|
طباخ الحاره
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 19 - 23:59
المحور:
كتابات ساخرة
تصدير: قال رجل لبرناردشو : اليس الطباخ انفع للأمة من الشاعر أو الأديب ؟؟
فقال: الكلاب تعتقد ذلك ..!!
يوجد في كل شارع وفي كل حارة صاحب بقالة لبيع الخضروات الطازجة وفي حارتنا (أبو زياد) لبيع الخضروات اليومية وأيضاً هو مرصد إخباري يعلم عن كل شاردةٍ وواردة ولا يفوته أي خبر من أخبار الحارة وهو يمتاز عن الصحفيين بأنه لا يذهب لتلقي الأخبار بل تأتيه إلى باب بقالته جاهزة مصورة ومعها سيناريوهات جاهزة أي أنه بطبيعته صحيفة أخبار وكل نسوان أو نساء الحارة يذهبن إليه صباحا لشراء الخضروات والنساء وأنواع ما يشترينه هن المادة الأساسية التي يأخذ منها مصادره الاخبارية ,وصاحب هذه البقالة يختلفُ عن أي صاحب بقالة أخرى فله مزاجه الخاص في احضار الخضروات من الحسبة المركزية فهو لايحضر إلى بقالته كل أنواع الخضروات كباقي أصحاب المحلات فهو إن اشتهى أن يأكل اليوم الملوخية يحضرها ولا يحضر مثلاً معها البطاطة لأن نفسه ومعدته ومزاجه هذا اليوم غير مستعدة لأكل البطاطة (البطاطس) وأمي وكل نسوان الحارة يلتزمن بالذي يحضره ويطبخن ما يحضره , وبعدين هذا الرجل خبير في الفوائد الغذائية وله قاموسه الطبي الخاص به فهو إن أحضر الباميا فإنه يعطيك درساً عن فوائد الباميا ومضار الباذنجان وإذا أحضر الباذنجان يخبرك عن فوائد الباذنجان وينكر أنه قال ليلة الأمس كلاما ليس لائقاً بحق الباذنجان وكذلك له خبرات واسعة في علم الاجتماع في حارتنا فهو خبير بما يأكله الناس وبشربهم ويستطيع أن يخبرك عن أي ضيف قادم للحارة ومن هو المسافر ومن هو القادم ومن هو المريض ومن هو المتعافي وأي خبر في الحارة والحارات المجاورة تجده عنده ذلك أن كل نساء الحارة بما فيهن أمي يلتقين عنده كل صباح ويثرثرن عن أولادهن وأنا مثلاً دائماً بحكيلي عني شو عملت وشو سويت , وإذا غضبَ من أحدٍ في حارتنا بفش غله في كل الحاره وبقطعهم من الخُضار ويجبرنا على أكل الطبيخ البايت في الثلاجة منذ يوم أو يومين , وأحيانا يكون زعلان من حاله مش من حدى ثاني ومع ذلك احنا اللي بنوكل هوى وبحرمنا من أكل الطبيخ الطازج ,ولديه خبرة بملفاتنا الطبية فهو خبير بأمراضنا ومواجعنا فهو يعرف ما يناسب معدتي وما لا يناسبها من أطعمة وأغذية فإن سألته عن صحة فلان من الناس يخبرك فورا إن كان معه مثلاً مرض السكري أو زيادة الكلسترول السيئ ,وإن سألته عن فلان يقول لك بأن معدته قوية ويستطيع أكل الحجارة وعن فلان بأن كل شيئ يؤلم معدته , ومع ذلك لا يطعمنا إلا على مزاجه الخاص فله مزاجٌ خاص بالأكل وبالشرب .
وأنواع الفواكه التي لا يحبها من المستحيل أن يحضرها لبقالته حتى وإن كان عليها طلباً كبيرا وذات مرة من المرات أحضر تمراً وقال هذا التمر كان النوع المفضل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فباعه كله في غضون دقائق ,وذكرني بشخصية (عوده) الذي كان يبيع زيت القديسة في رواية السلطانة للأديب الأردني الكبير تيسير سبول , فقلتُ في نفسي : جيد ومنيح إنه الرسول ما كانش يعرف الملوخية أو الكزبره أو الليمون والله لو كان يعرفهن غير يجننا فيهن..حكمتك يا رب .. , ويعرف النساء الحوامل وغير الحوامل , وهو ليس جاسوسا ولكن من خلال ثرثرة النساء عن طلباتهن وطلبات أولادهن وأزواجهن يعرف كل شيء عن أهل حارتنا , واليوم أنا مثلاً اشتهيت أكلة (البطاطس ) فقلتُ لأمي : -ها شو بدكوا اليوم تطبخولنا.
- والله يا إمي ما بعرف شو أبو زياد جايب خُضره!. -كيف مش عارفه ؟.
-مش عارفه هسع بطلع على الحاره وبشوف شو جايب.
-طيب افرض إنه مش جايب بطاطس(بطاطه) ؟.
-بعرفش هسع بطلع وبشوف شو جايب.
-كيف يعني إذا إنه مش جايب بطاطه خلص يعني ..هو ألله ما خلقش بيّاع ثاني غيره.؟أي هو الثاني بده يستعمرنا ..أي أنا كل العالم مستعمريتني حتى صاحب البقالة !.
-أصبر يا (ميمتي) إشويه خليني أطلع وشوف شو جايب.
-أحكيلك شغله؟.
-آه احكي.
-أنا بدي أطلع وأشوف شو جايب وبدي أعرف شو آخرتها مع اللي جابه على حارتنا ؟وإذا ما لقيتش عنده بطاطه بدي أروح على واحد ثاني وأشتري من عنده.
-ماشي يا ميمتي اللي بريحك ساويه.
وخرجت إلى الشارع حتى وقفت على باب محله:
-مرحبا يا حج.
-هلا ..هلا بنوارة الحارة أبو علي بيك.
-بلا بيك بلا بطيخ اصفر شو عندك اليوم خُضره.
-والله اليوم أجا على بالي أكلة باذنجان أسود مثل العسل , ومعدتي أوجعتني من أكل الحار والأشياء الحاره وهذول كل نسوان الحاره إشترن من عندي خذلك بكسة باذنجان بالسعر اللي بريحك حتى أقلك خذها يا أبو علي براس مالها .
- امممم بدي أقول رائحة الزيت منتشره بالحارة والتبولة ..ابتعرف يا رجل انك أخطر من الاستعمار ..؟ أي والله الاستعمار ما كانش يتحكم بأكلنا وشربنا لهذه الدرجه ..بس أنا اليوم مش جاي على بالي البيتنجان (الباذنجان) أنا طالع على بالي آكل بطاطس(بطاطه).
-والله زي ما اتقول أجيت اليوم اشتري بطاطس بس اتصلت بي أم (تامر) وأنا في الحسبه وسألتني عن البيت إنجان(الباذنجان) فقلت خليني لعاد أشتري الباذنجان.
-انت قصدك مش أم تامر إنت قصدك زوجتك أم زياد أي هو أنا بدي آكل على مزاجها !!يعني أنا شو دخلني بأكل دارك ؟ أم زياد ابتلبس على ذوق الناس وبتاكل على ذوقها , وأنا بالعكس باكل وبلبس على ذوقي.
-ما هي امبارح غسلت كل فراش (إفراش) الدار وكانت تعبانه كمان ...غسلنا عشانها المي (الماء) أجت بالحنفية ..إلخ.
-شو دخل هذا الموضوع في أكلنا؟
-ما هي تعبانه ومش قادرة تطبخ محاشي عشان هيك قلنا الباذنجان أسهل للطبخ.
-هذا انت يا زلمه خبير في أكل الحارة وشربهم ولبسهم.
-طبعاً وبعرف كل وحده شو بتحب توكل وتشرب ومين أجاهم ضيوف ومين في عندهم مشاكل , أنا عاجن الحارة وخابزها .
-طيب يا رجل شو طابخه (أم فردوس)؟
-أم فردوس مش فاضيه للطبخ بنتها قامت بالسلامه وولدت توأم وراحت على عمان عليها . -طيب كيف إعرفت؟ -ما هي امبارح بالليل أجت لعندي وطلبت فواكه عشان توخذهن معاها على عمان عند بنتها .
-طيب وأم ماجد, شو طابخه؟.
-أم ماجد الله يعينها زحلقت عن الدرج وانكسرت اجرها .
-له له ..والله يا رجل ما بدري؟
-يا سيدي اعتبر نفسك من الآن وصاعدا ابتدري عنها .
-طيب شو طبخنا إحنا يوم الجمعه الماضي؟ هذا سئوال صعب.
- لا صعب ولا أنتوا طبختوا منسف . -فعلاً إنك داهيه أي صدقني لو سألتني شو إتعشيت إمبارح ما بعرف فكيف إنت بتعرف عن قبل أسبوع. -خبره يا أبو علي ..أنا خبره.
-طيب يا رجل انت ليش مش جايب بطاطه؟والله نفسي في قلاية بطاطه مع إفليفله حاره .
- لفليفله الحاره زمان بطلت أجيبها ابتوجع معدتي .
-يا زلمه بعدين مع سماك ..أنا شو دخلني بمعدتك ؟
-وكمان امبارح أكلت بطاطه .
-طيب أنا شو دخلني فيك أنا جاي على بالي بطاطه.
-ابتعرف يا أبو علي إنها البطاطه بتنصحك وبتزيد وزنك .؟.
-على إحساب ! كانت الأسبوع الماضي مهمة جدا ومصدر غني بالكيبروهيدارت؟
-لا اتردش هذا كلام جرايد .
- والله يا رجل انت والتلفزيون حيرتوني بإعلامكم : لا تاكلوش كذا ولا كذا ..وهذاك بسبب السرطان ..وهذاك بعمل سكري , وماء (ميّة) الحكومه فيها نسبة رصاص زائده ..لا تاكلوش كذا ..لعاد احكيلي شو ناكل والله يا رجل إني ماكل هوى بسببك وبسبب الاعلام.
-بدك الصحيح يا باشا ؟
-لا باشا ولا إشي قول عني يا زفت ..خلّصني يا رجل شوفلي حبتين بطاطس عندك. -إذا بدك الصحيح والله كله مضر على الصحه.
-يا رجل إذا مثلاً :احنا بدنا نتسمم انت شو دخلك ؟
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة من الأردن
-
تعال
-
الناس السكرانه
-
السعادة السائلة
-
خيانة سحرية
-
بيت خالته
-
بين أسامة بن المنقذ ودون كيشوت
-
بلغوا عني
-
حديث الإفك الثاني
-
نعمة النسيان
-
أنا رجل على البَرَكه
-
الازدواجية أو تجزئة الاسلام
-
اللمسة الذهبية
-
ازدواجية الفكر الاسلامي1
-
الاسلام ضدنا جميعاً
-
فيلسوف من الشرق
-
النزعة المسيحية
-
من المسجد إلى الكنيسة
-
لم أفكر بذلك
-
العنف ضد الآخر
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|