أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - قبطى.. لامؤاخذة!!















المزيد.....

قبطى.. لامؤاخذة!!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 15:28
المحور: كتابات ساخرة
    


.. نحذر من أن تعود "ريما" إلى عادتها القديمة، فننسى دروس ماحدث ولا نتذكرها إلا عندما "نفاجأ" بأحداث مؤسفة أخرى تعكر صفو الوحدة الوطنية لاقدر الله.
ولا يهمنى الآن اللت والعجن فى حكاية الشخص المضطرب نفسياً، وما إذا كان حادثاً فردياً.. فهذه قصة أصبحت ممجوجة وسخيفة.. ومن قبيل الضحك على الذقون أن نأخذها مأخذ الجد.
المهم الآن حقا هو أن نعترف بأن هناك مشكلة فعلية، وأن التلكؤ فى حل هذه المشاكل حلاً جذرياً وعاقلاً وعادلاً هو السبب الرئيسى لوقوع هذه الحوادث بين الحين والآخر بشكل يهدد السلم الأهلى والأمن القومى ويفتح باب جهنم أمام تنطع الأمريكان، وغير الأمريكان، على شئوننا الداخلية.
نعم.. يجب أن نعترف بأن هناك مناخاً من التعصب والتطرف هو الذى يتيح تحول "الحبة" إلى "قبة"، وتفريخ الأزمات والصدامات الطائفية بلا توقف.
يجب أن نعترف أن منابع هذا التعصب وذاك التطرف عميقة الجذور، ومتشعبة الروافد، تتغلغل فى التعليم والإعلام والثقافة والمؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية.
يجب أن نعترف أن تجفيف هذه المنابع يتطلب "أعمالاً" لا "أقوالاً"، وأن الأعمال قليلة جداً بينما الأقوال أكثر من الهم على القلب.
يجب أن نعترف أن هناك – إلى جانب مناخ التعصب والتطرف – مشكلة قبطية. وهذه المشكلة ليست بنت اليوم، وإنما هى نتيجة تراكمات تاريخية قديمة تعود إلى أيام الاحتلال العثمانى وفرماناته العنصرية التى تضع قيوداً سخيفة على بناء دور العبادة للأقباط، كما تخلق أوضاعاً تمييزية ضدهم.
ولا يوجد مبرر لاستمرار هذا التراث التركى، أو أن تتحمل الأجيال الحالية وزره بعد دخولنا القرن الحادى والعشرين.
ولا يكفى الاعتراف بذلك.. بل يجب اتخاذ إجراءات عملية سريعة وحاسمة للتخلص من هذا الإرث العنصرى والطائفى.
وهذه الإجراءات العملية تبدأ بنسف الخط الهمايونى الذى مازال يحكم عملية بناء الكنائس واستبداله بقانون ديموقراطى موحد لبناء دور العبادة، ينظم ممارسة هذا الحق ولا يعرقله أو يضع العقبات أمامه.
وتشمل هذه الإجراءات العمل على الاحتكام إلى مبدأ "المواطنة" فى تولى المناصب العامة بصرف النظر عن الدين أو اللون أو الجنس، و"تجريم" أى مخالفة بهذا الشأن. فالمواطنة ليست شعارات وإنما ممارسة، وتقنين هذه الممارسة هو الذى سيؤثمِّ اى افتئات عليها لأى سبب من الأسباب.
بيد أن هذه الممارسة أوسع من القوانين فهى تتطلب إعادة نظر شاملة فى مناهج التعليم والأنشطة الدينية والفتاوى، بما يضمن تعزيز الفهم المشترك لأبناء الوطن الواحد، ويستأصل أى صورة من صور بث الكراهية أو الاغتيال المعنوى لبعضهم البعض بسبب الاختلاف فى العقيدة.
وعلى وسائل الاعلام مسئولية كبيرة فى ذلك، وأمامها جدول أعمال كبير – لم تنجز عشر معشاره بعد – وليس من المبالغة فى شئ أن نقول أن "ثورة" بهذا الصدد فى الاعلام يجب إطلاق شرارتها اليوم قبل الغد. وهى ثورة لا يجب تشويهها مسبقا بحصرها فى دائرة الشعارات والأغانى والأهازيج العاطفية السطحية التى تعتبر أكبر إنجازاتها نشر صورة الهلال مع الصليب أو صورة شيخ مع قسيس.
ومن المثير للاشمئزاز والاستياء أن نستعيد سخافات كثيرة حدثت فى الاعلام من قبل، منها على سبيل المثال أن يظهر على شاشة التليفزيون شخص يتحدث ببلاهة قائلا: قبطى .. لامؤاخذة !
هذه الغثاثة لا تقل خطراً عن صور مقابلة للتعصب القبطى وصلت إلى حد رفع قلة من المتطرفين الأقباط علماً مختلفاً عن العلم المصرى، أو رفع شعارات مهووسة تستجير بالأمريكان.
وليس المهم الآن التوقف أمام ظاهر هذه السلبيات.
الأهم هو تجفيف المستنقعات التى أفرزتها وجعلتها تظهر وتنتشر فى بلد كان مهداً للحضارة.
***
هذه الكلمات السابقة – عزيزى القارئ – ليست تعليقاً على كارثة نجع حمادى التى وقعت عشية عيد الميلاد فى السادس من يناير 2010.
وإنما كتبتها بعنوان "قبطى .. لامؤاخذة" بجريدة الجمهورية يوم 24 أبريل عام 2006، أى منذ ما يقرب من أربع سنوات فى أعقاب الاعتداء على كنيستين بالاسكندرية!! وعندما وقعت فى يدى بالصدفة وأعدت قراءتها مؤحرا تخيلت أنى كتبتها خصيصاً بمناسبة كارثة نجع حمادى! والأغرب أنى وجدتها صالحة للتعامل مع هذه المصيبة!
وهذا معناه أننا لم نتحرك خطوة واحدة للأمام!!!
فخلال هذه السنوات وقعت أحداث طائفية حذرت – وحذر غيرى – من أنها ستقع لامحالة إذا لم تتحرك الحكومة والمجتمع.
لكن الشهور والسنين مرت ووقعت الفتنة واحدة بعد أخرى دون أن نتعلم ودون أن نتحرك.
وها هى أحداث نجع حمادى تقع حاملة فى طياتها وحشية أكبر ومخاطر أفدح.
والأعجب أن نفس تشخيص فتن الأمس مازال هو نفسه تشخيص فتنة اليوم، كما أن روشتة العلاج الموصوفة فى السابق هى ذاتها المطلوبة فى الحاضر.
وهذا معناه أنه ليس هناك فى الأمر "مفاجأة" من أى نوع، وأن من يدعى أنه قد "فوجئ" باندلاع الفتنة الطائفية فى نجع حمادى يكذب ويستخف بذكاء المصريين.
فمن المسئول عن ترك هذه القنابل الموقوتة دون نزع فتيل اشتعالها طيلة هذه السنوات؟!.
المسئول هو كل من ترك المستنقعات التى تنمو وتترعرع بها طحالب التطرف والتعصب والإرهاب على حالها، أو ما هو أسوأ من ذلك أنه أعطاها الفرصة لتستفحل وتتفاقم وتمتد بطول البلاد وعرضها.
المسئول هو كل من بارك سياسة التسويات العرفية وشارك فى تعطيل تنفيذ القانون بحسم وركنه على الرف فى كل الأحداث الطائفية السابقة.
المسئول هو الحكومة التى لم تقم بواجباتها التى أشرنا إلى بعضها فى السطور السابقة، واكتفت بالتعامل مع هذه المسألة الخطيرة كمجرد "ملف أمنى".
المسئول هو المجتمع المدنى الذى لم يقم بدوره وأخفق فى حشد القدر الكافى من الضغوط على الحكومة لايقاظها من سباتها وغفلتها وبيروقراطيتها وسوء تقديرها حينا وسوء نواياها أحيانا.
المسئول هو انحطاط النخبة من جراء عقود طويلة من مصادرة الحريات والوصاية على الفكر وتزييف الوعى وتكميم الأفواه بالتزامن مع أوضاع اقتصادية مشوهة كرست نمطاً من أنماط "رأسمالية المحاسيب" أو ما يسمى بـ "الرأسمالية الرثة" التى تقوم على تشجيع الاحتكار والمضاربة والأنشطة الطفيلية. وغنى عن البيان أن مثل هذه البنية التحتية العفنة لا يمكن أن تنتج سوى بنية فوقية متخلفة طاردة للعقلانية والتنوير وقيم التسامح من أجل تفريغ الفضاء العام لمؤسسة الخرافة والفكر الظلامى، والتعصب والانحلال اللذان هما وجهان لعملة واحدة.
وجريمة نجع حمادى – وما سبقها من جرائم طائفية – هى الابنة الشرعية لثقافة عصور الانحطاط، وفاتورة حساب التقاعس عن بناء الدولة المدنية الحديثة، وكان ثمن هذا التقاعس ذلك المسخ الشائه الذى يملك جسم دولة المماليك ورأس الدولة الدينية!
***
فهل آن الآوان لركوب قطار الحداثة.. أم أننا سنعيد نشر "بكائية" الاسكندرية و"مرثية" نجع حمادى بعد سنوات عجاف أخرى؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-
- تعامل مصر -الخشن-.. مع قوتها -الناعمة- .. محمد صالح .....الآ ...
- نجع حمادى.. - حقل الأرز- الذى أصبح -مزرعة ذئاب-!
- مبادرة «شق» الإخوان (1)
- مبادرة «شق» الإخوان (2)
- ممنوع الدخول: توارد الخواطر بين -الإمارة- و-الحارة- و-النقاب ...
- علاقة مسمومة: ظلم عواطف حميمة.. واستفزاز مجتمع فقير
- الدعائم الأربع لحرية الصحافة فى مصر
- هل كان مفروضاً أن يكون مصر حامد أبوزيد.. لاعب كرة؟!
- قبل أن نسير فى جنازة الصحافة التى أحببناها
- الأذان فى مالطة.. وسويسرا!
- ضمائر حية.. وقلوب مازالت تنبض.. في الجامعة العربية
- هل يأتى حل عقدة خلافة الرئيس على يد الدكتور يسرى الجمل؟!
- إعلام لا يعلم ولا يتعلم:استنساخ الفشل والغوغائية وابتذال الو ...
- سائق حافظ المرازى.. الفيلسوف
- مصابيح التنوير والابداع التى تنطفئ
- نتائج خطيرة لدراسة ميدانية مهداة للنخبة الحاكمة والمحكومة:«ا ...
- السائرون نياماً .. على أرض -المريخ-؟!
- درس من أوباما فى مسئولية الدولة عن صحة أبنائها


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - قبطى.. لامؤاخذة!!