى إلى إحداث نوع من الالتباس والتشوش بالنسبة لانتماء المواطن، وقاد إلى تعميق إحساسه بالتجزئة والانقسام على الذات، أضف إلى ذلك أن تحوّل الفكرة القومية بوصفها «أيديولوجيا» إلى نظام سياسي حمل معه الكثير من مظاهر وممارسات الاستبداد والديكتاتورية والتسلّط، ونجمت عنه ردود فعل لا بخصوص تلك الممارسات حسب، بل إزاء الفكرة القومية العروبية الوجدانية، أحياناً.
كما أدّى التنافس والتناحر غير العقلاني بين أحزاب وأنظمة حملت العروبة عنواناً إلى إضعاف الشعور العام بالانتماء، حتى إن بلدين عربيين يحكمهما حزب يحمل الاسم نفسه ظلّت العلاقات بينهما مقطوعة أكثر من عقدين من الزمان، يضاف إلى ذلك بعض التطبيقات المشوّهة لوحدات قسرية، كما هي محاولة اجتياح النظام العراقي السابق للكويت، الأمر الذي ألحق أضراراً بالغة بالكويت والعراق والأمة العربية وبحلم الوحدة المنشودة؛ ذلك أن الوحدة لا يمكن أن تقوم دون رضا الشعوب العربية المعبّر عنها بصورة شرعية وديمقراطية ولأهداف اجتماعية تحررية.
ولسنوات غير قليلة استخدم كل ما نعنيه أو نقصده بالعروبة باعتباره قومياً، وهو أمرٌ بحاجة إلى توضيح وفكّ اشتباك، فالفكرة القومية كأيديولوجيا شيء، والعروبة كانتماء طبيعي ووجداني شيء آخر.. إن واقع تطور الفكرة العروبية وضع أمامنا طائفة من المتغيرات الجديرة بالدراسة والنقد، لاسيَّما أنه لا يمكن الآن الحديث عن «فكرة عروبية» أو «قومية عربية» من دون الحديث عن عملية انبعاث جديدة لتيار عروبي تقدمي، بجناحين أساسيين، الأول: الإيمان بالديمقراطية السياسية دون لفٍّ أو دوران، والثاني: الإيمان بالعدالة الاجتماعية دون ذرائع أو مبررات. ولا يمكن للتيار العروبي التقدمي أن يحلّق من دون هذين الجناحين؛ إذ إن انكسار أحدهما يقود إمّا إلى الدكتاتورية والاستبداد وإما إلى الاستتباع وقبول الهيمنة، وبالتالي فإن تعطّل أحد الجناحين سيضرّ بالعروبة وبفكرة الوحدة العربية.
كما لا يمكن الحديث عن العروبة دون أخذ مفهوم الحداثة بعين الاعتبار، ولا يمكن أن نتحدث عن دولة عربية منشودة دون الأخذ بفكرة الدولة الديمقراطية المؤسساتية، ولن يتحقق ذلك إلا في ظل سيادة القانون ودولة عصرية قائمة على المواطنة الكاملة وعلى مراعاة شروط المساواة والعدالة والمشاركة. ومثل هذه الحداثة تؤسَس على أربعة أركان هي: المدنية والعلمانية والعقلانية والديمقراطية، التي تشكل محتوى وجوهر أي تغيير اجتماعي، لاسيَّما في إطار دولة دستورية عصرية حداثية.
وإذا كانت الرابطة العروبية قد نشأت وتعمّقت في ظل الشعور بالاستلاب أيام الدولة العثمانية، فإن التعبير عنها سار باتجاهين متباعدين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، خصوصاً في خضم الصراع السياسي، الأول: دعا إلى ضرورة العمل على قيام وحدة عربية فورية شاملة بغضِّ النظر عن سياسات ورغبات الأنظمة. فيما سعى الثاني إلى قيام اتحاد عربي على أساس التقارب السياسي والاجتماعي، لاسيَّما بين الأنظمة، أو إيجاد دولة المركز (القاعدة)، الأساس، التي يمكن أن تلتف حولها دول وأقاليم أخرى، لتشكل دولة الوحدة السياسية والاجتماعية.
للأسف الشديد.. إن العروبة والفكرة الوحدوية تراجعتا بشكل خطير، خصوصاً بعد إحراز الاستقلال وبسبب التطبيقات المشوّهة التي ازدرت الآخر عبر الموقف المتزمت من الأقليات القومية والسلالية واللغوية والدينية، أي: الموقف من التنوّع والتعددية الثقافية.
وقد ظلّت بعض المكوّنات والتنويعات الثقافية أو ما يمكن أن نطلق عليه «الهويات الفرعية» تنظر بعين الريبة وعدم الرضا، ناهيكم عن الشعور بالغبن والاضطهاد اللذين لحقا بها من طرف من كان يدّعي أنه يحكم باسم «العروبة». وقد دفعت بعض السياسات الخاطئة والممارسات السلبية، لاسيَّما ما اتسمت به من كراهية وتمييز واستعلاء، إلى ردود فعل معاكسة صاحبتها نزعات انغلاقية وانعزالية وقصر نظر، تلك التي استثمرتها القوى الخارجية أحسن استثمار، بحيث عمّقت الشعور نحو القطيعة والاحتراب.
ورغم يقيني بأن ليس هنالك ما يجمع بين العروبة والاستبداد أو الممارسات التسلطية القمعية وانتهاك حقوق الإنسان، فإنني أرى أنه من الضرورة بمكان تعزيز الأخوة وتعميقها بين الأديان والأعراق (الملل والنِحل) التي تعيش في دولنا وأوطاننا (مسلمون ومسيحيون وديانات أخرى) و(عرب وأكراد وتركمان وأمازيع ومكوّنات أخرى)، والاعتراف بالتنوّع الثقافي والهويات الفرعية، ما يساعد في إبراز الجانب الإنساني للعروبة، ويقلّص النزعات الانعزالية والانفصالية التي تظهر في صفوف ما نطلق عليه مصطلح «الأقليات»، حسب إعلان الأمم المتحدة حول حقوق الأقليات للعام 1992، وذلك تأكيداً على أهمية اتباع الأساليب والآليات الديمقراطية في بناء مؤسسات الدولة المنشودة ومشاركة كل الأطراف المكونة للنسيج الوطني فيها بكل تنويعاته الثقافية، وذلك لإيماني بأن الديمقراطية تقع في صلب المشروع النهضوي العروبي العقلاني العلماني الحداثي، العابر للطوائف والإثنيات، والمستند إلى حق الاعتقاد وحق التعبير وحق التنظيم وحق المشاركة، أي: قبول التنوّع والتعددية، وهذا ما سيمنح التيار العروبي أفقاً جديداً. وكلما اكتسب الفكر القومي العربي بُعداً ديمقراطياً، تعزز بُعده الاجتماعي، مكوناً هوية جامعة موحدة بعيدةً عن أساليب التسلط والاستعلاء أو عدم الاعتراف بالآخر.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفكر عامر عبد الله في ذكراه العاشرة:الجوهر وجدلية الأمل وا ...
- التسامح: مثل الريح الخفيفة التي تسبق المطر!
- الإعلام وحق الحصول على المعرفة
- العراق ومعركة المياه -مصححة-
- حقيقة السجون السرية في العراق
- حلم وردي مرعب!
- الثقافة والشرعية: الوعي الموروث
- ثقافة التغيير وتغيير الثقافة
- الجواهري وسعد صالح: صديقان وثالثهما الشعر!
- العراق بعد لبنان: تجربة الحكم التوافقي-
- الوصل والفصل بين العالمية والخصوصية
- أرمينيا وسيمفونية المبارز!
- كاظم حبيب: النقد الشجاع والاختلاف الجميل*
- العالم الثالث وسلة المهملات
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (24) ملكوت السماء وملكوت الأرض
- فضاء الثقافة القانونية وحكم القانون
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (23) الاشتراكية والإيمان الديني
- الشراكة والتنمية
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (22) كاسترو والدين
- موسم القمة العربية والخيار العسير


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العروبة والأيديولوجيا