أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى فخامة الرئيس مسعود البارزاني















المزيد.....

رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى فخامة الرئيس مسعود البارزاني


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 24 - 19:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أولا ، لا بد من أن أقول لكم ، أنني ما كتبت رسالة شخصية إلى أي حاكم عراقي عن شرائع لا يحميها جنده أو أجهزته ، لأنني واثق أن في جميع أنظمة الحكم العراقية منذ تأسيس الدولة الحديثة عام 1921 حتى يوم سقوط الدكتاتور صدام حسين لم يوجد الحاكم القادر على توفير الأمن والطمأنينة للمواطنين أو تفعيلها على نطاق المجتمع . كان كل حاكم في العراق لا يقبل حوارا إلا مع نفسه وان علاقته مع الأدباء والصحفيين تقوم على نفس فهمه لــ(علاقة الجند بالدولة) لذلك لا أجد ، والله ، أية متعة في الحديث مع كثير من القادة والمسئولين الحكوميين لأنني اعتقد أن الحديث معهم لا يجدي نفعا .
اليوم قررتُ أن أحطم وعاء عادتي هذه . وبكل مظاهر الاحترام والتهذيب أتوجه لكم برسالتي هذه عسى أن أجد عندكم ملاذا ظليلا ينصف عينين قريرتين سعيدتين ليستا مغمضتين في قبر سردشت عثمان ترنوان معي إليكم لكي لا تصفحوا عن اليد الآثمة التي صوبت رصاصاتها الست بضراوة إلى الشاب المبتسم في كردستان سردشت عثمان . أنني ، أيها السيد الرئيس ، ما زلت اسمع في أذني صراخ النساء الكرديات الفاقدات لأولادهن في أيام حكم صدام حسين ، وما زلت أرى ذلك الشعاع ، الذي كان يتفجر من ظلمات سجون الأمن العامة والمخابرات والمقابر الجماعية وهو يبعث في القلوب المضنية بالكفاح والتضحية أمالا كبرى بانتصار (الحق) على (الباطل) ، بانتصار (المظلوم) على (الظالم) . لذلك تراءت لي ، اليوم ، أشياء كثيرة دفعتني لتوجيه هذه الرسالة إليكم ثقة مني بأنكم ، حتما ، ستولون أهمية نسبية لروح ِ إنسان ٍ ذهبت في هوة الموت في يوم ٍ قاحل ٍ من أيام كردستان حين صرخت والدة الطالب الجامعي الصحفي سردشت عثمان ولم يهفو لصرختها أي صوت مسئول في الحكومة الكردية، حتى الآن.
أيها السيد الرئيس مسعود :
لأنني من ممارسي النقد الأدبي ومتابعيه بكل صنوفه ، لدي الكثير من الدراسات في هذا الصدد ، اشهد أمامكم للشاب الصحفي سردشت عثمان بعد قراءتي لبعض مقالاته في أعقاب اغتياله أنني وجدت فيها ميزة تدل على نضج أسلوب أدبي معين ، مبهر ومثير . كما تتميز مقالاته بالجدية والحيوية حيث تتضمن مزاجا تجديديا محرضا في الكتابة الصحفية – الأدبية . كان يبغي من وراء ذلك أن تكون مقالاته مترددة الصدى ، بسرعة ، في كل مكان ، بين الناس القراء والمسئولين القراء ، أيضا ، من أصحاب الشأن . لم أجد فيها أي فكرة أو موقف أو أسلوب يدل على العبث بحرية التعبير . ليس فيها أي مساس بالأخلاق والمسئولية ، بل فيها التزام بموقف نقدي صارم مناهض لكثير من الممارسات الخاطئة للسادة المسئولين في إقليم كردستان بما يتعلق ببناء علاقات إنسانية بين الحكام والمواطنين . نعم أن في المقال وجهات نظر جريئة حقا لكنها لا تعدو عن كونها مجرد ممارسة لتعبيرات عن أساليب صحفية – أدبية ليست سوى أساليب جديدة بديلة تؤكد عن قوة الثقة الذاتية في التأثير على المسئولين . لكن ، كما يبدو لي ، أن الأسلوب الأدبي الذي اتبعه سردشت في مقالاته كانت مستفيضة بنقد الواقع السلبي ومفعمة بحيوية التأثير الاغترابي في استكشاف أسلوب صحفي مميز يؤكد الإخلاص وصدق الطوية حسب اعتقاد كاتبه سردشت عثمان ، هو بكل الأحوال لم يحد عن جادة الفعل الصحفي القدير والنظيف . هذا الذوق الخاص في المقالة السردشتية ربما أثار نزعة (اللوم) لدى بعض المسئولين الكرد . كما انتقل ، بشكل انفعالي حاسم ، عنصر (الكبرياء السلطوي ) إلى عقول بعض المسئولين القادة في الأجهزة الكردستانية أو إلى بعض العقول الإرهابية المتحجرة أو إلى عقول معادين لكم ولحكومتكم ولمصالح الشعب الكردي ، الذين قرءوا المقالات السردشتية بمستوى قراءة بوليسية أو قراءة سلطوية أو قراءة حكومية أو قراءة روحية في عصابات المافيا الإرهابية المسلحة في كردستان مما دفعهم إلى فعل جمعي منظم لاغتيال هذا الصوت الشاب بقصد إبقاء أو إشاعة نزعة تجهيلية في صفوف الصحافة الكردية وجعلها عاجزة عن ممارسة دورها في صنع التاريخ الاجتماعي – السياسي الجديد للشعب الكردي .
من هنا وجدت نفسي مضطرا لأن أكون محرضا لفخامتكم حول هذا الموضوع ،الأثير لدى كل مناضل ، لكي يملأ قلبكم شعور الحياة والفضول كي تكشفوا بشجاعة المناضل الحق وتحت الشمس مباشرة نتائج التحقيق في جريمة اختطاف واغتيال هذا الشاب الأديب ، الذي استطاع أن يفتح بابا رمزيا بين واقع السياسة وبين المدلول الصحافي فيما يؤرقه من معاناة أبناء شعبه دافعا إياه إلى الكتابة بمنهج المقامة العربية الشعبية ، مقامة بديع الزمان الهمذاني التي قال عنها التنويري الأمام محمد عبده : (عاث بها النساخ بما أفسد المبنى وغيــّر المعنى مع زيادات تضر بالأصول وتذهب بالذهن عن المعقول، ونقص يُهزّع الأساليب وينقض بنيان التراكيب، فالناظر فيها إن كان ضعيفاً ضل وحار، وإن كان عرّيفاً لم يأمن العثار..) .
بكل ما أوتيت من قوة أقول : أن جميع الاتهامات الموجهة إليكم والى الدائرة المحيطة بكم من حمايتكم وأهاليكم وأصدقائكم هي اتهامات ظالمة ومعادية لكرامتكم رغم أنكم شخصيا يا فخامة الرئيس لم تدلو شيئا بالحوار الدائر حول تلك الجريمة ، ورغم أنكم شخصيا تبدون متحفظين صامتين ، لكن ثقتي باقية بكم وبضرورة التدخل القضائي العادل والمستقل ، لأن في عينيكم ، كما أرى ، نظرة صارمة لا بد أن تكشف ، سريعا ، بيوم قريب ، كل تفاصيل جهود وجريمة شبكة العاملين باختطاف مواطنكم ، الضحية سردشت عثمان ، من أمام الحرم الجامعي واغتياله ورمي جثته بعيدا عن مكان الجريمة ، مما يعني أن المجرمين لم يقوموا بفعلتهم النكراء ارتجالا ، بل تخللها تخطيط درامي ، فيه الكثير من نوع الإخراج الدرامي ، السينمائي والمسرحي ، بل أقول الحقيقة أن المجرمين لم يعتريهم أي خوف لأنهم على ثقة أن الأعماق البوليسية والقيادية في كردستان سوف لن تصل عيونها إليهم . كما أقول لكم ، بصريح العبارة ، أن الكثير من متتبعي هذا الاغتيال ، داخل العراق وخارجه ، بل حتى في الأوساط الصحفية الأجنبية يعتقدون أن هناك شيئا مشتركا بين المجرمين والبوليس . هذا الشيء المشترك يضع المواقف السياسية القامعة للأصوات الصحفية فوق كل مصلحة كردية . وقد يقال ، مهموسا أحيانا وعلنا في أحيان أخرى ، أن ليس اختلافات الرأي بين سياسيي كردستان كانت وراء اغتيال الصحفي سردشت ، بل التحدي المبهم الذي لا يتضمن مذهبا معقولا ولا أسبابا معقولة غير الانفعال الفردي المفضي إلى فكرة الانتقام الفردية .
بعض الأصوات ، الخفيضة وغير الخفيضة ، وكثير من المثقفين أصابهم الأرق حين اعتقدوا أن الوافد الجديد لإقلاق حال الاستقرار الأمني الكردستاني قد جاء محفوفا بالغضب الشخصي من فخافتكم إذ ربما تظنون أو تتصورون أن المقالات السردشتية التي تميزت بصدق المنطق والموضوع حين استخدم كاتبها أسلوبا رمزيا قد مسكم أو مس كرامة ابنتكم فتحول الموضوع بنظر بعض المحرضين إلى نموذج من نماذج ا(لكتابة الشريرة ) وهي ليست كذلك ، لا من قريب ولا من بعيد ، من وجهة نظر الأدب الواقعي والرمزي ومن وجهة نظر الضمير الصحفي ، أيضا .
أقول لكم ، أيها السيد الرئيس ، أن المقالات السردشتية ليس فيها أية شرور أو أية إساءة لشخصكم الكريم على الإطلاق . لقد استخدم كاتبها نصا صحفيا – أدبيا متميزا في الكتابة الناصحة للسلطان من خلال غزارة الرمز الأدبي لتذكير الرجل الحاكم بأن محكوميه مظلومون . كان سردشت عثمان يظن أنكم ستستجيبون لضمير كلمته بحماس باعتباركم رئيسا لإقليم كردستان ، كي يعلو صوتكم الكريم ، كالشهب اللامعة على جميع أصوات كل من يريد الإساءة لواقع نضال الشعب الكردستاني من اجل توفير الحق والعدل .
أنا ، أيها السيد الرئيس ، أظن كما كنت طوال عمري أن ( الحق والعدل ) في العراق كله هو معدن نفيس ، نادر وقليل ، في القضايا العراقية وقد كان (الحق والعدل) في الزمان العراقي كله ملك بيد الخاصة من الناس بينما العامة من الناس محرومين منهما .
لكي لا يعتري الصدأ قضية اختطاف وقتل سردشت عثمان فأنني انتظر منكم ، يا سيادة الرئيس مسعود البارزاني ، أن يتحقق توتركم من هذه القضية وان يكون جهدكم منصبا على معاقبة الجلادين المجرمين ، ففي مثل هذا الجهد انتصار للحق والعدل وتحقيق هدف مركزي من أهدافكم في تقوية دعائم القضاء المستقل ودعائم الديمقراطية في كردستان العراق . ليس من الصفات الملازمة لشخص الحاكم العصري العادل تحقيق الهيبة والوقار ، بل استقصاء كل أسباب ضياع (الحق والعدل) ورفع الظلم عن أبناء شعبه . أملي أن تتكرس جهودكم وأوامركم الرئاسية لتجلية كل ظلام يحيط بهذه الجريمة .
ختاما أقول : لو كان الحق والعدل زهرة صغيرة ، حمراء وعذبة ، لقطفتها من غصنها في لاهاي عاصمة الحق والعدل لأنوّط بها قبر شهيد المقامة الكردستانية سردشت عثمان .
تقبلوا تحياتي واحترامي لكم ، أيها السيد الرئيس ، مقرونة بدموع الألم الصافية على عراق يتعذب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 24 – 5 – 2010



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مؤتمر الغداء الملحمي المسمكي المدجج ..!
- تصريحات مسئولين عراقيين يتخيلون أنفسهم قادة عالميين ..‍‍!
- ثقافة الغداء الرئاسي الأخير..!
- المالكي أشعل النار بدوندرمة المفوضية الانتخابية .. !!‍‍
- الفائزون في الانتخابات البرلمانية يتحدون الديمقراطية ..
- أذا تحركت أمانة بغداد كن حذرا أيها المواطن..!
- حلقات القيد الزراعي بين مكتب نوري المالكي وفرات الناصرية
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى القاضي مدحت المحمود
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى سماحة السيد عمار الحكيم
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد علي اللامي
- آللهم نجنا من زعاطيط السياسة
- العلمانية وأسس تحرير الإنسان العراقي وانعتاقه الفكري والسياس ...
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة
- صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!
- عودة العراق إلى عصر صناعة الأحذية يدويا ..!
- عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
- رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي
- الراقصون على انغام الوزارة العراقية المرتقبة
- رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوز ...
- صفات الإبصار في عقل النائب الحمار ..!


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم المطير - رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى فخامة الرئيس مسعود البارزاني