أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جاسم المطير - ثقافة الغداء الرئاسي الأخير..!















المزيد.....

ثقافة الغداء الرئاسي الأخير..!


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 3009 - 2010 / 5 / 19 - 16:14
المحور: كتابات ساخرة
    


ثقافة الغداء الرئاسي الأخير..!
دعا رئيس الجمهورية العراقية جلال طالباني قادة الكتل الفائزة في الانتخابات وعدد من أعضائها إلى مأدبة غداء يوم الخميس 20 أيار في قصر السلام ببغداد.
قيل أن الدعوة تهدف إلى (جمع قادة وأعضاء القوى السياسية بهدف خلق أرضية ملائمة للحوار وتبادل الآراء في جو يسوده التفاهم والحوار الجدي بين الكتل الفائزة للاتفاق على رؤى مشتركة وإيجاد آلية مناسبة حول تركيبة وطبيعة الحكومة المقبلة) . كما قيل أن مبادرة الطالباني هذه تأتي " بعد اللقاءات المطولة التي أجراها مع جميع قادة الكتل ،وقناعته بأن الوقت يدرك الجميع، لذلك يرى أن مثل هذا الاجتماع خاصة في هذه المرحلة ضروري ، منوها إلى أن الظروف مواتية لعقد هذا الاجتماع الذي سيكون بداية خير للعراقيين جميعا بكل أطيافهم و مكوناتهم.
في المناهج المدرسية ، أيام زمان ، علمونا شيئا كبيرا عن الديمقراطية ، بل أقول أن المدرسين علمونا أقوال الكثير من المبشرين لها على أن الديمقراطية هي ( حكم الشعب) وليس حكم الأقلية الحزبية أو الطائفية .
كثير من زعماء العالم ، الغربي والشرقي ، من المتنورين عقليا ومن المتخلفين أيضا ، كانوا يروجون لهذا التعريف ، ليل نهار ، في خطاباتهم الإذاعية وفي ولائم الغداء والعشاء ، التي تجمع بين قوادهم وأركانهم في مختلف المناسبات . حتى نوري السعيد تيسر له أن يعلن إيمانه بهذا التعريف . كذلك كان صدام حسين مع أقطاب عائلته برزان ووطبان وسبعاوي وطارق عزيز ومزبان خضر هادي وعزيز النومان وأشباههم من قادة حزب البعث يشعرون بوجودهم كقادة عندما يتحدث كل واحد منهم ، بكلمات ساذجة أحيانا وخافية أحيانا أخرى ، عن صلة حب تربط بين زعامتهم لحزب البعث وبين الديمقراطية بينما هم جميعا شاركوا في تأسيس (دولة دكتاتورية شمولية) حملت العذاب والأحزان إلى مواطنيها خلال 35 عاما من القهر والسيطرة .
باختصار أقول أن (كل) الحكومات المتعاقبة على حكم العراق ، مثلما هو حال كل الأنظمة العربية ، كانت تبشر بنفسها عن نفسها بهذا التعريف ، رغم أن قادتها كانوا يشعرون بنيران متأججة تحت كراسيهم حال سماعهم اصواتا من مظاهرات شعوبهم تطالب بــ(تطبيق الديمقراطية) بحدودها الدنيا ، بل أن هؤلاء الحكام وجهوا ضربات قاسية للديمقراطية وللديمقراطيين ، في نفس الوقت يرددون فيه أقوالهم عن أن الديمقراطية تعني (حكم الشعب بالشعب ومن اجل مصلحة الشعب) .
حين ننظر إلى ارض الواقع العربي كله من أقصاه إلى أقصاه ، فأننا لا نجد أي تطبيق ، لا قريب ولا بعيد في سلوك الحكام العرب والعراقيين المتعاقبين لأي فصل من فصول الديمقراطية، التي يعرّفونها وفق هذا (التعريف المثالي) بشكل كاذب أو مموه ، يجعل أبناء الشعب كلهم يعيشون حلما ، لم يتحقق لا في الماضي ولا في الحاضر ، كما أنني اعتقد انه سيكون حسرة ضائعة في المستقبل أيضا بالنسبة للشعب العراقي ، تماما مثلما الديمقراطية الحقيقية كانت حسرة ضائعة في الدول الاشتراكية السابقة وأنها تظل ، أيضا ، عبر الاستغلال الطبقي في الدول الرأسمالية ، الكبرى والصغرى ، حسرة ضائعة تحرقها النار المتأججة عبر ظلام الليل الرأسمالي ، الاستغلالي .
إن درب النضال من اجل الديمقراطية هو درب طويل يتطلب تضحيات كثيرة وكبيرة كي يمكن اجتياز الغابات الكثيفة بأشجار سوداء ، يختبأ فيها وحوش متعفرة وجوههم بكل أنياب معاداة الحرية الحقيقية ، التي هي أولا وأخيرا الزهرة الرقيقة الأولى من زهور الديمقراطية .
علينا أن نفهم بأن الديمقراطية ليست قطعة موسيقية يتمكن رئيس وزراء أو رئيس جمهورية أو رئيس برلمان من عزفها بسهولة متى ما أراد ليتسرب صداها من مدينة إلى أخرى أو من مؤسسة إلى أخرى .
صحيح أن الديمقراطية موسيقى مفعمة بالحياة كما يصفها الأدباء الرومانسيون ، لكنها عندما لا تكون بيد ديمقراطية حقيقية فإنها تصبح كالظلال الغامضة .
مثل هذا الواقع حدث في بلادنا منذ سبع سنوات ، فقد قرع رجال وقادة الاحتلال الأميركي أبواب قصور صدام حسين بمعول ٍ شاهدناه بيد جندي أمريكي على الشاشة التلفزيونية . نعم لقد شرب القادة الأمريكان ليس نخب إسقاط النظام الدكتاتوري ، بل اترعوا في دعاوى كاذبة عن المباهاة بــ(إقامة الديمقراطية) في ربوع وجد فيه الطائفيون حنانا ، ووجد فيها الشوفينيون محبة ، ووجد فيها الراكضون وراء المال والجاه والمنصب كروما عذبة شهية معدة للحصاد والقطف .
انتهت الانتخابات البرلمانية في 7 – 3 – 2010 وأنا اكتب مقالتي اليوم 19 – 5 – 2010 وقد تماسكت حلقات القيود كلها مكبلة مساعي انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان . كان القادة العراقيون من الذين يدعون أنهم يحبون العراق يحاولون بجميع الوسائل أن يحصل كل واحد منهم على أعلى منصب وأعلى مكسب وان اغلبهم يجرأ على ترك الشعب حائرا بينما أيام الإرهاب وسقوط الضحايا تتعاقب من دون التفكير بوضع حد لها .
لا شك أن جميع القضايا السياسية وغير السياسية المتعلقة بتوزيع الأدوار على النواب الفائزين بالانتخابات وعددهم الرسمي الحقيقي لم يتجاوز غير 15 نائبا فقط نالوا اصواتا تؤهلهم الدخول إلى البرلمان . هذه القضايا التي اعنيها ليست إلا ضربا من ضروب (وسائل الدفاع) عن المصالح الحزبية والشخصية ، التي تصطنعها ثقافات تلك الكتل في هذه المرحلة بالذات ، حيث تعاني فيها الدولة العراقية حالة الضعف والركود ، وهي حالة ناتجة عن رغبة التحالف البرلماني الكردستاني في الحصول على منصب رئيس الجمهورية وعلى سبعة مقاعد وزارية من النوع السيادي بينما التحالف الشيعي بين كتلة نوري المالكي وعمار الحكيم يريد الانفراد بمنصب رئيس الوزراء مع 20 منصب وزاري سيادي أما قلب الكتلة العراقية فأن حبه ما يزال ينتظر حب منصب رئيس الوزراء وخمسة مناصب وزارية سيادية. كلهم يريدون المناصب الوزارية ولا يرضى حتى التيار الصدري وجبهة التوافق والشبك والتركمان وغيرهم إلا بتقاسم إرباح الانتخابات وهم يتصايحون في الشاشات الفضائية كأن أحد آلهة الإغريق أو الرومان أو الزرادشتية قد هتف بأعماقهم .
إنهم مختلفون على (المتع الوزارية) لا يقبل أي واحد منهم إلا بأكبر غرفة وزارية وأعلى نوع من السيطرة على مصالح الشعب منتهكين بجرأة وصخب وجشع حرمة الديمقراطية ومبادئها وهم لا يحزنون لقرابين من أبناء وبنات الشعب تذبح كل يوم في شوارع بغداد والانبار والبصرة والموصل وصلاح الدين .
هذه الحالة تفرض على المثقفين العراقيين الصامتين أن يعيشوا في أعماقها، أولا وقبل كل شيء، وان يواجهوا بإرادتهم طوفان الطائفية القادمة تحت واجهة الديمقراطية في سنوات أربع قادمة ستكون عجافا حتما إذا ظل المثقفون العراقيون والأدباء والفنانون والديمقراطيون العلمانيون يركضون وراء أحداث ومواقف ثانوية من دون أن يسهموا في طرح أفكارهم المؤثرة على المشهد السياسي الخطير و تأكيدهم اليومي في خطاب متواصل من منظور ديمقراطي داينميكي في ضوء معطيات الحاضر السياسي المثير للقلق ولمستقبل الشعب والوطن .
يقال أن الوقت والإرادة والوفاء قد دفع الرئيس العراقي جلال الطالباني ، الذي لم تتوفر له طيلة السنوات الأربع العجفاء الماضية غير نعمة التشريفات والسفر إلى خارج العراق ، ولم يكن له أي دور إطلاقا على تخطي الحواجز الكثيرة الموضوعة أمام قضايا الشعب العراقي ومطالبه .
اليوم تحرك الجانب النير في العقل الرئاسي من اجل المساهمة في حل المعضلة السياسية الموحشة الناتجة عن انتخابات البرلمان التي لم يفز فيها حقا وحقيقة غير بضعة أنفار .لقد انصب الجهد الرئاسي خلال اليومين الماضيين في الإعداد لوليمة (الغداء الديمقراطي الأخير) في احد القصور الرسمية ، قصر السلام . أظن أن الأكثرية الطائفية والاثنية والنفعية سيكون لها حضور واجتماع خلال المدى الرحيب من الأفكار التي تطرح حول مائدة غداء مشروطة بتوفير اللحم المذبوح بالحلال أن كان مستوردا أم مشترى من سوق البتاويين ، الذي صار خرابة كباقي مناطق بغداد السياحية والتاريخية في ظل سيطرة الطائفية السياسية وهيمنتها على الدولة برئاسة أياد علاوي وإبراهيم الجعفري وثالثهما نوري المالكي لسبع من السنوات وهم جميعا يجتمعون في غداء العشرين من أيار بقصد إشاعة أجواء الحرية لإعادة اقتسام الغنائم الانتخابية .
أخيرا أقول لجميع الحاضرين في حفل (الغداء الطائفي) المغلف بآلام الديمقراطية وأفراحها أن الصراع المتواصل بين الكتل الفائزة تحمل إلى قوى الشعب والى مثقفيه والى العناصر والأحزاب الديمقراطية كمـّا ًضخما ً من التحذير ان الحقوق الديمقراطية في العراق مهددة بالجمود والانحراف كما أنها مهددة باحتمال اختناقها بالغازات السامة التي تفرزها الطائفية السياسية وأصحاب المصالح الرأسمالية الكبرى من ذوي النظر الضيق ومن ذوي القلب القاسي الذي لا يدرك ، حتما، حتى عذوبة الغداء الرئاسي الأخير ومعناه الأساسي .
أيها المثقفون العراقيون ارفعوا أصواتكم في كل الأرجاء العراقية فانه لا يأتي من الصمت أمان أو راحة
هذا هو (بعض الحل) وإلا فأن الطائفيين يظلون يسعون إلى نقل قضية الشعب والديمقراطية إلى سماوات مجهولة أولها تأسيس دولة طائفية التعدد النوعي بديلا للديمقراطية القادرة وحدها على بناء دولة جاذبة يمكن أن تكون إطارا عاما تتحقق في داخله ابسط المثل الديمقراطية التي تعلمنا بعضها في (المدارس الابتدائية) خاصة إذا ما عرفنا من تجارب البلدان الديمقراطية الأوربية أنها حالة نسبية تختلف من بلد إلى آخر ، عسى أن يفهم قادة (الكتل الفائزة) أن الديمقراطية العراقية عملية تاريخية متدرجة لا يمكن خلقها إلا بالقضاء على العنف والطائفية بوقت واحد .
ترى هل يستطيع (الغداء الرئاسي الأخير) يوم الخميس 20 – 5 – 2010 بمبادرة الرئيس العراقي جلال الطالباني أن ينهي ثقافة العنف والطائفية من بين صفوف التكتلات الأربعة ..؟
ــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 19 - 5 - 2010



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي أشعل النار بدوندرمة المفوضية الانتخابية .. !!‍‍
- الفائزون في الانتخابات البرلمانية يتحدون الديمقراطية ..
- أذا تحركت أمانة بغداد كن حذرا أيها المواطن..!
- حلقات القيد الزراعي بين مكتب نوري المالكي وفرات الناصرية
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى القاضي مدحت المحمود
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى سماحة السيد عمار الحكيم
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد علي اللامي
- آللهم نجنا من زعاطيط السياسة
- العلمانية وأسس تحرير الإنسان العراقي وانعتاقه الفكري والسياس ...
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة
- صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!
- عودة العراق إلى عصر صناعة الأحذية يدويا ..!
- عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
- رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي
- الراقصون على انغام الوزارة العراقية المرتقبة
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوز ...
- صفات الإبصار في عقل النائب الحمار ..!
- هل يكون الفرح الانتخابي جوهر الحياة الديمقراطية ..؟
- الموت تفخيخا ووعد خمور الجنة وحور العين ..!
- مشاغل الفائزين بالانتخابات تضخم فعاليات الإرهابيين


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جاسم المطير - ثقافة الغداء الرئاسي الأخير..!