أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - -تهميش- مصر فى أفريقيا وآسيا .. وبلاد كانت تركب الأفيال















المزيد.....

-تهميش- مصر فى أفريقيا وآسيا .. وبلاد كانت تركب الأفيال


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 3014 - 2010 / 5 / 25 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحد الأخطاء الشائعة التى تكرسها أدبيات بعض فصائل المعارضة أن السياسة الخارجية موضع اتفاق عام ، وأن الخلاف مع الحكم يدور فقط حول السياسة الداخلية.
وهذا فصل تعسفى، وغير منطقي، بين أمور لا تقبل القسمة، لأن هناك تأثرا وتأثيرا متبادلاً بين الاثنين. فأى خيار سياسى تنحاز إليه حكومة ما يحدد الخطوط العريضة لتحركها ولتحالفاتهما خارجياً، وبالمقابل فان شروط المعادلات الدولية والإقليمية تفرض تأثيراتها على عملية صنع القرار الداخلي.
لذلك فانه يصعب جداً فهم تشنج بعض فصائل المعارضة فى التنديد مثلا بالسياسات الداخلية للحكومة، ثم التوقيع على بياض- فى نفس الوقت- على سياساتها الخارجية.
هذه شيزوفيرينيا غير مفهومة.
والتسليم بأن هناك أموراً "وطنية " و "قومية" تعلو على الخلافات "الحزبية"، لا يعنى النظر إلى السياسة الخارجية على أنها فوق مستوى الجدال.
وأظن- وليس كل الظن إثم- أن الخلل الذى نعانى منه فى مصر حالياً ليس متعلقاً فقط بإدارة الشئون الداخلية - سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية- وإنما هناك أيضا خللاً جسيماً فى سياستنا الخارجية، وأن هذا الخلل يزداد يوما بعد آخر وينتقل من مجال إلى آخر بشكل أصبح يمثل تهديداً للأمن الوطن المصري ويضع العراقيل – فى بعض الأحيان- أمام السياسة الداخلية التى تنتهجها الحكومة.
وقد أظهرت الأيام والأسابيع الأخيرة هذا الخلل فى سياستها الخارجية فى ثلاث مناسبات متتابعة وثلاثة مجالات مختلفة.
المناسبة الأولي هى "تمرد" دول منابع النيل على الاتفاقيات المنظمة لحصص دول حوض النيل من المياه، وهو أمر بالغ الخطورة لأنه يتعلق بشريان حياة مصر.
***
والمناسبة الثانية هى انعقاد القمة الرابعة عشر لمجموعة الخمسة عشر فى العاصمة الإيرانية طهران وسط اهتمام إعلامى عالمي كبير ومشاركة رفيعة المستوى من معظم الدول السبعة عشر الأعضاء فى المجموعة، وصلت فى حالة البرازيل إلى وفد يضم ثلثمائة من كبار رجال الأعمال والخبراء ورجال الدولة على رأسهم الرئيس البرازيلي سيلفادا لولا شخصياً .
قارن ذلك بمصر التى اكتفت بوفد يضم السفير محمد العرابي مساعد وزير الخارجية والسفير علاء الدين يوسف رئيس قسم رعاية المصالح المصرية فى طهران.
ورأس الوفد المصري الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار الذى ألقي كلمة نيابة عن الرئيس حسنى مبارك أمام القمة ، ولم يستغرق مروره بطهران سوى بضعة ساعات كانت بمثابة محطة "لاستراحة" من وعثاء سفر طويل بين الصين والأمارات.
أى أن المشاركة المصرية فى قمة مجموعة الخمسة عشر كانت "رمزية" الى حد بعيد. وهو ما يعنى أن الإدارة المصرية لم تتعلم شيئاً من الدرس الإفريقي، حيث تبقي الحقيقة المرة هى أن وجودنا فى المحافل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدول العالم الثالث – الذى نحن جزء لا يتجزأ منه – هو مجرد وجود صوري وشكلي وبيروقراطي ومجرد تستيف أوراق "وتسديد خانات"
وبعد أن كان الوجود المصرى حقيقة ملموسة وفعالة فى أفريقيا وآسيا - منذ عصر محمد على – انكفأت مصر على نفسها واستقالت من دورها الذى أملته اعتبارات التاريخ والجغرافيا قبل اعتبارات الايديولوجيا .. أى ايديولوجيا.
وكان هناك بصيص من أمل أن تتعلم الإدارة المصرية من دروس تمرد دول منابع النيل أن أمنها الوطنى يتحقق بإحيائها لدورها الاقليمى، لكن قمة مجموعة الخمسة عشر فى طهران جاءت لتبدد هذا الأمل الضعيف.
***
المناسبة الثالثة التى كشفت الخلل فى تعاملنا مع العالم، وهى المناسبة التى اهتم بها ملايين المصريين بشدة - رغم أنها أقل أهمية من المناسبتين الأولى والثانية – هى صدور قرارات الهيئة المسئولة عن إدارة الشئون الكروية فى العالم "الفيفا" والتى أدانت الإدارة المصرية ووقعت عليها عقوبات مالية وغير مالية على خلفية ملابسات مباراة كرة القدم إياها بين مصر والجزائر فى القاهرة والمباراة الأخرى فى أم درمان.
هذه القرارات تتجاوز فى مغزاها حدود مباراة كرة القدم، بل تتجاوز حتى حدود الرياضة عموماً، لأنها بمثابة اتهام للمسئولين عن الكرة المصرية والجهات المصرية التى لها علاقة مباشرة بأحداث المباراة المشئومة.. إتهام بالكذب والتدليس، وخداع الرأى العام المصرى والإعلام المصرى قبل محاولة خداع "الفيفا" أو الأطراف الخارجية.
***
هذه المناسبات الثلاث تختلف فى مجالاتها وتفاصيلها لكنها تشترك فى أشياء أساسية، أهمها سوء الأداء.
فالكثيرون فى الداخل والخارج يحذرون منذ سنوات من الأخطار المحدقة بحصة مصر من مياه النيل.. لكن الإدارة المصرية صنعت أذناً من طين وأخرى من عجين، ولم تكترث الحكومة بكل التحذيرات، بل أنها دأبت على تسفيهها والتهوين من شأنها. وظل المسئولون فى الحكومة يرددون هذه التطمينات التى بلا أساس حتى وقعت الفأس فى الرأس.
والكثيرون يحذرون منذ سنوات من مخاطر وضع 99% من أوراقنا فى يد دولة أجنبية واحدة، خاصة إذا كانت هذه الدولة "مفترية" و "امبريالية" وتوجد مصالحها الاستراتيجية الحقيقية مع الإسرائيليين وليس معنا.
والكثيرون يحذرون منذ سنوات من لا عقلانية هذا الرهان فى وقت تشهد فيه المعادلة الدولية تغيرات دراماتيكية أصبح فى حكم المؤكد أنها ستصل إلى إنهاء عصر هيمنة القطب الواحد والتبلور التدريجي لنظام عالمى جديد يقوم على تعددية الأقطاب بعد الصعود الصاروخى للصين والهند وروسيا الاتحادية والبرازيل وجنوب أفريقيا وغيرها من القوى الفتية.
وكان هذا يتطلب إدخال تعديلات جذرية على خريطة الدبلوماسية المصرية وأولوياتها، بحيث تكون بكين ودلهى وبريتوريا وغيرها من عواصم دول "العالم الصاعد" هى بؤرة اهتمامنا ومنصات انطلاق تحركاتنا على الساحة الدولية فى هذه البيئة الدولية التى ستشهد مستجدات غير مسبوقة.
لكن كل هذه التحذيرات ذهبت أدراج الرياح واستمر التركيز الدبلوماسى على اللاعبين "القدامى" الذين انتهى تاريخ صلاحية معظمهم.
***
وإلى جانب سوء الأداء والعناد.. يوجد سوء التقدير وسوء الفهم للتغيرات الاقليمية والعالمية.
ويزيد الطين بله استخدام سلاح "الفهلوة" بدلاً من اللجوء إلى استقاء المعلومات من مصادرها، وتوثيقها، وتحليلها تحليلا علمياً وموضوعياً بعيداً عن الأهواء الذاتية.
***
وكل هذه السلبيات ليست من تقاليد مؤسسة الدبلوماسية المصرية.
فهذه المؤسسة العريقة كانت ولاتزال مدرسة للوطنية المصرية شأنها فى ذلك شأن المؤسسة العسكرية، وكذلك مؤسسة الرى (حتى عهد قريب).
المشكلة أن مؤسسة الدبلوماسية لم تعد "سيدة قرارها" – مع الاعتذار للدكتور فتحى سرور – كما أن كثيرا من الأمور التى يفترض أنها من اختصاصها أصبحت خارج ولايتها أصلاً.
فضلاً عن أنه لا يمكن تصور دبلوماسية "خمس نجوم" فى مجتمع يرسف 40% من أبنائه فى أغلال الأمية ويعانى التعليم فيه من انهيار مروع وتتسع دائرة الفقر والبطالة والعشوائيات إلى درجات مخيفة. فهذا الخبز من ذاك العجين فى نهاية المطاف.
ناهيك أن الحساب غائب، للمسئولين عن السياسة الداخلية أو الخارجية على حد سواء، حتى لو ارتكب بعض هؤلاء المسئولين كوارث رهيبة.
فهل سمعنا عن محاسبة مسئول عن تعريض حصتنا من مياه النيل للخطر؟
هل نتوقع أن يحاسب أحد عن مهزلة الاساءة إلى سمعتنا فى العالم بسبب مباراة كرة قدم؟
هل ننتظر نقداً ذاتياً من أحد عن التعرجات غير المنطقية فى سياساتنا الخارجية مما أدى إلى انسلاخنا التدريجى عن حلفائنا الحقيقيين فى العالم الثالث؟
وهل يمكن تصور الآثار المدمرة لاستمرار هذه العشوائية فى السياسة الداخلية والخارجية فى ظل غياب رؤية مستقبلية تحظى بإجماع وطنى حول مكانة ودور مصر فى الاقليم والعالم بعد عدد يزيد أو يقل من السنوات والعقود، فى عالم يتغير فيه كل شئ.. بما فى ذلك ثوابت الجغرافيا والمناخ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد فى محاربة الفساد
- وصف سيناء : (1)
- وصف سيناء : (2)
- صرخة احتجاج من قلب الصعيد الجوانى
- اقتراح عملي للإبقاء علي »حرارة« المعدات التليفونية
- يحدث فى العالم العربى فقط: الانتخابات تغتال الديموقراطية!
- صدمة الحقيقة.. في شرم الشيخ
- داوستاشي.. بدون تعليق
- ... حتى التصوف.. بقرار جمهوري!
- هل يتجه الاقتصاد العالم إل »التدمير الخلاق«؟!
- -شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد ...
- »المستنير »دادا«.. في قلب العتمة
- كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!
- فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
- »رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
- سلامتك .. يا وطن
- العلم يا ناس!!
- مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - -تهميش- مصر فى أفريقيا وآسيا .. وبلاد كانت تركب الأفيال