أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير ونيسي - غراب أبيض














المزيد.....

غراب أبيض


بشير ونيسي

الحوار المتمدن-العدد: 3016 - 2010 / 5 / 27 - 12:05
المحور: الادب والفن
    


1 الدم الأزرق

الذي يمر على مدينتنا بالنهار يرى جدرانا عتيقة كتب عليها ممنوع البول ومنازلا وشم فيها للبيع ومجنونا معلق في الهواء بلسانه دنيا ما أجلها ومن له شهوة يتبعها ..وترى الأعلام الوطنية ترفرف كالحمامات في الأفق وشعارات وصورا للمترشحين تبشر بورود المستقبل ..في آخر الليل صحا المجنون من نومه العميق فتجلت له المدينة سرابا موحشا المنام الذي تجلى له مازال يسري في دمه امرأة له وجه النور وأجنحة الطير ورذاذ الملائكة ..أحس بمرارة في لعابه وحرارة في جسده النحيف الملوث بدخان مدينتنا والليل تخجل ظلمته من مصابيح شاحبة
- أح ليلي عنك يا امرأة تثمر بها شجرة الروح
في لحظة خاطفة انتبه نزع ثيابه الرثة وصار كما ولدته أمه وسار طار يجوب المدينة ويردد أغنية الريح
- الروح أسرع من الريح ..
- الريح تبدد الروح ياعصفور الوقت الجريح ...
رذاذ المدينة مخضب بنباح بعض الكلاب السائبة ..فجأة يقف أمام لوحة المترشحين يتأمل في وجوه كالعناكب كالجراد كالخنافس كالثعابين ..في جسده تتجلى ارادة الحياة والعودة الأبدية للوجود ..غربان تحوم في سمائنا ..ثعالب تشتهي عناقيد العنب ..ذئاب تمتص الدم الزرق ..يتبول بعنف وشبق ورغبة متوحشة يقبض على ذكره ويرش شوارع المدينة يضرط ويقول
- تطهري يامدينة الدنس
يتمنى أن يكون بوله طوفانا يغشى المدينة السوداء ويزعزع الجدران العتيقة والمنازل الموبوءة بالشتات والتيه ..يلفت يمينا وشمالا يرفع رأسه نحو السماء لكنه لم يجد النجوم التي تعود أجراسها ..يمشي كل شيء يتلاشى لا ظل له
- لك عالمك يا مدينتي ولي عالمي الموشح بالحب
...حين تنفس الصبح وملأ الأذان صوامع المدينة ..شاهد المارون للصلاة في المساجد جثة متشظية على الطريق وشذرات الدم نجوم سقطت من السماء .

2 عين الشمس /

حين أغلق باب القسم ..أخرج من محفظنه مذكرة الدرس ..ألقى نظرة على وجوه التلاميذ المخضبة بالعدم والعبث ..كتب التاريخ ..
- عرفنا في درسنا الماضي أن الفلسفة بحث في الوجود والموجود ..استرسل في التقديم ثم كتب هل الانسان حر ؟
قال واحد من التلاميذ الذين تعودوا على قول أي شيء
- أنا حر لأني أحب ..
آخر
- أنا حر لأني أفعل ما أشاء ..
- أنا حر لأني أريد كل شيء ..
- أنا حر اذن أنا موجود
أحس بلحظة تشبه الجنة وكأنه يأكل خبز الخلود ويحسو شرابا أعذب من الكوثر وهو النحيل قامته كالنخلة تموت واقفة وجه يابس كالح وكومة أطفال والأم حمار وذقنه الذي لم يحلقه منذ مدة عينان يبدو منهما شغف الوجود وشبق الحرية ..رسم في ذهنة الملوث بتاريخ التيه الحرية / الحب ..الحرية/ الفعل .. الحرية / الوجود.. الفاعل مجرور ومفعول به ومفعول فيه ..انغمس في درس يشبه التبن ..فمه يتكلم والكلام غياب ..يده تكتب وتمحو والكتابة اغتراب ..أذنه تسمع والسماع سراب ..يعرف ان الحرية في هذا البلد سئلت ثم قتلت بأي ذنب قتلت ..البلد تبدد في طوفان الدم وغزت الجنائز كل شيء ..حين دق الجرس تمنى أن يكون قيامة ..خرج يردد بينه وبين نفسه حينما أحب أكون وحينما أكون أتحر انها لحظة عودة الروح للجسد الدجال .. أفعل ما أشاء لأني حر بمنطق الحرية أنا موجود مفقود اذن انا حر من مطلع الشمس الى مغربها .

3 مرآة /

واجهت المرآة لتقرأ جسدها وتتجمل عادة سرت في دمها منذ عينت سكريتيرة ..يدها تغزل كل شيء ليتها كانت يد أمها التي غزلت بيدها فراش أبيها وغطاءه وقشبيته يدها تغزل كحل العين وكريم الوجه وأحمر الخدود والشفتين ..ما زالت تنتظره فارس أحلامها ..تقلص الوقت ولم يأت وعرفت أنها عانس .

4 المجاهد /
قال المجاهد وعلى وجهه علامات السراب
- أعطوني كل شيء أنا من ذوي الحقوق أي شيء في البلد لي فيه نصيب بفضلي أنتم تنعمون بالحرية والاستقلال
رد عليه شاب مسطولا ترك له مكانه في الحافلة
- لم يبق في البلد شيء .


5 سماء هابطة /

قال لصاحبه وهو يحاوره في المقهي نسيم الصباح يداعبه الذباب يحتسي شايا باردا على الفراغ
- أنا أفكر لأني موجود
يشرب الآخر عصيرا والذباب يحوم على عصيره
- أنا موجود حيث لا أفكر
- حين أفكر أعرف كل شيء
- السماء لم يستطع أحد أن يلحقه ارح نفسك من التفكير فما قام به غيرك لا تقم به لنفسك
يمر مجنون تعودت المدينة على ظله
- ذبابة تجر السماء والأرض سراب


6 سفسطة /

قال لصاحبه وهو يحاوره في سقيفة وقد لعبت الحشيش بعقله
- لي كل شيء في الحياة
- لاشيء لي لأني الى الموت
- لاموت مادمت حيا
- لاحياة لأني سوف أموت
- اذن لماذا تحيا
- أحيا لأموت وأموت لأكون وأكون لأعود لأصلي
- يبدو أنك لا تعرف او ربما تخرف ..
- أعرف أني لا أعرف

7 ليلة صيف /

نظر الطفل في القمر البعيد يصطاد النوم
- أمي ما ذلك السواد في عين القمر ؟
- امرأة معلقة من أشفار عينيها
- ماذا فعلت حتى صعدت الى القمر
- عاقبها الله لما رمى لها طعاما فأكلت منه ومسحت براز ابنها
- وحين علقت في القمر ماذا فعل ابنها
- تولاه الله برحمته وصار يصلي ليلا ونهارا ليتوب الله عنها .



#بشير_ونيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وشم بالدم الأزرق
- القصيدة نبوءة الوجود وحي المعرفة
- امرأة المطر
- قصيدة النثر
- نصوص الحكم
- حداثة الشعر
- وجه آخر للشعر
- وردة الروح في كف الريح
- مقام الوصل هوامش علي كتاب التجلي
- القصيدة صورة الذات صيرورة الوجود
- موت بالأزرق السماوي حياة بالأحمر الدموي
- طعنات عبر مواسم الشرق
- معضلات كبرى في الشعر
- كتاب الوجود
- مابين السماء والأرض
- نص في المحو والاثبات
- شعرية الاغتراب
- شعرية النور
- شعرية الشك
- شعرية الرواية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير ونيسي - غراب أبيض