أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رزاق عبود - البصرة بعد 32 عاما! صورة الماضي الجميل، وواقع الخراب المريع!














المزيد.....

البصرة بعد 32 عاما! صورة الماضي الجميل، وواقع الخراب المريع!


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3045 - 2010 / 6 / 26 - 04:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


البصرة بعد 32 عاما....
صورة الماضي الجميل، وواقع الخراب المريع! (1)

حطت الطائرة القادمة من دبي على ارض البصرة الفيحاء. مطار اشبه بمعسكر. بعد اجراءات بيروقرطية عادية اكثر تخلفا مما تركتها. استقبلني جنود المحتل بابتسامة ساخرة، وحركات توحي: نحن اسياد البلد!اخذوا صورة لعيوني وكانني ارهابي مشتبه به. اسلوب التسلط، والتعالي يجعلك تشعر بالاهانة في بيتك. لقد اقسمت ان لا ازور البصرة، وفيها جندي محتل واحد، اما ان يستقبلني جنوده بهذه الطريقة الاستفزازية فامر خدعني به من اقنعني بالزيارة، وباني لن ارى أي مظهر للاحتلال. زيادة في الاستفزاز او تباه مج قال الجندي الامريكي بلكنة: شكرا! لم اتحمل ان يعتبر نفسه في ارضه فاجبت بردة فعل تلقائية ضد احتلال بصرتي، واستلاب لغتي: Thanks

تكحلت عيني بعد غربة طويلة بصبخة ارض عطشى على امتداد النظر، وكانني اسير في صحراء قاحلة. لم المح حتى ولا شبح نخلة. رمز البصرة، وعلامتها المميزة، وسر جمالها. سارت بنا السيارة الخاصة الى خارج المطار. مطار البصرة ليس مثل مطارات العالم. من يستقبلك، او يودعك يقف على مسافة الكيلومترات من اسوار المطار(المعسكر). جمع المستقبلين وجوه كالحة، مغبرة، متعبة تبدو اكبر من اعمارها بكثير. سنوات القهر، والحروب، والحصار، والاقتتال الطائفي تركت اثارها. عيون قلقة خائفة، ونفوس مرتعبة متوجسة، واجساد هدها الحزن، والالم، وايدي كانها حبال تسحب الاعباء. الدموع انحبست، العبرات جافة، قاسية تخنق الانفاس، وتكدر فرحة اللقاء. أي امتياز نتمتع به خارج الوطن، واي ثمن دفعه هؤلاء الذين اختاروا، او اضطروا، ان يتحملوا البقاء داخل الوطن؟!

أين النخيل؟! سألت تلقائيا! بل قل اين البشر! جائني الرد المفجوع بسرعة! صمت، فهمت ان كل تعليق قد يثير الهموم، واللواعج. شمس البصرة اللاهبة تحرق الابدان، وتحول خضرة الزرع الى صفار باهت. شعرت انني في جنازة مدينة، وليس في زيارتها. ليس هناك ما يشبه ما تركته الشوارع، والبيوت لم تعد كما كانت. حتى الاسماء تغيرت، وتبدلت، وتحورت. طريقة التحية، اسلوب الاستقبال. المصافحة مع القريبات، او الجارات، وحتى الرفيقات، والزميلات السابقات لم تعد ممكنه. ارتطمت بجدار تحفظي رهيب. كأن الطاعون الذي اصاب المدينة في القرون الوسطى عاد من جديد، فصار الناس يحذرون من مصافحة الغريب، او المسافر، او الزائر. كيف اشعر بحرارة اللقاء، وصدق المشاعراذا لم احتضن من احبني، واحببته، من رافق نموي، وشهد نشأتي؟ من حملني الشوق الى العوده للقائه! كل شئ غريب حتى اهلي!

اذن، انا لم اعد من غربة، بل جئت الى غربة رهيبة قاسية.عبرت حاجز الزمن الى قرون الوراء المتخلفة حيث الحذر، والخوف، والريبة. كأن الطائرة، التي اقلتني الى بصرتي، ماكنة زمن خيالية عادت بي الف سنة الى الوراء. وليتها فعلت لكنت التقيت الفارابي، والفراهيدي، والدوؤلي، والجاحظ، واخوان الصفا. فكثير من الذين التقيهم لم يسمعوا بسعدي يوسف ولا يعرفون من هو السياب رغم انتصاب تمثاله في اشهر شوارع البصرة. علق احدهم على دهشتي: لو كان من البرونز او النحاس لما بقي في مكانه. لكان قد بيع خردة في اسواق السكراب. نصب اسد بابل لم يعد على حاله حتى اتجاهه تغير. وضح مرافقي انه ليس نفس الاسد الذي عهدته، فهذا نصب اخر. بعض المتحجرين ارادوا ان يزايدوا على طالبان افغانستان فهدموه، مثلما هدم اشقائهم في التخلف اكبر تماثيل بوذا، واشهرها فخسر العالم رمزا حضاريا تاريخيا. وفقد الاسلام ادعاء التسامح الى الابد، مثلما خسرت انت صورتك الجميلة عن البصرة!

سارت السيارة الانيقة الجديدة بين خرائب المدينة العتيقة، وشوارعها المحفرة، والاوساخ المنتشرة في كل مكان. بين الاف الكلاب، والقطط السائبة، وروائح الجيف، والمزابل المتعفنة. "طسات، وطسات، وطسات". لولا المقاعد المريحة للسيارة الفاخرة لتقيئت فطور الطائرة الروسية البائس. من الدقائق الاولى شممت رائحة(خيسة) الفساد الاداري. المافيا الروسية دفعت لكي يسمح لطياراتها المتهالكة فقط ان تحط في البصرة، وربما في مطارات العراق الاخرى. طائرات من السنوات الاولى للقرن الماضي تنقلك الى اغنى بلد في العالم.

للحديث صلة....

رزاق عبود
24/5/2010



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمن صوت الشعب العراقي؟ ولماذا يعاقب على تصويته؟؟!
- فاجعة احمد مزبان... مصيبة صديق، ام مأساة وطن؟؟!
- محرقة المسيحيين في العراق! متى تتوقف؟؟!!
- 7 اذار انتخابات 8 اذار نساء معذبات
- عاهرة -الثورات- تلوث شوارع البصرة
- مسيحيو الموصل احق بالموصل، كل الموصل، من غيرهم
- اذا حكمت العمامة قامت القيامة (1)
- وداد سالم، واديب القليچي نجمان ساطعان في عالم النسيان
- اطفال ابو الخصيب في ضواحي ستوكهولم
- النبي الاثول
- برلمان الجوازات الديبلوماسية يمنح الفوضى والارهاب في العراق ...
- صداميون يتحدثون باسم الاكراد
- التيار الديمقراطي والاعصار الاسلامي القومي
- ابو اسراء خلصنا من هؤلاء العملاء
- من دولة ائتلاف القانون الى امارة التحاف الذقون
- هل حقا لا يعرف الصديق جاسم الحلفي من قتل وغيّب رفاقه؟!
- الكراسي الذهبية للوزراء وحال العراقيين الفقراء
- كيف تغرب يا ابو شروق؟؟!
- هم سادة وهم حرامية وهم عيونهم وكحة!
- اشرب ماي والعن خامنئي!


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رزاق عبود - البصرة بعد 32 عاما! صورة الماضي الجميل، وواقع الخراب المريع!