أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ... حتى التصوف.. بقرار جمهوري!















المزيد.....

... حتى التصوف.. بقرار جمهوري!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 18:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما إن هدأت عاصفة الانتماء الحزبي لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، الدكتور احمد الطيب، بقبول الرئيس حسنى مبارك استقالته من عضوية المكتب السياسي للحزب الوطني الحاكم، حتى هبت عاصفة أخرى بصدور قرار جمهوري بتعيين الشيخ القصبي رئيسا للمجلس الأعلي للطرق الصوفية.
وأسباب هذه العاصفة متعددة، لكن الأساس فيها هو الاستغلال السياسي للدين.
فلماذا تتدخل الدولة – أصلاً- فى الشئون الدينية؟
وما هى مؤهلاتها التى تسوغ لها تعيين "زيد" واستبعاد "عبيد" من أى منصب دينى؟
وألا ينطوي هذا التدخل الحكومي فى الشأن الديني- بطرق وآليات متعددة- على شبهة استغلال الدين والجماعات والمنظمات الدينية فى لعبة السياسة؟!
وما الفارق بين لعب الحكومة بورقة الدين وبين انتحال جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين لنفسها حق الاحتكار الحصرى للشعارات الدينية وفى مقدمتها شعار "الإسلام هو الحل"؟!
أليس من حق الرأى العام أن يستنتج من هذا "التسابق" بين حكومة الحزب الوطنى وبين جماعة الإخوان المسلمين على توظيف الدين فى أمور دينوية، أن الصراع بين الاثنين ليس خلافاً بين تيار يدعو إلى إقامة دولة مدنية وبين تيار آخر يسعى إلى زراعة دولة دينية على ضفاف النيل، وإنما هو صراع على "الأحقية" فى احتكار التحدث باسم الدين؟!
وكيف تلوم الحكومة جماعات الإسلام السياسي على تديين السياسة وتسييس الدين بينما تسعى هى ذاتها إلى استصدار "فتاوى" ذات طبيعة سياسية صرف، مثل تلك الفتوى العجيبة التى تضع بناء سور عازل، أو منشآت هندسية – سمها كما شئت- على الحدود التى تفصلنا عن قطاع غزة، فى خانة "الحلال" شرعاً؟!
هذه التساؤلات – وغيرها الكثير- تشير الى أننا لم نحل بعد معضلة العلاقة بين الدين والدولة.
حتى الحلول الواردة فى وثائق على أعلي درجة من الأهمية – مثل الدستور ذاته- تعانى من التشوش والارتباك وعدم الحسم. وعلى سبيل المثال فأن الدستور الذى يعلى فى مادته الأولي من شأن المواطنة- وما يستتبعه ذلك من رفض لكافة أشكال التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو الجنس أو المكانة الاجتماعية أو غيرها- هو ذاته الذى ينص فى مادته الثانية على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع، بما ينجم عن ذلك من تفسيرات لدى البعض تتناقض مع منطوق المادة الأولي، ولعل أحد أبرز الأمثلة على ذلك ما ذهب إليه بعض السادة المستشارين القضاة فى مجلس الدولة الذين استندوا إلى المادة الثانية من الدستور فى تبريرهم لرفضهم تعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة انطلاقاً من تفسير لمبدأ "الولاية" الذى تم التعلل به اليوم لرفض "ولاية" المرأة كقاضية، وبالتالي لا يوجد ما يمنع من التعلل به غداً لرفض ولاية القبطي على المسلم وبالتالي رفض تعيين المواطن المسيحي المصرى قاضياً!!
***
وكل هذا يعنى أن أحد محاور الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذى ننشده لبلادنا يجب ان يشمل هذه العلاقة الملتبسة بين الدين والدولة، وبالذات بين الدين والسياسة.
وإصلاح هذه العلاقة الملتبسة ينبغي أن يبدأ بالاعتراف بان الدولة الحديثة كيان غير ديني يسعى لتحقيق أهداف دنيوية بحتة لا علاقة لها بهذا الدين أو ذاك بقدر ما تتعلق بالمصالح.
وبالتالي فانه لا يوجد مسوغ لتدخل الدولة فى حرية ضمائر مواطنيها، أو حرية العقيدة بشكل عام. بل يجب أن تظل "محايدة" إزاء جميع المواطنين بصرف النظر عن دياناتهم.
***
وهذا ينقلنا إلى ممارسات حكومية يتم النظر إليها كما لو كانت "عادية" ولا غبار عليها. من ذلك ما بدأنا به من حديث عن صدور قرار جمهورى بتعيين رئيس للمجلس الأعلى للطرق الصوفية.
فإذا أمعنا النظر فى خلفيات هذا القرار الجمهورى سنجد أن هناك طرقا صوفية كثيرة العدد، وأن الحكم فى مصر – قبل 23 يوليو 1952 وبعدها – دأب على اختراق صفوف هذه الطرق الصوفية ومحاولة الاستفادة منها سياسياً عبر عديد من الآليات ليس هذا مجال الخوض فيها.
أى أن محاولة توظيف الطرق الصوفية سياسياً ليست بالأمر الجديد، فهى سابقة لعصر الرئيس حسنى مبارك ولم تكن أحد "اختراعاته".
ومع ذلك فإن هذا التوظيف قد أخذ صورة فجة فى الأعوام الأخيرة، ويكفى أن نلقى نظرة على الحوار المثير الذى أجرته صحيفة "صوت الأمة" مع الشيخ القصبى الرئيس المعين للطرق الصوفية وخصمه الشيخ أبو العزايم الذى كان يرى أنه الأحق بالجلوس على العرش الصوفى المصرى، حيث يقول الشيخ أبو العزايم بصريح العبارة أن القصبى قد تم تعيينه لأن "النظام يرضى عنه". واستطرد أبو العزايم قائلاً " أنا لست عضوا بالحزب الوطنى، ولست عضوا فى مجلس الشورى أو الشعب، ولذلك اختاروا الأكثر ولاء للحزب الوطنى". كما أعرب أبوالعزايم عن اعتقاده بأن مساندته للدكتور محمد البرادعى كانت السبب فى استبعاده من السباق على أعلى سلطة فى المجلس الأعلى للطرق الصوفية المصرية.
***
وبصرف النظر عن سبب تعيين "فلان" وعدم تعيين "علان" فإن السؤال الذى يطرح نفسه هو: ما شأن الحكم – أى حكم – بمن يرأس الطرق الصوفية؟ ولماذا لا يختار المنتمون إلى الطرق الصوفية من يرأس مجلسهم بإرادتهم هم فى ضوء احتياجات ومتطلبات ومصالح تلك الهيئة "الأهلية" التى انضموا إليها بإرادتهم ورغبتهم؟!
وألا يسئ هذا التعيين إلى كل من الحكم والطرق الصوفية فى آن واحد؟
وهو أمر ينطبق على ممارسات كثيرة للحكم الذى يتدخل حيثما يجب أن يرفع يده، والذى ينسحب ويقدم استقالته حيثما يجب أن يتواجد ويمارس مهامه فى مجالات التعليم والصحة وسائر الخدمات الاجتماعية الضرورية.
وليس تعيين رئيس المجلس للطرق الصوفية سوى مظهر واحد من آلاف مظاهر الخلل التى نعانى منها فيما يتعلق بهذا الملف فقط، نعنى ملف العلاقة بين الدين والسياسة، وهى كلها آفات تعنى أن الحديث عن "دولة مدنية حديثة" فى مصر الآن هو حديث ينطوى على قدر كبير من التجاوز، لأن مظاهر الحداثة المحدودة مازالت غارقة فى بحر من الرمال المتحركة للدولة التقليدية التى تنتمي إلى الماضي ومخلفاته، والتى تستميت لشدنا إلى الوراء ومنعنا من اللحاق بصناع الحضارة ورواد المستقبل.
علماً بان هذه المهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم. ولعل أستاذنا فاروق القاضي قد عبر أفضل تعبير عن صعوبة هذه المهمة فى خاتمة كتابه المهم "العلمانية هى الحل" بقوله "كنا فى المحاولات السابقة نحاول اللحاق بالعصر، نحاول اللحاق بالمجتمع الصناعي. أما اليوم، فقد تطور المجتمع الصناعي فى العالم عبر المعلوماتية التى لا غني لمجتمع عنها، إلى مجتمع تكنولوجيا العلوم، بينما انحدرنا نحن الى الزراعة البدائية بالمياه الملوثة!
علينا إذن أن نحاول اللحاق بالعالم المعاصر عبر ثلاثة عصور. أن نعبر كل الجسور التى تعترضنا ونطور مجتمعنا باستمرار للحاق بالزمن حتى نقترب ونصبح من بين القوى المعترف بها فى العالم فى وقتها. فبينما نحاول اللحاق بالعصر يسير الزمن أسرع وأسرع مما يدعونا لبذل كل الجهد. ولن يحدث هذا إلا إذا استعملنا لغة العصر، العلمانية بكل متطلباتها، العلمانية بكل عناصرها: المواطنة، المساواة، الديموقراطية".



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتجه الاقتصاد العالم إل »التدمير الخلاق«؟!
- -شهادة- إنسان مصرى بدرجة قاضى دولى:كيان الجماعة المصرية مهدد ...
- »المستنير »دادا«.. في قلب العتمة
- كل هذا العبث.. من أجل انتخاب -نصف رئيس-؟!
- فيروس التفكك .. الزاحف على ضفاف النيل
- »رسائل البحر«.. في مرسي مطروح
- سلامتك .. يا وطن
- العلم يا ناس!!
- مجلس الدولة يحكم ب -وأد- المصريات!
- مخالب دولية لاتفاقية مكافحة الفساد
- معاقبة صحفَّية.. بسبب أمانتها المهنية!
- حتي القضاة.. معرضون للخطأ
- سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ... حتى التصوف.. بقرار جمهوري!