|
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات المصرفية المطلقة السرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3033 - 2010 / 6 / 13 - 13:09
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لو أردت أن أستكمل المثل الشهير : المال السائب يعلم السرقة ، لقلت : المال السائب يعلم السرقة ، و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة . معروف للقارئ الكريم كيف يعلم المال الذي بلا رقيب القائمين على إدارته السرقة ، و مالية مصر مال سائب في يد الأسرة الحاكمة الحالية ، تعلمت منه السرقة ، إن لم تكن تعرفها من قبل . أما مغارات اللصوص - و أعني بها الحسابات المصرفية المطلقة السرية - فإنها تشجع على المزيد من السرقة ، لأن السارق يجد مكان آمن يحفظ فيه حصيلة سرقاته ، بما يشجعه على المزيد ، بعد أن علمه أولا المال السائب كيف يسرق . إختفاء الحسابات المصرفية المطلقة السرية لن يعني إختفاء سرقة الشعوب ، و لكنها بالتأكيد ستقل بدرجة كبيرة لأن البدائل ، أو الخيارات ، التي ستكون أمام ناهبي الشعوب ، ستكون إما أقل أمنا ، أو أكثر علانية ، أو كلاهما معا . البديل ، أو الخيار ، الأول : هو حفظ تلك الأموال في صورة سائلة ، أو بوضعها في إستثمارات متنوعة ، عقارية ، أو تجارية ، أو إنتاجية ، بداخل البلاد التي نهبت منها . هذا الخيار و إن كان أقل في العلانية ، نظرا لأن أنظمة الحكم اللصوصية دائما ما تكون إستبدادية ، و تتحكم بدرجة كبيرة ، إن لم تكن مطلقة ، في الإعلام المحلي بها ، كما أن تلك الأنظمة غالبا ما تستخدم أشخاص ، يظهرون ككبار رجال أعمال ، تتخفى ورائهم ، إلا أنه غير آمن ، و ذلك عندما تتعرض تلك الأنظمة للخطر ، حيث يصعب نقل تلال الأموال السائلة معها أثناء فرارها ، أو بيع الممتلكات العقارية ، أو تصفية الشركات القائمة ، بسرعة عندما يلوح الخطر . الخيار الثاني الذي سيكون أمام الأنظمة اللصوصية ، في حال إختفاء الحسابات المصرفية المطلقة السرية ، هو حفظ الأموال في صورة سائلة بمصارف الخارج ، أو بوضعها كذلك في إستثمارات خارجية متنوعة . هذا الخيار أكثر علانية ، لأن في الدول الغربية الإعلام أكثر حرية ، و من السهل الكشف عن الأسهم التي يملكها أي طاغية في أي شركة كبرى ، و تتبع من يقف وراء أي صندوق مالي إستثماري ، أو الإعلان عن مساحة الأراضي التي إشتراها أحد الطغاة في منطقة ما بتلك الدول ، كما يمكن تسرب حجم الأموال المودعة في أي حساب مصرفي عادي . كذلك فإن ذلك الخيار أقل أمنا بالنسبة للطغاة اللصوص ، لأن سيكون من السهل على أي شعب إسترد كرامته ، و حريته ، تتبع ثروات طغاته السابقين ، و أسرهم ، و أركان أنظمتهم ، لإسترداد دمائه الممصوصة . مما سبق يتضح إن إغلاق قناة الحسابات المصرفية المطلقة السرية ، التي تسير فيها أغلب الأموال المنهوبة من الشعوب ، سيقلل من السرقة ، لأن الطغاة ، و أفراد أسرهم ، و أعوانهم ، سيجدون إنه كلما زادت ثرواتهم ، إزداد إفتضاح أمرهم ، و زادت بالتالي درجة تهدد أنظمتهم . لا أريد أن يفهم مما تقدم إنني ضد نظام الإقتصاد الحر ، أو التجارة الحرة ، و أنفي ذلك الإتهام ، لأنه أصبح من عادة النظام الإستبدادي الحاكم في مصر أن يتهم كل من يدين الفساد ، أو يهاجم تلك العرائس الخشبية ، أو الأرجوزات ، الذين تتخفي الأسرة الحاكمة ورائهم - فالأسرة الحاكمة واعية ، و لا تضع البيض كله في سلة واحدة - بإنه ضد نظام الإقتصاد الحر ، بعد أن نصب جيمي مبارك نفسه كمدافع وحيد عن نظام السوق الحر . موقفي الشخصي من إقتصاد السوق الحر ، و التجارة الحرة ، علني ، و واضح ، يوجد في تعريفي الشخصي المنشور ، و في الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر ، و الذي أنتمي إليه ، و في العديد من مقالاتي ، بدون أن أغفل دور الدولة في بعض المجالات ، كالصحة ، و التعليم ، و التأمينات الإجتماعية . بل إن مطالبتي بالقضاء على الحسابات المصرفية المطلقة السرية ، التي أصبحت مغارات للصوص ، تُحفظ فيها دماء شعوب العالم الثالث ، و منها مصر ، يقع ضمن دفاعي عن نظام السوق الحر ، لأن أول مبادئ نظام السوق الحر ، هو الشفافية ، التي هي نقيض الفساد ، و اللصوصية ، و الإحتكار ، و كل القائمة السيئة المعروفة ، التي تضر بالسوق الحر . في عجالة سأعطي مثالين يؤكدان على موقفي هذا . أولاً : ضغوط الولايات المتحدة الأمريكية ، في عهد إدارة أوباما ، على المصارف السويسرية ذات الحسابات السرية ، بسبب إنها أصبحت مستقر لأموال التهرب من الضرائب . ثانيا : ما حدث منذ أعوام قليلة في ألمانيا ، حين نجحت السلطات الألمانية في الحصول على قائمة بأسماء مودعين ألمان متهربين من الضرائب في أحد مصارف الحسابات المصرفية المطلقة السرية ، بإمارة أوروبية صغيرة . لا أعتقد إنه يمكن لعاقل أن يتهم الولايات المتحدة الأمريكية ، أو ألمانيا ، بإنهما ضد إقتصاد السوق الحر ، أو ضد التجارة الحرة . القضاء على الحسابات المصرفية المطلقة السرية ، على مستوى العالم ، ضروري لصحة الإقتصاد العالمي ، و للأمن العالمي ، و لن يكون ذلك إلا عن طريق موقف دولي ، تقوم به منظمات دولية قوية ، قادرة على فرض الشفافية ، التي هي أحد أهم أعمدة الإقتصاد الحر ، و أعتقد أن هذا الدور منوط بمنظمة الأمم المتحدة ، و المنظمات المختصة المنبثقة عنها ، و كذلك المنظمات الإقليمية القوية ، مثل الإتحاد الأوروبي ، الذي يملك وسائل ضغط على دول أخرى ليست عضوة به . لكن تلك المنظمات لن تتحرك بدون ضغط الرأي العام العالمي .
13-06-2010
ملحوظة دائمة : أرجو من القارئ الكريم تجاهل أي تلاعب أمني صبياني في المقالات ، ذلك التلاعب الذي يشمل تغيير طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة .
بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
-
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
-
عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
-
هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
-
في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم
-
المشكلة في البوصلة السياسية الإيرانية ، و ليست القنبلة
-
علينا إعداد العدة لإحتجاجات ما بعد إنتخابات 2011
-
كترمايا جاءت لجمال مبارك على الطبطاب
-
السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب
-
للإخوان : هناك ما هو أكبر من غزة
-
ما الذي يدفعهم للإخلاص لأوباما ، بعد أن طعنوا كلينتون في ظهر
...
-
الخدمة العسكرية الإلزامية ، هذه سياستنا
-
أغبياء ، لا يعلمون على من ستدور الدوائر
-
لا حصانة لدبلوماسي في وطنه
-
لا تطلق النار ، الدرس القرغيزي الثاني
-
نريدها كالقرغيزية
-
ليس من مصلحتنا تجاهل ذلك العلم
المزيد.....
-
روسيا.. ارتفاع الإيرادات يخفض عجز الميزانية
-
يبحثون عن الآمان.. طوفان الأقصى يرفع أسعار عقارات المستوطنين
...
-
بعد تلكؤ شركات أجنبية.. العراق يطلق مشروعا سيوفر نحو 350 ملي
...
-
-الكهرباء في مصر كادت تنقطع 4 ساعات-.. تفاصيل اجتماع هام للح
...
-
مصر.. تراجع في نسب التضخم
-
بالخطوات.. طريقة تجديد البطاقة الذهبية في الجزائر 2024 والشر
...
-
انخفاض الإنتاج الصناعي في السعودية بسبب -التعدين-
-
حزب الجمهوريون الفرنسي: -الماكرونية- تعني المزيد من الضرائب
...
-
الكويت توقع قرضا رابعا لتطوير شبكة الكهرباء بالبحرين
-
بيانات الوظائف الأميركية تنعش الدولار وتثقل كاهل النفط
المزيد.....
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|