أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - الرئيس جلال الطالباني ليس بمنأى عن غبار الديمقراطية ..!















المزيد.....

الرئيس جلال الطالباني ليس بمنأى عن غبار الديمقراطية ..!


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 15:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أتحدث اليوم عن مشكلة من مشاكل الظلم الفادح المنتشرة على كل المستويات في واقع المجتمع العراقي ، بل أتحدث عن (مشكلة) تتعلق بفهم النخبة العراقية الحاكمة في العراق عن معنى الديمقراطية ، وهو المعنى الذي كانت النخب العراقية تبشر به وتناضل من اجله منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية على وجه الخصوص والتحديد . ربما كان الرئيس جلال الطالباني يبدو في نظر الكثير من الصحفيين العرب بأنه يملك كل معلومة عن الديمقراطية وانه كرئيس قادر على فعل كل شيء من اجل ترسيخ الديمقراطية في العراق المعاصر لأنه واكب نضال الشعب العراقي في سبيل الديمقراطية منذ أكثر من ستين عاما .
احد الكتاب الصحفيين العرب وهو الآن رئيس تحرير صحيفة عربية كبرى (الحياة اللندنية) السيد غسان شربل وهو صاحب كلمة مهمة في العمل الصحفي العربي كله ، توجه نحو اللقاء مع الرئيس الطالباني في محاولة منه لكشف روح الديمقراطية العراقية ، التي طالب بها العراقيون جميعا لاعادة الإنسان العراقي إلى أدميته بعد أربع عقود بعثية من التحجر والاضطهاد .
ثمة مناقشة طويلة أجراها غسان شربل مع الطالباني نشرتها جريدة الحياة يوم 29 – 5 – 2010 عن الوضع العراقي وعن أحداثه العنيفة وعن الوعي الحكومي المفترض أنه يحمل نوعا ذا قيمة عملية في صياغة مستقبل جديد للشعب العراقي.
أقول أولا أن لدى الطرفين الطالباني وغسان شربل خلفية سياسية واسعة ومهارة كبيرة في العمل الصحفي ، لذلك تشاركا وقتيا ، معا ، وبمهارة ، كانت نتيجتها نظرة عامة جوهرية وحساسة إلى الإشكالية العراقية الحالية . جرى بينهما حديث مطول عن الأمور الدستورية والفكرية والسياسية ، التي بإمكان الدستور نفسه معالجة أي خلل سياسي أو أي تصدع في هيكل الدولة .
ليس لي أي نية في مناقشة ما ورد في تلك المقابلة الصحافية لكنني التقطت من بعض كلام الرئيس جلال الطالباني ما استوقفني حين قال بالحرف الواحد :( أعتقد بأن أسوأ ديموقراطية أحسن من أفضل ديكتاتورية في العالم ..) .
بدا لي هذا القول ، كما لغيري ، للحظة واحدة ، انه قول صحيح لا شائبة فيه ..! لكن أليس في هذا القول إجحاف المقارنة بين (أسوأ ديمقراطية) وبين (أفضل دكتاتورية) ..؟ ترى هل تنقسم الديمقراطية إلى نوعين سيئة وأسوأ ..؟ ترى هل هناك دكتاتورية فضلى ..؟ هل الجوع الذي يشتد بالناس العراقيين الفقراء هو ضمن تصنيف (الديمقراطية السيئة) ..؟ هل مئات الآلاف من الناس العراقيين الذين اخرجوا من ديارهم كرها ومن منازلهم عنوة يدخلون ضمن تصنيف ( أسوأ الديمقراطية) ..؟ هل المعاناة من النقص الحاد في خدمات الماء والكهرباء والنقل والنظافة هو من علامات الديمقراطية السيئة ..؟ هل الفساد المالي الكريه المنتشر من أعلى الدولة إلى أدناها هي من علامات الديمقراطية السيئة ..؟ هل أن حالة التوتر المروع في الشارع العراقي بسبب تفشي التكفير والتفجير هو من مشاهد الديمقراطية الأسوأ ..؟
كثيرة هي الأسئلة التي يواجهها المواطن العراقي عن ماهية (الديمقراطية) التي بشر بها الدستور الطائفي ، الذي كــُتبت بنوده من دون مشاركة جميع المهتمين والمثقفين العراقيين والأكاديميين من رجال القانون والفلسفة والرواية والقصة والنقد الأدبي والمسرح والصحافة والاقتصاد والعلوم وغيرهم من أصحاب التجارب السياسية الاستثنائية التي عاشوها في العراق و الذي اقر عام 2005 حيث ظل الدستوريون العراقيون ، اليمينيون واليساريون ، بما فيهم السيد نوري المالكي رئيس الوزراء يطالبون بإجراء تعديلات ضرورية على عدد غير قليل من بنوده .
لا بد من التأكيد أن الرئيس جلال الطالباني يعرف جيدا تاريخ الديمقراطية والديمقراطيين منذ سقوط نظام الدكتاتورية الملكية في فرنسا اثر قيام الثورة الفرنسية ، كما يعرف جيدا أن أمل المواطن هو في قيام أفضل مستويات الحياة الإنسانية التي تخصها الديمقراطية وليس غير ذلك .
لقد تركزت مناهج الديمقراطية وأفكار الديمقراطيين في العالم ، كله ، على أجيال تناوبت على فهم الديمقراطية بكونها ممارسة إنسانية – سياسية – اجتماعية قابلة للنمو وقابلة للتراجع أيضا ( نمت في أوربا الغربية وتراجعت في أوربا الشرقية مثلا) . أنها عملية تاريخية تبدأ عندما يتوفر لها الظرف المناسب . فهل توفر للديمقراطيين العراقيين حتى ولو الحد الأدنى من شروط ممارسة الديمقراطية بعد عام 2003 ..؟
بإمكاني الإجابة بكلمة نعم على هذا السؤال . لقد توفر ، بالفعل ، بعض الظروف المناسبة للديمقراطية (صحافة حرة وانتخابات برلمانية وبرلمان ودستور) لكن جميع هذه الشروط كانت مصحوبة بنواقص وتشويهات لم تتحسن نوعيتها خلال السنوات السبع الماضية . لم تنتشر (الثقافة الديمقراطية الصحيحة) بين العراقيين كافة .. لم تصبح الديمقراطية سلوكا اجتماعيا لدى قادة الدولة وغالبية حكامها .. لم تصبح الديمقراطية سلوكا اجتماعيا لدى موظفي المؤسسات الخدمية .. لم تنتشر ممارسة الديمقراطية في البيت والمدرسة والمؤسسة الحكومية وفي المجتمع كله .. لم يتم ممارسة المرأة لحقوقها إلا بصورة شكلية (الكوتا البرلمانية) .. كما لم تتم ممارسة الديمقراطية في الحياة السياسية إلا بصورة الخصائص الطائفية السياسية .
لهذا وذاك ظلت الديمقراطية التي حققها المسئولون التنفيذيون العراقيون خلال سبعة أعوام مفهوما غامضا تماما مثل الدستور الحامل لتأويلات متناقضة . كثير من القوى صاغت الدستور ومبادئ الديمقراطية العراقية بصور التلاعب بالألفاظ وبعناوين غير دقيقة وغير مضبوطة . باختصار أظن انه لا يخفى على احد في العراق بأن أساليب بوليسية وسياسية كثيرة جدا كان يستخدمها الدكتاتور صدام حسين نجد لها الشبيه المماثل في الحكومات الثلاث المتعاقبة منذ نيسان 2003 (أياد علاوي ابراهيم الجعفري ونوري المالكي) مما أدى بالتالي كما يعتقد أعلى مسئول تنفيذي في العراق إلى ظهور ( أسوأ ديمقراطية) ..!
أنا اختلف جذريا وكليا مع رؤية السيد جلال الطالباني هذه لسبب واحد بسيط هو:
لو توفر لقادة العراق الجدد وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية رؤية سياسية ديمقراطية حقيقية ، ولو توفرت لدى الحكومات المتعاقبة ( أياد علاوي ، ابراهيم الجعفري ، نوري المالكي ) عقلية المنهج الديمقراطي ، ولو التزم البرلمان العراقي باجتماعية الهدف التشريعي ، ولو تبلورت إرادة قضائية مستقلة حقا ، عادلة حقا ، لإدارة أوجه الاختلاف في المجتمع ، ولو قامت القوات المسلحة بالسيطرة على مصادر العنف ، لو توفر كل ذلك وغيره لتمكن المجتمع العراقي من الأخذ بالمنهج الديمقراطي ولتحقق السلم الاجتماعي ولحقق العاملون في المجتمع خطى حضارية ولما وصلت الديمقراطية في عيني الرئيس الطالباني إلى (أسوأ) مستوياتها في العراق حتى وصل الحال ذات يوم إلى نشوء مشكلة ديمقراطية سيئة عندما تخاصم كل من إبراهيم الجعفري وجلال الطالباني على احتلال بناية فارغة في بغداد كانت فيها ميليشيا الطالباني على وشك التقاتل مع ميليشيا الجعفري لولا تدخل رجل أمريكا الأول بعد غزو العراق السفير خليل زاد ولولا قبول إبراهيم الجعفري باحتفاظ الطالباني بتلك البناية لنفسه ولحزبه .
حقا ما قاله السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني أمام الصحافي اللبناني اللامع بذكائه أن العراق يعيش حاليا (أسوأ ديمقراطية) لكن الحق ليس مع قوله أنها (أحسن) من أفضل دكتاتورية ، بل الحق كل الحق أن (أسوأ ديمقراطية) ليست بكل الاحوال أفضل من (أحسن دكتاتورية) ، بل هما سواء بسواء . كلاهما ، الديمقراطية السيئة وفضلى الدكتاتورية ، لا تحققان مشاركة سياسية فعالة لجميع المواطنين دون استثناء وعلى قدم المساواة . كما أنهما يتساويان في عدوانهما على القوانين وعدم حماية حق مشاركة كل مواطن في عملية اتخاذ القرارات الوطنية الجماعية .
من هنا فأن توصيف (أسوأ ديمقراطية) بأنها أفضل من (أحسن دكتاتورية) يمكن اعتباره معيارا مشوها للدلالة على ديمقراطية العراق الجديد ، المصبوغة حكومته بالعقائدية الراكضة خلف المصالح الضيقة ، الاثنية والطائفية ، من دون وجود رعاية لمبدأين من مبادئ الديمقراطية الدستورية ، هما مبدأ (المساواة التامة) و(مبدأ المواطنة الحقيقية) وهما المبدأين الضائعين تحت ظل الدكتاتورية التي لا توجد تحتها أية علاقة غير مميزة بين مبدأ المواطنة وبين أي مسئول تنفيذي عالي المنصب في الدولة العراقية الجديدة.
للمثال وليس للحصر ، بصراحة تامة أقول : أن الفرق بين مواطنة الصحافي العراقي الشاعر البصري عبد الرزاق حسين(25 سنة خدمة صحفية متواصلة) ومواطنة جلال الطالباني هو الفرق بين الأرض والسماء وهنا أورد مثالا واحدا فقط هو أن مقدار الراتب التقاعدي الشهري للسيد عبد الرزاق حسين حاليا هو 500 دينار عراقي لا غير ، أي ما يعادل (نصف دولار) بينما راتب جلال الطالباني هو مئة ألف دولار وهو نفس الفرق المتوفر في ظل الأنظمة الدكتاتورية كلها ، الفضلى والسفلى ، فكيف يمكن الحديث عن أفضلية حال (أسوأ الديمقراطية) ..؟
بصورة عامة يمكن ، بوضوح ويسر ، رؤية (المساواة) بين نتائج كثير من بروفات الديمقراطية السيئة مع كثير من تجارب فضليات الدكتاتورية ، فكل سلوك الحكام في ظل نظامين مشوهين ، لا يسير ، من ناحية النتائج العملية ، بضوءين مختلفين لا يخلقان غير دولة عراقية ضعيفة وغير شعب متوتر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 31 – 5 - 2010



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجال البحث عن تحالف شيعي بلا التزام وطني ..
- فنانات عراقيات تحت شمس الانترنت ..
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى فخامة الرئيس مسعود البارزاني
- عن مؤتمر الغداء الملحمي المسمكي المدجج ..!
- تصريحات مسئولين عراقيين يتخيلون أنفسهم قادة عالميين ..‍‍!
- ثقافة الغداء الرئاسي الأخير..!
- المالكي أشعل النار بدوندرمة المفوضية الانتخابية .. !!‍‍
- الفائزون في الانتخابات البرلمانية يتحدون الديمقراطية ..
- أذا تحركت أمانة بغداد كن حذرا أيها المواطن..!
- حلقات القيد الزراعي بين مكتب نوري المالكي وفرات الناصرية
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى القاضي مدحت المحمود
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى سماحة السيد عمار الحكيم
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد علي اللامي
- آللهم نجنا من زعاطيط السياسة
- العلمانية وأسس تحرير الإنسان العراقي وانعتاقه الفكري والسياس ...
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة
- صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!
- عودة العراق إلى عصر صناعة الأحذية يدويا ..!
- عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
- رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - الرئيس جلال الطالباني ليس بمنأى عن غبار الديمقراطية ..!