أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور العذاري - أوراق مهربة من أقبية سرية.. من ذاكرة امرأة في زمن الخوف














المزيد.....

أوراق مهربة من أقبية سرية.. من ذاكرة امرأة في زمن الخوف


نور العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 13:14
المحور: الادب والفن
    


كربلاء المقدسة
21/3/2000
..................
الذاكرة الأولى
الوقت.. بعد منتصف الليل بتوقيت مدينة يسيطر عليها الرعب ويحَكُمها الظلام.. ويُحْكِم الموت قبضته على رقاب أبنائها..
الزمان.. حين كانت سجون الثوار مدارساً ومهبط وحيٍ للشعراء ولذة كل عشيق ذاكر لمعشوقته..
المكان.. بقعة من بقاع هذا الوطن حباها الله من الجمال الشيء الكثير رأسها راكع ويداها مرفوعتان إلى السماء.. هناك وفي إحدى زواياها تجلس امرأة بانتظار حبيبها القادم اليها من زمن الخوف بعد أن تعب من البحث عن وطنه المضاع وحريته المسلوبة..
..............................
بدون تردد..
سأرمي نفسي مثل الأطفال وأبكي..
بين ذراعيه..
أحضنه بقوة..
سأخبئ رأسي على صدره..
ذلك الذي يأتي اليّ في الظلام..
بوجه شاحب ملئه اليأس والحرمان..
يشرب همومه ويدخن ألمه..
ويثمل بألمه..
ثم يأخذ بالبكاء..
يحدثني عن رفاقه في النضال..
رفاق الزنازين والدروب الوعرة التي لا يخوضها إلا أولئك الحاملين شواهد قبورهم على ظهورهم ككتب المدرسة من اجل وطن تسود فيه البسمة ولا تعكر صفو أيامه شوارد الدهر وهمومه..
يبكي ويبكي..
ويتجرع كأس ألمه الممزوج بالأمل..
وحين يثمل أخيراً..
يرمي نفسه على صدري..
يضمني بين ذراعيه كقارب يحتضن شراعه..
ويجري على صدري مثل حصان جامح..
يقبلني فأشعر بأن روحي قد صبت في شفتيه..
كمن يرشف فنجان قهوته التي اعتاد عليها..
وحتى حين يحرقني لظى شفتيه الملتهبتين..
أو تؤلم نهديّ يداه الخشنتين..
فلن أواجهه أو أكدر صفو نشوته في هذه اللحظات القليلة التي أكون فيها وطنه..
فأنا أشد ما أخشى في حياتي المواجهة مع هذا الرجل الذي تلوح الكرامة فوق جبينه العالي..
فروحه معبد للكبرياء..
وقلبه معجون بدماء الحرية الحمراء..
ويبقى ممسكاً بي..
صاعداً بي إلى سماء النشوة والجنون..
حتى تظهر خيوط الفجر..
حينها يتركني ويغادر..
بحثاً عن الوطن الفقيد..
والكرامة الذبيحة..
والحرية المسلوبة..
تاركاً في عيني الناعستين ابتسامة الربيع وأمل اللقاء الجديد..

**** **** ****
الذاكرة الثانية
وقد رحل ذات فجر رمادي بتوقيت مدينة اعتادت قتل زهيرات الدراق قبيل تفتحها وقطع أشجار الليمون.. اعتادت قتل الحب وإراقة الدماء.. للم يرجع إليّ من حينها.. ترى هل ركب في عربة الموت بملء إرادته أم اختطفه الموت وعرج به السماء..
..............................
حين يأتي إليّ كل مساء..
يحدثني عن المعذبين في السراديب المظلمة وخلف القضبان..
وعن النسوة اللاتي يدفعن بأحبتهن لمقارعة الطغاة حتى تصير دمائهم نخيلاً باسقات في سماء الحرية والكرامة السليبة..
يحدثني عن أشياء لم أفهم معناها..
وأشياء ما عدت أذكرها..
إلا هذه المرة التي لا زلت أذكرها..
وسأظل أذكرها..
على مر السنين.. وتعاقب العصور..
هذه المرة وعلى غير عادته..
قبلني قبلة بحيث ذابت روحي بين شفتيه..
ثم غادر مسرعاً..
ومضى إلى غير رجعة..
إلى تلك المجاهيل التي لا نعلم عنها شيئاً..
تاركاً خلفه ركاماً وأطلالاً خربة..
والآن وأنا أخط شاهد قبري..
وأعد الليالي والأيام التي قضيناها معاً..
ليلة بليلة.. ساعة بساعة..
أموت ألماً وحزناً..
فقد سافر دون يودعني..
ولم يترك لي من أثره غير قبلة على شفتي الذابلتين..
ومضى هو الآخر..
مثلما مضى أصحاب لنا عديدون..
غادروا يومياً ويغادرون..
دون أن نعرف لهم مكاناً أو أثر..
ولم يبق منهم غير شاهد ذكرياتهم..
وبعض صور وأطفال مشردين..
ونساء ثاكلات..
وأطلال خربة..
ومدن مهدمة..
وأرصفة بلون الدم..
وساعات قلائل عن الموت..



#نور_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق مهربة من أقبية سرية.. رسالة الى قمر لبنان وجارخيتي
- اوراق مهربة من أقبية سرية.. رسالة طفل عراقي
- خربشات على جدار كنيسة قديمة!!..
- أوراق مهربة من أقبية سرية 6
- أوراق مهربة من أقبية سرية - في رحاب القمر
- الأتفال.. جريمة هل يطالها القانون؟... هوامش بمقالة - قلبي مع ...
- أوراق مهربة من أقبية سرية 4
- أوراق مهربة من أقبية سرية* 3
- وحتى اشعار آخر!!.. ولادة في مبغى غير شرعي!!..
- تراتيل صوفية عابرة
- ويسقط الحائط الرابع والعشرون
- ذكريات على شجرة صفاف مقطوعة
- نصب الشهيد...مأساة اللاوعي العراقي المزمن
- الديمقراطية الاسلامية ودكتاتورية رجال الدين المسيس
- عندما يبكي الوطن
- في معبد القدر
- الممثلون -1
- عندما يبيع الوطن الوطن- هوامش على مقال ( المحامية بشرى الخلي ...
- بين جسر الأئمة وخطبة يوم الجمعة وصوت امرأة تنتفض نحو الحرية ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور العذاري - أوراق مهربة من أقبية سرية.. من ذاكرة امرأة في زمن الخوف